SlideShare a Scribd company logo
1 of 21
‫بيان صلة الرحم‬

                                                                   ‫تقديم‬

    ‫هل الخلق أوهام وقيود توهمها فئة من الناس ففرضوها على المجتمعات‬
           ‫فرضا وكبلوا بها اليدي والرجل والقلوب استثمارا للسذج والبسطاء ؟‬
 ‫أو هي آداب ومواضعات درج عليها الناس في حياتهم العامة والخاصة وانحدرت ـ‬
    ‫مع بعض التطور ـ من الباء إلى البناء ، تجعل النسان محدود التصرف في‬
                                                          ‫طيشه ونزغاته ؟‬
‫أو هي افكار فلسفية نتجت عن عقول سليمة درست كل صغير وكبير من المظاهر‬
 ‫الجتماعية وغيرها ؛ دراسات مستوعبة لتستخلص منها التجارب الخالصة وتقدمها‬
 ‫الى الجيال المقبلة نبراسا ينير لهم سبل الحياة ويشع لهم طريق العيش الهنئ ؟‬
     ‫ان الراء في موضوع الخلق والداب مختلفة متضاربة ، والنظريات حولها ل‬
  ‫تجتمع في نقطة خاصة . وهو موضوع يستحق التحدث عنه بشيء من التفصيل‬
          ‫والعناية ل نجد الن مجال كافيا لستيفائه في هذه المقدمة القصيرة .‬
 ‫والذي نعتقده في هذا المجال ان النسان مجبول بطبعه على اتباع بعض الداب‬
‫الجتماعية واتخاذ جملة من المسالك الخلقية ، وذلك لنه ليس بمقدوره أن يدرج‬
        ‫مدارج الحياة ال تحت ضوابط وأصول تكون منهاجا له يسير على ضوئها .‬
     ‫ولذا نرى المجتمعات كلها ـ بل استثناء مجتمع منها ـ ل تشذ عن وضع قوانين‬
      ‫وآداب تحترمها وتفرض على نفسها اللتزام بها وجعلها نصب العين في كل‬
    ‫تصرفاتها . وحتى الماركسية التي تناهض بشدة الصول الخلقية وتصر على‬
 ‫نبذها والتخلي عنها وتراها حجر عثرة في طريق التقدم ، تلتزم ان شاءت أو أبت‬
               ‫بأسس وآداب أخلقية تبثها في تعاليمها القتصادية والجتماعية .‬
‫طبعا ، تختلف البيئات والمجتمعات والمدارس الفلسفية في آدابها وأسسها‬
  ‫الخلقية حسب تكونها ونشأتها وتدرجها في مدراج الكمال أو نظرتها الى الكون‬
                                                         ‫والنسان والحياة .‬
   ‫والسلم ـ الذي هو دستور ا ال قوم للنسانية ـ اهتم اهتماما بالغا بالخلق‬
 ‫وأقام لها دعائم مركزة في كل مرافق البشر العتقادية والجتماعية والقتصادية‬
                                                                 ‫وغيرها .‬
    ‫فالقرآن الكريم جل آياته تتحدث بصراحة عن خلق المسلم وما يلزم عليه في‬
  ‫سلوكه ، والحاديث الشريفة كثير منها توجهه الى تقويم أفكاره وتعديل تصرفاته‬
                                    ‫في دينه ونفسه وأهله ومجتمعه و و . . .‬
     ‫ان أبرز صفة للنبي )صلّى ا عليه وآله( يذكرها ا تعالى في قرآنه الكريم‬
  ‫بالعظمة هي الخلق النبوي حيث يقول عز شأنه " انك لعلى خلق عظيم " ، كما‬
‫أن النبي نفسه يعلل بعثته الى الخلق رسول بتميم الخلق حيث يقول عليه الصلة‬
                                     ‫والسلم " بعثت لتمم مكارم الخلق " .‬
  ‫ونرى ان السلم في اكثر نظمه الخلقية يسعى في أن يوجد ترابطا كامل ً بين‬
   ‫الفرد وسائر أعضاء المجتمع ، فيدعوه الى البذل والسخاء ونبذ العداء وصدق‬
‫اللهجة والوفاء بالوعد وتعظيم الباء وصلة الرحام والقارب وتجليل ذوي المراتب‬
    ‫العلمية وقول الحق وحسن الظن بالخرين وتقدير ذوي المواهب والكف عن‬
      ‫الذى الى الخ المسلم والجار والنصاف في التعامل واعطاء الحقوق الي‬
   ‫أصحابها والسعي في قضاء الحوائج ، كما أنه يحذره من المكر والحيلة وسوء‬
   ‫الظن والنتقام بغير الحق والعنف في الخلق والحقد والعداوة وبذاءة اللسان‬
‫والتكبر على الخرين والعجب بالنفس والعصبية والقساوة وكتمان الحق والتعدي‬
     ‫الى الموال والعراض والنفس والبخل في العطاء والغدر والغيبة والنميمة‬
   ‫وافشاء السر وطلب العثرات والشماتة والسخرية والكذب وخلف الوعد والرياء‬
                                                              ‫والنفاق . . .‬
‫لو التزم المسلم بهذه الخلق وما شابهها مما هي من صميم النظام السلمي ،‬
   ‫لكنت ترى مجتمعا مترابطا يسوده الهناء والرغد والطمئنان ، بعيدا عما يشوب‬
                                               ‫حياته من القلق والضطراب .‬
‫أما الرسالة التي تراها ماثلة أمامك ـ أيها القارئ الكريم ـ فهي تستعرض موضوعا‬
‫هاما من الخلق السلمية التي حث القرآن الكريم والسنة الطاهرة على اتباعها‬
                                                ‫وتطبيقها في مجالت الحياة .‬
                                              ‫والموضوع هو ) صلة الرحم ( .‬
     ‫يبدأ المؤلف رسالته بمقدمة في أهمية صلة الرحم وبعض اليات والحاديث‬
    ‫الواردة فيها ، ثم مقالة فيها ستة مطالب يورد في المطلب الول معنى الرحم‬
    ‫والقرابة لغة وعرفا وشرعا ، وفي الثاني معنى الصلة وما يتعلق بذلك ، وفي‬
 ‫الثالث أحكام الصلة فقها ، وفي الرابع ضرورة صلة قاطع الرحم ، وفي الخامس‬
       ‫فوائد صلة الرحم التي من أبرزها طول العمر ، وفي السادس صلة الذرية‬
 ‫الصالحة ويريد بهم الئمة الطاهرين من ذرية الرسول )صلّى ا عليه وعليهم( .‬
      ‫ان هذه الرسالة مع اختصارها تستوعب موضوع ) صلة الرحم ( كتابا وسنة‬
    ‫وفقها ، وتذكر في طياتها كثيرا من أقوال كبار الفقهاء والمفسرين ، ونرى في‬
           ‫طبعها ونشرها فائدة كبرى للمسلمين وللمعنيين بالمباحث السلمية .‬




                                                                ‫أما المقدمة‬
            ‫فالصلة توجب الذكر الجميل في العاجلة ورفيع الدرجات في الجلة .‬
‫ول ريب أنها من الفروض العينية ، حتى قيل ان تركها من الكبائر الموبقة .‬
    ‫والذي يظهر لي أن السر في ذلك ان الجتماع مطلوب للشارع في بقاء نظام‬
‫النوع الذي انما يتحصل ببقاء أشخاصه ، والقرابة موجبة للمودة واللفة ، ولذلك لم‬
      ‫يشرع النكاح الجانب تحصيل لللفة المطلوبة للشارع ... صلة الرحم سببان‬
      ‫يوجبانها ، فكان توكها من الذنب العظيم ، وقد ... الشارع على الترغيب فيها‬
                                                          ‫والوعيد على تركها .‬
 ‫وفي عدة مواضع قد حض ا سبحانه في كتابه العزيز عليها ، مثل قوله تعالى :‬
   ‫) ووصينا النسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فل‬
                                                                  ‫تطعهما ( .‬
                                           ‫) وبالوالدين احسانا وذي القربى ( .‬
                          ‫) ان ا يأمر بالعدل والحسان وايتاء ذي القربى ( .‬
                                ‫) قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والقربين ( .‬
                                    ‫) ال ترك خيرا الوصية للوالدين والقربين ( .‬
                                        ‫) وآتى المال على حبه ذوي القربى ( .‬
                   ‫) ول يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ( .‬
                                       ‫) وأولو الرحام بعضهم اولى ببعض ( .‬
   ‫ومن ذلك المر بالشكر للوالدين في قوله جل ثناؤه ) أن اشكر لي ولوالديك ( .‬
     ‫وقد أمر عزوجل نبيه )صلّى ا عليه وآله( بقوله ) وأنذر عشيرتك القربين ( .‬
                                                       ‫) وأمر أهلك بالصلة ( .‬
 ‫وفي أمره بأمرهم بذلك على الخصوص نظرا الى أن الهل أحق بالشفقة ايماء‬
                                                               ‫الى المطلوب .‬
      ‫والسر في البدأة في بعض هذه اليات بذكر الوالدين : أن حق ذوي القربى‬
 ‫كالتابع لحقهما ، لتفرع اتصالهم عليهما . ضرورة ان النسان انما يتصل به اقرباؤه‬
                                                           ‫بواسطة اتصالهما .‬
‫وكذا السر في تقديم ذكرهم : انهم أولى بالشفقة ، فان القرابة مظنة التحاد‬
  ‫واللفة والرعاية والنصرة ، فلو لم يحصل شيء من ذلك لكان أشق على القلب‬
   ‫وأبلغ في اليلم . والضرر كلما كان أقوى كان دفعه أوجب ، فلهذا وجبت رعاية‬
                                                      ‫حقوق أولي الرحام .‬
                                                  ‫وأما الخبار الناطقة بذلك :‬
     ‫فمنها ما رواه الثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن‬
      ‫جميل بن دراج قال : سألت ابا عبد ا )عليه السلم( عن قول ا عزوجل‬
‫) واتقوا ا الذي تسائلون به والرحام ان ا كان عليكم رقيبا ( )1( . قال : فقال‬
  ‫هي ارحام الناس ، ان ا عزوجل أمر بصلتها وعظمها ، أل ترى انه جعلها منه .‬
   ‫قلت : اراد )عليه السلم( بالمر بصلتها المر على سبيل الوجوب ، ويلزم منه أن‬
       ‫يكون المعنى اتقوا الرحام أن تقطعوها ، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد‬
      ‫والضحاك ، وهو المروي عن ابي جعفر )عليه السلم( . فعلى هذا يكون "‬
                                      ‫الرحام " منصوبا عطفا على اسم ا .‬
       ‫وآخر الية يجري مجرى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب فان الرقيب هو‬
   ‫المراقب الذي يحفظ جميع الفعال ، ومن هذه صفته يجب أن يخاف ويرجى .‬
      ‫وروى أيضا الثقة المذكور باسناده عن ابن أبي عمير عن أبي عبد ا )عليه‬
    ‫السلم( قال : ) الذين يصلون ما أمر ا به أن يوصل ( )2( نزلت في رحم آل‬
  ‫محمّد عليه و)عليهم السلم( ، وقد تكون في قرابتك . ثم قال : ول تكونن ممن‬
                                           ‫يقول للشيء انه في شيء واحد .‬
‫قلت : لعله )عليه السلم( يشير بذلك الى أنه ل عبرة بخصوص سبب النزول ، وانما‬
‫العبرة بعموم اللفظ ، وحينئذ ل يبعد الستدلل بذلك على الترغيب في صلة مطلق‬
                                           ‫القرابة حتى النائية بسبب اليمان .‬
         ‫وروى أيضا باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد ا )عليه السلم( مثله .‬
     ‫وباسناده عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا )عليه السلم( مثله أيضا .‬
‫وباسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر )عليه السلم( قال : قال‬
‫ابوذر رحمه ا : سمعت رسول ا )صلّى ا عليه وآله( يقول : حافتا الصراط )‬
  ‫1( يوم القيامة الرحم والمانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للمانة نفذ الى‬
  ‫الجنة ، واذا مر الخائن للمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكبونه في‬
 ‫النار )2( وباسناده عن يونس بن عمار قال : قال ابوعبد ا )عليه السلم( : أول‬
 ‫ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم ، تقول : يا رب من وصلني في الدنيا فصل‬
         ‫اليوم ما بينك وبينه ، ومن قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه .‬
 ‫وروى ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان باسناده عن النبي‬
  ‫)صلّى ا عليه وآله( قال : قال ا تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت‬
                     ‫لها اسما من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .‬
                                             ‫قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .‬
                                      ‫قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .‬
  ‫وباسناده عن الصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين )عليه السلم( قال : ان احدكم‬
 ‫ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ،‬
‫فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من‬
                                                  ‫وصلني واقطع من قطعني .‬
‫قلت : ل ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما‬
‫السلم قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول ا )صلّى ا عليه وآله(‬
                              ‫قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .‬
        ‫وذلك لن استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم‬
                        ‫واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .‬
  ‫وروى الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب عن السكوني ،‬
     ‫ورواه ايضا الصدوق في من ل يحضره الفقيه باسناده قال : قال رسول ا‬
‫)صلّى ا عليه وآله( : الصدقة بعشرة ، والقرض بثمانية عشر ، وصلة الخوان‬
                                     ‫بعشرين ، وصلة الرحم بأربعة وعشرين .‬
 ‫وباسناده عن عبد ا بن عجلن قال : قال لبي جعفر )عليه السلم( : اني ربما‬
‫قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم ؟ قال : اعطهم على الهجر‬
                                                    ‫في الدين والفقه والعلم .‬
 ‫ول خلف وفي جواز الوصية للرحم ، لما فيه من الجمع بين الصدقة والصلة ، بل‬
‫قد ورد النص بجواز الوصية له وان كان كافرا وهو الذي نقله الطبرسي في مجمع‬
                                                  ‫البيان عن كثير من العلماء .‬
  ‫ونقل عن اصحابنا أنها جائزة للوالدين والولد ، وحجتهم في جوازها للوالدين ما‬
 ‫تقدم من اليات الدال بعضها على ذلك بالنص الصريح ، ولهذا يجب أن يخص بها‬
 ‫مجموع ما سيأتي من الدلة الدالة على المنع من صلة كل عدو لله سبحانه بسبب‬
                                                       ‫استثناء هذا الفرد منه .‬
  ‫وقد أجمعوا على استحباب اختصاص الرحم بالصدقة الواجبة مع وجود الصفات‬
        ‫المقتضية للستحقاق ، لقوله )عليه السلم( : ل صدقة وذو رحم محتاج .‬
  ‫ولن العتناء به في نظر الشارع أتم من غيره ، ولهذا ورثه وكتب له الوصية عند‬
‫حضور الموت بتوفير نصيبه في قوله ) كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت ان ترك‬
               ‫خيرا الوصية للوالدين والقربين ( )1( ، لما فيها من زيادة الصلة .‬
‫وامر الولد الكبر بوجوب التحمل عن أبيه ما فاته من صلة وصيام تمكن منه ومات‬
                                   ‫قبل أدائه ، واستحباب الحج عنه مع المكنة .‬
  ‫ونهى عن الرجوع فيما وهبه لقريبه ولو بدون التصرف والتعويض ، فكان الدفع‬
                           ‫اليه أولى ، وهو المروي عن الكاظم )عليه السلم( .‬
            ‫وكذا صدقة التطوع مستحب له ، لقوله تعالى ) يتيما ذا مقربة ( )2( .‬
‫وقال )عليه السلم( : الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي الرحم صدقة‬
                                                                       ‫وصلة .‬
                                             ‫واما المقالة ففيها مطالب :‬
‫المطلب الول‬
                                                 ‫) في بيان معنى الرحم (‬

