التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي مواطن التحدي ومناهل الفرص _.pdf
مدخل للتعليم والتعلم مبنى على اكتشافات
1. Understanding a Brain-Based Approach
to
Learning and Teaching
دعٕة نفٓى
مدخل للتعليم والتعلم مبنى على إكتشافات
كيف يعمل المخ البشرى*
يناير 2213 ترجمة وعرض بتصرف:
األستاذة الدكتورة كوثر حسين كوجك
قسم المناهج والتدريس/ كلية التربية /جامعة حلوان
تزايدت فى السنوات األخيرة من القرن الماضى وأوائل القرن الحالى الدراسات والبحوث حول
طبيعة عملية التعلم، وكيف يحدث التعلم، وبدأ االهتمام بالبحث فى كيف يعمل المخ البشرى،
وهو العضو المسئول األول عن عملية التعلم.
ونشط علماء النيورولوجى (المخ واألعصاب) فى بحوث يتعرفون فيها تركيب هذا العضو فى
جسم اإلنسان، وعبلقته بباقى األعضاء، ودوره فى عمليات التعلم من فهم وإدراك وإبداع
وغيرها من عمليات تؤثر على قدرات الفرد المعرفية والحركية واإلنفعالية الوجدانية.
وعندما تابع التربويون البحوث والدراسات الحديثة عن طبيعة المخ البشرى وكيف يعمل،
وكيف يتعلم هذا المخ، توصلوا الى معلومات وأفكار عن الشروط الواجب توافرها فى بيئة
التعليم والتعلم التى تتماشى مع كيف يعمل المخ، وتحقق مستويات عليا فى نوع التعلم.
إن التحدى الذى يواجه التربويين فى هذا السياق ليس فقط فهم التركيب المعقد للمخ وال التشريح
الفسيولوجى لهذا الجهاز المعجزة، ولكن يتعدى ذلك الى فهم دور المشاعر والعواطف،
والضغوط النفسية، والخوف والتهديد فى عملية التعلم. وأيضا نظام الذاكرة وعملية التذكر،
ودورالدافعية وكيف نخلق هذه الدافعية. فكل هذه مسلمات أساسية تتحدى عملية التعلم. كل هذه
المعارف والمعلومات تتطلب إعادة تفكير فى األساليب التقليدية فى النظم المدرسية وفى طرق
التعليم ، وفى مفهوم ودور اإلمتحانات والتقييم .
وفيما يلى تلخيص مبسط ألسس التعلم القائم على فهم كيف يعمل المخ البشرى، ومناقشة لكيف
يتطور التعليم فى ضوء هذه األسس.
*Renate Nummela Caine and Geoffrey Caine: Educational
.0991 Leadership,Vol.48, #2, October
[1]
2. األساس األول:
المخ البشرى عبارة عن مفاعل متعدد المسارات
:The Brain is a Parallel Processor
المخ البشرى مسئول عن عدة عمليات فى الجسم، وعليه أن يقوم بها كلها فى وقت واحد، وعليه
أن يقوم بها بكفاءة عالية(4891 ,)Ornstein and Thompson؛ فالمخ مسئول عن التفكير
بأنواعه، وهو مسئول عن المشاعـر والعواطف، وهو مسئول عن صاحبه وأيضا عن اآلخرين
وعن التفاعل بينهم. ويتم كل ذلك فى تناغم أوركسترالى ال مكان فيه للنشـاذ.
ماذا يعنى ذلك بالنسبة للتعليم؟
وفى مجال التعليم والتعلم يتعامل المخ مع األصوات ومع الصور والرسوم والمناظر، ومع
المبلمس والمذاقات ؛ أى كل ما يصل اليه من خبلل الحواس المختلفة. ويعمل المخ على تنظيم
وإدارة هذا الفريق السيمفونى فى آن واحد وفى خطوط متوازية.
وال يمكن ألية استراتيجية أو طريقة تعليم واحدة أن تقوم بهذا العمل المركب؛ لذلك البد أن
تتوافر للمعلم االستراتيجيات والطرق المتعددة والمتنوعة التى يختار من بينها ، وعليه أن ينوع
فى طرق استخدامها مما يساعد المخ المتعلم على التعامل مع المصادر المختلفة ويوائم بينها
ليحدث التعلم الفاعل وتتحقق األهداف المنشودة.
