SlideShare une entreprise Scribd logo
1  sur  20
Télécharger pour lire hors ligne
www.knowingallah.com




                                            www.rasoulallah.net




                       ‫المصدر لجنة الحج‬

                                      ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬
‫‪www.knowingallah.com‬‬




                                     ‫كلمات في‬
‫المحبة والخوف‬
  ‫والرجاء‬

 ‫تأليف الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد‬




          ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬
‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬




                   ‫المحتويات‬
‫كلمات فى المحبة.....................................................5‬
‫تعريف المحبة وحدُّها: ........................................5‬
‫أقسام المحبة: ...................................................6‬
‫فضائل محبة اهلل: ..............................................6‬
‫صفات المحبوبين هلل: .........................................9‬
‫األسباب الجالبة لمحبة اهلل: ................................01‬

‫كلمات في الخوف ...................................................11‬
‫تعريف الخوف: .................................................11‬
‫أقوال في الخوف: .............................................11‬
‫الخوف المحمود: ...............................................11‬
‫الخوف الواجب والخوف المستحب: ........................21‬
‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب: ........................21‬
                                                         ‫َّ‬
‫أيهما يُغلب: الخوف أم الرجاء ؟ ............................31‬
‫أقسام الخوف: ..................................................31‬

‫كلمات في الرجاء....................................................51‬
‫حد الرجاء: .......................................................51‬
‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب: ........................51‬
‫أنواع الرجاء: ...................................................61‬
‫الفرق بين الرجاء والتمني: .................................61‬
‫«تساؤل» أيهما أكمل: .......................................61‬
‫الرجاء ال يصح إال مع عمل: .................................61‬
‫ضابط حسن الظن: ..........................................71‬
‫فوائد الرجاء: ...................................................71‬




                ‫‪www.knowingallah.com‬‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                       ‫كلمات فى المحبة‬
                                            ‫الحمد هلل، والصالة والسالم على رسول اهلل.‬
            ‫أما بعد: فإن المحبة ركن العبادة األعظم، فالعبادة تقوم على أركان ثالثة، هي‬
                                                             ‫المحبة، والخوف، والرجاء.‬
                     ‫وإليك هذه الكلمات المختصرة في هذا الركن األعظم، وهو المحبة.‬


                                                      ‫تعريف المحبة وحدها:‬
                                                         ‫ّ‬
                                                         ‫ُ‬
                                         ‫َ‬    ‫ٍّ‬    ‫ُ‬
         ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: «ال ُحد المحبة بحد أوضح منها؛ فالحدود ال تزيدها إال‬
                                                            ‫تَ ّ‬
                                                            ‫ُ‬
                 ‫خفاء، وجفاء، فحدها وجودها، وال توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة.‬
                                 ‫َ‬     ‫ٍ‬                           ‫ّ ُُ ُ‬   ‫ُ‬     ‫ً‬      ‫ً‬
                  ‫وإنما يتكلم الناس في أسبابها، وموجباتها، وعالماتها، وشواهدها، وثمراتها،‬
                ‫وأحكامها؛ فحدودهم، ورسومهم دارت على هذه الستة، وتنوعت بهم العبارات،‬
                               ‫ِ لِ ِ‬
              ‫وكثرت اإلشارات بحسب إدراك الشخص، ومقامه، وحاله، وم ْكه للعبارة» (1).‬
                                                ‫ومما قيل في حد المحبة وتعريفها ما يلي(2):‬
                                                               ‫	. 1الميل الدائم بالقلب الهائم.‬
                                                    ‫	. 2إيثار المحبوب على جميع المصخوب.‬
                                                         ‫ِ‬
                                                      ‫	. 3موافقة الحبيب في المشهد والمغيب.‬
                                                         ‫	. 4مواطأة القلب لمرادات المحبوب.‬
                                ‫	. 5استكثار القليل من جنايتك، واستقالل الكثير من طاعتك.‬
                                           ‫	. 6سقوط كل محبة من القلب إال محبة الحبيب.‬
               ‫	. 7ميلك للشيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك، وروحك، ومالك، ثم‬
                                   ‫موافقتك له سراً، وجهراً، ثم علمك بتقصيرك في حبه.‬
                    ‫	. 8الدخول تحت رق المحبوب وعبوديته، والحرية من استرقاق ما سواه.‬
                         ‫	. 9سفر القلب في طلب المحبوب، ولهج اللسان بذكره على الدوام.‬
                                                       ‫ُ‬                              ‫ُ‬
                                                                                                    ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                             ‫ً‬             ‫ً ل‬
                            ‫	.01المحبة أن يكون ك ُك بالمحبوب مشغوال، وذ ُك له مبذوال.‬
                                           ‫ّ‬                        ‫ُل َ‬
                                                                      ‫ّ‬

                                                                ‫انظر مدارج السالكني 3/11.‬   ‫1‬
                                                                                            ‫	‬
                                       ‫انظر مدارج السالكني 3/31_81 حيث ذكر حدا ً للمحبة.‬    ‫2‬
                                                                                            ‫	‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬    ‫5‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                                ‫أقسام المحبة:‬
           ‫	. 1محبة عبادة: وهي محبة التذلل، والتعظيم، وأن يقوم بقلب المحب من إجالل‬
                       ‫ُ ِّ‬
                               ‫المحبوب، وتعظيمه ما يقتضي امتثال أمره، واجتناب نهيه.‬
            ‫وهذه المحبة أصل اإليمان والتوحيد، وهي التي يترتب عليها من الفضائل ما ال‬
                                                                      ‫يمكن حصره وعده.‬
                                                                        ‫ُ‬
                                                                       ‫ُّ‬     ‫ُُ‬
          ‫ومن صرف تلك المحبة هلل فهو المؤمن الموحد، ومن صرفها لغير اهلل فقد وقع‬       ‫َْ‬
                                            ‫في المحبة الشركية؛ حيث أشرك باهلل عز وجل .‬
         ‫وذلك كمحبة المشركين الذين يحبون آلهتهم، وأندادهم كمحبة اهلل، من شجر،‬
             ‫أو حجر، أو بشر، أو ملك أو غيرها كمحبة اهلل أو أكثر؛ فهذه المحبة أصل‬
                                                                          ‫الشرك، وأساسه.‬
          ‫	. 22_ حبة هلل عز وجل: كمحبة ما يحبه اهلل من األمكنة، واألزمنة، واألشخاص،‬
                         ‫واألعمال، واألقوال، ونحو ذلك؛ فهذه المحبة تابعة لمحبة اهلل.‬
                                       ‫	. 3المحبة الطبيعية: ويدخل تحت هذه المحبة ما يلي:‬
              ‫أ_محبة إشفاق ورحمة: كمحبة الوالد لولده، وكمحبة المرضى، والضعفاء.‬
              ‫ب_ محبة إجالل وتعظيم دون عبادة: كمحبة الولد لوالده، وكمحبة التلميذ‬
                                                              ‫لمعلمه وشيخه، ونحو ذلك.‬
                   ‫ج_ محبة اإلنسان ما يالئمه: كمحبة الطعام، والشراب، والنكاح، واللباس،‬
                                                          ‫واألصدقاء، والخلطاء، ونحو ذلك.‬
                 ‫فهذه المحاب داخلة في المحبة الطبيعية المباحة، فإن أعانت على محبة اهلل‬
                                ‫ت َ ِّ‬
              ‫وطاعته دخلت في باب الطاعة، وإن صدت عن محبة اهلل، و ُوسل بها إلى ما ال‬
                                                      ‫تِ‬
            ‫يحبه اهلل دخلت في المنهيات، وإن لم ُعن على طاعة، وال معصية فهي في دائرة‬
                                                                                 ‫المباحات.‬


                                                          ‫فضائل محبة اهلل:‬
          ‫محبة اهلل عز وجل أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، وفضائلها ال ُعد وال تحصى،‬
                          ‫ت‬
                                                            ‫ومن تلك الفضائل ما يلي:‬
                                                                                                ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                ‫	. 1أنها أصل التوحيد وروحه: قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه اهلل:‬
                       ‫ِّ‬
                        ‫ُ‬
            ‫«أصل التوحيد، وروحه إخالص المحبة هلل وحده، وهي أصل التأله، والتعبد،‬
                                 ‫ُ‬
             ‫بل هي حقيقة العبادة، وال يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد لربه، وتسبق‬



‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫6‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                                              ‫ِّ َ ْ ِ‬
          ‫جميع المحاب، وتغلبها، ويكون لها الحكم عليها؛ بحيث تكون سائر محاب العبد‬            ‫َ‬
                              ‫تبعا لهذه المحبة التي بها سعادة العبد وفالحه رحمه اهلل ( ).‬
                                ‫3‬
                                                                                              ‫ً‬
               ‫	. 2أن الحاجة إليها أعظم من الحاجة إلى الطعام، والشراب، والنكاح: قال شيخ‬
                    ‫اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل: «ففي قلوب بني آدم محبة لما يتألهونه‬
                 ‫ويعبدونه، وذلك قوام قلوبهم، وصالح نفوسهم، كما أن فيهم محبة لما‬
                      ‫ً‬
                                 ‫يطعمونه، وينكحونه، وبذلك تصلح حياتهم، ويدوم شملهم.‬
                     ‫ُِ َْ ُ‬
         ‫وحاجتهم إلى التأله أعظم من حاجتهم إلى الغذاء؛ فإن الغذاء إذا فقد يفسد الجسم،‬
                                                                    ‫و ِفقد التأله تفسد النفس» (4).‬‫بَ ْ ِ‬
           ‫وقال ابن القيم رحمه اهلل: «فكيف بالمحبة التي هي حياة القلوب، وغذاء األرواح،‬
                                          ‫وليس للقلب لذة، وال نعيم، وال فالح، وال حياة إال بها.‬
          ‫وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، واألذن إذا فقدت‬
                                                   ‫ِ‬              ‫َ‬
                                                 ‫نْ َ‬                      ‫ّ‬             ‫ِ‬
                                          ‫سمعها، واألنف إذا فقد شمه، واللسان إذا فقد ُطقه ؟ !‬
          ‫بل فساد القلب إذا خال من محبة فاطره، وبارئه، وإلهه الحق أعظم من فساد البدن‬
                                                                                    ‫إذا خال من الروح.‬
                                             ‫ُِ ٍْ‬          ‫ة‬         ‫َْ‬            ‫ِ‬
                         ‫وهذا األمر ال يصدق به إال من فيه حيا ٌ، وما لجرح بميت إيالم›› (5).‬
                                                                                    ‫ّ‬
              ‫	. 3تسلي المحب عند المصائب: قال ابن القيم رحمه اهلل: «فإن المحب يجد من‬
                                              ‫ِ ْ ِّ‬
         ‫لذة المحبة ما ينسيه المصائب، وال يجد من مسها ما يجد غيره، حتى كأنه قد‬
                              ‫ُ‬
                                                      ‫اكتسى طبيعة ثانية ليست طبيعة الخلق.‬
                                                              ‫َ‬              ‫ً‬       ‫ً‬
                                                          ‫ُ‬
                                                          ‫ّ‬     ‫ّ‬
                                                                ‫َ‬            ‫ِ‬
                ‫بل يقوى سلطان المحبة حتى يلتذ المحب بكثير من المصائب التي يصيبه بها‬    ‫ُ‬        ‫ََْ‬
                         ‫حبيبه أعظم من التذاذ الخلي (العاري من المحبة) بحظوظه وشهواته.‬
                                                                        ‫ِّ‬
                                                    ‫والذوق، والوجد شاهد بذلك، واهلل أعلم» ( ).‬
                                                      ‫6‬
                                                                                       ‫َُْ‬      ‫ُ‬
                 ‫	. 4أنها من أعظم ما يحمل على ترك المعاصي: قال ابن القيم رحمه اهلل في‬
                  ‫معرض حديث له عن محبة اهلل: «وهي من أقوى األسباب في الصبر عن‬
            ‫ِ‬
           ‫مخالفته، ومعاصيه؛ فإن المحب لمن يحب مطيع، وكلما قوي سلطان المحبة‬
                     ‫ُ‬
                                      ‫في القلب كان اقتضاؤه للطاعة، وترك المخالفة أقوى.‬
                                      ‫ِ‬                  ‫ِْ َ ْ ِ‬
                                   ‫وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة، وسلطانها.‬
                        ‫ِِ‬                      ‫َ ُْ‬
          ‫وفرق بين من يحمله على ترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته، وبين من‬                       ‫ٌْ‬
                                                                                                              ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                                                          ‫القول السديد ص011‬           ‫	‬
                                                                                                      ‫3‬
                                                                ‫جامع الرسائل البن تيمية 2/032.‬        ‫	‬
                                                                                                      ‫4‬
                                                                    ‫اجلواب الكافي ص145_245.‬           ‫5‬
                                                                                                      ‫	‬
                                                                         ‫مدارج السالكني 3/83.‬         ‫6‬
                                                                                                      ‫	‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬      ‫7‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                            ‫يحمله على ذلك حبه لسيده «.‬
                                                                        ‫ُ‬
                                                                        ‫ّ‬
                 ‫إلى أن قال رحمه اهلل: «فالمحب الصادق عليه رقيب من محبوبه يرعى ق ْبه،‬
                   ‫َ لَ‬                   ‫ٌ‬
                                                                                  ‫وجوارحه.‬
                                                                                      ‫َ‬
                                                ‫ُ‬     ‫ِ‬          ‫ُ‬             ‫ِ‬
                                            ‫وعالمة صدق المحبة شهود هذا الرقيب ودوامه.‬   ‫ُ‬
         ‫وها هنا لطيفة يجب التنبه لها، وهي أن المحبة المجردة ال توجب هذا األثر ما لم‬
         ‫تقترن بإجالل المحبوب وتعظيمه؛ فإذا قارنها اإلجالل والتعظيم أوجبت هذا الحياء‬
         ‫َ‬
               ‫والطاعة، وإال فالمحبة الخالية عنهما إنما توجب نوع أنس، وانبساط، وتذكر،‬
                                     ‫َ ٍ‬                                              ‫َ‬
                                                                                     ‫واشتياق.‬
              ‫ولهذا يتخلف أثرها وموجبها، ويفتش العبد قلبه فيرى نوع محبة هلل، ولكن ال‬
                                                                 ‫ُ َُ‬
             ‫تحمله على ترك معاصيه، وسبب ذلك تجردها عن اإلجالل والتعظيم؛ فما عمر‬
              ‫َََ‬                                  ‫ّ‬
                                        ‫القلب شيء كالمحبة المقترنة بإجالل اهلل وتعظيمه.‬
                                              ‫ْ‬                                   ‫ٌ‬       ‫َ‬
                      ‫وتلك من أفضل مواهب اهلل للعبد، أو أفض ُها، وذلك فضل اهلل يؤتيه من‬
                                                   ‫ل‬
                                                                                    ‫يشاء»(7).‬
               ‫	. 5أنها تقطع الوساوس: قال ابن القيمرحمه اهلل: « فبين المحبة، والوساوس‬
           ‫تناقض شديد كما بين الذكر والغفلة؛ فعزيمة المحب تنفي تردد القلب بين‬
                                                  ‫المحبوب وغيره، وذلك سبب الوساوس.‬
           ‫وهيهات أن يجد المحب الصادق فراغا لوسواس الغير؛ الستغراق قلبه في حضوره‬
                                                        ‫ً‬
                                                                          ‫بين يدي محبوبه.‬
            ‫وهل الوسواس إال ألهل الغفلة واإلعراض عن اهلل تعالى ؟ ومن أين يجتمع الحب‬
            ‫ُ‬
            ‫ّ‬
                                                                            ‫والوسواس ؟ (8)‬
                             ‫()‬
                               ‫فيها يُقَ سم فِك ْرَه ويوسوس‬
                               ‫ُ‬      ‫ُ‬         ‫ِّ‬                  ‫ال كان منْ لسواك فيه‬
                                                                                ‫َ‬

                                           ‫ُ‬
          ‫	. 6تمام النعيم، وغاية السرور: فذلك ال يحصل إال بمحبة اهلل عز وجل فال يغني‬
           ‫القلب، وال يسد خلته وال يشبع جوعته إال محب ُه، واإلقبال عليه عز وجل ولو‬
                                        ‫ت‬              ‫ُ‬          ‫َ ُ ّ َّ‬
                                                                   ‫ُ َ‬         ‫َ‬
                ‫حصل له كل ما يلتذ به لم يأنس ولم يطمئن إال بمحبة اهلل_عز وجل_.‬
                                                    ‫ُ‬
             ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: « وأما محبة الرب سبحانه فشأنها غير الشأن؛ فإنه ال‬
         ‫شيء أحب إلى القلوب من خالقها، وفاطرها، فهو إلهها، ومعبودها، ووليها، وموالها،‬
                                                                                                   ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                  ‫وربها، ومدبرها، ورازقها، ومميتها، ومحييها؛ فمحبته نعيم النفوس، وحياة‬
                                                                                    ‫ُ‬
                                                                                    ‫ّ‬

                                                              ‫طريق الهجرتني ص944_054.‬      ‫	‬
                                                                                           ‫7‬
                                                                   ‫مدارج السالكني 3/83.‬    ‫8‬
                                                                                           ‫	‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬    ‫8‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                ‫األرواح، وسرور النفوس، وقوت القلوب، ونور العقول، وقرة العيون، وعمارة‬
                                                             ‫ُ‬
          ‫الباطن؛ فليس عند القلوب السليمة، واألرواح الطيبة، والعقول الزاكية أحلى، وال‬
                 ‫ألذ، وال أطيب، وال أسر، وال أنعم من محبته، واألنس به، والشوق إلى لقائه.‬
                                                           ‫ُ‬           ‫ُ‬
                                                                       ‫ّ‬       ‫ُ‬           ‫ُ‬
                                                                                           ‫ّ‬
            ‫والحالوة التي يجدها المؤمن في قلبه فوق كل حالوة، والنعيم الذي يحصل له‬
                             ‫بذلك أتم من كل نعيم، واللذة التي تناله أعلى من كل لذة» .‬
                                                                                   ‫ُ‬
                                                                                   ‫ّ‬
                                                  ‫ُ‬
              ‫إلى أن قال: « ووجدان هذه األمور، وذوقها هو بحسب قوة المحبة، وضعفها،‬
                                                                     ‫ََ ُ‬
                                                ‫وبحسب إدراك جمال المحبوب، والقرب منه.‬
                                                                         ‫ُ‬
                ‫وكلما كانت المحبة أكمل، وإدراك المحبوب أتم، والقرب منه أوفر كانت‬
                                                                 ‫َ‬
                                                             ‫الحالو ُ، واللذ ُ، والنعيم أقوى.‬
                                                                     ‫ُ‬       ‫ة‬        ‫ة‬
         ‫فمن كان باهلل سبحانه وأسمائه وصفاته أعرف، وفيه أرغب، وله أحب، وإليه أقرب‬
                ‫وجد من هذه الحالوة في قلبه ما ال يمكن التعبير عنه، وال يعرف إال بالذوق‬
                               ‫ُْ َ‬
                                                                                     ‫والوجد.‬
                                                                                        ‫َْ‬
                           ‫ً‬               ‫ُ ًّ‬
                                            ‫َ‬         ‫ِّ‬     ‫ُ ْ ُِْ‬
                       ‫ومتى ذاق القلب ذلك لم يمكنه أن يقدم عليه حبا لغيره، وال أنسا به.‬
                                    ‫ا ِ ًّ‬
                                     ‫َ‬              ‫ً‬
               ‫وكلما ازداد له حبا ازداد له عبودية، وذال، وخضوعً، ورقا له، وحرية من رق‬
                                                                           ‫ً‬
                                                                                  ‫غيره»(9).‬


                                                      ‫صفات المحبوبين هلل:‬
          ‫َ َ ْ َ َ ْ ِ ّهَ ُ ب َ ْ ٍ ُ ِ ّ ُ ْ َ ُ ِ ّ َ ُ‬
              ‫ُ‬           ‫ُ‬                                         ‫ُِ ّ َُ ّ‬
         ‫اهلل عز وجل يحب ويحب، قال اهلل تعالى: [فسوف يأتي الل ِقوم يحبهم ويحبونه]‬
                                                                          ‫ُ‬
                                                                               ‫(المائدة: 54).‬
                                                                     ‫ً‬
                               ‫وإليك فيما يلي إجماال لبعض صفات الذين خصهم اهلل بالمحبة:‬
                                                                                ‫	. 1التوابون.‬
                                                                            ‫	. 2المتطهرون.‬
                                                                                ‫	. 3المتقون.‬
                                                                             ‫	. 4المحسنون.‬
                                                                              ‫	. 5الصابرون.‬
                                                                            ‫	. 6المتوكلون.‬
                                                                             ‫	. 7المقسطون.‬
                                                                                                   ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                         ‫	. 8الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص.‬
                                                            ‫ًّ‬
                                                             ‫َ‬
                                                                   ‫	. 9األذلة على المؤمنين.‬
                                                                  ‫إغاثة اللهفان ص765.‬      ‫	‬
                                                                                           ‫9‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬    ‫9‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                               ‫	.01األعزة على الكافرين.‬
                                                          ‫	.11المجاهدون في سبيل اهلل.‬
                                                        ‫	.21الذين ال يخافون لومة الئم.‬
                                                   ‫	.31المتقربون بالنوافل بعد الفرائض.‬