   ‫" الرحم " لغة القرابة المطلقة ، وكذا عرفا )1( . وأورد ابو القاسم الراغب في‬
 ‫مفرداته ان استعارته من رحم النثى ، لكونهم خارجين من رحم واحدة ، وأصله‬
         ‫الرحمة ، وذلك لنها مما يتراحم به ويتعاطف ، يقولون " وصلتك رحم " .‬
 ‫ومن أجل ما ذكرناه من اللغة والعرف ذهب علماؤنا الى تسمية القرابة المطلقة‬
‫رحما ، سواء الذكر والثنى والوارث وغير الوارث والمحرم وغير المحرم والمسلم‬
 ‫والكافر ، من قبل الب والم أو من قبل أحدهما ، لن السم يتناول الجميع على‬
  ‫السواء ولم يعهد في الشرع معنى آخر وضع هذا اللفظ له ، فوجب صرفه الى‬
                                  ‫المتعارف ، كما هو المعهود من عادة الشرع .‬
 ‫ويؤيده ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره عن علي )عليه السلم( قال : قوله‬
  ‫تعالى ) فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا ارحامكم ( )1(‬
                              ‫نزلت في بني امية بقتلهم الحسين )عليه السلم( .‬
 ‫وذلك لنهم لصاق بعبد مناف ، بسبب أن اخاه ربى عبدا له روميا اسمه " امية " )‬
 ‫2( ، والى ذلك اشار أمير المؤمنين )عليه السلم( لما كتب اليه معاوية " انما نحن‬
‫وانتم بنو عبد مناف " : ليس المهاجر كالطليق ول الصريح كاللصيق وبعض العامة‬
‫قصر ذلك على المحارم الذين يحرم التناكح بينهم ان كانوا ذكورا و اناثا ، وان كانوا‬
    ‫من قبيل يقدر احدهما ذكرا والخر أنثى ، فان حرم التناكح بينهم فهم الرحم .‬
   ‫محتجا بأن تحريم الختين انما كان لما يتضمن من قطيعة الرحم ، وكذا تحريم‬
  ‫اصالة الجمع بين العمة والخالة وابنة الخ و الخت مع عدم الرضا عندنا ومطلقا‬
                                                                      ‫عندهم .‬
                                                               ‫ويرده ما تقدم .‬
‫نعم يشترط أن ل يبعد الشخص جدا بحيث ل يعد في العرف انه من القرابة ، وال‬
                   ‫لكان جميع الناس أقرباء ، لشتراكهم في آدم )عليه السلم( .‬
‫وللمفيد قول بارتقاء القرابة الى آخر أب وأم في السلم ، وهو قول الشيخ في‬
 ‫النهاية ، ونقحه العلمة في القواعد بأن المراد بهمن يتقرب اليه ولو بأبعد جد أو‬
    ‫جدة ، بشرط كونهما مسلمين ، فالجد البعيد ومن كان من فروعه وان بعدت‬
                                ‫مرتبته بالنسبة اليه معدود قرابة اذا كان مسلما .‬
  ‫ويضعف بأنه قد ل يساعد العرف عليه ، فان من عرض تقربه الى جد بعيد جدا‬
    ‫ليعد قرابة عرفا وان كان الجد مسلما ، للعلة المتقدمة . وما قلناه أول ً مختار‬
‫المبسوط والخلف ، واليه ذهب ابن البراج وابن ادريس واكثر المتأخرين ، وقد مر‬
                                                                        ‫وجهه .‬
  ‫ووجه الثاني قوله )عليه السلم( " قطع السلم ارحام الجاهلية " وقوله تعالى‬
                                            ‫لنوح عن ابنه ) انه ليس من أهلك (‬
       ‫ورده ابو القاسم جعفر بن سعيد في الشرايع بأنه غير مستند الى شاهد .‬
    ‫وتوجيهه : انتفاء النص الصريح فيه ، اذ لم يرد فيه ال هذه الرواية ، وهي مع‬
  ‫تسليم سندها غير دالة على المراد ، لن قطع الرحم للجاهلية ل يدل على قطع‬
                    ‫القرابة مطلقا مع أصناف الكفار وكذا قطع الهلية عن نوح .‬
                   ‫قال ابن الجنيد : القريب من تقرب من جهة الب أو الوالدين .‬
 ‫قال : ول اختار أن يتجاوز بالتفرقة ولد الب الرابع ، لن النبي صلى ا عليه وآله‬
‫لم يتجاوز ذلك في تفرقة سهم ذوي القربى من الخمس ، ول دللة على أن ذوي‬
‫القربى حقيقة في مستحق الخمس ، وانما ذلك أمر أراده ا تعالى وفسره النبي‬
    ‫)صلّى ا عليه وآله( ، بدليل ما روى أنه لما نزل ) قل ل أسئلكم عليه أجرا ال‬
     ‫المودة في القربى ( )2( قيل : يا رسول ا من قرابتك هؤلء الذين وجبت‬
    ‫علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما . ذكره الزمخشري في الكشاف‬
 ‫وغيره ، واخبارنا ناطقة بأن باقي الئمة المعصومين من قرباه الذين وجبت علينا‬
                                                                      ‫مودتهم .‬
‫هذا معنى آخر للقرابة بالنسبة اليه )عليه السلم( سوى الول ، وهو قاض بأن‬
   ‫للنبي )صلّى ا عليه وآله( في القرابة معنى خاصا به ، للقطع بأن القرابة في‬
 ‫حق غيره )عليه السلم( ل يقتصر فيها على احدى بناته وأولدها وبعلها الذي من‬
                                         ‫شجرته . فالمرجع حيئذ الى العرف .‬
     ‫وعن أبي حنيفة وابي يوسف عدم اطلق اسم القريب على الجد وولد الولد‬
 ‫والوالدين والولد حي ، لن عندهم من سمى والده قريبا كان عاقا ، لن القريب‬
   ‫من يتقرب الى غيره بواسطة الغير ، وتقرب الوالد والولد بنفسهما ل بغيرهما ،‬
                ‫لقوله تعالى " والقربين " عطفه على الوالدين . ول حجة فيه .‬
 ‫وقال فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير: لو أوصى لقرابته دخل قرابة الم في‬
‫وصية العجم ول تدخل في وصية العرب على الظهر ، لنهم ل يعدون ذلك قرابة ،‬
  ‫بخلف ما لو أوصى لرحامه فانه يدخل قرابة الب والم . والحق عدم الفرق .‬



                                                     ‫المطلب الثاني‬
                             ‫) في بيان معنى الصلة وما يتعلق بذلك (‬

                 ‫قال الجوهري : الوصل ضد الهجران ، والتواصل ضد التصارم .‬
‫فالقطيعة تحصل بالهجران وعدم الحسان وماشاكلهما من وجوه الصلة ، وتحصل‬
                                             ‫ايضا بنفي النسب الثابت شرعا .‬
  ‫والمرجع في الصلة الى العرف ، اذ لحقيقة لها شرعية ول لغوية . وهو يختلف‬
 ‫باختلف العادات وبعد المنازل وقربها ، فربما تحققت الصلة في عرف قوم بأمر‬
                         ‫في حالة ول تتحقق في عرف آخرين في تلك الحالة .‬
    ‫وربما كان بعد المنازل سببا لسقوط المر ببعض أنواعها ، كالزيارة فان البعد‬
                                        ‫سبب في سقوط المر بها مع العسر .‬
  ‫وقد روى الثقة الكليني عن جابر عن أبي جعفر )عليه السلم( قال : قال رسول‬
      ‫ا )صلّى ا عليه وآله( : أوصى الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في‬
‫أصلب الرجال وأرحام النساء أن يصل الرحم وان كانت منه على مسيرة سنة ،‬
                                                         ‫فان ذلك من الدين .‬
‫واعلم أن صلة من يطلب وصله من الرحام والقرابات ـ ويدخل فيه قرابة الرسول‬
‫)صلّى ا عليه وآله( وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب اليمان ـ تتأدى بالحسان اليهم‬
  ‫بحسب الطاقة والذب عنهم ونصرتهم والنصيحة لهم ودعوة المخالفين منهم الى‬
‫اليمان وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وحسن الخلق معهم وايصال حقهم‬
  ‫اليهم وحفظ أموالهم عليهم وعيادة مرضاهم وحضور جنائزهم ومراعاة حقوق‬
                 ‫الرفقاء منهم في السفر والمجاورين والخدم منهم ونحو ذلك .‬
‫ول ريب انه مع فقر بعض الرحام ـ وهم العمودان أعني الباء وان علوا والولد‬
    ‫وان نزلوا ـ تجب الصلة بالمال ، وتستحب لباقي القارب ، وتتأكد في الوارث .‬
 ‫للعلم بأنه اذا كانت القرابة قريبة كان المر بالصلة آكد وأقوى ، والموصول به هو‬
                                                                 ‫قدر النفقة .‬
 ‫ولو كان له قريبان مضطران الى النفاق وليس هناك ما يفضل عن أحدهما قدم‬
   ‫واجب النفقة ، فان وجبت نفقتهما قدم القرب فالقرب ، فان تساويا فالقسمة‬
                                                                ‫على القرب .‬
‫ولو كان عنده ما لو أطعمه أحدهما لعاش يوما ولو قسمه بينهما لعاش كل منهما‬
‫نصف يوم ، فالظاهر القسمة ، لعموم قوله تعالى ) ان ا يأمر بالعدل والحسان‬
                                    ‫( )1( ، ولرجاء ما يتمم به حياة كل منهما .‬
   ‫وهل القسمة على الرؤوس أو على سد الخلقة ؟ احتمالن ، ويرجح الثاني أنه‬
     ‫داخل في العدل ، اذ يجب عليه مع القدرة اشباعهما مع اختلف قدر أكلهما ،‬
                                                      ‫فليكن كذلك مع العجز .‬
 ‫ول تجب عليه هذه الصلة مع غنى القريب وان كان أحد العمودين . نعم تستحب‬
                                                 ‫الهدية اليه بنفسه أو رسوله .‬
‫قال الشهيد في قواعده : وأعظم الصلة ما كان بالنفس ، وفيه أخبار كثيرة ، ثم‬
    ‫بدفع الضرر عنها ، ثم بجلب النفع اليها ، ثم بصلة من تحب وان لم يكن رحما‬
   ‫للواصل كزوجة الب والخ وموله ، وأدناها السلم بنفسه أو رسوله ، والدعاء‬
                                            ‫بظهر الغيب والثناء في المحضر .‬
‫قلت : الذي يدل على أن أدناها مثل ذلك قوله )عليه السلم( " صلوا أرحامكم ولو‬
    ‫بالسلم " ، ولو أداه بنفسه كان أفضل ، ولو انضم الى ذلك الصلة بالمال لمن‬
     ‫لتجب عليه نفقته كان أكمل . نعم لو كان على غير التقوى فينبغي أن يكون‬
                  ‫الدعاء له بخلوصه من الثم أولى من زيارته وامداده بالمال .‬
  ‫وفي الدعاء بظهر الغيب أجر عظيم ، فقد روى عن النبي صلّى ا عليه و آله :‬
                  ‫من دعا لخيه بظهر الغيب ناداه ملك من السماء : ولك مثله .‬

