2. النبي صلى الله عليه وسلم وصباح كل يوم ..... لقد كان صلى الله عليه وسلم يتحرك مع طلائع الصبح المقبل قائلاً ”“ الحمد لله الذي رد إليّ روحي ، وعافاني في بدني وأذن لي بذكره ”“ لننظر كيف يستقبل عليه السلام الحياة بترحاب وتفاؤل ( الحمد لله الذي رد إليّ روحي ) إن العمر الذي ملكناه نعمة الله عليها وينبغي أن نحسن استغلالها . إن الحياة فرصة النجاح لمن أراد النجاح ولذلك امتن الله بالشروق والغروب على عباده . ( وعافاني في بدني ) عظمة الحياة في العافية . ما أجمل أن يكون الإنسان سليم البدن تنهض أجهزته وعضلاته بوظائفها كلها دون إعياء أو إملال إن المسلم عندئذ ينطلق في كل أفق ليؤدي واجباته باقتدار ورغبة وذلك سر حمد الله على العافية المتاحة . ( وأذن لي بذكره ) ولنقف طويلا هنا لنرى أدب العبودية في شمائل العابد الرقيق ؟ أن منحه يوما جديدا إيذانا له باستئناف العبادة مع مطلع الفجر . ويبدأ العبد الشكور بذكر ربه بكلمات يقطر اليقين والحب من كل حرف فيها ويقولها في الصباح والمساء على السواء فلنردد سوياً (( الحمد لله الذي رد إلي روحي وعافاني في بدني وأذن لي بذكره ))
3. حياكن الله في يومنا الثاني من الدورة النبوية ........ النبي صلى الله عليه وسلم خارجاً من بيته !! يخرج أحدنا من بيته ليباشر العمل الذي يؤديه وشؤون الرزق مستولية على أعصابنا مستحوذة على أفكارنا .. أننا نريد الكثير لأنفسنا وأهلينا ترى كم تستهلكه هذه الساحة من جهودنا ؟ كأن صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم كان يستحضر هذه المشاعر وهو يناجي ربه عندما يخرج من بيته فيقول ”“ باسم الله ، توكلت على الله ، اللهم إني أعوذ بك من أن أزلّّ أو أزل ، أو أضل أو أضل ، أو أظلم أو أظلم ، أو أجهل أو يجهل علي ....... ”“ إنه لا يريد غلباً على أحد ، إنه يريد النجاة من الزلل يقع فيه أو يوقع أحداً فيه ، إنه يبغي الهدى لنفسه ولغيره ، إنه يستعيذ بالله أن يجهل علي أحد أو يجهل عليه أحد .. إنه يبغي الهدى لنفسه ولغيره ، إنه يكره الظلم في صوره كلها ز بذلك يدعو ربه ويستمد منه العون ، وقد طلب الرسول من كل مسلم عندما يغدوا من بيته لما يهمه من شأنه أن يوثق رباطه بربه بهذه الكلمات وغيرها كثير . بل ينبغي لكل واحدة منا أن تتهم قواها الذاتية وأن ترمق باستعطاف العون الأعلى قائلة ما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم ”“ من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم الله توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له هديت وكفيت ووقيت ..““ وكان يقول أيضاً ”“ بسم الله على نفسي ومالي وديني ، اللهم رضني بقضائك وبارك فيما قُدَر لي حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ، ولا تأخير ما عجلت ”“ سبحان الله أي ثقة وتعلق بالله كانت تملأ نفس نبينا صلى الله عليه وسلم !!!!!
4. حياكن الله في يومنا الثالث من الدورة النبوية ..... النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله !! إطلالة سريعة على البيت النبوي . ، إطلالة فتحت للإجابة على السؤال الوارد لزوجته : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ لقد تلقت زوجته السؤال بحفاوة واهتمام ، وأشرعت نافذة على بيت النبوة فقالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا إلى بيته ألين الناس ، وأكرم الناس ، كان رجلاً من رجالكم إلا أنه كان ضحاكاً بساماً ، وما كان إلا بشراً من البشر ، كان يكون في مهنة أهله .. يخصف نعله ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ، فإذا حضرت الصلاة خرج على الصلاة ، ولا رأيته ضرب بيده امرأة ولا خادماً باقة عطرة معطرة من الصفات النبوية لنقف عند ”“ كان يكون في مهنة أهله ”“ يثب إلى ذهني سؤال وهل كانت زوجته رضي الله عنها تشكو كثرة العمل ومشقته حتى يكون عمل النبي في بيته معونتها وخدمتها؟؟ أما كانت حجرته صلى الله عليه وسلم متقاربة الجدر صغيرة المساحة يمضي فيه الشهران بتمامها وما أوقد فيها نار لطعام يصنع ؟؟ هل ثمة عمل يحتاج إلى معونة ؟؟ أن الجواب على هذا التساؤل أن نبيك صلى الله عليه وسلم ما كان يصنع ما يصنع لكثرة الشغل وجهد العمل ولكن المواساة والإشعار بالمشاركة التامة وتحقيق أحد معاني السكن إلى الزوجة ” لتسكنوا إليها ” إنها رسالة حياة تقول : هو بيتنا جميعا صلى الله عليك وسلم فقد وسعت الناس بحسن خلقك وكان أهل بيتك أسعد الناس بهذا الخلق .