                                           ‫األسباب الجالبة لمحبة اهلل:‬
                                  ‫	. 1قراءة القرآن بالتدبر، والتفهم لمعانيه، وما أريد به.‬
                                               ‫	. 2التقرب إلى اهلل بالنوافل بعد الفرائض.‬
                      ‫	. 3دوام ذكر اهلل على كل حال باللسان، والقلب، والعمل، والحال.‬
                                                                                 ‫ِ‬  ‫ُ‬
                                  ‫	. 4إيثار محاب اهلل على محاب النفس عند غلبات الهوى.‬
                                                            ‫ِّ‬               ‫ِّ‬    ‫ُ‬
                            ‫	. 5مطالعة القلب ألسماء اهلل وصفاته، ومشاهدتها، ومعرفتها.‬
                             ‫	. 6مشاهدة بره، وإحسانه، وآالئه، ونعمه الظاهرة، والباطنة.‬
                                                                               ‫ِ‬
                                                                               ‫ّ‬
                                                                     ‫ِّ‬
                                             ‫	. 7إنكسار القلب بكليته بين يدي اهلل تعالى .‬
                                                               ‫ِ‬
          ‫	. 8الخلوة باهلل وقت النزول اإللهي؛ لمناجاته، وتالوة كالمه، والوقوف بالقلب،‬
                                                                       ‫َ‬
                  ‫والتأدب بآداب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك باالستغفار والتوبة.‬
        ‫	. 9مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كالمهم كما ينتقى أطايب‬
        ‫ُ‬
                               ‫َِْ َ‬
        ‫الثمر، وأال تتكلم إال إذا ترجحت مصلحة الكالم، وعلمت أن فيه مزيداً لحالك،‬
                                                                        ‫ومنفعة لغيرك.‬
                                                                           ‫ُ ِّ‬
                          ‫	.01مباعدة كل سبب يحول بين القلب، وبين اهلل عز وجل(01).‬
                                                                      ‫ٍ‬
        ‫	.11اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى ِّك.‬
           ‫حب‬                          ‫ّ‬
                                       ‫َ‬                  ‫ّ‬
                                                          ‫َ‬
                              ‫وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.‬      ‫ِّ‬
                                                                                               ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                                       ‫انظر: مدارج السالكني 3/81_91.‬   ‫0	‬
                                                                                       ‫1‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫01‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                  ‫كلمات في الخوف(11)‬

                                    ‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل.. أما بعد:‬
                                                               ‫ِّ‬
           ‫فإن منزلة الخوف من أجل منازل العبودية، وأنفعها، وهي فرض على كل أحد.‬
                               ‫َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ ِ إ ْ ُ ْت ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
        ‫قال اهلل تعالى: [فال تخافوهم وخافوني ِن كن ُم مؤمنين](آل عمران: 175)، وقال:‬
                                                            ‫َ ِ َ ْ َ َ َ َ َ َ ِّ َ َّ ِ‬
                                             ‫[ ولمن خاف مقام ربه جنتان](الرحمن: 46).‬
                                                                ‫ِ َ‬


                                                                      ‫تعريف الخوف:‬
                                         ‫1يل: الخوف توقع العقوبة على مجاري األنفاس.‬            ‫	.‬
                                              ‫2وقيل: الخوف قوة العلم بمجاري األحكام.‬           ‫	.‬
                             ‫3وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره.‬              ‫	.‬
                                          ‫4وقيل: الخوف غم يلحق النفس؛ لتوقع مكروه.‬
                                                                     ‫ّ‬                         ‫	.‬


                                                             ‫أقوال في الخوف:‬
             ‫1قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: الخوف سراج في القلب،‬                 ‫	.‬
            ‫به يبصر ما فيه من الخير والشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إال اهلل عز‬
                            ‫وجل فإنك إذا خفته هربت إليه. فالخائف من ربه هارب إليه.‬
                                          ‫2قال أبو سليمان: ما فارق الخوف قلبا إال خرب.‬
                                                   ‫ً‬                                           ‫	.‬
          ‫3وقال إبراهيم بن سفيان: إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها،‬                ‫	.‬
                                                                    ‫وطرد الدنيا عنها.‬
           ‫4وقال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف؛ فإذا زال الخوف‬
                                           ‫َُ ْ‬                                                ‫	.‬
                                                                        ‫ض ّوا الطريق.‬
                                                                                   ‫ل‬


                                                                 ‫الخوف المحمود:‬
            ‫الخوف المحمود الصادق: هو ما حال بين صاحبه وبين محارم اهلل عز وجل فإذا‬
                                                                                                        ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                                                   ‫َِْ‬
                                               ‫تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط.‬

              ‫انظر تفصيل احلديث عن اخلوف في مدارج السالكني 1/705_315، وشرح كتاب التوحيد‬        ‫1	‬
                                                                                               ‫1‬
                                                              ‫باب»إمنا ذلكم الشيطان يخوف أولياءه».‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬    ‫11‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                                 ‫ِْ‬
                 ‫قال أبو عثمان الحيري: صدق الخوف هو الورع عن اآلثام ظاهراً، وباطنً.‬
                  ‫ا‬
                  ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم اهلل.‬


                               ‫الخوف الواجب والخوف المستحب:‬

                                                                   ‫الخوف الواجب:‬
                                          ‫هو ما حمل على فعل الواجبات، وترك المحرمات.‬

                                                              ‫والخوف المستحب:‬
                                       ‫هو ما حمل على فعل المستحبات، وترك المكروهات.‬


                                ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب:‬
                ‫ال بد للعبد من الجمع بين هذه األركان الثالثة؛ ألن عبادة اهلل بالخوف وحده‬‫ّ‬
         ‫طريقة الخوارج؛ فهم ال يجمعون إليه الحب والرجاء؛ ولهذا ال يجدون للعبادة لذة،‬
                                                   ‫ّ‬
                                                   ‫َ‬
                                        ‫وال إليها رغبة، فيجعلون الخالق بمنزلة سلطان جائر.‬
                ‫وهذا يورث اليأس والقنوط من رحمة اهلل، وغايته إساءة الظن باهلل، والكفر به‬
                                      ‫ُ‬
                                                                                   ‫سبحانه .‬
                  ‫وعبادة اهلل بالرجاء وحده طريقة المرجئة الذين وقعوا في الغرور واألماني‬
                                                 ‫ُ‬         ‫ت‬       ‫ِ‬     ‫ِ‬
                                      ‫الباطلة، وترك العمل الصالح، وغاي ُه الخروج من الملة.‬
             ‫وعبادة اهلل بالحب وحده طريقة غالة الصوفية الذين يقولون: نعبد اهلل ال خوفا‬
             ‫ً‬
                                                 ‫من ناره، وال طمعا في جنته، وإنما حبا لذاته.‬
                                                        ‫ًّ‬
                                                         ‫َ‬                 ‫ً‬
              ‫ُ‬
            ‫وهذه طريقة فاسدة، ولها آثار وخيمة، منها األمن من مكر اهلل، وغاي ُه الزندقة،‬
                          ‫ت‬
                                                                         ‫والخروج من الدين.‬
             ‫ولهذا قال السلف رحمهم اهلل كلمة مشهورة وهي: « من عبد اهلل بالحب وحده‬
                                 ‫َْ َ‬
          ‫فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري أي خارجي ومن عبده بالرجاء‬
                                            ‫ٌ‬
                       ‫ِّ‬
                  ‫وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحد ».‬
                                                                                                  ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                 ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: « القلب في سيره إلى اهلل عز وجل بمنزلة الطائر؛‬
            ‫فالمحبة رأسه، والخوف، والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر‬



‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫21‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
         ‫ِّد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل‬
                                                                             ‫جي ُ‬
                                                                ‫صائد وكاسر» .‬
                                                                           ‫ٍ‬


                                                          ‫ي ّ‬
                                                          ‫َ‬
                                      ‫أيهما ُغلب: الخوف أم الرجاء ؟‬
          ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: «السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على‬
                                      ‫ُ َ ِّ‬
          ‫جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه‬
                                                           ‫طريقة أبي سليمان وغيره.‬
                  ‫وقال: ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فسد.‬
                   ‫َََ‬
                              ‫ُ‬
             ‫وقال غيره: أكمل األحوال اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب؛ فالمحبة هي‬
                                ‫ِ‬
                   ‫المركب، والرجاء حا ٍ، والخوف سائق، واهلل الموصل بمنه وكرمه» .‬
                                ‫ّ‬                              ‫د‬            ‫ْ َ ُ‬