                                                         ‫المطلب الثالث‬
                                               ‫) في بيان احكام الصلة (‬

    ‫الصلة تنقسم بانقسام الحكام القتضائية : فالواجب ما يخرج به عن القطيعة‬
  ‫المحرمة ، والمستحب ما زاد على ذلك ، والحرام قطيعة القرابة او صلة الكافر ،‬
  ‫ومنه مخالف الحق الشريف وان لم يكن ناصبا ، فان من هذا شأنه يجب البراءة‬
‫منه وإن كان أقرب الناس وألصقهم نسبا ، لقوله تعالى ) ل تجد قوما يؤمنون بالله‬
‫واليوم الخر يوادون من حاد ا ورسوله ولو كانوا آباءهم او أبناءهم أو اخوانهم‬
                                                         ‫أو عشيرتهم ( )1( .‬
‫قال الزمخشري في الكشاف : معناه ان من الممتنع المحال أن تجد قوما مؤمنين‬
 ‫يوادون المخالفين لله ، والغرض انه ل ينبغي أن يكون ذلك ، وحقه ان يمتنع ول‬
‫يوجد بحال ، مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملبسته والتصلب في مجانبة أعداء‬
   ‫ا ومباعدتهم . وانما حرمت صلته لنها تقتضي خلف ما أمر ا به من ذلك .‬
       ‫وبمدلول هذه الية جملة من النصوص ، وقد أشرنا فيما تقدم الى استثناء‬
                                                    ‫الوالدين للية المتقدمة .‬
‫والمكروه صلة المستضعف ، وهو من ل يعرف الحق ول يعاند فيه ول يوالي أحدا‬
                    ‫بعينه ، فانه ليس بمؤمن ، والمأمور بصلته انما هو المؤمن .‬
   ‫ولما كانت الصلة عبادة امتنع انقسامها الى المباح ، لخلوه من الرجحان المعتبر‬
                                                                ‫في العبادة .‬

                                                           ‫المطلب الرابع‬
                                                 ‫) في بيان صلة القاطع (‬

 ‫القاطع ل ينقطع حقه من الصلة اجماعا ، اذ بترك عبادة من مكلف لتسقط تلك‬
‫العبادة من مكلف آخر ضرورة ، وقد ورد في ذلك من النصوص ما ل يحصى كثرة‬
                                                                            ‫:‬
 ‫فمنها ما رواه الثقة الكليني باسناده عن علي بن النعمان قال اسحاق بن عمار :‬
   ‫بلغني عن ابي عبد ا )عليه السلم( أن رجل ً أتى النبي )صلّى ا عليه وآله(‬
‫فقال : يا رسول ا أهل بيتي أبوا ال تقريبا ) كذا ( على )1( وقطيعة لي وشتيمة‬
‫فأرفضهم ؟ قال : فاذا يرفضكم ا جيمعا . قال : فكيف أصنع ؟ قال : تصل من‬
  ‫قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ضلمك ، فانك اذا فعلت ذلك كان لك‬
                                                        ‫من ا عليهم ظهيرا .‬
           ‫وباسناده عن عبد ا بن سنان عن أبي عبد ا )عليه السلم( مثله .‬
 ‫وباسناده عن السكوني عنه )عليه السلم( قال : قال رسول ا )صلّى ا عليه‬
                                          ‫وآله( : ل تقطع رحمك وان قطعك .‬
   ‫وروى الشيخ في التهذيب باسناده عن السكوني عنه )عليه السلم( قال : سئل‬
    ‫رسول ا )صلّى ا عليه وآله( : أي الصدقة أفضل ؟ قال : على ذي الرحم‬
                                                                    ‫الكاشح .‬
‫قال الجوهري : الكاشح الذي يضمر لك العداوة ، يقال كشح له بالعداوة وكاشحه‬
                                                                     ‫بمعنى .‬
‫وباسناده عن محمد بن ابي عمير عن عبد الحميد عن سلمى مولة ولد ابي عبد‬
‫ا )عليه السلم( قال : كنت عند ابي عبد ا )عليه السلم( حين حضرته الوفاة ،‬
 ‫فأغمي عليه فلما أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن الحسين بن علي ـ وهو‬
                                                   ‫الفطس ـ سبعين دينارا .‬
   ‫قلت له : أفتعطي رجل ً حمل عليك بالشفرة ؟ فقال : ويحك أما تقرأ القرآن ؟‬
‫قلت : بلى . قال : أما سمعت قوله تعالى ) والذين يصلون ما أمر ا به أن يوصل‬
                                    ‫ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ( .‬
 ‫ول يضر ضعف بعض أسانيدها ، لعتضادها بما هو أصح اسنادا وانجبارها بعمل‬
                                                                 ‫الصحاب .‬
 ‫وكل حديث اشتمل على مقابلة المسيء بالحسان والمحسن بالمتنان فهو نص‬
‫في الباب ، وكذا الية الواردة بالعراض عن الجاهلين ، بناءا على ما أورده القوم‬
‫ـ منهم المقداد بن عبد ا السيوري ـ من أنها لما نزلت سأل رسول ا )صلّى ا‬
 ‫عليه وآله( جبرئيل عن معناها ، فقال : ل أدري حتى أسأل ربك . ثم رجع فقال :‬
‫يا محمد ان ربك أمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ضلمك‬
                                                                          ‫.‬
                                                    ‫المطلب الخامس‬
                                   ‫) في بيان أن الصلة تعطيل العمر (‬

    ‫قد تظافرت الخبار بذلك ، ورواه الثقة الكليني باسناده عن محمد بن عبد ا‬
 ‫قال : قال ابو الحسن الرضا )عليه السلم( : يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد‬
      ‫بقي من عمره ثلث سنين فيصيرها ا ثلثين سنة ، ويفعل ا ما يشاء .‬
 ‫وباسناده عن اسحاق بن عمار قال : قال ابو عبد ا )عليه السلم( ما نعلم شيئا‬
   ‫يزيد في العمر ال صلة الرحم ، حتى أن الرجل يكون عمره ثلث سنين فيكون‬
 ‫وصول للرحم فيزيد ا في عمره ثلثين سنة فيجعلها ثلثا وثلثين سنة ، ويكون‬
‫اجله ثلثا وثلثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه ا عزوجل ويجعل أجله الى‬
                                                                   ‫ثلث سنين .‬
‫وباسناده عن الحسن بن علي الوشاء عن ابي الحسن الرضا )عليه السلم( مثله .‬
‫قلت : ل يضر تفاوت الزيادة في هذا الحديث والذي تقدمه على الول ، لن الزيادة‬
 ‫غير المنافية مقبولة ، وفي قوله )عليه السلم( " ما نعلم شيئا " الخ ، مزيد ترغيب‬
                                              ‫في الصلة وتأكيد لكونها سببا لها .‬
 ‫وباسناده عن ابي حمزة قال : قال ابو جعفر )عليه السلم( : صلة الرحام تزكي‬
   ‫العمال ، وتنمي الموال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ] وتنسيء [ )1( في‬
                                                                        ‫الجل .‬
        ‫وباسناده عن عبد الحميد عن الحكم الحناط قال : قال ابو عبد ا )عليه‬
        ‫السلم( : صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في العمار .‬
    ‫باسناده عن عبد ا بن سنان عن ابي عبد ا )عليه السلم( قال : ان القوم‬
  ‫ليكونوا فجرة ويكونون بررة ، فتنموا أموالهم وتطول أعمارهم ، فكيف أذا كانوا‬
                                                               ‫أبرارا بررة )1( .‬
 ‫وربما استشكل ذلك باعتبار أن المقدر في الزل والمكتوب في اللوح المحفوظ ل‬
                    ‫يتغير بالزيادة والنقصان ، لستحالة خلف معلوم ا تعالى .‬
   ‫وأجيب بأن المراد به الترغيب أوالثناء بعد الموت ، ومثله " ماتوا فعاشوا بحسن‬
                    ‫الذكر بعدهم " ، أو زيادة البركة في الجل دون الزيادة فيه .‬
   ‫وهذا الشكال وارد في كل ترغيب ووعد ووعيد ورد في الكتاب المجيد والسنة‬
                                                                     ‫المطهرة .‬
    ‫ويندفع بما تقرر عندنا في علم الكلم من أن العلم تابع للمعلوم لمؤثر فيه ،‬
‫فكلما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع من شرط أو سبب‬
 ‫، فاذا قال الصادق " ان زيدا إذا وصل رحمه زاد ا في عمره " ففعل ذلك كان‬
  ‫ذلك اخبارا بأن ا تعالى علم أن زيدا يفعل ما يزداد به عمره ، كما انه اذا أخبر‬
‫انه اذا قال " ل اله ال ا " دخل الجنة ففعل تبين ان ا علم انه يفعل ذلك‬
                                                               ‫ويدخل الجنة .‬
‫ول يشكل أيضا بقوله تعالى ) فاذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون (‬
                              ‫)1( ، ) ولن يؤخر ا نفسا اذا جاء أجلها ( )2( .‬
  ‫وذلك لن الجل يصدق على الجل الموهبي والمسببي ، فيحمل في الية على‬
                                                                   ‫الموهبي .‬
   ‫أويقال : الجل هو الوقت ، فأجل الموت هو الوقت الذي علم ا وقوعه فيه ،‬
  ‫سواء كان بعد العمر الموهبي أو السببي . وليس المراد به العمر ، اذ هو مجرد‬
‫الوقت . وينبه عليه بعد دللة الخبار قوله تعالى : ) وما يعمر من معمر ول ينقص‬
                                                ‫من عمره ال في كتاب ( )3( .‬
                                                        ‫المطلب السادس‬
                                     ‫) في بيان صلة الذرية الصالحة (‬
 ‫قد مضى في الحاديث النبوية المروية عن ابن أبي عمير وابي بصير عن ابي عبد‬
  ‫ا )عليه السلم( في صدر المقدمة ماهو صريح في الحظ على ذلك ، ول ريب‬
      ‫أن في صلتهم من الثواب ما ل يحصى كثرة ، فان ا قد اكد الوصية فيهم ،‬
                                            ‫خصوصا اذا كانوا أرحاما للواصل .‬
   ‫وقد روى الصدوق في من ل يحضره الفقيه عن أبي عبد ا )عليه السلم( أنه‬
     ‫قال : قوله تعالى ) من ذا الذي يقرض ا قرضا حسنا ( )1( نزلت في صلة‬
‫المام . وقال : درهم يوصل به المام أفضل من ألف ألف درهم في غيره . وقال‬
    ‫: من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي اخوانه يكتب له ثواب صلتنا ، ومن لم‬
                   ‫يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا .‬
                        ‫وأيضا روى الثقة الكليني باسنادين أنها نزلت في صلته .‬
   ‫ول يتوهم من ذلك احتياجه الى الصلة ، لما رواه الثقة الكليني عن الحسين بن‬
  ‫محمد بن عامر قال : قال ابو عبد ا )عليه السلم( : من زعم أن المام محتاج‬
‫الى ما في أيدي الناس فهو كافر ، انما الناس محتاجون أن يقبل منهم المام ،‬
              ‫قال ا عز وجل ) خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها (.‬