األساس الثانى:
إن التعلم يتطلب إشتراك كل إمكانات الفرد الفسيولوجية
Learning Engages the Entire Physiology
المخ البشرى، مثله مثل القلب، والكبد، والرئتين هو عضو فسيولوجى شديد التعقيد. ويعمل المخ
وفقا لقواعد فسيولوجية محددة ومنظمة. والتعلم هو عملية طبيعية كالتنفس، يستطيع المخ أن
ييسر حدوثها أو أن يعوقها.
إن نمو الخبليا العصبية فى المخ، والتغذية السليمة، والتفاعل المستمر بين تلك الخبليا هى
العوامل التى تؤثرعلى مدى إدراك المخ للمعلومات المختلفة، وتفسيرها، وبالتالى القدرة على
توظيفها.(5891 ، )Diamondكما أن الضغوط الخارجية على الفرد أو الوقوع تحت تهديد
معين مثل العقاب أو االمتحان، كلها تؤثر على المخ تأثيرا سالبا. بينما اإلحساس باألمان
والسبلم و بالسعادة والرضا، تؤثر تأثيرا إيجابيا على عملية التعلم.( Ornstein and Sobel
7891 )
[2]
3. ونخلص من هذا الى أن تركيبة المخ البشرى تتأثر بالبيئة المحيطة بالفرد، سواء فى البيت أو
المدرسة. معنى هذا أن أى شيئ يؤثر على وظائفنا الفسيولوجية فهو بالتأكيد يؤثر على قدرتنا
على التعلم.
تطبيقات للتعليم:
البد للتعليم المبنى على فهم كيف يعمل المخ أن يتضمن ضمن استراتيجياته إدارة الضغوط
النفسية، التغذية السليمة، تدريبات بدنية، توعية بأضرار المخدرات، وغيرها من جوانب العناية
بالصحة الجسمية والنفسية؛ فالتعلم يتأثر بالنمو الطبيعى للجسم والمخ. وفى هذا الصدد تقول
نتائج البحوث العلمية أنه قد يوجد فرق قد يصل الى خمس سنوات فى الوصول الى البلوغ بين
طفلين عاديين من عمر واحد، وينعكس ذلك على تحصيلهم بشكل واضح.
األساس الثالث:
المخ البشرى بطبيعته دائما يبحث عن المعنى
The Search for Meaning is Innate
إن محاولة التوصل الى معنى مما يرد الى المخ من معلومات أو ما يتعرض له الفرد من
تجارب، هو خاصية طبيعية ومسألة حياة بالنسبة للمخ.(8791 )O'Keefe and Nadelفالمخ
يقوم- وبطريقة أوتوماتيكية – بتسجيل المعلومات المألوفة له، ويقارب المثيرات الجديدة الوافدة
بما يمتلك من معلومات حتى يجد لها معنى. هذا األداء المزدوج يقوم به المخ كل دقيقة وهو
مستيقظ، ويستمر ذلك حتى أثناء النوم. ويؤكد هذا ا نتائج البحوث فى هذا المجال حيث تقول "
إنه اليمكن إيقاف عملية البحث عن المعنى، ولكن يمكن فقط توجيهها وجهة معينة، أو
تركيزها حول نقطة معينة".(5891 )Springer and Deutsch
ماذا يعنى ذلك بالنسبة لعملية التعليم؟
يجب أن يوفر التعليم - القائم على فهم كيف يعمل المخ البشرى – بيئة تعليمية /تعلمية تشعر
المتعلم باأللفة واألمان ، وفى ذات الوقت، بيئة تستطيع أن تشبع رغبات واحتياجات المخ
الطموحة والمتعددة من حب استطبلع ال نهاية له، وشهية ال تشبع لكل ما هو جديد.
لقد تعودنا أن نقول إن بيئة التعلم للموهوبين يجب أن تكون بيئة ثرية، بيئة متحدية، بيئة تتطلب
قدرة عالية على حل المشكبلت بطرق إبداعية، ولذلك نستخدم طرق تدريس خاصة للموهوبين.
ولكن فى ضوء فهمنا لكيف يعمل المخ البشرى لدى جميع البشر، فإننا نقول: يجب أن نستخدم
هذه الطرق مع جميع الطبلب000نعم مع جميع الطبلب.