                                                                ‫أقسام الخوف:‬
                                                              ‫ّ َل‬
          ‫	. 1خوف السر: وهو خوف التأ ُه، والتعبد، والتقرب، وهو الذي يزجر صاحبه عن‬
                                                              ‫َّ‬
          ‫معصية من يخافه؛ خشية من أن يصيبه بما شاء من فقر، أو قتل، أو غضب، أو‬
                                                                   ‫ً‬         ‫َْ‬
                                                ‫سلب نعمة، ونحو ذلك بقدرته ومشيئته.‬
                                       ‫َ ُْ‬
           ‫فهذا القسم ال يجوز أن يصرف إال هلل عز وجل وصرفه له يعد من أجل العبادات،‬
         ‫ومن أعظم واجبات القلب، بل هو ركن من أركان العبادة، ومن خشي اهلل على هذا‬
                                                                       ‫ِّ‬
                                                                     ‫الوجه فهو مخلص موحد.‬
                                ‫ِ‬
           ‫ومن صرفه لغير اهلل فقد أشرك شركا أكبر؛ إذ جعل هلل نداً في الخوف، وذلك‬
                                                      ‫ً‬
            ‫كحال المشركين الذين يعتقدون في آلهتهم ذلك االعتقاد، ولهذا يخوفون بها‬
                     ‫ُ َ ِّ‬
           ‫أولياء الرحمن، كما قال قوم هود عليه السالم الذين ذكر اهلل عنهم أنهم خوفوا‬
                               ‫إ ْ َ ُ ُ ِ ّ ْ َ َ َ َ ْ ُ ِ َ َِ ب ُ ء‬
                    ‫هوداً بآلهتهم فقالوا: [ِن نقول إال اعتراك بعض آلهتنا ِسو ٍ](هود: 54).‬
                                                          ‫َ‬
                   ‫وكحال عباد القبور؛ فإنهم يخافون أصحاب القبور من الصالحين، بل من‬
             ‫الطواغيت كما يخافون اهلل، بل أشد؛ ولهذا إذا توجهت على أحدهم اليمين باهلل‬
                   ‫ُ‬                    ‫َّْ‬‫َ‬
           ‫أعطاك ما شئت من األيمان صادقا أو كاذبً، فإن كانت اليمين بصاحب التربة لم‬
                                                  ‫ا‬         ‫ً‬
                                                                                       ‫ُِْ‬
                                                            ‫يقدم على اليمين إن كان كاذبً.‬
                                                              ‫ا‬
                                                                                                ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                    ‫وما ذاك إال ألن المدفون في التراب أخوف عنده من اهلل.‬
              ‫وكذا إذا أصاب أحداً منهم ظلم لم يطلب كشفه إال من المدفونين في التراب،‬
                                                                ‫ٌ‬
          ‫وإذا أراد أحدهم أن يظلم أحداً فاستعاذ المظلوم باهلل لم يعذه، ولو استعاذ بصاحب‬
                                  ‫ُ‬



‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫31‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                                                 ‫ُِْْ‬
                                ‫التربة أو بتربته لم يقدم عليه بشيء، ولم يتعرض له باألذى.‬
               ‫	. 2الخوف من وعيد اهلل: الذي توعد به العصاة، وهذا الخوف من أعلى مراتب‬
                      ‫اإليمان، وهو درجات، ومقامات، وأقسام كما مضى ذكره قبل قليل .‬
                  ‫	. 3الخوف المحرم: وهو أن يترك اإلنسان ما يجب عليه من الجهاد، واألمر‬
                                ‫بالمعروف، والنهي عن المنكر بغير عذر إال لخوف الناس.‬
              ‫وكحال من يفر من الزحف؛ خوفا من لقاء العدو؛ فهذا خوف محرم، ولكنه ال‬
                                                                      ‫ً‬
                                                                                           ‫يصل إلى الشرك.‬
             ‫	. 4الخوف الطبيعي: كالخوف من سبع، أو عدو، أو هدم، أو غرق، ونحو ذلك‬
                                                     ‫ٍّ‬          ‫َُ‬
               ‫مما يخشى ضرره الظاهري؛ فهذا ال يذم ، وهو الذي ذكره اهلل عن موسى‬
                                                            ‫َُّ‬
                                                            ‫ُ‬
                                 ‫َ َ َ َ ِ َْ َ ِ ً ََ َ ّ ُ‬
               ‫عليه السالم في قوله عز وجل: [فخرج منها خائفا يترقب](القصص: 21)،‬
                                   ‫َ‬
                                                              ‫ََ ْ َ َ ِ َ ْ ِ ِ ِ َ ً ُ َ‬
                                             ‫وقوله: [فأوجس في نفسه خيفة موسى](طه: 67).‬
                  ‫ويدخل في هذا القسم الخوف الذي يسبق لقاء العدو، أو يسبق إلقاء الخطب‬
                   ‫في بداية األمر؛ فهذا خوف طبيعي، ويحمد إذا حمل صاحبه على أخذ األهبة‬
                                                        ‫ْ ِ‬
                                        ‫واالستعداد، ويذم إذا رجع به إلى االنهزام وترك اإلقدام.‬
           ‫	. 5الخوف الوهمي: كالخوف الذي ليس له سبب أص ً، أو له سبب ضعيف جداً؛‬
                                          ‫ال‬
               ‫فهذا خوف مذموم، ويدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ النبي»من‬
                                                                    ‫الجبن؛ فهو من األخالق الرذيلة.‬
          ‫ولهذا كان اإليمان التام، والتوكل الصحيح أعظم ما يدفع هذا النوع من الخوف،‬
                                                   ‫َ‬
               ‫ويمأل القلب شجاعة؛ فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من غير اهلل،‬
                                                  ‫وكلما ضعف إيمانه زاد وقوي خوفه من غير اهلل.‬
          ‫ولهذا فإن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمنا وطمأنينة؛‬
                         ‫ً‬
           ‫ِّ َ َ َ َُ ْ ّ ُ إّ ّ َ‬
           ‫لقوة إيمانهم، ولسالمة يقينهم، وكمال توكلهم [الذين قال لهم الناس ِن الناس‬
                ‫َ َ‬        ‫َ‬                    ‫َ‬
                        ‫َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ ْ إ َ ً َ َ ل َ ْ ُ َ ّهَ ُ َ ِ ْ َ ْ َ ِ ُ‬
                ‫قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ِيمانا وقا ُوا حسبنا الل ونعم الوكيل (173)‬
                                                         ‫َ ْ َ َ ُ ِ ِ ْ َ ٍ ِ ْ ّهَ ِ َ َ ْ ٍ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ٌ‬
                       ‫فانقلبوا بنعمة من الل وفضل لم يمسسهم سوء](آل عمران: ، 173 174).‬
            ‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين، وسالم على المرسلين، وصلى اهلل وسلم‬
                                                                                            ‫على نبينا محمد.‬
                                                                                                                        ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




‫‪www.knowingallah.com‬‬       ‫41‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                               ‫كلمات في الرجاء‬
                                                                                                           ‫	‬
                                             ‫الحمد هلل، والصالة والسالم على رسول اهلل، أما بعد:‬
         ‫فإن الرجاء ركن من أركان العبادة؛ فالعبادة تقوم على الحب، والخوف، والرجاء.‬
          ‫والرجاء عمل عظيم من أعمال القلوب، والنصوص الشرعية متضافرة على ذكره،‬
                                                                                        ‫والثناء في أهله.‬
                 ‫ُ ْ َ ِ َ ّ ِ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ َِ َ بِ ْ ْ َ ِ َ َ َّ ُ ْ أ ْ َ ُ‬
                ‫قال اهلل تعالى: [أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ر ِّهم الوسيلة أيهم َقرب‬
                             ‫ُ‬                                                ‫َ‬
                                                                       ‫َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َُ َ َ َ ُ َ َ َ َُ‬
                                                    ‫ويرجون رحمته ويخافون عذابه](اإلسراء: 57).‬
                     ‫ِ‬
            ‫فابتغاء الوسيلة إليه طلب القرب منه بالعبودية والمحبة؛ فذكر مقامات اإليمان‬
                                ‫ََ َ َ‬
                                                                      ‫الثالثة الحب، والخوف، والرجاء.‬
                                          ‫َ ْ َ َ َ ْ ُ ِ َ َ ّ ِ َ ِ ّ أ َ َ ّهَ ِ ٍ‬
                                                          ‫هَ َ‬
                     ‫وقال تعالى: [من كان يرجو لقاء الل فإن َجل الل آلت](العنكبوت: 5).‬
                                                ‫ّ ِ َ ّهَ ُ َ ُ ٌ َ ِ ْ ٌ‬
                                                                        ‫هَ‬   ‫َُ ِ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ‬
                                             ‫وقال: [ألئك يرجون رحمت الل والل غفور رحيم ]‬
          ‫وفي صحيح مسلم قال عليه الصالة والسالم: « ال يموتن أحدكم إال وهو يحسن‬
                                                                                           ‫الظن بربه» .‬
              ‫وفي الصحيح قال عليه الصالة والسالم: « يقول اهلل عز وجل: « أنا عند ظن‬
                                                                            ‫عبدي، فليظن بي ما شاء» .‬


                                                                                     ‫حد الرجاء:‬
            ‫1قيل: الرجاء حاد يحدو القلوب إلى بالد المحبوب، وهو اهلل والدار اآلخرة،‬
                                                                    ‫ٍ‬                                   ‫	.‬
                                                                  ‫ويط ِّب لها السير.‬
                                                                               ‫ُ َي‬
         ‫2وقيل: هو االستبشار بجود فضل الرب تبارك وتعالى واالرتياح لمطالعة كرمه‬                          ‫	.‬
                                                                           ‫سبحانه .‬
                                                  ‫3وقيل: هو الثقة بجود الرب تعالى .‬                     ‫	.‬
                                                ‫4وقيل: هو النظر إلى سعة رحمة اهلل.‬                      ‫	.‬


                                    ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب:‬
                                                                                                                  ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




               ‫البد للعبد من سيره إلى اهلل من الجمع بين األركان الثالثة؛ فالحب بمنزلة‬
                                                                                 ‫ّ‬
            ‫الرأس للطائر، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر‬



‫‪www.knowingallah.com‬‬     ‫51‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                ‫ُِ‬                             ‫ُ‬
         ‫جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل‬
                                        ‫صائد وكاسر كما قال ابن القيم رحمه اهلل.‬
                                                                           ‫ٍ‬


                                                                 ‫أنواع الرجاء:‬
             ‫أنواع الرجاء ثالثة، نوعان محمودان، ونوع غرور مذموم؛ فاألوالن: رجاء رجل‬
              ‫ٍ‬    ‫ُ‬                           ‫ٌ‬
           ‫عمل بطاعة اهلل على نور من اهلل؛ فهو راج لثوابه، ورجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها،‬
                        ‫ً‬                        ‫ٍ‬
                ‫فهو راج لمغفرة اهلل تعالى وعفوه، وإحسانه، وجوده، وحلمه، وكرمه، فهذان‬
                                                                                 ‫ٍ‬
                                                                      ‫النوعان محمودان.‬
          ‫والثالث: رجاء رجل متماد في التفريط، والخطايا يرجو رحمة اهلل بال عمل؛ فهذا‬
                                                                ‫ٍ‬
                                                    ‫هو الغرور، والتمني، والرجاء الكاذب.‬