‫وفي الحديث المستفيض عن النبي )صلّى ا عليه وآله( ورواه الشيخ في التهذيب‬
 ‫باسناده عن عيسى بن عبد ا عن ابي عبد ا )عليه السلم( قال : قال رسول‬
‫ا )صلّى ا عليه وآله( : من صنع الى أحد من أهل بيتي يدا كافأته يوم القيامة .‬
 ‫وباسناده عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن بعض اصحابنا عن ابي عبد ا )عليه‬
‫السلم( قال : قال رسول ا )صلّى ا عليه وآله( : اني شافع يوم القيامة لربعة‬
   ‫اصناف ولو جاؤا بذنوب أهل الدنيا : رجل بصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريتي‬
‫عند المضيق ، ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذريتي‬
                                                         ‫اذا طردوا أو شردوا .‬
 ‫وفي من ل يحضره الفقيه عن الصادق )عليه السلم( : اذا كان يوم القيامة نادى‬
    ‫مناد : أيها الخلئق أنصتوا فان محمدا يكلمكم . فتنصت الخلئق ، فيقوم النبي‬
    ‫)صلّى ا عليه وآله( فيقول : يامعشر الخلئق من كانت له عندي يد أو منة أو‬
       ‫معروف فليقم حتى أكافئه . فيقولون : بآبائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي‬
‫معروف لنا ، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلئق . فيقول :‬
‫بلى ، ومن آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم‬
    ‫فليقم حتى أكافئه . فيقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند ا : يا‬
    ‫محمد ياحبيبي قد جعلت مكافأتهم اليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت . قال :‬
                   ‫فيسكنهم في الوسيلة حتى ل يحجبون عن محمد وأهل بيته .‬
‫قلت : قد تضمن ذلك كله الحض العظيم منه )صلّى ا عليه وآله( على صلة ذريته‬
‫وأطائب عترته ، وقد وظف سهم ا سبحانه وسهمه لولى الناس به وأقربهم اليه‬
 ‫نسبا ، وهو المام القائم مقامه ، مضافا الى ما له بالصالة ، وجعل النصف الخر‬
    ‫لباقي قرابته ـ أعني يتامى اهل بيته ومساكينهم وأبناء سبيلهم رعاية لصلتهم .‬
‫وفي صحيحة ربعي بن عبد ا بن الجارود عن الصادق )عليه السلم( : ان‬
   ‫رسول ا صلى ا عليه وآله كان يقسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ،‬
    ‫يأخذ خمس ا عزوجل لنفسه ، ثم يقسم الربعة الخماس من ذوي القربى‬
                             ‫واليتامى والمساكين ، يعطي كل واحد منهم حقا .‬
‫وهو محمول على أنه كان يأخذ دون حقه توفيرا على قرباه ، جمعا بين ذلك وبين‬
                     ‫الخبار الصحيحة الصريحة في قسمة الخمس ستة أسهم .‬
    ‫والحق ان الصدقة المندوبة لها حكم الواجبة في التحريم عليه وعلى أهل بيته‬
   ‫الذين هم الئمة المعصومين عليه و)عليهم السلم( ، فل يكون في عدم دفعها‬
  ‫اليهم ترك لصلتهم ، وهو الذي اختاره العلمة في التذكرة ، لما فيهم من الغض‬
      ‫والنقص وتسلط المتصدق وعلو مرتبته على المتصدق عليه ، ومنصب النبوة‬
     ‫والمامة أرفع من ذلك وأجل وأشرف . بخلف الهدية ، فانها لتقتضي ذلك .‬
‫أما سائر بني هاشم فصدقات بعضهم على بعض حلل ، والمفروض من صدقات‬
 ‫غيرهم عليهم حرام ، ال مع اعواز الخمس ، فانها حلل لهم عندنا للضرورة . أما‬
                                            ‫المندوبة فانها حلل لهم مطلقا .‬
     ‫وكذا يحل لمواليهم مطلق الصدقات عندنا ، لنهم لم يعوضوا عنها بالخمس ،‬
   ‫فانهم ل يعطون منهم ، فل يجوز أن يحرموها كسائر الناس ، وهو المروي عن‬
                                                 ‫أبي عبد ا )عليه السلم( .‬
   ‫وقد روينا بالسانيد المعتبرة أن ترك زيارة الحسين )عليه السلم( جفاء لرسول‬
                                        ‫ا )صلّى ا عليه وآله( وعقوق له .‬
                       ‫والخبار الواردة في زيارة الئمة )عليهم السلم( كثيرة :‬
 ‫فمنها ما روينا عن أبي عبد ا )عليه السلم( قال : من زار اماما مفترض الطاعة‬
                                                 ‫كان له ثواب حجة مبرورة .‬
‫وعن الرضا )عليه السلم( : ان لكل امام عهدا في اعناق أوليائه وشيعته ، وان من‬
  ‫تمام الوفاء بالعهد وحسن الداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم‬
                   ‫وتصديقا بما رغبوا فيه كانت ائمتهم شفعاءهم يوم القيامة .‬
‫ول ريب أن زيارتهم معدودة من الصلة التي قد ندب ا سبحانه اليها وأثنى على‬
‫ممتثلها بقوله عزوجل ) والذين يصلون ما امر ا به أن يوصل ( )1( ، وكذا وليتهم‬
   ‫وعدم العراض عن الرواية عنهم وعدم انكار جواز الصلة عليهم وما أنزل ا‬
    ‫فيهم والنقياد اليهم والتحامي عن ظلمهم وتسليم حقوقهم اليهم من الخلفة‬
                                  ‫والفيء والغنيمة والرث والنحلة ونحو ذلك .‬
    ‫وقد روى الشيخ في التهذيب باسناده عن أبي الصامت عن أبي عبد ا )عليه‬
    ‫السلم( قال : الكبائر سبع : الشرك بالله العظيم ، وقتل النفس الذي حرم ا‬
‫عزوجل ، وأكل أموال اليتامى ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنات ، والفرار من‬
    ‫الزحف ، وانكار ما أنزل ا عزوجل . فأما الشرك بالله العظيم فقد بلغكم ما‬
‫أنزل ا فينا وما قال رسول ا )صلّى ا عليه وآله( ، فردوه على ا ورسوله .‬
    ‫وأما قتل النفس الحرام فقتل الحسين وأصحابه . وأما أكل أموال اليتامى فقد‬
    ‫ظلمنا فيئنا وذهبوا . وأما عقوق الوالدين فان ا تعالى قال في كتابه ) النبي‬
    ‫أولى بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه امهاتهم ( )1( ، وهو أب لهم فعقوه في‬
     ‫ذريته وفي قرابته . وأما قتل المحصنات فقد قذفوا فاطمة عليها السلم على‬
  ‫منابرهم . وأما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين )عليه السلم( البيعة‬
   ‫طائعين غير مكرهين ثم فروا عنه وخذلوه . واما انكار ما أنزل ا فقد أنكروا‬
  ‫حقه وجحدوا ماجعله ا له ، وهذا ل يتعاجم فيه أحد ، فالله يقول ) ان تجتنبوا‬
           ‫كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل ً كريما ( )2( .‬
     ‫وباسناده عن الحارث بن المغيرة البصري قال : دخلت على أبي جعفر )عليه‬
‫السلم( فجلست عنده فاذا نجية قد استأذن عليه ، فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه‬
    ‫ثم قال : جعلت فداك اني أريد أن اسألك عن مسألة وا ما اريد بها إل ّ فكاك‬
                                                            ‫رقبتي من النار .‬
  ‫فكأنه رق له فاستوى جالسا ، فقال : يا نجية سلني فل تسألني اليوم عن شيء‬
 ‫ال اخبرتك به . قال : جعلت فداك ما تقول في فلن وفلن ؟ قال : يا نجية ان لنا‬
‫الخمس في كتاب ا ولنا النفال ولنا صفو الموال ، وهما وا اول من ظلمنا‬
 ‫حقنا في كتاب ا ، واول من حمل الناس على رقابنا ، ودماؤنا في أعناقهما الى‬
‫يوم القيامة بظلمنا اهل البيت . فقال نجية : انا ا وانا اليه راجعون ـ ثلث مرات ـ‬
  ‫هلكنا ورب الكعبة . قال : فرفع جسده عن الوسادة فاستقبل القبلة ودعا بدعاء‬
‫لم افهم منه شيئا ال سمعناه في آخر دعائه وهو يقول : اللهم احللنا ذلك لشيعتنا .‬
       ‫قال : ثم اقبل الينا بوجهه فقال : يا نجية ما على فطرة السلم غيرنا وغير‬
                                                                   ‫شيعتنا . . .‬
   ‫وهذا النحو في كتب أصحابنا لو تحرى المتصدي لحصره جمع منه مجلدات ولم‬
                                                              ‫يأت على آخره .‬
      ‫وقد روى اصحابنا اخبارا كثيرة تبلغ التواتر في التشدد من ائمة الهدى )عليهم‬
‫السلم( في الخمس والستبداد به ، وعدم رخصتهم فيه ال لشيعتهم لتطيب لهم به‬
                                                                      ‫الولدة .‬
     ‫ونقل المفيد عن بعض اصحابنا ان مستحق المام حال الغيبة من الخماس‬
‫والنفال وغيرهما يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة به على طريق الستحباب . قال‬
                                    ‫: ولست ادفع قرب هذا القول من الصواب .‬
     ‫قلت : يؤيده ما روى عنهم )عليهم السلم( رواية مستفيضة من اباحة البعض‬
                               ‫لشيعتهم حال ظهورهم ، ففي حال الغيبة أولى .‬
  ‫وكذا صرفه الى أنسابهم حال الغيبة على وجه التتميم ، لستغنائه )عليه السلم(‬
  ‫وحاجتهم ، ولن عليه العوز عن مؤنة السنة على القل حال ظهوره ، فل يسقط‬
                                                            ‫هذا الحكم بغيبته .‬
                                ‫وبهذا استدل والدي قدس ا روحه على ذلك .‬
  ‫فان توهم متوهم أن وجوب اتمام العوز عليه من باب الحسبة ولمانع أن يكون‬
    ‫من غير الحصة . رددناه بأن أخذه مايفضل من نصيبهم عن حاجتهم سنة على‬
                ‫القتضاء يقتضي أن يكون ما اعوزهم من نصيبه )عليه السلم( .‬
‫وممن قال بمقالة المفيد في صلة فقراء الشيعة غير الهاشميين به ابن حمزة ،‬
‫وهذه عبارته : واذا لم يكن المام حاضرا فقد ذكر فيه اشياء ، والصحيح عندي انه‬
      ‫يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقه والصلح والسداد .‬
                     ‫* وا الهادي الى سبيل الرشاد ، ومنه المبدأ واليه المعاد .‬
 ‫وفرغ من هذا التأليف أقل العباد الفقير الى ا المتعالى حسن ابن علي بن عبد‬
‫العالي بلغه ا ما يعامله ، بمشهد ثامن ائمة السلم علي بن موسى الرضا عليه‬
        ‫افضل الصلة والسلم في شهر ربيع الخر من شهور سنة ست وسبعين‬
                                                ‫وتسعمائة من الهجرة النبوية .‬

More Related Content

What's hot

الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و التعديل
الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و  التعديلالجليل فى الجزء الغائب من الجرح و  التعديل
الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و التعديل
Amr Selim
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
sammani97
 
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
محاسن الإسلام لمحات من
 
الشخصية المتزنة
الشخصية المتزنةالشخصية المتزنة
الشخصية المتزنة
dangermind
 
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.docالأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
hayaahealth
 
اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1
dangermind
 
مشروعى النهائى
مشروعى النهائىمشروعى النهائى
مشروعى النهائى
hdoban
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001aTafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
srujacxtup
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
srujacxtup
 
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجرمهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
أم حنين الموحدة
 
علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2
mido224
 
د راغب السرجاني المقاطـعة
د راغب السرجاني المقاطـعةد راغب السرجاني المقاطـعة
د راغب السرجاني المقاطـعة
basheer777
 

What's hot (20)

الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و التعديل
الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و  التعديلالجليل فى الجزء الغائب من الجرح و  التعديل
الجليل فى الجزء الغائب من الجرح و التعديل
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)
 
لا دين لمن لا كرامة له
لا دين لمن لا كرامة لهلا دين لمن لا كرامة له
لا دين لمن لا كرامة له
 
الشخصية المتزنة
الشخصية المتزنةالشخصية المتزنة
الشخصية المتزنة
 
تنظير التغيير
تنظير التغييرتنظير التغيير
تنظير التغيير
 
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.docالأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
 
اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1
 
آية السيف و التحريض على العنف
آية السيف و التحريض على العنفآية السيف و التحريض على العنف
آية السيف و التحريض على العنف
 
أسعد إمرأة فى العالم
أسعد إمرأة فى العالمأسعد إمرأة فى العالم
أسعد إمرأة فى العالم
 
مشروعى النهائى
مشروعى النهائىمشروعى النهائى
مشروعى النهائى
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001aTafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001a
 
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 001
 
محطات رمضانية
محطات رمضانيةمحطات رمضانية
محطات رمضانية
 
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجرمهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
مهارات عملية للإستيقاظ لصلاة الفجر
 
رسالة المؤتمر6
رسالة المؤتمر6رسالة المؤتمر6
رسالة المؤتمر6
 
Quran: The Accursed Book
Quran: The Accursed BookQuran: The Accursed Book
Quran: The Accursed Book
 
علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2
 
عقيدة المزوقي
عقيدة المزوقيعقيدة المزوقي
عقيدة المزوقي
 
د راغب السرجاني المقاطـعة
د راغب السرجاني المقاطـعةد راغب السرجاني المقاطـعة
د راغب السرجاني المقاطـعة
 

Similar to بيان صلة الرحم.doc

Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
sammani97
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكري
omrakan
 
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
أمنية وجدى
 
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
Sollywood Production Publication research center New Saidabad Sindh
 
تذكرة داوود الانطاكي
تذكرة داوود الانطاكيتذكرة داوود الانطاكي
تذكرة داوود الانطاكي
guest7da6e4f
 

Similar to بيان صلة الرحم.doc (20)

Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكري
 
Nisf
NisfNisf
Nisf
 
القول البديع في تحذير الشباب من خطورة التكفير والتفسيق والتبديع
القول البديع في تحذير الشباب من خطورة التكفير والتفسيق والتبديعالقول البديع في تحذير الشباب من خطورة التكفير والتفسيق والتبديع
القول البديع في تحذير الشباب من خطورة التكفير والتفسيق والتبديع
 