األساس الرابع:
البحث عن المعنى يتم من خالل تجميع المعلومات والتجارب فى منظومات
The Search for Meaning Occurs Through Patterning
4. يمكننا القول إن المخ البشرى هو عالم وهو أيضا فنان، فهو يحاول تكوين هذه المنظومات
،Patternsوهو أيضا يحاول فهم هذه المنظومات وأن يوظفها. كما أنه يبدع فى تكوين
منظومات جديدة من تأليفه ويشرحها، بمعنى أن يكون لها معنى. وعلى الجانب اآلخر فهو
يرفض المنظومات التى تفرض عليه وال يجد لها معنى.( ,8891 (Lakoff 1987,Rosenfield
)3891 )Nummela and Rosengren 1986, Hart
ماذا يعنى ذلك بالنسبة لعملية التعليم؟
البد أن نتفق على أن التبلميذ/الطبلب يكونون منظومات طوال الوقت، بطريقة أو أخرى، ونحن
ال نستطيع إيقافهم عن هذا النشاط. قد نستطيع فقط أن نوجههم. إن أحبلم اليقظة، وحل
المشكبلت، والتفكير الناقد هى أنشطة لتكوين المنظومات.
وفى واقع طرق التعليم التى نتبعها فى معظم الوقت، نحن نقدم منظومات جاهزة للطبلب، وهى
تمثل مضمون ومحتوى ما نريدهم أن يتعلموه. وفى ضوء فهمنا لكيف يعمل المخ البشرى، فمن
األفضل أن نقدم للتبلميذ/الطبلب المعلومات والبيانات بطريقة تمكن المخ من استنتاج وتكوين
هذه المنظومات بنفسه، ومن أجل تحقيق تعلم فعال بحق، فبلبد أن تهيأ الفرصة لهم لتكوين
وخلق منظومات لها معنى بالنسبة لهم، وهى من أفكارهم وإبداعهم، فيكون لها طابع شخصى
وترتبط بحياتهم.
هذا النوع من التعليم تؤيده كثير من البحوث التى أجريت فى مجاالت ( تعليم اللغات بطريقة
كلية) و(التعلم المتمحور حول مشكلة أو مشروع) و(المناهج المتكاملة) و (المهارات الحياتية).
األساس الخامس:
المشاعرعامل مؤثر فى تكوين المنظومات العقلية
Emotions are Critical to Patterning
إن ما نتعلمه يتأثر تأثرا كبيرا بمشاعرنا وبأفكارنا الراسخة؛ وهذه تتضمن: توقعاتنا، تحيزاتنا،
اختياراتنا وميولنا الشخصية، تقديرنا للذات واعتزازنا بأنفسنا، حاجتنا للتفاعل االجتماعى
واالحساس باإلنتماء. ومن هنا نقول إن المعارف والمشاعر ال تنفصبلن.( Ornstein and
7891 )Sobelتتدخل المشاعر أيضا فى ذاكرة الفرد حيث تؤثر على تخزين األفكار
والمعلومات واألحداث، وعلى تنظيمها داخل الذاكرة، وتساعد أيضا على إسترجاعها.
ماذا يعنى ذلك بالنسبة لعملية التعليم؟
البد أن يثق المعلمون أن مشاعر التبلميذ والطبلب واتجاهاتهم تتدخل بشدة فى حدوث التعلم أو
إعاقته عن الحدوث. وسوف تتدخل أيضا فى التعلم مستقببل.
[4]
5. ومن هنا يجب االهتمام بجعل بيئة التعلم داعمة للتعلم وتتوفر فيها عبلقات إحترام متبادل بين
المعلم والطبلب وبين الطبلب بعضهم البعض، ومن المهم وجود تقبل إيجابى من الطرفين.
والشك أن استرايجيات التعلم التعاونى تساعد فى تحقيق هذا المناخ فى الصف.
إن تشجيع الطبلب على التعليق على أعمالهم الشخصية، وعلى أعمال زمبلئهم الطبلب، وتقبلهم
تعليقات المعلم، من األمور التى تنمى التفكير فيما وراء المعرفة،، وأيضا تنمى التفكير التحليليى
والتفكير الناقد للذات ولآلخرين.
إن درجة دفء المشاعروصدقها بين المعلم والطبلب فى المواقف التعليمية، تتوقف على الدعم
والتشجيع الذى يقدمه المعلمون لبعضهم البعض، وأيضا على موقف إدارة المدرسة.
لعل ماسبق يوضح دور المشاعر الصادقة المتبادلة بين كل أفراد المجتمع المدرسى- وهى من
العناصر التى يتطلبها المخ البشرى- لخلق الدافعية نحو التعليم والتعلم .