                                          ‫الفرق بين الرجاء والتمني:‬
                   ‫الفرق بينهما أن التمني يكون مع الكسل، وال يسلك صاحبه طريق الجد،‬
                                                                         ‫واالجتهاد.‬
                                          ‫والرجاء يكون مع بذل الجهد، وحسن التوكل.‬
                        ‫فاألول: كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها، ويأخذ زرعها.‬
                  ‫والثاني: كحال من يشق أرضه، ويفلحها، ويبذرها، ويرجو طلوع الزرع.‬
                                                  ‫َ‬


                                               ‫«تساؤل» أيهما أكمل:‬
               ‫رجاء المحسن ثواب إحسانه، أو رجاء المسيء التائب مغفرة ر ِّه، وعفوه ؟.‬
                          ‫َ ب‬                                       ‫َ‬   ‫ِ‬       ‫ُ‬
           ‫والجواب: أن هذه المسألة وقع فيها خالف؛ فطائفة رجحت رجاء المحسن؛ لقوة‬
                                    ‫ّ‬
                                    ‫َ‬
         ‫أسباب الرجاء معه، وطائفة رجحت رجاء المذنب التائب؛ ألن رجاءه مجرد عن علة‬
                 ‫ُ َ ٌّ‬
                  ‫َ‬                                      ‫ّ‬
                                        ‫رؤية العمل، مقرون باالنكسار، وذلة رؤية الذنب.‬


                                           ‫الرجاء ال يصح إال مع عمل:‬
                                                                                             ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




                                 ‫فقد أجمع العلماء على أن الرجاء ال يصح إال مع العمل.‬
           ‫أما ترك العمل، والتمادي في الذنوب؛ اعتماداً على رحمة اهلل، وحسن الظن به عز‬
                                                       ‫وجل فليس من الرجاء في شيء.‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫61‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
              ‫بل هو جهل، وسفه، وغرور؛ فرحمة اهلل قريب من المحسنين ال من المفرطين،‬
                                                                         ‫ُ ِ ِّ‬
                                                                      ‫المعاندين، المصرين.‬
                                ‫ً‬
                ‫قال ابن القيم رحمه اهلل في شأن المتمادين في الذنوب؛ اتكاال على رحمة اهلل:‬
         ‫«وهذا الضرب في الناس قد تعلق بنصوص الرجاء، واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه،‬
                                       ‫ّ‬
                                       ‫َ‬
           ‫وإذا عوتب على الخطايا، واالنهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة اهلل،‬
                                                               ‫ومغفرته، ونصوص الرجاء.‬
                      ‫وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب» (21).‬
                                                 ‫ثم ساق»أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك.‬


                                                          ‫ضابط حسن الظن:‬
           ‫قال ابن القيم رحمه اهلل : «فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما‬
                                             ‫على انعقاد أسباب الهالك فال يتأتى إحسان الظن.‬
                                                              ‫ّ‬
                                                              ‫َ‬
                             ‫ِ‬
              ‫فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة اهلل، ورحمته،‬
                                   ‫َ‬     ‫ِّ‬      ‫ِ‬        ‫ُ‬
         ‫وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه ال تنفعه العقوبة، وال يضره العفو.‬
                                                         ‫َ‬           ‫ََ‬      ‫ّ‬
                                                                             ‫َ‬
                                                            ‫ُ‬
           ‫قيل: األمر هكذا، واهلل فوق ذلك أجل، وأكرم، وأجود، وأرحم، وإنما يضع ذلك‬
                                                            ‫ّ‬
                ‫في محله الالئق به؛ فإنه سبحانه موصوف بالحكمة، والعزة، واالنتقام، وشدة‬
                                           ‫ِ‬       ‫َُّ ُ‬
             ‫البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان معول حسن الظن على صفاته، وأسمائه‬
                                                     ‫َ‬
                 ‫الشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه؛ فما ينفع‬
                             ‫ُ‬
                             ‫ّ‬                                           ‫ُ‬
                                                                         ‫ّ‬
              ‫المجرم أسماؤه، وصفاته، وقد باء بسخطه، وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في‬
                            ‫ْ‬                                                           ‫َ‬
                                                                 ‫محارمه، وانتهك حرماته ؟ !‬
            ‫بل حسن الظن ينفع من تاب، وندم، وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية‬
                                               ‫ّ‬
                                               ‫َ‬                        ‫َْ‬
          ‫عمره بالخير والطاعة، ثم حسن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، واألول غرور،‬
                                                                ‫ّ‬
                                                                ‫َ‬
                                                                           ‫واهلل المستعان» (31).‬


                                                                       ‫فوائد الرجاء:‬
           ‫وبعد أن تبين لنا حد الرجاء، وضوابطه فهذه نبذه عن فوائده، وفضائله؛ فالرجاء‬
                                                   ‫ُ‬             ‫ُ‬
                                                                 ‫ّ‬
                                                                                                      ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




         ‫إذا كان في محله، وعلى وجهه الصحيح يثمر ثمرات عظيمة؛ فمن فضائل الرجاء،‬
                              ‫ً‬      ‫ٍ‬

                                                        ‫اجلواب الكافي البن القيم ص76_86.‬     ‫21‬
                                                                                             ‫	‬
                                                              ‫( ) اجلواب الكافي ص67_77.‬      ‫3	‬
                                                                                             ‫1‬


‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫71‬
‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬
                                                                               ‫وثمراته ما يلي:‬
          ‫	. 1إظهار العبودية، والفاقة، والحاجة إلى ما يرجوه العبد من ربه، ويستشرفه من‬
                                 ‫إحسانه، وأنه ال يستغني عن فضله، وإحسانه طرفة عين.‬
                ‫	. 2أن الرجاء محبوب هلل؛ فاهلل عز وجل يحب من عباده أن يرجوه، ويأملوه،‬
                                                                         ‫ٌ‬
           ‫ويسألوه من فضله؛ ألنه الملك الحق الجواد؛ فهو أجود من سئل، وأوسع من‬
                                                                                     ‫أعطى.‬
                                            ‫	. 3وأحب ما إلى الجواد أن يرجى، ويؤمل، ويسأل.‬
                                                   ‫ُ‬     ‫ُ‬       ‫ُ‬
                  ‫	. 4التخلص من غضب اهلل؛ فمن لم يسأل اهلل يغضب اهلل عليه، والسائل راج،‬
                   ‫ٍ‬
                                                                                   ‫وطالب.‬
                                                                                     ‫ٌ‬
         ‫ِّب له المسير، ويحثه عليه،‬  ‫	. 5أن الرجاء حاد يحدو بالعبد في سيره إلى اهلل، ويطي ُ‬
                                                                             ‫ٍ‬
           ‫ويبعثه على مالزمته؛ فلوال الرجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده ال يحرك‬
                            ‫العبد، وإنما يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء.‬
              ‫	. 6أن الرجاء يطرحه على عتبة المحبة؛ فإنه كلما اشتد رجاؤه، وحصل له ما‬
                                      ‫ّ‬
                                    ‫يرجوه ازداد حبا هلل تعالى وشكراً له، ورضا به، وعنه.‬
                                                 ‫ً‬                         ‫ً‬
         ‫	. 7أنه يبعثه على أعلى المقامات، وهو مقام الشكر الذي هو خالصة العبودية؛ فإنه‬
                                                     ‫إذا حصل له مرجوه كان أدعى لشكره.‬
                                                                       ‫ّ‬
                 ‫	. 8أنه يوجب له المزيد من معرفة اهلل، وأسمائه، ومعانيها، والتعلق بها؛ فإن‬
                                          ‫الراجي متعلق بأسمائه الحسنى، متعبد، وداع بها.‬
                                                 ‫ٍ‬    ‫ٌ‬
                     ‫	. 9أن المحبة ال تنفك عن الرجاء؛ فكل واحد منهما يمد اآلخر، ويقويه.‬
            ‫	.01أن الخوف مستلزم للرجاء، والرجاء مستلزم للخوف؛ فكل راج خائف، وكل‬
                       ‫ٌ‬    ‫ٍ‬
                                                                                ‫خائف راج.‬
                                                                                 ‫ٍ‬
             ‫	.11أن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ر ِّه، فأعطاه ما رجاه كان ذلك ألطف موقعً،‬
              ‫ا‬         ‫َ‬                                  ‫ب‬
                                          ‫وأحلى عند العبد، وأبلغ من حصول ما لم يرجه.‬
                                             ‫َْ ُ‬
          ‫	.21أن في الرجاء من االنتظار، والترقب، والتوقع لفضل اهلل ما يوجب تعلق القلب‬
                             ‫ُّ‬
                 ‫بذكره، ودوام االلتفات إليه بمالحظة أسمائه، وصفاته، وتنقل القلب في‬
                              ‫ُ‬
                                       ‫رياضها األنيقة، وأخذه بنصيبه من كل اسم، وصفة.‬
                                              ‫ِّ‬
            ‫اللهم إنا نسألك حبك، وخوفك، ورجاءك، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.‬
                                                                                                    ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬




‫‪www.knowingallah.com‬‬   ‫81‬
‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬
   ‫‪www.knowingallah.com‬‬

Contenu connexe

En vedette

Instituto Mexicano de Contadores Públicos
Instituto Mexicano de Contadores PúblicosInstituto Mexicano de Contadores Públicos
Instituto Mexicano de Contadores PúblicosEdgar Tellez
 
Formato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoFormato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoremberto1228
 
Test de informatica juridica y derecho
Test de informatica juridica y derechoTest de informatica juridica y derecho
Test de informatica juridica y derechovaleishka
 
Actividad de aprendizaje #9
Actividad de aprendizaje #9Actividad de aprendizaje #9
Actividad de aprendizaje #9alexiacasanova
 
Power Reciclar Y Reducir
Power Reciclar Y ReducirPower Reciclar Y Reducir
Power Reciclar Y ReducirCarol Santis
 
Salida
SalidaSalida
Salidaaressu
 
Expo historiiiiaaa..!!!
Expo historiiiiaaa..!!!Expo historiiiiaaa..!!!
Expo historiiiiaaa..!!!Vi00letha
 
Test de informática jurídica
Test de informática jurídicaTest de informática jurídica
Test de informática jurídicarosmery10
 
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teórico
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teóricoDerecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teórico
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teóricoColectivo Desarrollo Reg
 
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombiano
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombianoPropuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombiano
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombianoComitesanturban
 
Formato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoFormato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoremberto1228
 
Downhill, mtb y ciclismo
Downhill, mtb y ciclismoDownhill, mtb y ciclismo
Downhill, mtb y ciclismoJorge Lopez
 
Downhill, mtb ( ciclismo )
Downhill, mtb ( ciclismo )Downhill, mtb ( ciclismo )
Downhill, mtb ( ciclismo )Jorge Lopez
 
formación critica
formación criticaformación critica
formación criticaJesus Torres
 

En vedette (20)

Instituto Mexicano de Contadores Públicos
Instituto Mexicano de Contadores PúblicosInstituto Mexicano de Contadores Públicos
Instituto Mexicano de Contadores Públicos
 
Formato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoFormato modelo estrategico
Formato modelo estrategico
 
Test de informatica juridica y derecho
Test de informatica juridica y derechoTest de informatica juridica y derecho
Test de informatica juridica y derecho
 
Valencia
ValenciaValencia
Valencia
 
Actividad de aprendizaje #9
Actividad de aprendizaje #9Actividad de aprendizaje #9
Actividad de aprendizaje #9
 
La planificación estrategica
La planificación estrategicaLa planificación estrategica
La planificación estrategica
 
Power Reciclar Y Reducir
Power Reciclar Y ReducirPower Reciclar Y Reducir
Power Reciclar Y Reducir
 
Salida
SalidaSalida
Salida
 
Expo historiiiiaaa..!!!
Expo historiiiiaaa..!!!Expo historiiiiaaa..!!!
Expo historiiiiaaa..!!!
 