طريقنا الى القلوب
طريقنا الى القلوبطريقنا الى القلوب
طريقنا الى القلوب
 
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
المراجعة النهائية فى التربية الدينية الإسلامية للشهادة الإعدادية نصف العام
 
كتاب أوراق في السيرةوالأخلاق حميد بن خيبش
كتاب أوراق في السيرةوالأخلاق حميد بن خيبشكتاب أوراق في السيرةوالأخلاق حميد بن خيبش
كتاب أوراق في السيرةوالأخلاق حميد بن خيبش
 
رذيلة التبرم
رذيلة التبرمرذيلة التبرم
رذيلة التبرم
 
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
حضرت مُحمد مُصطفيٰ صلي الله عليه وسلم THE LAST MESSENGER OF ISLAM (PBUH)
 
-بكر أبوبكر في ندوة أريحا 2014 وعاء الوسطية والتيارات الماضوية
  -بكر أبوبكر في ندوة أريحا  2014 وعاء الوسطية والتيارات الماضوية   -بكر أبوبكر في ندوة أريحا  2014 وعاء الوسطية والتيارات الماضوية
-بكر أبوبكر في ندوة أريحا 2014 وعاء الوسطية والتيارات الماضوية
 
Mesbah
MesbahMesbah
Mesbah
 
القارونية
القارونيةالقارونية
القارونية
 
Hathihi
Hathihi Hathihi
Hathihi
 
الفتور
الفتورالفتور
الفتور
 
33 سبباً للخشوع في الصلاة
33 سبباً للخشوع في الصلاة33 سبباً للخشوع في الصلاة
33 سبباً للخشوع في الصلاة
 
فض الاشتباك مع العلمانية
فض الاشتباك مع العلمانيةفض الاشتباك مع العلمانية
فض الاشتباك مع العلمانية
 
العلاقات الدولية في الإسلام 1-
العلاقات الدولية في الإسلام  1-العلاقات الدولية في الإسلام  1-
العلاقات الدولية في الإسلام 1-
 
تذكرة داوود الانطاكي
تذكرة داوود الانطاكيتذكرة داوود الانطاكي
تذكرة داوود الانطاكي
 
كيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القرانكيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القران
 
مبادئ إسلامية للوقاية من تلوث البيئة.ppt
مبادئ إسلامية للوقاية من تلوث البيئة.pptمبادئ إسلامية للوقاية من تلوث البيئة.ppt
مبادئ إسلامية للوقاية من تلوث البيئة.ppt
 

More from hayaahealth

فوائد الزواج.doc
فوائد الزواج.docفوائد الزواج.doc
فوائد الزواج.doc
hayaahealth
 

More from hayaahealth (20)

Nafsi
NafsiNafsi
Nafsi
 
Drug
DrugDrug
Drug
 
مجلة الهيئة الصحية العدد 24
مجلة الهيئة الصحية  العدد 24مجلة الهيئة الصحية  العدد 24
مجلة الهيئة الصحية العدد 24
 
بيت خال من التدخين
بيت خال من التدخينبيت خال من التدخين
بيت خال من التدخين
 
Is12
Is12Is12
Is12
 
Is11
Is11Is11
Is11
 
Is9,books,magazine,health
Is9,books,magazine,healthIs9,books,magazine,health
Is9,books,magazine,health
 
Is8,books,magazine,health
Is8,books,magazine,healthIs8,books,magazine,health
Is8,books,magazine,health
 
Is7,books,magazine,health
Is7,books,magazine,healthIs7,books,magazine,health
Is7,books,magazine,health
 
Is6,books,magazine,health
Is6,books,magazine,healthIs6,books,magazine,health
Is6,books,magazine,health
 
Is5,books,magazine,health
Is5,books,magazine,healthIs5,books,magazine,health
Is5,books,magazine,health
 
Is4,books,magazine,health
Is4,books,magazine,healthIs4,books,magazine,health
Is4,books,magazine,health
 
Is3,books,magazine,health
Is3,books,magazine,healthIs3,books,magazine,health
Is3,books,magazine,health
 
Is1,books,magazine,health
Is1,books,magazine,healthIs1,books,magazine,health
Is1,books,magazine,health
 
Is20 ,books,magazine,health
Is20 ,books,magazine,healthIs20 ,books,magazine,health
Is20 ,books,magazine,health
 
Is10,books,magazine,health
Is10,books,magazine,healthIs10,books,magazine,health
Is10,books,magazine,health
 