5.
6.
7. حياكن الله في يومنا السادس من الدورة النبوية ..... النبي عليه السلام ومتاعب الدنيا !!! البشر محكومون بقوانين اللذة والألم ، قد يضعفون مع المتاعب إلى حد الهوان وقد يشتدون مع المنافع إلى حد الطغيان ، والمطلوب من المؤمن الكيس ألا يزيغ وألا يطغى وأن يظل متماسكاً على حاليه كلتيهما . والآلام تكشف الضعف الإنساني وتدفع العاقل دفعاً للوقوف بباب الله يطلب العافية ويرجو رحمة ربه . فقد كان النبي عليه السلام إذا اشتد عليه الخطب أشتد إلى الله فزعه ، وطالت ضراعته . فعن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا راعه شيء قال : ”“ هو الله ، الله ربي لا شريك له ”“ وكان يعلم أصحابه عند الفزع هذه الكلمات ”“ أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون ”“ وعندما يقف الإنسان في إطار ضعفه أمام ذي العزة والملكوت ، فإنه يعود مليء اليدين بالخير . وقد أمرنا أن ندعو الله بأسمائه الحسنى ، والله يحب أن يمدح ولذلك جاء في الحديث : ”“ ألظوا – ألحوا – بياذا الجلال والإكرام ”“ وعن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : باسم الله –ثلاثاً – وقل – سبع مرات – أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ”
8. حياكن الله في يومنا السابع من الدورة النبوية ..... النبي عليه السلام في خضم الحياة !! لقد كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نسقاً واضحاً من عمق الصلة بالله وشمولها ، فما يمكن أن يغفل عن الله في فعل أو ترك ومن هنا نجد دعواته تتناول شؤون الحياة المختلفة ، ولهجة بذكر الله يخالط كل ما يضع فيه يده . كانت العاطفة المشبوبة تجعله يتعرض للمطر أول ما ينزل ، ويقول : ”“ هذا مطر حديث عهد بربه ”“ كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا إليه ، فإذا أخذه الرسول قال ”“ اللهم بارك لنا في ثمرنا ، وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مُدنا ”“ ثم يعطيه أصغر الحاضرين من الولدان . وكان إذا عصفت الريح قال ”“ اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به ”“ بهذا الشعور الغامر المستوعب يلقى كل شيء ، ويواجه بتعاليم السماء كما أنزلت إليه . فلننظر في جنبات المجتمع الإنساني لنرى كيف يبنيه محمد صلى الله عليه وسلم باسم الله وبركته . فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء / محمد الغزالي
9. حياكن الله في يومنا الثامن من الدورة النبوية ..... النبي عليه السلام ومشاعر الأبوة !!! لنعيش لحظات مع الحب الأبوي والتدفق العاطفي وجمال التعبير بالقبلة الحانية والكلمة الجميلة المعبرة والترحيب الحفي والاهتمام بالمطالب الصغيرة والدعاء بالكلمات الرقيقة لم تكن وقفات النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال من فضول وقته وبقايا فراغه انما كان من الحقوق المفروضة عليه والتي يرى وجوب أداءها على أتم وجه .. ** قال أسامة بن زيد : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمهما ويقول ( اللهم أرحمهما فإني أرحمهما ) ** وجرح أسامة فقال صلى الله عليه وسلم لعائشة ( أميطي عنه الأذى ) فتقذرت من الدم ن فجعل صلى الله عليه وسلم يمص دمه ويمجه . ** النبي صلى الله عليه وسلم في وهج الظهيرة وصائفة النهار ليزور حفيده < الحسن > فما أن رآه حتى صلى الله عليه وسلم حتى برك له في الأرض ومد يده وجعل يقبله ويشمه ويقول ”“ اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه ”“ إعلان للحب من خلال الدفق العاطفي الغامر في مشهد عظمة المشاعر المحمدية . إن تحقيق الإرواء العاطفي للأبناء تلبية لمطلب نفسي ملح ، وعندما يتحقق هذا الإشباع للعواطف يخرج الأبناء إلى الحياة بنفوس سوية تعيش الحب وتتعطاه وتتعامل مع المجتمع بلياقة نفسية عالية . ولننظر كيف اتسع وقت النبي صلى الله عليه وسلم ليجعل جزء من وقته الخاص ليهتم بشؤون الأطفال ن يفسح لهم من قلبه ووقته ومشاعره فهو المبعوث لإسعاد البشرية في دنياهم وأخراهم . إن هذه المواقف لتحدث في القلب قشعريرة شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولهفة إلى محياه فيارب أجمعنا بحبيبك في مستقر رحمتك