Historia ..
Historia ..Historia ..
Historia ..
 
Taller sobre planeacion estratetiga
Taller sobre planeacion estratetigaTaller sobre planeacion estratetiga
Taller sobre planeacion estratetiga
 
Test de informática jurídica
Test de informática jurídicaTest de informática jurídica
Test de informática jurídica
 
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teórico
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teóricoDerecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teórico
Derecho a la salud en méxico. un análisis desde el debate teórico
 
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombiano
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombianoPropuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombiano
Propuestas para recuperar la gobernanza del sector minero colombiano
 
Formato modelo estrategico
Formato modelo estrategicoFormato modelo estrategico
Formato modelo estrategico
 
Tesis24
Tesis24Tesis24
Tesis24
 
Downhill, mtb y ciclismo
Downhill, mtb y ciclismoDownhill, mtb y ciclismo
Downhill, mtb y ciclismo
 
Downhill, mtb ( ciclismo )
Downhill, mtb ( ciclismo )Downhill, mtb ( ciclismo )
Downhill, mtb ( ciclismo )
 
Tapt
TaptTapt
Tapt
 
formación critica
formación criticaformación critica
formación critica
 

Similaire à Kalemat 110402175345-phpapp01

من يملك قلبك
من يملك قلبكمن يملك قلبك
من يملك قلبكlaarabi sunna
 
الحب في الله
الحب في اللهالحب في الله
الحب في اللهGehad Sameh
 
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2ssuser2e4a96
 
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10khawagah
 

Similaire à Kalemat 110402175345-phpapp01 (8)

قلبي لمن؟
قلبي لمن؟قلبي لمن؟
قلبي لمن؟
 
من يملك قلبك
من يملك قلبكمن يملك قلبك
من يملك قلبك
 
الحب في الله
الحب في اللهالحب في الله
الحب في الله
 
ما هو الحب
ما هو الحبما هو الحب
ما هو الحب
 
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2
Srr l sl_lbn_lqym_nskh_2
 
نصيحـة
نصيحـةنصيحـة
نصيحـة
 
حكم
حكمحكم
حكم
 
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10
Arabic school-books-3rd-preparatory-1st-term-khawagah-2019-10
 

Plus de Samira Brahim

الأسود يليق بك أحلام
الأسود يليق بك أحلامالأسود يليق بك أحلام
الأسود يليق بك أحلامSamira Brahim
 
مختارات أدبية
مختارات أدبيةمختارات أدبية
مختارات أدبيةSamira Brahim
 
يوميات نص الليل
يوميات نص الليليوميات نص الليل
يوميات نص الليلSamira Brahim
 
اكذوبة اليسار الاسلامى
اكذوبة اليسار الاسلامىاكذوبة اليسار الاسلامى
اكذوبة اليسار الاسلامىSamira Brahim
 
إسرائيل البداية والنهاية
إسرائيل البداية والنهايةإسرائيل البداية والنهاية
إسرائيل البداية والنهايةSamira Brahim
 
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذلي
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذليإمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذلي
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذليSamira Brahim
 
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعى
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعىمصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعى
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعىSamira Brahim
 
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والروايات
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والرواياتمئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والروايات
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والرواياتSamira Brahim
 
كريم الشاذلي سحابة صيف
كريم الشاذلي   سحابة صيفكريم الشاذلي   سحابة صيف
كريم الشاذلي سحابة صيفSamira Brahim
 
2الورد عنوان الود و رسول المحبة
2الورد عنوان الود و رسول المحبة2الورد عنوان الود و رسول المحبة
2الورد عنوان الود و رسول المحبةSamira Brahim
 
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذر
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذرأخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذر
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذرSamira Brahim
 
حوارية جعفر -سميرة
حوارية جعفر -سميرة حوارية جعفر -سميرة
حوارية جعفر -سميرة Samira Brahim
 

Plus de Samira Brahim (20)

الأسود يليق بك أحلام
الأسود يليق بك أحلامالأسود يليق بك أحلام
الأسود يليق بك أحلام
 
Eie maroc vert
Eie maroc vertEie maroc vert
Eie maroc vert
 
مختارات أدبية
مختارات أدبيةمختارات أدبية
مختارات أدبية
 
يوميات نص الليل
يوميات نص الليليوميات نص الليل
يوميات نص الليل
 
أكل العيش
أكل العيشأكل العيش
أكل العيش
 
اكذوبة اليسار الاسلامى
اكذوبة اليسار الاسلامىاكذوبة اليسار الاسلامى
اكذوبة اليسار الاسلامى
 
إسرائيل البداية والنهاية
إسرائيل البداية والنهايةإسرائيل البداية والنهاية
إسرائيل البداية والنهاية
 
55 مشكلة حب
55 مشكلة حب55 مشكلة حب
55 مشكلة حب
 
الاحلام
الاحلامالاحلام
الاحلام
 
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذلي
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذليإمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذلي
إمرأة من طراز خاص .. كريم الشاذلي
 
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعى
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعىمصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعى
مصطفي صادق الرافعي ..رسائل الرافعى
 
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والروايات
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والرواياتمئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والروايات
مئة عام من العزلة مكتبة الفيس بوك لتحميل الكتب والروايات
 
كريم الشاذلي سحابة صيف
كريم الشاذلي   سحابة صيفكريم الشاذلي   سحابة صيف
كريم الشاذلي سحابة صيف
 
___________
  ___________  ___________
___________
 
Formulaire RAMED
Formulaire RAMEDFormulaire RAMED
Formulaire RAMED
 
سميرة
سميرةسميرة
سميرة
 
2الورد عنوان الود و رسول المحبة
2الورد عنوان الود و رسول المحبة2الورد عنوان الود و رسول المحبة
2الورد عنوان الود و رسول المحبة
 
Safa7at1
Safa7at1Safa7at1
Safa7at1
 
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذر
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذرأخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذر
أخطليات الأخطل الأخير -صادق حمزة منذر
 