فوائد الزواج.doc
فوائد الزواج.docفوائد الزواج.doc
فوائد الزواج.doc
 
08.pps
08.pps08.pps
08.pps
 
05.pps
05.pps05.pps
05.pps
 
04.pps
04.pps04.pps
04.pps
 

بيان صلة الرحم.doc

  • 1. ‫بيان صلة الرحم‬ ‫تقديم‬ ‫هل الخلق أوهام وقيود توهمها فئة من الناس ففرضوها على المجتمعات‬ ‫فرضا وكبلوا بها اليدي والرجل والقلوب استثمارا للسذج والبسطاء ؟‬ ‫أو هي آداب ومواضعات درج عليها الناس في حياتهم العامة والخاصة وانحدرت ـ‬ ‫مع بعض التطور ـ من الباء إلى البناء ، تجعل النسان محدود التصرف في‬ ‫طيشه ونزغاته ؟‬ ‫أو هي افكار فلسفية نتجت عن عقول سليمة درست كل صغير وكبير من المظاهر‬ ‫الجتماعية وغيرها ؛ دراسات مستوعبة لتستخلص منها التجارب الخالصة وتقدمها‬ ‫الى الجيال المقبلة نبراسا ينير لهم سبل الحياة ويشع لهم طريق العيش الهنئ ؟‬ ‫ان الراء في موضوع الخلق والداب مختلفة متضاربة ، والنظريات حولها ل‬ ‫تجتمع في نقطة خاصة . وهو موضوع يستحق التحدث عنه بشيء من التفصيل‬ ‫والعناية ل نجد الن مجال كافيا لستيفائه في هذه المقدمة القصيرة .‬ ‫والذي نعتقده في هذا المجال ان النسان مجبول بطبعه على اتباع بعض الداب‬ ‫الجتماعية واتخاذ جملة من المسالك الخلقية ، وذلك لنه ليس بمقدوره أن يدرج‬ ‫مدارج الحياة ال تحت ضوابط وأصول تكون منهاجا له يسير على ضوئها .‬ ‫ولذا نرى المجتمعات كلها ـ بل استثناء مجتمع منها ـ ل تشذ عن وضع قوانين‬ ‫وآداب تحترمها وتفرض على نفسها اللتزام بها وجعلها نصب العين في كل‬ ‫تصرفاتها . وحتى الماركسية التي تناهض بشدة الصول الخلقية وتصر على‬ ‫نبذها والتخلي عنها وتراها حجر عثرة في طريق التقدم ، تلتزم ان شاءت أو أبت‬ ‫بأسس وآداب أخلقية تبثها في تعاليمها القتصادية والجتماعية .‬
  • 2. ‫طبعا ، تختلف البيئات والمجتمعات والمدارس الفلسفية في آدابها وأسسها‬ ‫الخلقية حسب تكونها ونشأتها وتدرجها في مدراج الكمال أو نظرتها الى الكون‬ ‫والنسان والحياة .‬ ‫والسلم ـ الذي هو دستور ا ال قوم للنسانية ـ اهتم اهتماما بالغا بالخلق‬ ‫وأقام لها دعائم مركزة في كل مرافق البشر العتقادية والجتماعية والقتصادية‬ ‫وغيرها .‬ ‫فالقرآن الكريم جل آياته تتحدث بصراحة عن خلق المسلم وما يلزم عليه في‬ ‫سلوكه ، والحاديث الشريفة كثير منها توجهه الى تقويم أفكاره وتعديل تصرفاته‬ ‫في دينه ونفسه وأهله ومجتمعه و و . . .‬ ‫ان أبرز صفة للنبي )صلّى ا عليه وآله( يذكرها ا تعالى في قرآنه الكريم‬ ‫بالعظمة هي الخلق النبوي حيث يقول عز شأنه " انك لعلى خلق عظيم " ، كما‬ ‫أن النبي نفسه يعلل بعثته الى الخلق رسول بتميم الخلق حيث يقول عليه الصلة‬ ‫والسلم " بعثت لتمم مكارم الخلق " .‬ ‫ونرى ان السلم في اكثر نظمه الخلقية يسعى في أن يوجد ترابطا كامل ً بين‬ ‫الفرد وسائر أعضاء المجتمع ، فيدعوه الى البذل والسخاء ونبذ العداء وصدق‬ ‫اللهجة والوفاء بالوعد وتعظيم الباء وصلة الرحام والقارب وتجليل ذوي المراتب‬ ‫العلمية وقول الحق وحسن الظن بالخرين وتقدير ذوي المواهب والكف عن‬ ‫الذى الى الخ المسلم والجار والنصاف في التعامل واعطاء الحقوق الي‬ ‫أصحابها والسعي في قضاء الحوائج ، كما أنه يحذره من المكر والحيلة وسوء‬ ‫الظن والنتقام بغير الحق والعنف في الخلق والحقد والعداوة وبذاءة اللسان‬ ‫والتكبر على الخرين والعجب بالنفس والعصبية والقساوة وكتمان الحق والتعدي‬ ‫الى الموال والعراض والنفس والبخل في العطاء والغدر والغيبة والنميمة‬ ‫وافشاء السر وطلب العثرات والشماتة والسخرية والكذب وخلف الوعد والرياء‬ ‫والنفاق . . .‬
  • 3. ‫لو التزم المسلم بهذه الخلق وما شابهها مما هي من صميم النظام السلمي ،‬ ‫لكنت ترى مجتمعا مترابطا يسوده الهناء والرغد والطمئنان ، بعيدا عما يشوب‬ ‫حياته من القلق والضطراب .‬ ‫أما الرسالة التي تراها ماثلة أمامك ـ أيها القارئ الكريم ـ فهي تستعرض موضوعا‬ ‫هاما من الخلق السلمية التي حث القرآن الكريم والسنة الطاهرة على اتباعها‬ ‫وتطبيقها في مجالت الحياة .‬ ‫والموضوع هو ) صلة الرحم ( .‬ ‫يبدأ المؤلف رسالته بمقدمة في أهمية صلة الرحم وبعض اليات والحاديث‬ ‫الواردة فيها ، ثم مقالة فيها ستة مطالب يورد في المطلب الول معنى الرحم‬ ‫والقرابة لغة وعرفا وشرعا ، وفي الثاني معنى الصلة وما يتعلق بذلك ، وفي‬ ‫الثالث أحكام الصلة فقها ، وفي الرابع ضرورة صلة قاطع الرحم ، وفي الخامس‬ ‫فوائد صلة الرحم التي من أبرزها طول العمر ، وفي السادس صلة الذرية‬ ‫الصالحة ويريد بهم الئمة الطاهرين من ذرية الرسول )صلّى ا عليه وعليهم( .‬ ‫ان هذه الرسالة مع اختصارها تستوعب موضوع ) صلة الرحم ( كتابا وسنة‬ ‫وفقها ، وتذكر في طياتها كثيرا من أقوال كبار الفقهاء والمفسرين ، ونرى في‬ ‫طبعها ونشرها فائدة كبرى للمسلمين وللمعنيين بالمباحث السلمية .‬ ‫أما المقدمة‬ ‫فالصلة توجب الذكر الجميل في العاجلة ورفيع الدرجات في الجلة .‬
  • 4. ‫ول ريب أنها من الفروض العينية ، حتى قيل ان تركها من الكبائر الموبقة .‬ ‫والذي يظهر لي أن السر في ذلك ان الجتماع مطلوب للشارع في بقاء نظام‬ ‫النوع الذي انما يتحصل ببقاء أشخاصه ، والقرابة موجبة للمودة واللفة ، ولذلك لم‬ ‫يشرع النكاح الجانب تحصيل لللفة المطلوبة للشارع ... صلة الرحم سببان‬ ‫يوجبانها ، فكان توكها من الذنب العظيم ، وقد ... الشارع على الترغيب فيها‬ ‫والوعيد على تركها .‬ ‫وفي عدة مواضع قد حض ا سبحانه في كتابه العزيز عليها ، مثل قوله تعالى :‬ ‫) ووصينا النسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فل‬ ‫تطعهما ( .‬ ‫) وبالوالدين احسانا وذي القربى ( .‬ ‫) ان ا يأمر بالعدل والحسان وايتاء ذي القربى ( .‬ ‫) قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والقربين ( .‬ ‫) ال ترك خيرا الوصية للوالدين والقربين ( .‬ ‫) وآتى المال على حبه ذوي القربى ( .‬ ‫) ول يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ( .‬ ‫) وأولو الرحام بعضهم اولى ببعض ( .‬ ‫ومن ذلك المر بالشكر للوالدين في قوله جل ثناؤه ) أن اشكر لي ولوالديك ( .‬ ‫وقد أمر عزوجل نبيه )صلّى ا عليه وآله( بقوله ) وأنذر عشيرتك القربين ( .‬ ‫) وأمر أهلك بالصلة ( .‬ ‫وفي أمره بأمرهم بذلك على الخصوص نظرا الى أن الهل أحق بالشفقة ايماء‬ ‫الى المطلوب .‬ ‫والسر في البدأة في بعض هذه اليات بذكر الوالدين : أن حق ذوي القربى‬ ‫كالتابع لحقهما ، لتفرع اتصالهم عليهما . ضرورة ان النسان انما يتصل به اقرباؤه‬ ‫بواسطة اتصالهما .‬
  • 5. ‫وكذا السر في تقديم ذكرهم : انهم أولى بالشفقة ، فان القرابة مظنة التحاد‬ ‫واللفة والرعاية والنصرة ، فلو لم يحصل شيء من ذلك لكان أشق على القلب‬ ‫وأبلغ في اليلم . والضرر كلما كان أقوى كان دفعه أوجب ، فلهذا وجبت رعاية‬ ‫حقوق أولي الرحام .‬ ‫وأما الخبار الناطقة بذلك :‬ ‫فمنها ما رواه الثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن‬ ‫جميل بن دراج قال : سألت ابا عبد ا )عليه السلم( عن قول ا عزوجل‬ ‫) واتقوا ا الذي تسائلون به والرحام ان ا كان عليكم رقيبا ( )1( . قال : فقال‬ ‫هي ارحام الناس ، ان ا عزوجل أمر بصلتها وعظمها ، أل ترى انه جعلها منه .‬ ‫قلت : اراد )عليه السلم( بالمر بصلتها المر على سبيل الوجوب ، ويلزم منه أن‬ ‫يكون المعنى اتقوا الرحام أن تقطعوها ، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد‬ ‫والضحاك ، وهو المروي عن ابي جعفر )عليه السلم( . فعلى هذا يكون "‬ ‫الرحام " منصوبا عطفا على اسم ا .‬ ‫وآخر الية يجري مجرى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب فان الرقيب هو‬ ‫المراقب الذي يحفظ جميع الفعال ، ومن هذه صفته يجب أن يخاف ويرجى .‬ ‫وروى أيضا الثقة المذكور باسناده عن ابن أبي عمير عن أبي عبد ا )عليه‬ ‫السلم( قال : ) الذين يصلون ما أمر ا به أن يوصل ( )2( نزلت في رحم آل‬ ‫محمّد عليه و)عليهم السلم( ، وقد تكون في قرابتك . ثم قال : ول تكونن ممن‬ ‫يقول للشيء انه في شيء واحد .‬ ‫قلت : لعله )عليه السلم( يشير بذلك الى أنه ل عبرة بخصوص سبب النزول ، وانما‬ ‫العبرة بعموم اللفظ ، وحينئذ ل يبعد الستدلل بذلك على الترغيب في صلة مطلق‬ ‫القرابة حتى النائية بسبب اليمان .‬ ‫وروى أيضا باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد ا )عليه السلم( مثله .‬ ‫وباسناده عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا )عليه السلم( مثله أيضا .‬
  • 6. ‫وباسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر )عليه السلم( قال : قال‬ ‫ابوذر رحمه ا : سمعت رسول ا )صلّى ا عليه وآله( يقول : حافتا الصراط )‬ ‫1( يوم القيامة الرحم والمانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للمانة نفذ الى‬ ‫الجنة ، واذا مر الخائن للمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكبونه في‬ ‫النار )2( وباسناده عن يونس بن عمار قال : قال ابوعبد ا )عليه السلم( : أول‬ ‫ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم ، تقول : يا رب من وصلني في الدنيا فصل‬ ‫اليوم ما بينك وبينه ، ومن قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه .‬ ‫وروى ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان باسناده عن النبي‬ ‫)صلّى ا عليه وآله( قال : قال ا تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت‬ ‫لها اسما من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .‬ ‫قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .‬ ‫قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .‬ ‫وباسناده عن الصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين )عليه السلم( قال : ان احدكم‬ ‫ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ،‬ ‫فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من‬ ‫وصلني واقطع من قطعني .‬ ‫قلت : ل ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما‬ ‫السلم قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول ا )صلّى ا عليه وآله(‬ ‫قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .‬ ‫وذلك لن استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم‬ ‫واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .‬ ‫وروى الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب عن السكوني ،‬ ‫ورواه ايضا الصدوق في من ل يحضره الفقيه باسناده قال : قال رسول ا‬
  • 7. ‫)صلّى ا عليه وآله( : الصدقة بعشرة ، والقرض بثمانية عشر ، وصلة الخوان‬ ‫بعشرين ، وصلة الرحم بأربعة وعشرين .‬ ‫وباسناده عن عبد ا بن عجلن قال : قال لبي جعفر )عليه السلم( : اني ربما‬ ‫قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم ؟ قال : اعطهم على الهجر‬ ‫في الدين والفقه والعلم .‬ ‫ول خلف وفي جواز الوصية للرحم ، لما فيه من الجمع بين الصدقة والصلة ، بل‬ ‫قد ورد النص بجواز الوصية له وان كان كافرا وهو الذي نقله الطبرسي في مجمع‬ ‫البيان عن كثير من العلماء .‬ ‫ونقل عن اصحابنا أنها جائزة للوالدين والولد ، وحجتهم في جوازها للوالدين ما‬ ‫تقدم من اليات الدال بعضها على ذلك بالنص الصريح ، ولهذا يجب أن يخص بها‬ ‫مجموع ما سيأتي من الدلة الدالة على المنع من صلة كل عدو لله سبحانه بسبب‬ ‫استثناء هذا الفرد منه .‬ ‫وقد أجمعوا على استحباب اختصاص الرحم بالصدقة الواجبة مع وجود الصفات‬ ‫المقتضية للستحقاق ، لقوله )عليه السلم( : ل صدقة وذو رحم محتاج .‬ ‫ولن العتناء به في نظر الشارع أتم من غيره ، ولهذا ورثه وكتب له الوصية عند‬ ‫حضور الموت بتوفير نصيبه في قوله ) كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت ان ترك‬ ‫خيرا الوصية للوالدين والقربين ( )1( ، لما فيها من زيادة الصلة .‬ ‫وامر الولد الكبر بوجوب التحمل عن أبيه ما فاته من صلة وصيام تمكن منه ومات‬ ‫قبل أدائه ، واستحباب الحج عنه مع المكنة .‬ ‫ونهى عن الرجوع فيما وهبه لقريبه ولو بدون التصرف والتعويض ، فكان الدفع‬ ‫اليه أولى ، وهو المروي عن الكاظم )عليه السلم( .‬ ‫وكذا صدقة التطوع مستحب له ، لقوله تعالى ) يتيما ذا مقربة ( )2( .‬ ‫وقال )عليه السلم( : الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي الرحم صدقة‬ ‫وصلة .‬ ‫واما المقالة ففيها مطالب :‬