األساس السادس:
كل مخ بشرى قادر على إدراك وتكوين منظومات متكاملة من المعلومات
( ، ) Wholesكما أنه قادر على إدراك األجزاء ()Parts؛ وتتم هاتين العمليتين
فى وقت واحد:
Every Brain Simultaneously Perceives and Creates Parts an
.Wholes
من الشواهد العلمية الثابتة أن المخ البشرى يتكون من نصفين: النصف األيسر والنصف األيمن
) )Left & Right Hemispheresوأن هناك فرقا بين هذين النصفين ( Springer and
5891,.)Deutsch
وليست القضية اآلن فى المخ األيسر والمخ األيمن، ففى الشخص السليم يعمل النصفان معا فى
تفاعل متبادل طوال الوقت؛ سواء كان الفرد يتعامل مع كلمات أو أرقام أو موسيقى أو قطعة
فنية. (5791 ,.)Hand 1984, Hart
إن القيمة الحقيقية لنظرية (المخين) أو (نصفى المخ(، انها تطالب التربويين أن يعترفوا بوجود
هذين النصفين المنفصلين ولكنهما يتعاونان، وباستمرار لتنظيم المعلومات. وطريقة تنظيم
المعلومات عملية من شقين؛ األول هو تحليل المعلومات الى أجزاء، أما الشق الثانى فهو التعامل
مع المعلومات المختلفة ككيان واحد متكامل، أو مجموعة كيانات متصلة.
كيف يفيد ذلك فى التعليم؟
يجد األفراد صعوبة شديدة فى التعلم عندما يهمل المعلم أحد أشكال المعلومات ( الكلية wholes
أو المجزأة .)partsوالمعروف أن التعليم الجيد يعمل على بناء الفهم والمهارات خبلل فترات
6. زمنية ممتدة، ذلك ألنهم- أى المعلمون- يدركون أن التعلم عملية تراكمية، وأيضا عملية تنموية.
ومع ذلك فإن الكليات واألجزاء تعمل مع فى تفاعل متبادل. فهما يكونان المعنى من خبلل هذا
التفاعل.
وعلى سبيل المثال؛ فإن تعلم المفردات اللغوية وتعلم القواعد النحوية، يتم فى أحسن صورة
ويفهمهما المتعلم بجودة عالية عندما يتم تعليمهما وتعلمهما فى سياق متكامل مع تعليم وتعلم اللغة
ككل:
,))Teaching and Learning Language as a Whole
مثال آخر: تعليم وتعلم المعادالت واألسس العلمية يكون أفضل لو قدما فى سياق مواقف حياتية
مألوفة للمتعلم ).(Contextualizing Teaching and Learning
األساس السابع:
فى عملية التعلم يشتق المخ المعلومات من كل من المصادر المحورية والهامشية
فى آن واحد.
Learning Involves Both Focused Attention and Peripheral
.Perception
يمتص المخ المعلومات التى هو على وعى بها ومتنبه لها، وفى ذات الوقت يمتص المعلومات
واإلشارات البعيدة عن محيط انتباهه المباشر؛ مثبل لون حائط الغرفة البعيدة عن مرمى بصره
والتى حضر فيها االجتماع، أو مثبل ابتسامة من زميل أو زميلة تتحدث مع مجموعة بعيدة عن
الشخص نفسه. وهذا يعنى أن المخ يدرك ويستجيب لكل ما يقع فى محيط البيئة التعليمية أو أى
مجال تواصل آخر(8791 .)O'Keefe and Nadel
وفى هذا اإلطار يقول (8791 , ")Lozanovإن أى مثير يصل الى المخ يتم تسجيله، وربطه بما
يشابهه، ثم يعطى رمزا معينا؛ فكل صوت (قد يكون كلمة أو سارينة سيارة إسعاف) هو صوت،
وكل رمز بصرى ( مثل شاشة فاضية أو يد أحد الطبلب مرفوعة فى الفصل) وقد يكون ألى
منها معان كثيرة ومختلفة، ويقوم المخ البشرى بتسجيلها، وتصنيفها، ثم ترميزها ليسهل عليه
إسترجاعها.