حوارية جعفر -سميرة
حوارية جعفر -سميرة حوارية جعفر -سميرة
حوارية جعفر -سميرة
 

Kalemat 110402175345-phpapp01

  • 1. www.knowingallah.com www.rasoulallah.net ‫المصدر لجنة الحج‬ ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬
  • 2.
  • 3. ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫كلمات في‬ ‫المحبة والخوف‬ ‫والرجاء‬ ‫تأليف الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد‬ ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬
  • 4. ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬ ‫المحتويات‬ ‫كلمات فى المحبة.....................................................5‬ ‫تعريف المحبة وحدُّها: ........................................5‬ ‫أقسام المحبة: ...................................................6‬ ‫فضائل محبة اهلل: ..............................................6‬ ‫صفات المحبوبين هلل: .........................................9‬ ‫األسباب الجالبة لمحبة اهلل: ................................01‬ ‫كلمات في الخوف ...................................................11‬ ‫تعريف الخوف: .................................................11‬ ‫أقوال في الخوف: .............................................11‬ ‫الخوف المحمود: ...............................................11‬ ‫الخوف الواجب والخوف المستحب: ........................21‬ ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب: ........................21‬ ‫َّ‬ ‫أيهما يُغلب: الخوف أم الرجاء ؟ ............................31‬ ‫أقسام الخوف: ..................................................31‬ ‫كلمات في الرجاء....................................................51‬ ‫حد الرجاء: .......................................................51‬ ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب: ........................51‬ ‫أنواع الرجاء: ...................................................61‬ ‫الفرق بين الرجاء والتمني: .................................61‬ ‫«تساؤل» أيهما أكمل: .......................................61‬ ‫الرجاء ال يصح إال مع عمل: .................................61‬ ‫ضابط حسن الظن: ..........................................71‬ ‫فوائد الرجاء: ...................................................71‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬
  • 5. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫كلمات فى المحبة‬ ‫الحمد هلل، والصالة والسالم على رسول اهلل.‬ ‫أما بعد: فإن المحبة ركن العبادة األعظم، فالعبادة تقوم على أركان ثالثة، هي‬ ‫المحبة، والخوف، والرجاء.‬ ‫وإليك هذه الكلمات المختصرة في هذا الركن األعظم، وهو المحبة.‬ ‫تعريف المحبة وحدها:‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: «ال ُحد المحبة بحد أوضح منها؛ فالحدود ال تزيدها إال‬ ‫تَ ّ‬ ‫ُ‬ ‫خفاء، وجفاء، فحدها وجودها، وال توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة.‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ ُُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإنما يتكلم الناس في أسبابها، وموجباتها، وعالماتها، وشواهدها، وثمراتها،‬ ‫وأحكامها؛ فحدودهم، ورسومهم دارت على هذه الستة، وتنوعت بهم العبارات،‬ ‫ِ لِ ِ‬ ‫وكثرت اإلشارات بحسب إدراك الشخص، ومقامه، وحاله، وم ْكه للعبارة» (1).‬ ‫ومما قيل في حد المحبة وتعريفها ما يلي(2):‬ ‫ . 1الميل الدائم بالقلب الهائم.‬ ‫ . 2إيثار المحبوب على جميع المصخوب.‬ ‫ِ‬ ‫ . 3موافقة الحبيب في المشهد والمغيب.‬ ‫ . 4مواطأة القلب لمرادات المحبوب.‬ ‫ . 5استكثار القليل من جنايتك، واستقالل الكثير من طاعتك.‬ ‫ . 6سقوط كل محبة من القلب إال محبة الحبيب.‬ ‫ . 7ميلك للشيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك، وروحك، ومالك، ثم‬ ‫موافقتك له سراً، وجهراً، ثم علمك بتقصيرك في حبه.‬ ‫ . 8الدخول تحت رق المحبوب وعبوديته، والحرية من استرقاق ما سواه.‬ ‫ . 9سفر القلب في طلب المحبوب، ولهج اللسان بذكره على الدوام.‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫ً‬ ‫ً ل‬ ‫ .01المحبة أن يكون ك ُك بالمحبوب مشغوال، وذ ُك له مبذوال.‬ ‫ّ‬ ‫ُل َ‬ ‫ّ‬ ‫انظر مدارج السالكني 3/11.‬ ‫1‬ ‫ ‬ ‫انظر مدارج السالكني 3/31_81 حيث ذكر حدا ً للمحبة.‬ ‫2‬ ‫ ‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫5‬
  • 6. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫أقسام المحبة:‬ ‫ . 1محبة عبادة: وهي محبة التذلل، والتعظيم، وأن يقوم بقلب المحب من إجالل‬ ‫ُ ِّ‬ ‫المحبوب، وتعظيمه ما يقتضي امتثال أمره، واجتناب نهيه.‬ ‫وهذه المحبة أصل اإليمان والتوحيد، وهي التي يترتب عليها من الفضائل ما ال‬ ‫يمكن حصره وعده.‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُُ‬ ‫ومن صرف تلك المحبة هلل فهو المؤمن الموحد، ومن صرفها لغير اهلل فقد وقع‬ ‫َْ‬ ‫في المحبة الشركية؛ حيث أشرك باهلل عز وجل .‬ ‫وذلك كمحبة المشركين الذين يحبون آلهتهم، وأندادهم كمحبة اهلل، من شجر،‬ ‫أو حجر، أو بشر، أو ملك أو غيرها كمحبة اهلل أو أكثر؛ فهذه المحبة أصل‬ ‫الشرك، وأساسه.‬ ‫ . 22_ حبة هلل عز وجل: كمحبة ما يحبه اهلل من األمكنة، واألزمنة، واألشخاص،‬ ‫واألعمال، واألقوال، ونحو ذلك؛ فهذه المحبة تابعة لمحبة اهلل.‬ ‫ . 3المحبة الطبيعية: ويدخل تحت هذه المحبة ما يلي:‬ ‫أ_محبة إشفاق ورحمة: كمحبة الوالد لولده، وكمحبة المرضى، والضعفاء.‬ ‫ب_ محبة إجالل وتعظيم دون عبادة: كمحبة الولد لوالده، وكمحبة التلميذ‬ ‫لمعلمه وشيخه، ونحو ذلك.‬ ‫ج_ محبة اإلنسان ما يالئمه: كمحبة الطعام، والشراب، والنكاح، واللباس،‬ ‫واألصدقاء، والخلطاء، ونحو ذلك.‬ ‫فهذه المحاب داخلة في المحبة الطبيعية المباحة، فإن أعانت على محبة اهلل‬ ‫ت َ ِّ‬ ‫وطاعته دخلت في باب الطاعة، وإن صدت عن محبة اهلل، و ُوسل بها إلى ما ال‬ ‫تِ‬ ‫يحبه اهلل دخلت في المنهيات، وإن لم ُعن على طاعة، وال معصية فهي في دائرة‬ ‫المباحات.‬ ‫فضائل محبة اهلل:‬ ‫محبة اهلل عز وجل أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، وفضائلها ال ُعد وال تحصى،‬ ‫ت‬ ‫ومن تلك الفضائل ما يلي:‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫ . 1أنها أصل التوحيد وروحه: قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه اهلل:‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫«أصل التوحيد، وروحه إخالص المحبة هلل وحده، وهي أصل التأله، والتعبد،‬ ‫ُ‬ ‫بل هي حقيقة العبادة، وال يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد لربه، وتسبق‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫6‬
  • 7. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ِّ َ ْ ِ‬ ‫جميع المحاب، وتغلبها، ويكون لها الحكم عليها؛ بحيث تكون سائر محاب العبد‬ ‫َ‬ ‫تبعا لهذه المحبة التي بها سعادة العبد وفالحه رحمه اهلل ( ).‬ ‫3‬ ‫ً‬ ‫ . 2أن الحاجة إليها أعظم من الحاجة إلى الطعام، والشراب، والنكاح: قال شيخ‬ ‫اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل: «ففي قلوب بني آدم محبة لما يتألهونه‬ ‫ويعبدونه، وذلك قوام قلوبهم، وصالح نفوسهم، كما أن فيهم محبة لما‬ ‫ً‬ ‫يطعمونه، وينكحونه، وبذلك تصلح حياتهم، ويدوم شملهم.‬ ‫ُِ َْ ُ‬ ‫وحاجتهم إلى التأله أعظم من حاجتهم إلى الغذاء؛ فإن الغذاء إذا فقد يفسد الجسم،‬ ‫و ِفقد التأله تفسد النفس» (4).‬‫بَ ْ ِ‬ ‫وقال ابن القيم رحمه اهلل: «فكيف بالمحبة التي هي حياة القلوب، وغذاء األرواح،‬ ‫وليس للقلب لذة، وال نعيم، وال فالح، وال حياة إال بها.‬ ‫وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، واألذن إذا فقدت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫سمعها، واألنف إذا فقد شمه، واللسان إذا فقد ُطقه ؟ !‬ ‫بل فساد القلب إذا خال من محبة فاطره، وبارئه، وإلهه الحق أعظم من فساد البدن‬ ‫إذا خال من الروح.‬ ‫ُِ ٍْ‬ ‫ة‬ ‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا األمر ال يصدق به إال من فيه حيا ٌ، وما لجرح بميت إيالم›› (5).‬ ‫ّ‬ ‫ . 3تسلي المحب عند المصائب: قال ابن القيم رحمه اهلل: «فإن المحب يجد من‬ ‫ِ ْ ِّ‬ ‫لذة المحبة ما ينسيه المصائب، وال يجد من مسها ما يجد غيره، حتى كأنه قد‬ ‫ُ‬ ‫اكتسى طبيعة ثانية ليست طبيعة الخلق.‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بل يقوى سلطان المحبة حتى يلتذ المحب بكثير من المصائب التي يصيبه بها‬ ‫ُ‬ ‫ََْ‬ ‫حبيبه أعظم من التذاذ الخلي (العاري من المحبة) بحظوظه وشهواته.‬ ‫ِّ‬ ‫والذوق، والوجد شاهد بذلك، واهلل أعلم» ( ).‬ ‫6‬ ‫َُْ‬ ‫ُ‬ ‫ . 4أنها من أعظم ما يحمل على ترك المعاصي: قال ابن القيم رحمه اهلل في‬ ‫معرض حديث له عن محبة اهلل: «وهي من أقوى األسباب في الصبر عن‬ ‫ِ‬ ‫مخالفته، ومعاصيه؛ فإن المحب لمن يحب مطيع، وكلما قوي سلطان المحبة‬ ‫ُ‬ ‫في القلب كان اقتضاؤه للطاعة، وترك المخالفة أقوى.‬ ‫ِ‬ ‫ِْ َ ْ ِ‬ ‫وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة، وسلطانها.‬ ‫ِِ‬ ‫َ ُْ‬ ‫وفرق بين من يحمله على ترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته، وبين من‬ ‫ٌْ‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫القول السديد ص011‬ ‫ ‬ ‫3‬ ‫جامع الرسائل البن تيمية 2/032.‬ ‫ ‬ ‫4‬ ‫اجلواب الكافي ص145_245.‬ ‫5‬ ‫ ‬ ‫مدارج السالكني 3/83.‬ ‫6‬ ‫ ‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫7‬