  • 8. ‫المطلب الول‬ ‫) في بيان معنى الرحم (‬ ‫" الرحم " لغة القرابة المطلقة ، وكذا عرفا )1( . وأورد ابو القاسم الراغب في‬ ‫مفرداته ان استعارته من رحم النثى ، لكونهم خارجين من رحم واحدة ، وأصله‬ ‫الرحمة ، وذلك لنها مما يتراحم به ويتعاطف ، يقولون " وصلتك رحم " .‬ ‫ومن أجل ما ذكرناه من اللغة والعرف ذهب علماؤنا الى تسمية القرابة المطلقة‬ ‫رحما ، سواء الذكر والثنى والوارث وغير الوارث والمحرم وغير المحرم والمسلم‬ ‫والكافر ، من قبل الب والم أو من قبل أحدهما ، لن السم يتناول الجميع على‬ ‫السواء ولم يعهد في الشرع معنى آخر وضع هذا اللفظ له ، فوجب صرفه الى‬ ‫المتعارف ، كما هو المعهود من عادة الشرع .‬ ‫ويؤيده ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره عن علي )عليه السلم( قال : قوله‬ ‫تعالى ) فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا ارحامكم ( )1(‬ ‫نزلت في بني امية بقتلهم الحسين )عليه السلم( .‬ ‫وذلك لنهم لصاق بعبد مناف ، بسبب أن اخاه ربى عبدا له روميا اسمه " امية " )‬ ‫2( ، والى ذلك اشار أمير المؤمنين )عليه السلم( لما كتب اليه معاوية " انما نحن‬ ‫وانتم بنو عبد مناف " : ليس المهاجر كالطليق ول الصريح كاللصيق وبعض العامة‬ ‫قصر ذلك على المحارم الذين يحرم التناكح بينهم ان كانوا ذكورا و اناثا ، وان كانوا‬ ‫من قبيل يقدر احدهما ذكرا والخر أنثى ، فان حرم التناكح بينهم فهم الرحم .‬ ‫محتجا بأن تحريم الختين انما كان لما يتضمن من قطيعة الرحم ، وكذا تحريم‬ ‫اصالة الجمع بين العمة والخالة وابنة الخ و الخت مع عدم الرضا عندنا ومطلقا‬ ‫عندهم .‬ ‫ويرده ما تقدم .‬ ‫نعم يشترط أن ل يبعد الشخص جدا بحيث ل يعد في العرف انه من القرابة ، وال‬ ‫لكان جميع الناس أقرباء ، لشتراكهم في آدم )عليه السلم( .‬
  • 9. ‫وللمفيد قول بارتقاء القرابة الى آخر أب وأم في السلم ، وهو قول الشيخ في‬ ‫النهاية ، ونقحه العلمة في القواعد بأن المراد بهمن يتقرب اليه ولو بأبعد جد أو‬ ‫جدة ، بشرط كونهما مسلمين ، فالجد البعيد ومن كان من فروعه وان بعدت‬ ‫مرتبته بالنسبة اليه معدود قرابة اذا كان مسلما .‬ ‫ويضعف بأنه قد ل يساعد العرف عليه ، فان من عرض تقربه الى جد بعيد جدا‬ ‫ليعد قرابة عرفا وان كان الجد مسلما ، للعلة المتقدمة . وما قلناه أول ً مختار‬ ‫المبسوط والخلف ، واليه ذهب ابن البراج وابن ادريس واكثر المتأخرين ، وقد مر‬ ‫وجهه .‬ ‫ووجه الثاني قوله )عليه السلم( " قطع السلم ارحام الجاهلية " وقوله تعالى‬ ‫لنوح عن ابنه ) انه ليس من أهلك (‬ ‫ورده ابو القاسم جعفر بن سعيد في الشرايع بأنه غير مستند الى شاهد .‬ ‫وتوجيهه : انتفاء النص الصريح فيه ، اذ لم يرد فيه ال هذه الرواية ، وهي مع‬ ‫تسليم سندها غير دالة على المراد ، لن قطع الرحم للجاهلية ل يدل على قطع‬ ‫القرابة مطلقا مع أصناف الكفار وكذا قطع الهلية عن نوح .‬ ‫قال ابن الجنيد : القريب من تقرب من جهة الب أو الوالدين .‬ ‫قال : ول اختار أن يتجاوز بالتفرقة ولد الب الرابع ، لن النبي صلى ا عليه وآله‬ ‫لم يتجاوز ذلك في تفرقة سهم ذوي القربى من الخمس ، ول دللة على أن ذوي‬ ‫القربى حقيقة في مستحق الخمس ، وانما ذلك أمر أراده ا تعالى وفسره النبي‬ ‫)صلّى ا عليه وآله( ، بدليل ما روى أنه لما نزل ) قل ل أسئلكم عليه أجرا ال‬ ‫المودة في القربى ( )2( قيل : يا رسول ا من قرابتك هؤلء الذين وجبت‬ ‫علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما . ذكره الزمخشري في الكشاف‬ ‫وغيره ، واخبارنا ناطقة بأن باقي الئمة المعصومين من قرباه الذين وجبت علينا‬ ‫مودتهم .‬
  • 10. ‫هذا معنى آخر للقرابة بالنسبة اليه )عليه السلم( سوى الول ، وهو قاض بأن‬ ‫للنبي )صلّى ا عليه وآله( في القرابة معنى خاصا به ، للقطع بأن القرابة في‬ ‫حق غيره )عليه السلم( ل يقتصر فيها على احدى بناته وأولدها وبعلها الذي من‬ ‫شجرته . فالمرجع حيئذ الى العرف .‬ ‫وعن أبي حنيفة وابي يوسف عدم اطلق اسم القريب على الجد وولد الولد‬ ‫والوالدين والولد حي ، لن عندهم من سمى والده قريبا كان عاقا ، لن القريب‬ ‫من يتقرب الى غيره بواسطة الغير ، وتقرب الوالد والولد بنفسهما ل بغيرهما ،‬ ‫لقوله تعالى " والقربين " عطفه على الوالدين . ول حجة فيه .‬ ‫وقال فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير: لو أوصى لقرابته دخل قرابة الم في‬ ‫وصية العجم ول تدخل في وصية العرب على الظهر ، لنهم ل يعدون ذلك قرابة ،‬ ‫بخلف ما لو أوصى لرحامه فانه يدخل قرابة الب والم . والحق عدم الفرق .‬ ‫المطلب الثاني‬ ‫) في بيان معنى الصلة وما يتعلق بذلك (‬ ‫قال الجوهري : الوصل ضد الهجران ، والتواصل ضد التصارم .‬ ‫فالقطيعة تحصل بالهجران وعدم الحسان وماشاكلهما من وجوه الصلة ، وتحصل‬ ‫ايضا بنفي النسب الثابت شرعا .‬ ‫والمرجع في الصلة الى العرف ، اذ لحقيقة لها شرعية ول لغوية . وهو يختلف‬ ‫باختلف العادات وبعد المنازل وقربها ، فربما تحققت الصلة في عرف قوم بأمر‬ ‫في حالة ول تتحقق في عرف آخرين في تلك الحالة .‬ ‫وربما كان بعد المنازل سببا لسقوط المر ببعض أنواعها ، كالزيارة فان البعد‬ ‫سبب في سقوط المر بها مع العسر .‬ ‫وقد روى الثقة الكليني عن جابر عن أبي جعفر )عليه السلم( قال : قال رسول‬ ‫ا )صلّى ا عليه وآله( : أوصى الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في‬
  • 11. ‫أصلب الرجال وأرحام النساء أن يصل الرحم وان كانت منه على مسيرة سنة ،‬ ‫فان ذلك من الدين .‬ ‫واعلم أن صلة من يطلب وصله من الرحام والقرابات ـ ويدخل فيه قرابة الرسول‬ ‫)صلّى ا عليه وآله( وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب اليمان ـ تتأدى بالحسان اليهم‬ ‫بحسب الطاقة والذب عنهم ونصرتهم والنصيحة لهم ودعوة المخالفين منهم الى‬ ‫اليمان وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وحسن الخلق معهم وايصال حقهم‬ ‫اليهم وحفظ أموالهم عليهم وعيادة مرضاهم وحضور جنائزهم ومراعاة حقوق‬ ‫الرفقاء منهم في السفر والمجاورين والخدم منهم ونحو ذلك .‬ ‫ول ريب انه مع فقر بعض الرحام ـ وهم العمودان أعني الباء وان علوا والولد‬ ‫وان نزلوا ـ تجب الصلة بالمال ، وتستحب لباقي القارب ، وتتأكد في الوارث .‬ ‫للعلم بأنه اذا كانت القرابة قريبة كان المر بالصلة آكد وأقوى ، والموصول به هو‬ ‫قدر النفقة .‬ ‫ولو كان له قريبان مضطران الى النفاق وليس هناك ما يفضل عن أحدهما قدم‬ ‫واجب النفقة ، فان وجبت نفقتهما قدم القرب فالقرب ، فان تساويا فالقسمة‬ ‫على القرب .‬ ‫ولو كان عنده ما لو أطعمه أحدهما لعاش يوما ولو قسمه بينهما لعاش كل منهما‬ ‫نصف يوم ، فالظاهر القسمة ، لعموم قوله تعالى ) ان ا يأمر بالعدل والحسان‬ ‫( )1( ، ولرجاء ما يتمم به حياة كل منهما .‬ ‫وهل القسمة على الرؤوس أو على سد الخلقة ؟ احتمالن ، ويرجح الثاني أنه‬ ‫داخل في العدل ، اذ يجب عليه مع القدرة اشباعهما مع اختلف قدر أكلهما ،‬ ‫فليكن كذلك مع العجز .‬ ‫ول تجب عليه هذه الصلة مع غنى القريب وان كان أحد العمودين . نعم تستحب‬ ‫الهدية اليه بنفسه أو رسوله .‬
  • 12. ‫قال الشهيد في قواعده : وأعظم الصلة ما كان بالنفس ، وفيه أخبار كثيرة ، ثم‬ ‫بدفع الضرر عنها ، ثم بجلب النفع اليها ، ثم بصلة من تحب وان لم يكن رحما‬ ‫للواصل كزوجة الب والخ وموله ، وأدناها السلم بنفسه أو رسوله ، والدعاء‬ ‫بظهر الغيب والثناء في المحضر .‬ ‫قلت : الذي يدل على أن أدناها مثل ذلك قوله )عليه السلم( " صلوا أرحامكم ولو‬ ‫بالسلم " ، ولو أداه بنفسه كان أفضل ، ولو انضم الى ذلك الصلة بالمال لمن‬ ‫لتجب عليه نفقته كان أكمل . نعم لو كان على غير التقوى فينبغي أن يكون‬ ‫الدعاء له بخلوصه من الثم أولى من زيارته وامداده بالمال .‬ ‫وفي الدعاء بظهر الغيب أجر عظيم ، فقد روى عن النبي صلّى ا عليه و آله :‬ ‫من دعا لخيه بظهر الغيب ناداه ملك من السماء : ولك مثله .‬ ‫المطلب الثالث‬ ‫) في بيان احكام الصلة (‬ ‫الصلة تنقسم بانقسام الحكام القتضائية : فالواجب ما يخرج به عن القطيعة‬ ‫المحرمة ، والمستحب ما زاد على ذلك ، والحرام قطيعة القرابة او صلة الكافر ،‬ ‫ومنه مخالف الحق الشريف وان لم يكن ناصبا ، فان من هذا شأنه يجب البراءة‬ ‫منه وإن كان أقرب الناس وألصقهم نسبا ، لقوله تعالى ) ل تجد قوما يؤمنون بالله‬ ‫واليوم الخر يوادون من حاد ا ورسوله ولو كانوا آباءهم او أبناءهم أو اخوانهم‬ ‫أو عشيرتهم ( )1( .‬ ‫قال الزمخشري في الكشاف : معناه ان من الممتنع المحال أن تجد قوما مؤمنين‬ ‫يوادون المخالفين لله ، والغرض انه ل ينبغي أن يكون ذلك ، وحقه ان يمتنع ول‬ ‫يوجد بحال ، مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملبسته والتصلب في مجانبة أعداء‬ ‫ا ومباعدتهم . وانما حرمت صلته لنها تقتضي خلف ما أمر ا به من ذلك .‬ ‫وبمدلول هذه الية جملة من النصوص ، وقد أشرنا فيما تقدم الى استثناء‬ ‫الوالدين للية المتقدمة .‬
  • 13. ‫والمكروه صلة المستضعف ، وهو من ل يعرف الحق ول يعاند فيه ول يوالي أحدا‬ ‫بعينه ، فانه ليس بمؤمن ، والمأمور بصلته انما هو المؤمن .‬ ‫ولما كانت الصلة عبادة امتنع انقسامها الى المباح ، لخلوه من الرجحان المعتبر‬ ‫في العبادة .‬ ‫المطلب الرابع‬ ‫) في بيان صلة القاطع (‬ ‫القاطع ل ينقطع حقه من الصلة اجماعا ، اذ بترك عبادة من مكلف لتسقط تلك‬ ‫العبادة من مكلف آخر ضرورة ، وقد ورد في ذلك من النصوص ما ل يحصى كثرة‬ ‫:‬ ‫فمنها ما رواه الثقة الكليني باسناده عن علي بن النعمان قال اسحاق بن عمار :‬ ‫بلغني عن ابي عبد ا )عليه السلم( أن رجل ً أتى النبي )صلّى ا عليه وآله(‬ ‫فقال : يا رسول ا أهل بيتي أبوا ال تقريبا ) كذا ( على )1( وقطيعة لي وشتيمة‬ ‫فأرفضهم ؟ قال : فاذا يرفضكم ا جيمعا . قال : فكيف أصنع ؟ قال : تصل من‬ ‫قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ضلمك ، فانك اذا فعلت ذلك كان لك‬ ‫من ا عليهم ظهيرا .‬ ‫وباسناده عن عبد ا بن سنان عن أبي عبد ا )عليه السلم( مثله .‬ ‫وباسناده عن السكوني عنه )عليه السلم( قال : قال رسول ا )صلّى ا عليه‬ ‫وآله( : ل تقطع رحمك وان قطعك .‬ ‫وروى الشيخ في التهذيب باسناده عن السكوني عنه )عليه السلم( قال : سئل‬ ‫رسول ا )صلّى ا عليه وآله( : أي الصدقة أفضل ؟ قال : على ذي الرحم‬ ‫الكاشح .‬ ‫قال الجوهري : الكاشح الذي يضمر لك العداوة ، يقال كشح له بالعداوة وكاشحه‬ ‫بمعنى .‬
  • 14. ‫وباسناده عن محمد بن ابي عمير عن عبد الحميد عن سلمى مولة ولد ابي عبد‬ ‫ا )عليه السلم( قال : كنت عند ابي عبد ا )عليه السلم( حين حضرته الوفاة ،‬ ‫فأغمي عليه فلما أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن الحسين بن علي ـ وهو‬ ‫الفطس ـ سبعين دينارا .‬ ‫قلت له : أفتعطي رجل ً حمل عليك بالشفرة ؟ فقال : ويحك أما تقرأ القرآن ؟‬ ‫قلت : بلى . قال : أما سمعت قوله تعالى ) والذين يصلون ما أمر ا به أن يوصل‬ ‫ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ( .‬ ‫ول يضر ضعف بعض أسانيدها ، لعتضادها بما هو أصح اسنادا وانجبارها بعمل‬ ‫الصحاب .‬ ‫وكل حديث اشتمل على مقابلة المسيء بالحسان والمحسن بالمتنان فهو نص‬ ‫في الباب ، وكذا الية الواردة بالعراض عن الجاهلين ، بناءا على ما أورده القوم‬ ‫ـ منهم المقداد بن عبد ا السيوري ـ من أنها لما نزلت سأل رسول ا )صلّى ا‬ ‫عليه وآله( جبرئيل عن معناها ، فقال : ل أدري حتى أسأل ربك . ثم رجع فقال :‬ ‫يا محمد ان ربك أمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ضلمك‬ ‫.‬ ‫المطلب الخامس‬ ‫) في بيان أن الصلة تعطيل العمر (‬ ‫قد تظافرت الخبار بذلك ، ورواه الثقة الكليني باسناده عن محمد بن عبد ا‬ ‫قال : قال ابو الحسن الرضا )عليه السلم( : يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد‬ ‫بقي من عمره ثلث سنين فيصيرها ا ثلثين سنة ، ويفعل ا ما يشاء .‬ ‫وباسناده عن اسحاق بن عمار قال : قال ابو عبد ا )عليه السلم( ما نعلم شيئا‬ ‫يزيد في العمر ال صلة الرحم ، حتى أن الرجل يكون عمره ثلث سنين فيكون‬ ‫وصول للرحم فيزيد ا في عمره ثلثين سنة فيجعلها ثلثا وثلثين سنة ، ويكون‬