ما تطبيقات ذلك فى التعليم:
على المعلم أن يكون واعيا بكل المؤثرات المحيطة بالمتعلمين فى البيئة التعليمية لتكون داعمة
للتعلم، بدال من أن تصبح مشتتات لئلنتباه ومؤثرا سالبا على التعلم. فمن المعروف أن األصوات
الصادرة من مصادر خارج الفصل، درجة الحرارة (برودة زائدة أو حرارة مرتفعة)، تؤثر على
انتباه وتركيز المتعلمين، كذلك الرسوم المعلقة على حوائط الفصل؛ ويقترح ( Barzakov
8891) على المعلمين تغيير اللوحات الفنية المعلقة على حوائط الفصل من آن الى آخر حتى
[6]
7. يتوعد التبلميذ التركيز على بؤرة التعلم ومقاومة التشتت بمصادر هامشية. أما بالنسبة للموسيقى،
فقد أثبتت البحوث أن الموسيقى الهادئة تعزز وتؤثر إيجابيا على نحصيل المعلومات.
ونشير أيضا الى تأثير الحركات المفاجئة وغير المتوقعة التى تصدر من المعلم؛ فإنها مؤثر
مباشر على التعلم. يظهر هذا التأثر فى إحمرار الوجه، سرعة التنفس، شد فى العضبلت، حركة
العينين وغير ذلك. وفى ضوء هذه النتائج على المعلمين/المعلمات إدراك هذا التأثير ويستخدمون
حركاتهم التى تعكس حماسهم وتقبلهم للطبلب وحرصهم على مستوى تعلم طبلبهم بطرق
مناسية لتحقيق تعلم فعال. وعليهم أن يكونوا قدوة، ونموذج لطبلبهم، وأن يمارسوا عمليا
السلوكيات التى يناشدون طبلبهم بممارساتها. ومن المهم أن يكونوا مخلصين فى مشاعرهم
الطيبة نحو الطبلب، بدال من استخدام بعض الكلمات الجوفاء التى يكتشفها الطبلب بسرعة ( هذه
المشاعر المصطنعة تؤدى الى نتائج عكسية).
األساس الثامن:
تتم عملية التعلم بوعى وبدون وعى.
Learning Always Involves Conscious and Unconscious
.Processes
من المعروف للمتخصصين أن ما نتعلمه فى حياتنا اليومية أكثر بكثير مما نتعلمه بطربقة رسمية
مخططة. فكل اإلشارات التى نتلقاها من مصادر هامشية تدخل الى المخ دون وعى منا، وتتفاعل
بداخله على مستوى البلوعى، وبعد فترة- تطول أو تقصر- تطفو الى مستوى الوعى وتؤثر فى
دوافعنا وقراراتنا.( .) Lozanov 1978bهذا يعنى أننا نتعلم مما مارسناه وليس فقط مما قيل لنا.
فقد يتعلم التلميذ أن يقرأ النوتة الموسيقية دون خطأ، ويتعلم فى ذات الوقت أن يكره الغناء. ولذلك
نقول إن على المعلم أن يصمم تدريسه بحيث يتيح أكبر فرصة للمتعلمين أن يستفيدوا من عمليات
البلوعى فى التعلم؛ بمعنى البعد عن التلقين المباشر، وفتح الفرص للتعلم النشط والتعلم
باالكتشاف، والتعلم المتمحور حول مشكلة أو مشروع جماعى. وهذا ما أشرنا اليه فىما سبق.
تطبيقات فى التعليم:
تفتقر العملية التعليمية كثيرا للتعلم النشط، بمعنى أن التبلميذ/الطبلب ال يتعلمون كيف يتأملون
عمليات التعلم التى يمارسونها، وال يمنحون الفرصة للمشاركة الفعالة فى العملية التعليمية،
فالتعلم النشط يدفع المتعلم لمراجعة أأسلوبه فى التعلم، ويحلل طريقته فى التفكير – وهو ما نطلق
عليه( التفكير فى ما وراء التفكير، أو الميتا معرفة. ) .)Meta Cognitionوهى العملية العقلية
التى تجعل المتعلم مسئوال عن تعلمه، وهو المسئول عن تنمية المعانى التى يفهمها. وقد يبدأ
الطالب يفهم أفضل أأنماط التعلم بالنسبة له.
ويستطيع المعلم تنمية هذه القدرات لدى الطبلب من خبلل إعطاء األمثلة والنماذج والتشبيهات
التى من شأنها توضيح المعانى، مما يساعد المتعلمين على تكوين المعانى والمنظومات التى
تساعدهم على الفهم الحقيقى ويجعل لتعلمهم معنى وفائدة.
8. األساس التاسع:
يمتلك اإلنسان نوعين من الذاكرة؛ نظام الذاكرة المكانية، ومجموعة من األنظمة لذاكرة الحفظ.