10. حياكن الله في يومنا التاسع من الدورة النبوية ..... النبي عليه السلام في السفر !!! ما أكثر ما يسافر الناس لشؤون مادية وأدبية ، وللسفر مشقاته التي بذلت جهود كبيرة لتذليلها ومع ذلك فإن فراق المرء لبيته وأحبائه وتعرضه لتخلف عاداته في يقظته ومنامه وشرابه وطعامه وانطلاقة مع الأقدار إلى موعد مجهول لا يدري بدقة كيف ينتهي ، كل ذلك يجعل السفر عملاً ذا بال في حياة أي إنسان . وقد سافر النبي عليه الصلاة والسلام مرات في شبابه الباكر وأيام عمله مع خديجة وبعد البعثة . وهو يصف مشاعر المسافر ورغباته بصدق وينتهز حاجته إلى الأنيس والمعين فيصله بربه بأشر ف الذكر وألطف الدعاء . يقول : ” من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف : أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ...“ ويشرح ذلك في حديث آخر : ” إن الله إذا استودع شيئاً حفظه ” . المهم أنك وأنت راحل عن بيتك تذكر أن هناك من لا يغيب عن البيت أبداً إذا غبت أنت عنه ،وهو الله ، وإنك إذا رجوته الحفاظ على ولدك وأهلك وجعلتهما وديعة لديه ، عدت وهما على خير حال . وأدعية الرسول صلى الله عليه وسلم تتواءم مع هذه الأحوال تواؤماً مثيراً . جاء رجل إلى النبي يقول له : إني أريد سفراً ، زودني ؟ قال : ” زوّدك الله التقوى ” قال : زدني ، قال : ” وغفر ذنبك ” ، قال : زدني ، قال : ” ويسر لك الخير حيث كنت ” وعن أبي هريرة أن رجلاً قال : يا رسول الله إني اريد أن أسافر فأوصني ، قال : ” عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف ” فلما ولى الرجل قال ” اللهم أطو له البعد ، وهون عليه السفر ” . وأدب النبوة في الأسفار يوجه إلى الاحتماء بالله وارتقاب لطفه . كان عبدا لله بن عمر يقول للرجل إذا أراد سفراً : ادن مني أودعك كما كان رسول الله يودعنا فيقول : ” أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ” . قال ابن عمر وكان النبي عليه السلام إذا ودع رجلاً أخذه بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي عليه السلام . نحن بإزاء عاطفة جياشة غامرة فالرسول يستبقي يد المسافر في يده لا يزهد فيه ولا يتعجله ويدعو له بعد ذلك صلى الله عليك يا رسول الله .
11. حياكن الله في يومنا العاشر والأخير من الدورة النبوية .. النبي عليه السلام في اللباس والزينة - كان صلى الله عليه وسلم يكثر التطيب ويحب الطيب ولا يرده وكان أحب الطيب إليه المسك . - وكان يحب السواك ، وكان يستاك مفطراً وصائماً ويستاك عند الانتباه من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل . - وكان يلبس ما تيسر من الثياب من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة ، وكان أحب اللباس إليه القميص . ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ولبس الجبة والقباء والسراويل والإزار والرداء والخف والنعل والعمامة . ولبس الأسود ولبس حلة حمراء . - ولبس خاتما من فضة ، وكان يجعل فصه مما يلي باطن الكف . - وكان إذا لبس ثوباً سماه باسمه وقال : ”“ اللهم أنت كسوتني هذا القميص أو الرداء أو العمامة ، أسألك خيره وخير ما صنع له و أعوذ بك من شره وشر ما صنع له ”“ - وكان إذا لبس قميصه بدأ بميامنه . وختاماً أن من أجمل ما في هذه السيرة النبوية العطرة أن الله سبحانه وتعالى حين أذن أن تكون قدوة للناس جميعاً فإنه أقام الحجة بحفظ هذه السيرة وتدوينها وضبطها بشكل لا مثيل له ومما يلفت النظر أيضا ان كل سيرة النبي وهديه تدعو إلى محبته وأن الحب يتضاعف في القلب لهذا النبي الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم . رسول العلا والفضل والخير والهدى لكل سطور المجد اسمك مبتدا ولي في معانيك الحسان تأمـــــــل سمعــــت به قلبي يقـــول محمدا