  • 15. ‫اجله ثلثا وثلثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه ا عزوجل ويجعل أجله الى‬ ‫ثلث سنين .‬ ‫وباسناده عن الحسن بن علي الوشاء عن ابي الحسن الرضا )عليه السلم( مثله .‬ ‫قلت : ل يضر تفاوت الزيادة في هذا الحديث والذي تقدمه على الول ، لن الزيادة‬ ‫غير المنافية مقبولة ، وفي قوله )عليه السلم( " ما نعلم شيئا " الخ ، مزيد ترغيب‬ ‫في الصلة وتأكيد لكونها سببا لها .‬ ‫وباسناده عن ابي حمزة قال : قال ابو جعفر )عليه السلم( : صلة الرحام تزكي‬ ‫العمال ، وتنمي الموال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ] وتنسيء [ )1( في‬ ‫الجل .‬ ‫وباسناده عن عبد الحميد عن الحكم الحناط قال : قال ابو عبد ا )عليه‬ ‫السلم( : صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في العمار .‬ ‫باسناده عن عبد ا بن سنان عن ابي عبد ا )عليه السلم( قال : ان القوم‬ ‫ليكونوا فجرة ويكونون بررة ، فتنموا أموالهم وتطول أعمارهم ، فكيف أذا كانوا‬ ‫أبرارا بررة )1( .‬ ‫وربما استشكل ذلك باعتبار أن المقدر في الزل والمكتوب في اللوح المحفوظ ل‬ ‫يتغير بالزيادة والنقصان ، لستحالة خلف معلوم ا تعالى .‬ ‫وأجيب بأن المراد به الترغيب أوالثناء بعد الموت ، ومثله " ماتوا فعاشوا بحسن‬ ‫الذكر بعدهم " ، أو زيادة البركة في الجل دون الزيادة فيه .‬ ‫وهذا الشكال وارد في كل ترغيب ووعد ووعيد ورد في الكتاب المجيد والسنة‬ ‫المطهرة .‬ ‫ويندفع بما تقرر عندنا في علم الكلم من أن العلم تابع للمعلوم لمؤثر فيه ،‬ ‫فكلما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع من شرط أو سبب‬ ‫، فاذا قال الصادق " ان زيدا إذا وصل رحمه زاد ا في عمره " ففعل ذلك كان‬ ‫ذلك اخبارا بأن ا تعالى علم أن زيدا يفعل ما يزداد به عمره ، كما انه اذا أخبر‬
  • 16. ‫انه اذا قال " ل اله ال ا " دخل الجنة ففعل تبين ان ا علم انه يفعل ذلك‬ ‫ويدخل الجنة .‬ ‫ول يشكل أيضا بقوله تعالى ) فاذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون (‬ ‫)1( ، ) ولن يؤخر ا نفسا اذا جاء أجلها ( )2( .‬ ‫وذلك لن الجل يصدق على الجل الموهبي والمسببي ، فيحمل في الية على‬ ‫الموهبي .‬ ‫أويقال : الجل هو الوقت ، فأجل الموت هو الوقت الذي علم ا وقوعه فيه ،‬ ‫سواء كان بعد العمر الموهبي أو السببي . وليس المراد به العمر ، اذ هو مجرد‬ ‫الوقت . وينبه عليه بعد دللة الخبار قوله تعالى : ) وما يعمر من معمر ول ينقص‬ ‫من عمره ال في كتاب ( )3( .‬ ‫المطلب السادس‬ ‫) في بيان صلة الذرية الصالحة (‬ ‫قد مضى في الحاديث النبوية المروية عن ابن أبي عمير وابي بصير عن ابي عبد‬ ‫ا )عليه السلم( في صدر المقدمة ماهو صريح في الحظ على ذلك ، ول ريب‬ ‫أن في صلتهم من الثواب ما ل يحصى كثرة ، فان ا قد اكد الوصية فيهم ،‬ ‫خصوصا اذا كانوا أرحاما للواصل .‬ ‫وقد روى الصدوق في من ل يحضره الفقيه عن أبي عبد ا )عليه السلم( أنه‬ ‫قال : قوله تعالى ) من ذا الذي يقرض ا قرضا حسنا ( )1( نزلت في صلة‬ ‫المام . وقال : درهم يوصل به المام أفضل من ألف ألف درهم في غيره . وقال‬ ‫: من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي اخوانه يكتب له ثواب صلتنا ، ومن لم‬ ‫يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا .‬ ‫وأيضا روى الثقة الكليني باسنادين أنها نزلت في صلته .‬ ‫ول يتوهم من ذلك احتياجه الى الصلة ، لما رواه الثقة الكليني عن الحسين بن‬ ‫محمد بن عامر قال : قال ابو عبد ا )عليه السلم( : من زعم أن المام محتاج‬
  • 17. ‫الى ما في أيدي الناس فهو كافر ، انما الناس محتاجون أن يقبل منهم المام ،‬ ‫قال ا عز وجل ) خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها (.‬ ‫وفي الحديث المستفيض عن النبي )صلّى ا عليه وآله( ورواه الشيخ في التهذيب‬ ‫باسناده عن عيسى بن عبد ا عن ابي عبد ا )عليه السلم( قال : قال رسول‬ ‫ا )صلّى ا عليه وآله( : من صنع الى أحد من أهل بيتي يدا كافأته يوم القيامة .‬ ‫وباسناده عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن بعض اصحابنا عن ابي عبد ا )عليه‬ ‫السلم( قال : قال رسول ا )صلّى ا عليه وآله( : اني شافع يوم القيامة لربعة‬ ‫اصناف ولو جاؤا بذنوب أهل الدنيا : رجل بصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريتي‬ ‫عند المضيق ، ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذريتي‬ ‫اذا طردوا أو شردوا .‬ ‫وفي من ل يحضره الفقيه عن الصادق )عليه السلم( : اذا كان يوم القيامة نادى‬ ‫مناد : أيها الخلئق أنصتوا فان محمدا يكلمكم . فتنصت الخلئق ، فيقوم النبي‬ ‫)صلّى ا عليه وآله( فيقول : يامعشر الخلئق من كانت له عندي يد أو منة أو‬ ‫معروف فليقم حتى أكافئه . فيقولون : بآبائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي‬ ‫معروف لنا ، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلئق . فيقول :‬ ‫بلى ، ومن آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم‬ ‫فليقم حتى أكافئه . فيقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند ا : يا‬ ‫محمد ياحبيبي قد جعلت مكافأتهم اليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت . قال :‬ ‫فيسكنهم في الوسيلة حتى ل يحجبون عن محمد وأهل بيته .‬ ‫قلت : قد تضمن ذلك كله الحض العظيم منه )صلّى ا عليه وآله( على صلة ذريته‬ ‫وأطائب عترته ، وقد وظف سهم ا سبحانه وسهمه لولى الناس به وأقربهم اليه‬ ‫نسبا ، وهو المام القائم مقامه ، مضافا الى ما له بالصالة ، وجعل النصف الخر‬ ‫لباقي قرابته ـ أعني يتامى اهل بيته ومساكينهم وأبناء سبيلهم رعاية لصلتهم .‬
  • 18. ‫وفي صحيحة ربعي بن عبد ا بن الجارود عن الصادق )عليه السلم( : ان‬ ‫رسول ا صلى ا عليه وآله كان يقسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ،‬ ‫يأخذ خمس ا عزوجل لنفسه ، ثم يقسم الربعة الخماس من ذوي القربى‬ ‫واليتامى والمساكين ، يعطي كل واحد منهم حقا .‬ ‫وهو محمول على أنه كان يأخذ دون حقه توفيرا على قرباه ، جمعا بين ذلك وبين‬ ‫الخبار الصحيحة الصريحة في قسمة الخمس ستة أسهم .‬ ‫والحق ان الصدقة المندوبة لها حكم الواجبة في التحريم عليه وعلى أهل بيته‬ ‫الذين هم الئمة المعصومين عليه و)عليهم السلم( ، فل يكون في عدم دفعها‬ ‫اليهم ترك لصلتهم ، وهو الذي اختاره العلمة في التذكرة ، لما فيهم من الغض‬ ‫والنقص وتسلط المتصدق وعلو مرتبته على المتصدق عليه ، ومنصب النبوة‬ ‫والمامة أرفع من ذلك وأجل وأشرف . بخلف الهدية ، فانها لتقتضي ذلك .‬ ‫أما سائر بني هاشم فصدقات بعضهم على بعض حلل ، والمفروض من صدقات‬ ‫غيرهم عليهم حرام ، ال مع اعواز الخمس ، فانها حلل لهم عندنا للضرورة . أما‬ ‫المندوبة فانها حلل لهم مطلقا .‬ ‫وكذا يحل لمواليهم مطلق الصدقات عندنا ، لنهم لم يعوضوا عنها بالخمس ،‬ ‫فانهم ل يعطون منهم ، فل يجوز أن يحرموها كسائر الناس ، وهو المروي عن‬ ‫أبي عبد ا )عليه السلم( .‬ ‫وقد روينا بالسانيد المعتبرة أن ترك زيارة الحسين )عليه السلم( جفاء لرسول‬ ‫ا )صلّى ا عليه وآله( وعقوق له .‬ ‫والخبار الواردة في زيارة الئمة )عليهم السلم( كثيرة :‬ ‫فمنها ما روينا عن أبي عبد ا )عليه السلم( قال : من زار اماما مفترض الطاعة‬ ‫كان له ثواب حجة مبرورة .‬ ‫وعن الرضا )عليه السلم( : ان لكل امام عهدا في اعناق أوليائه وشيعته ، وان من‬ ‫تمام الوفاء بالعهد وحسن الداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم‬ ‫وتصديقا بما رغبوا فيه كانت ائمتهم شفعاءهم يوم القيامة .‬
  • 19. ‫ول ريب أن زيارتهم معدودة من الصلة التي قد ندب ا سبحانه اليها وأثنى على‬ ‫ممتثلها بقوله عزوجل ) والذين يصلون ما امر ا به أن يوصل ( )1( ، وكذا وليتهم‬ ‫وعدم العراض عن الرواية عنهم وعدم انكار جواز الصلة عليهم وما أنزل ا‬ ‫فيهم والنقياد اليهم والتحامي عن ظلمهم وتسليم حقوقهم اليهم من الخلفة‬ ‫والفيء والغنيمة والرث والنحلة ونحو ذلك .‬ ‫وقد روى الشيخ في التهذيب باسناده عن أبي الصامت عن أبي عبد ا )عليه‬ ‫السلم( قال : الكبائر سبع : الشرك بالله العظيم ، وقتل النفس الذي حرم ا‬ ‫عزوجل ، وأكل أموال اليتامى ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنات ، والفرار من‬ ‫الزحف ، وانكار ما أنزل ا عزوجل . فأما الشرك بالله العظيم فقد بلغكم ما‬ ‫أنزل ا فينا وما قال رسول ا )صلّى ا عليه وآله( ، فردوه على ا ورسوله .‬ ‫وأما قتل النفس الحرام فقتل الحسين وأصحابه . وأما أكل أموال اليتامى فقد‬ ‫ظلمنا فيئنا وذهبوا . وأما عقوق الوالدين فان ا تعالى قال في كتابه ) النبي‬ ‫أولى بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه امهاتهم ( )1( ، وهو أب لهم فعقوه في‬ ‫ذريته وفي قرابته . وأما قتل المحصنات فقد قذفوا فاطمة عليها السلم على‬ ‫منابرهم . وأما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين )عليه السلم( البيعة‬ ‫طائعين غير مكرهين ثم فروا عنه وخذلوه . واما انكار ما أنزل ا فقد أنكروا‬ ‫حقه وجحدوا ماجعله ا له ، وهذا ل يتعاجم فيه أحد ، فالله يقول ) ان تجتنبوا‬ ‫كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل ً كريما ( )2( .‬ ‫وباسناده عن الحارث بن المغيرة البصري قال : دخلت على أبي جعفر )عليه‬ ‫السلم( فجلست عنده فاذا نجية قد استأذن عليه ، فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه‬ ‫ثم قال : جعلت فداك اني أريد أن اسألك عن مسألة وا ما اريد بها إل ّ فكاك‬ ‫رقبتي من النار .‬ ‫فكأنه رق له فاستوى جالسا ، فقال : يا نجية سلني فل تسألني اليوم عن شيء‬ ‫ال اخبرتك به . قال : جعلت فداك ما تقول في فلن وفلن ؟ قال : يا نجية ان لنا‬
  • 20. ‫الخمس في كتاب ا ولنا النفال ولنا صفو الموال ، وهما وا اول من ظلمنا‬ ‫حقنا في كتاب ا ، واول من حمل الناس على رقابنا ، ودماؤنا في أعناقهما الى‬ ‫يوم القيامة بظلمنا اهل البيت . فقال نجية : انا ا وانا اليه راجعون ـ ثلث مرات ـ‬ ‫هلكنا ورب الكعبة . قال : فرفع جسده عن الوسادة فاستقبل القبلة ودعا بدعاء‬ ‫لم افهم منه شيئا ال سمعناه في آخر دعائه وهو يقول : اللهم احللنا ذلك لشيعتنا .‬ ‫قال : ثم اقبل الينا بوجهه فقال : يا نجية ما على فطرة السلم غيرنا وغير‬ ‫شيعتنا . . .‬ ‫وهذا النحو في كتب أصحابنا لو تحرى المتصدي لحصره جمع منه مجلدات ولم‬ ‫يأت على آخره .‬ ‫وقد روى اصحابنا اخبارا كثيرة تبلغ التواتر في التشدد من ائمة الهدى )عليهم‬ ‫السلم( في الخمس والستبداد به ، وعدم رخصتهم فيه ال لشيعتهم لتطيب لهم به‬ ‫الولدة .‬ ‫ونقل المفيد عن بعض اصحابنا ان مستحق المام حال الغيبة من الخماس‬ ‫والنفال وغيرهما يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة به على طريق الستحباب . قال‬ ‫: ولست ادفع قرب هذا القول من الصواب .‬ ‫قلت : يؤيده ما روى عنهم )عليهم السلم( رواية مستفيضة من اباحة البعض‬ ‫لشيعتهم حال ظهورهم ، ففي حال الغيبة أولى .‬ ‫وكذا صرفه الى أنسابهم حال الغيبة على وجه التتميم ، لستغنائه )عليه السلم(‬ ‫وحاجتهم ، ولن عليه العوز عن مؤنة السنة على القل حال ظهوره ، فل يسقط‬ ‫هذا الحكم بغيبته .‬ ‫وبهذا استدل والدي قدس ا روحه على ذلك .‬ ‫فان توهم متوهم أن وجوب اتمام العوز عليه من باب الحسبة ولمانع أن يكون‬ ‫من غير الحصة . رددناه بأن أخذه مايفضل من نصيبهم عن حاجتهم سنة على‬ ‫القتضاء يقتضي أن يكون ما اعوزهم من نصيبه )عليه السلم( .‬
  • 21. ‫وممن قال بمقالة المفيد في صلة فقراء الشيعة غير الهاشميين به ابن حمزة ،‬ ‫وهذه عبارته : واذا لم يكن المام حاضرا فقد ذكر فيه اشياء ، والصحيح عندي انه‬ ‫يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقه والصلح والسداد .‬ ‫* وا الهادي الى سبيل الرشاد ، ومنه المبدأ واليه المعاد .‬ ‫وفرغ من هذا التأليف أقل العباد الفقير الى ا المتعالى حسن ابن علي بن عبد‬ ‫العالي بلغه ا ما يعامله ، بمشهد ثامن ائمة السلم علي بن موسى الرضا عليه‬ ‫افضل الصلة والسلم في شهر ربيع الخر من شهور سنة ست وسبعين‬ ‫وتسعمائة من الهجرة النبوية .‬