We Have two Types of Memory: A Spatial Memory System and a Set of
.Systems for Rote Learning
خلق هللا سبحانه وتعالى لنا المخ وجهزه بنوع من الذاكرة الطبيعية التى ال تحتاج لتدريبات
متكررة ومخططة لتقوم بعملها (ٍ ،)Spatial Memoryوهى ذاكرة فورية لما نمر به من
خبرات.(4891..)Bransford and Johnson 1972( ،)Nadel and Wilmer 1980, Nadel et.al
فإذا سألنا ألحد ماذا تناولنا على العشاء باألمس، فاإلجابة هنا ال تحتاج ألساليب الحفظ المعتادة.
فكما ذكرنا من قبل، إن المخ مجهز بنوع من الذاكرة لتدوين كل ما يمر علينا من خبرات بطريقة
مجسمة (ثبلتية األبعاد )8791 .)O'Keefe and Nadelهذا النظام مشغول بصورة مستمرة، وهو
ببل حدود، بل تزداد سعته كلما زاد إثرائه بالخبرات المتنوعة. وتزداد دافعية هذا النظام كلما
تعرض لتجارب جديدة وغير تقليدية. والواقع أن هذا النظام هو أحد النظم التى تساعد المخ فى
البحث عن المعنى.
وإذا نظرنا الى الحقائق والمهارات وكيف يتعامل معها المخ، فنجد أنه ينظمها بطريقة مختلفة ؛
حيث تحتاج لتدريبات وبروفات للتمرين على استرجاعها. وكما قلنا إن شريك الذاكرة المكانية
هو مجموعة من النظم المجتمعة المصممة خصيصا لتخزين المعلومات غير المترابطة أو التى
ليس بينها عبلقة. فكلما قل الترابط وقلت العبلقات بين المعلومات الجديدة والمعلومات والتجارب
الموجودة بالمخ فعبل، فيزداد االحتياج للذاكرة الحافظة التى ندربها بالتكرار والصم حتى ولم تكن
المعلومات دات معنى.
هذه الفكرة تؤكد ماسبق ذكره وهو أن المخ ال يخزن وال يتذكر المعلومات التى ليس لها معنى
لديه، لدلك يحاول المخ أن يخضع تلك المعلومات لعمليات الصم والتكرار والتكرار والتكرار
حتى يحفظها دون معرفة معناها. وال شك أن إرهاق المخ فى هذه العمليات هو هدر وإساءة
استخدام قدرات هذا المخ الرائع الذى وهبنا هللا إياه.(سبحان هللا).
تطبيقات ذلك فى التعليم:
يعتمد التربويون التقليديون كثيرا على حفظ الطبلب للمعلومات والحقائق، ومن أمثلة ذلك حفظ
جدول الضرب، حفظ هجاء الكلمات، حفظ المعادالت الكيميائية، حفظ النظريات الهندسية، حفظ
القصائد الشعرية أو النصوص النثرية وغيرها. إن االعتماد على الحفظ فقط يحرم الطبلب من
فهم ما يحفظون، وهذا يقلل من قدرتهم على استخدام وتطبيق ما يحفظون. أى أن هذا التعلم
قاصر.
األساس العاشر:
يفهم المخ المعلومات والمهارات ويتذكرها بشكل أفضل عندما تكون مدمجة فى ذاكرته المكانية
الطبيعية.
[8]
9. The Brain Understands and Remembers Best When Facts and Skills are
Embedded in Natural Spatial Memory
نحن نتعلم لغتنا األم من خبلل خبرات تفاعلية متعددة تتضمن؛ فنتعلم المفردات، ونتعلم النحو،
ونتعلم النطق السليم، ويتشكل كل ذلك بواسطة عمليات داخلية وأخرى خارجية مجتمعية
(8791 ،)Vygotskyوهذا يوضح كيف تعطى األشياء معنى عندما نتعلمها فى سياق حياتنا
العادية. ولهذا نؤكد على أهمية ربط ما نعلمه للتبلميذ والطبلب فى سياق حياتهم اليومية. إن
الربط بين المعلومات والمهارات الجديدة بما هو موجود فى البنية المعرفية للفرد، هو أهم عنصر
فى نظرية التعلم المبنى على فهم كيف يعمل المخ البشرى.
تطبيقات فى التعليم:
تعتمد عملية دمج وزرع المعلومات والمهارات الجديدة فى البنية المعرفية للمتعلم على كل
األسس السابق تناولها فى هذا العرض؛ ولذلك فهى تعتبر عملية معقدة. وفيما يلى بعض
المقترحات لتسهيل هذه العملية.
إن أفضل طريقة لتنشيط الذاكرة المكانية فى مخ اإلنسان هى التعلم النشط واستخدام المواقف
الحياتية عند تقديم مفاهيم أو مهارات جديدة للمتعلم. فيمكن للمعلم أن يستخدم العروض
التوضيحية لتعليم مهارة معينة، وأن يستخدم التعلم من خبلل المشروعات التى يقوم بها
المتعلمون، كذلك الرحبلت ، والتخيبلت البصرية لبعض األحداث والتجارب، االستماع الى
اقصص أو قرائتها، مشاهدة األعمال الدرامية أو المشاركة فيها فى بعض المواد الدراسية. كل
ذلك يساعد المتعلم على إكتساب وتعلم مفردات جديدة، ويتعلم النطق السليم للكلمات، ويمكن دمج
بعض األحداث التاريخية فى هذه المواقف، كذلك دمج بعض القضايا المعاصرة والقيم األخبلقية.
هذا الدمج يمكن الطبلب من فهم ما يتعلموه من معلومات ومهارات، وتخزينها فى الذاكرة
المكانية فتزيد فاعليتها، ويسهل استدعاءها واستخدامها فى مواقف جديدة. ومقارنة بما يحدث فى
التعليم حاليا نجد أننا نقدم تعيما وتعلما أكثر فاعلية ونجاحا. حيث نستخلص أن النجاح يتطلب
استخدام حواس متعددة، وغمر المتعلمين فى مواقف حياتية مركبة تتطلب التعامل مع عبلقات
تفاعلية متبادلة. وهذا ال يلغى استخدام المحاضرات، ولكن جعلها جزءا من استراتيجية متعددة
مصادر التعلم.
األساس الحادى عشر:
يزدهر التعلم الجيد بالتحدى، ويقمع وينحسربالتهديد والتخويف.
ٌ
Learning is Enhanced by Challenge and Inhibited by Threat
يعمل المخ البشرى بأعلى كفاءة عند مواجهة التحـديات المعـقـولة والمناسبة، ولكنه يتخـاذل وتقل كفاءته
فى مواجهة التهديدات والخوف(3891 ،)Hartفتقل قدرة المخ على اإلدراك السريع لؤلشياء والعبلقات،
ويصبح أقل مرونة، ويتراجع الى األساليب البدائية األوتوماتيكية فى سلوك المخ؛ والتى تعتمد على
منطقة ال( )Hippocampusفى المخ وهى جزء من ال( )Limbic systemوهو المسئول عن حماية
الجسم من المخاط)5891 .)Jacobs and Nadel
10. تطبيقات فى التعليم:
فى ضوء هذا األساس يتضح أن على المعلم وإدارة المدرسة تهيئة بيئة تعليمية/تعلمية توفر
للمتعلمين إحساسا باألمن واألمان واليقظة لما يدور حولهم. وهذا معناه اإلقبلل من مصادر
الخوف والتهديد بأنواعه، وزيادة فرص التحدى البناء.
والشك أن العنصر الرئيس فى الموقف التعليمى هو المعلم؛ لذلك فهو قد يكون مصدرا
للتهديد والتخويف، وقد يكون مصدرا للتحدى والتحفيز للمخ المتعلم، وهذا هو المطلوب.
األساس الثانى عشر:
كل مخ هو حالة خاصة متفردة.
Each Brain is Unique
بالرغم من أننا جميعا – دون أى تمييز- نمتلك مجموعة من األنظمة الجسمية بما فيها
أنظمة الحواس الخمس، ومشاعرنا وعواطفنا، إال أن تركيبة هذه األجهزة مع بعضها
البعض وتكاملها فى المخ تختلف بالنسبة لكل فرد منا.
وألن التعلم يغير من تركيبة المخ بصورة مستمرة، فكلما تعلمنا كلما زادت الفوارق بين
أمخاخنا، وزادت الفروق بينها، وزاد التفرد بيننا.
تطبيقات ذلك فى التعليم:
يجب أن يصمم التعليم بحيث يسمح لجميع الطبلب أن يعبروا وفقا لما يفضلونه (بصريا،
سمعيا، لمسيا، حركيا، عاطفيا). كما يجب أن تتنوع االختيارات لتتماشى مع االختبلفات بين
الطبلب وميولهم واهتماماتهم الفردية.
قد يتطلب ذلك إعادة تنظيم البيئة التعليمية/التعلمية لتتشابه مع التعقيد الموجود فى الحياة
اليومية لؤلفراد. وهذا يعنى باختصار أن على البيئة التعليمية/التعلمية أن تيسر وتسهل عمل
المخ على أعلى مستوى.
بعذ تقذيى ْذِ األسس انثُتاعشر نهتعهيى ٔانتعهى فٗ ضٕء االكتشافاث انعهًيت
ٔانطبيت نكيف يعًم انًخ انبشرٖ،يطرح انًقال سؤاال يًٓا ، ٔيقذو يقترحاث
نإلجابت.
والسؤال هو: ماذا يجب على المدارس عمله؟
والمقترحات هى:
[01]
11. حيث إن أهداف التعلم القائم على عمل المخ البشرى يهدف الى نقل عملية التعليم والتعلم من التلقين
والحفظ والصم واالسترجاع الى تعلم له معنى. هذا النوع من التعلم يتطلب توافر ثبلثة مكونات متفاعلة
مع بعضها البعض هى:
1. اليقظة فى بيئة مريحة وآمنة،
2. المشاركة الكاملة فى العملية التعليمية،
3. التعلم النشط.(9891 .)Caine and Caine
اليقظة فى بيئة مريحة ( )Relaxed alertnessهى حالة ذهنية تتماشى مع تفضيل المخ للعمل مع
التحديات دون توتر أو تهديد أو شعور بالخوف، ومع محاولة المخ المستمرة للبحث عن المعنى. ولذلك
يجب على المعلمين توفير مناخ تعليمى يجمع بين تقليل الخوف واإلحساس بالتهديد، مع قدر مناسب من
التحديات التى تستثير دافعية المتعلمين ورغبتهم فى النجاح.
على المعلمين أن يقودوا المواقف التعليمية فى تناغم من حيث مشاركة الطبلب جميعهم وعلى ما بينهم
من اختبلفات. وعليهم إشراك الطبلب مشاركة جادة وإيجابية، حيث إن التعلم الجيد هو ما يتوصل اليه
الطبلب أنفسهم، ويكون تعلما للمنظومات المتكاملة التى هى من صنعهم،، ويكون لها معنى بالنسبة لهم.
على المسئولين عن المناهج أن يتبنوا فلسفة المناهج المتكاملة؛ سواء كان تكامبل بين فروع المادة
الدراسية الواحدة، أو بين محتوى المواد الدراسية المختلفة. فالمناهج تعكس الحياة، والحياة بطبيعتها
متكاملة العناصر.
تستطيع المدرسة من خبلل إشراك الطبلب فى مشروعات مدرسية أن تعلمهم القيادة والتعاون واإلحساس
بالمسئولية، وهكذا يتحول التعلم الى قدرات وظيفية يمكن تعميمها فى الحياة اليومية للمتعلمين. ينتج عن
هذا النوع من التعليم نواتج تعلم التقل أهمية عن تحقيق أهداف المقررات الدراسية، بل تزيد؛ مثل قدرتهم
على تحليل طرق تفكيرهم ( ،)meta cognition skillsوالتفكير الناقد دون تحيز أو تعصب، والعمل
الجماعى، واتخاذ القرارات السليمة، وحل المنازعات بالحوار وتبادل الرأى، وغيرها.
إن فهم كيف يتعلم المخ البشرى له تطبيقات متعددة فى التعليم والتعلم؛ فله تأثير على طرق التدريس،
وعلى طرق التقييم، وعلى أساليب اإلدارة المدرسية ودور المدرسة فى المجتمع، والشك أن له إنعكاسات
على برامج إعداد المعلم، وعلى برامج التنمية المهنية للمعلمين فى أثناء الخدمة، وكلها إسهامات مهمة
فى إصبلح التعليم على كافة المستويات.
ْٔكذا َتٕصم انٗ أٌ فًُٓا نكيف يتعهى انًخ انبشرٖ نيس يجرد إتجاِ حذيث فٗ انتربيت، ٔنكُّ
يذخم يًكٍ نجًيع انعايهيٍ فٗ يجاالث انتربيت االستفادة يُّ عهٗ كافت تخصصاتٓى ٔعهٗ كافت
انًستٕياث انتعهيًيت.
أتًُٗ أٌ يستفيذ زيالئٗ ٔطالبٗ يٍ ْذا انًقال.
ٔانٗ قراءاث أخرٖ إٌ شاء هللا تعانٗ.
أ.د. كٕثر كٕجك
يُاير 2213