  • 8. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫يحمله على ذلك حبه لسيده «.‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫إلى أن قال رحمه اهلل: «فالمحب الصادق عليه رقيب من محبوبه يرعى ق ْبه،‬ ‫َ لَ‬ ‫ٌ‬ ‫وجوارحه.‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وعالمة صدق المحبة شهود هذا الرقيب ودوامه.‬ ‫ُ‬ ‫وها هنا لطيفة يجب التنبه لها، وهي أن المحبة المجردة ال توجب هذا األثر ما لم‬ ‫تقترن بإجالل المحبوب وتعظيمه؛ فإذا قارنها اإلجالل والتعظيم أوجبت هذا الحياء‬ ‫َ‬ ‫والطاعة، وإال فالمحبة الخالية عنهما إنما توجب نوع أنس، وانبساط، وتذكر،‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫واشتياق.‬ ‫ولهذا يتخلف أثرها وموجبها، ويفتش العبد قلبه فيرى نوع محبة هلل، ولكن ال‬ ‫ُ َُ‬ ‫تحمله على ترك معاصيه، وسبب ذلك تجردها عن اإلجالل والتعظيم؛ فما عمر‬ ‫َََ‬ ‫ّ‬ ‫القلب شيء كالمحبة المقترنة بإجالل اهلل وتعظيمه.‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫وتلك من أفضل مواهب اهلل للعبد، أو أفض ُها، وذلك فضل اهلل يؤتيه من‬ ‫ل‬ ‫يشاء»(7).‬ ‫ . 5أنها تقطع الوساوس: قال ابن القيمرحمه اهلل: « فبين المحبة، والوساوس‬ ‫تناقض شديد كما بين الذكر والغفلة؛ فعزيمة المحب تنفي تردد القلب بين‬ ‫المحبوب وغيره، وذلك سبب الوساوس.‬ ‫وهيهات أن يجد المحب الصادق فراغا لوسواس الغير؛ الستغراق قلبه في حضوره‬ ‫ً‬ ‫بين يدي محبوبه.‬ ‫وهل الوسواس إال ألهل الغفلة واإلعراض عن اهلل تعالى ؟ ومن أين يجتمع الحب‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والوسواس ؟ (8)‬ ‫()‬ ‫فيها يُقَ سم فِك ْرَه ويوسوس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ال كان منْ لسواك فيه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ . 6تمام النعيم، وغاية السرور: فذلك ال يحصل إال بمحبة اهلل عز وجل فال يغني‬ ‫القلب، وال يسد خلته وال يشبع جوعته إال محب ُه، واإلقبال عليه عز وجل ولو‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ّ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫حصل له كل ما يلتذ به لم يأنس ولم يطمئن إال بمحبة اهلل_عز وجل_.‬ ‫ُ‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: « وأما محبة الرب سبحانه فشأنها غير الشأن؛ فإنه ال‬ ‫شيء أحب إلى القلوب من خالقها، وفاطرها، فهو إلهها، ومعبودها، ووليها، وموالها،‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫وربها، ومدبرها، ورازقها، ومميتها، ومحييها؛ فمحبته نعيم النفوس، وحياة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫طريق الهجرتني ص944_054.‬ ‫ ‬ ‫7‬ ‫مدارج السالكني 3/83.‬ ‫8‬ ‫ ‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫8‬
  • 9. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫األرواح، وسرور النفوس، وقوت القلوب، ونور العقول، وقرة العيون، وعمارة‬ ‫ُ‬ ‫الباطن؛ فليس عند القلوب السليمة، واألرواح الطيبة، والعقول الزاكية أحلى، وال‬ ‫ألذ، وال أطيب، وال أسر، وال أنعم من محبته، واألنس به، والشوق إلى لقائه.‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والحالوة التي يجدها المؤمن في قلبه فوق كل حالوة، والنعيم الذي يحصل له‬ ‫بذلك أتم من كل نعيم، واللذة التي تناله أعلى من كل لذة» .‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫إلى أن قال: « ووجدان هذه األمور، وذوقها هو بحسب قوة المحبة، وضعفها،‬ ‫ََ ُ‬ ‫وبحسب إدراك جمال المحبوب، والقرب منه.‬ ‫ُ‬ ‫وكلما كانت المحبة أكمل، وإدراك المحبوب أتم، والقرب منه أوفر كانت‬ ‫َ‬ ‫الحالو ُ، واللذ ُ، والنعيم أقوى.‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫فمن كان باهلل سبحانه وأسمائه وصفاته أعرف، وفيه أرغب، وله أحب، وإليه أقرب‬ ‫وجد من هذه الحالوة في قلبه ما ال يمكن التعبير عنه، وال يعرف إال بالذوق‬ ‫ُْ َ‬ ‫والوجد.‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫ُ ًّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ْ ُِْ‬ ‫ومتى ذاق القلب ذلك لم يمكنه أن يقدم عليه حبا لغيره، وال أنسا به.‬ ‫ا ِ ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وكلما ازداد له حبا ازداد له عبودية، وذال، وخضوعً، ورقا له، وحرية من رق‬ ‫ً‬ ‫غيره»(9).‬ ‫صفات المحبوبين هلل:‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ ِ ّهَ ُ ب َ ْ ٍ ُ ِ ّ ُ ْ َ ُ ِ ّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُِ ّ َُ ّ‬ ‫اهلل عز وجل يحب ويحب، قال اهلل تعالى: [فسوف يأتي الل ِقوم يحبهم ويحبونه]‬ ‫ُ‬ ‫(المائدة: 54).‬ ‫ً‬ ‫وإليك فيما يلي إجماال لبعض صفات الذين خصهم اهلل بالمحبة:‬ ‫ . 1التوابون.‬ ‫ . 2المتطهرون.‬ ‫ . 3المتقون.‬ ‫ . 4المحسنون.‬ ‫ . 5الصابرون.‬ ‫ . 6المتوكلون.‬ ‫ . 7المقسطون.‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫ . 8الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص.‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ . 9األذلة على المؤمنين.‬ ‫إغاثة اللهفان ص765.‬ ‫ ‬ ‫9‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫9‬
  • 10. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ .01األعزة على الكافرين.‬ ‫ .11المجاهدون في سبيل اهلل.‬ ‫ .21الذين ال يخافون لومة الئم.‬ ‫ .31المتقربون بالنوافل بعد الفرائض.‬ ‫األسباب الجالبة لمحبة اهلل:‬ ‫ . 1قراءة القرآن بالتدبر، والتفهم لمعانيه، وما أريد به.‬ ‫ . 2التقرب إلى اهلل بالنوافل بعد الفرائض.‬ ‫ . 3دوام ذكر اهلل على كل حال باللسان، والقلب، والعمل، والحال.‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ . 4إيثار محاب اهلل على محاب النفس عند غلبات الهوى.‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ . 5مطالعة القلب ألسماء اهلل وصفاته، ومشاهدتها، ومعرفتها.‬ ‫ . 6مشاهدة بره، وإحسانه، وآالئه، ونعمه الظاهرة، والباطنة.‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ . 7إنكسار القلب بكليته بين يدي اهلل تعالى .‬ ‫ِ‬ ‫ . 8الخلوة باهلل وقت النزول اإللهي؛ لمناجاته، وتالوة كالمه، والوقوف بالقلب،‬ ‫َ‬ ‫والتأدب بآداب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك باالستغفار والتوبة.‬ ‫ . 9مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كالمهم كما ينتقى أطايب‬ ‫ُ‬ ‫َِْ َ‬ ‫الثمر، وأال تتكلم إال إذا ترجحت مصلحة الكالم، وعلمت أن فيه مزيداً لحالك،‬ ‫ومنفعة لغيرك.‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ .01مباعدة كل سبب يحول بين القلب، وبين اهلل عز وجل(01).‬ ‫ٍ‬ ‫ .11اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى ِّك.‬ ‫حب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.‬ ‫ِّ‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫انظر: مدارج السالكني 3/81_91.‬ ‫0 ‬ ‫1‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫01‬
  • 11. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫كلمات في الخوف(11)‬ ‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل.. أما بعد:‬ ‫ِّ‬ ‫فإن منزلة الخوف من أجل منازل العبودية، وأنفعها، وهي فرض على كل أحد.‬ ‫َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ ِ إ ْ ُ ْت ْ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫قال اهلل تعالى: [فال تخافوهم وخافوني ِن كن ُم مؤمنين](آل عمران: 175)، وقال:‬ ‫َ ِ َ ْ َ َ َ َ َ َ ِّ َ َّ ِ‬ ‫[ ولمن خاف مقام ربه جنتان](الرحمن: 46).‬ ‫ِ َ‬ ‫تعريف الخوف:‬ ‫1يل: الخوف توقع العقوبة على مجاري األنفاس.‬ ‫ .‬ ‫2وقيل: الخوف قوة العلم بمجاري األحكام.‬ ‫ .‬ ‫3وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره.‬ ‫ .‬ ‫4وقيل: الخوف غم يلحق النفس؛ لتوقع مكروه.‬ ‫ّ‬ ‫ .‬ ‫أقوال في الخوف:‬ ‫1قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: الخوف سراج في القلب،‬ ‫ .‬ ‫به يبصر ما فيه من الخير والشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إال اهلل عز‬ ‫وجل فإنك إذا خفته هربت إليه. فالخائف من ربه هارب إليه.‬ ‫2قال أبو سليمان: ما فارق الخوف قلبا إال خرب.‬ ‫ً‬ ‫ .‬ ‫3وقال إبراهيم بن سفيان: إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها،‬ ‫ .‬ ‫وطرد الدنيا عنها.‬ ‫4وقال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف؛ فإذا زال الخوف‬ ‫َُ ْ‬ ‫ .‬ ‫ض ّوا الطريق.‬ ‫ل‬ ‫الخوف المحمود:‬ ‫الخوف المحمود الصادق: هو ما حال بين صاحبه وبين محارم اهلل عز وجل فإذا‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫َِْ‬ ‫تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط.‬ ‫انظر تفصيل احلديث عن اخلوف في مدارج السالكني 1/705_315، وشرح كتاب التوحيد‬ ‫1 ‬ ‫1‬ ‫باب»إمنا ذلكم الشيطان يخوف أولياءه».‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫11‬
  • 12. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ِْ‬ ‫قال أبو عثمان الحيري: صدق الخوف هو الورع عن اآلثام ظاهراً، وباطنً.‬ ‫ا‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم اهلل.‬ ‫الخوف الواجب والخوف المستحب:‬ ‫الخوف الواجب:‬ ‫هو ما حمل على فعل الواجبات، وترك المحرمات.‬ ‫والخوف المستحب:‬ ‫هو ما حمل على فعل المستحبات، وترك المكروهات.‬ ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب:‬ ‫ال بد للعبد من الجمع بين هذه األركان الثالثة؛ ألن عبادة اهلل بالخوف وحده‬‫ّ‬ ‫طريقة الخوارج؛ فهم ال يجمعون إليه الحب والرجاء؛ ولهذا ال يجدون للعبادة لذة،‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وال إليها رغبة، فيجعلون الخالق بمنزلة سلطان جائر.‬ ‫وهذا يورث اليأس والقنوط من رحمة اهلل، وغايته إساءة الظن باهلل، والكفر به‬ ‫ُ‬ ‫سبحانه .‬ ‫وعبادة اهلل بالرجاء وحده طريقة المرجئة الذين وقعوا في الغرور واألماني‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباطلة، وترك العمل الصالح، وغاي ُه الخروج من الملة.‬ ‫وعبادة اهلل بالحب وحده طريقة غالة الصوفية الذين يقولون: نعبد اهلل ال خوفا‬ ‫ً‬ ‫من ناره، وال طمعا في جنته، وإنما حبا لذاته.‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وهذه طريقة فاسدة، ولها آثار وخيمة، منها األمن من مكر اهلل، وغاي ُه الزندقة،‬ ‫ت‬ ‫والخروج من الدين.‬ ‫ولهذا قال السلف رحمهم اهلل كلمة مشهورة وهي: « من عبد اهلل بالحب وحده‬ ‫َْ َ‬ ‫فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري أي خارجي ومن عبده بالرجاء‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحد ».‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: « القلب في سيره إلى اهلل عز وجل بمنزلة الطائر؛‬ ‫فالمحبة رأسه، والخوف، والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫21‬
  • 13. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ِّد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل‬ ‫جي ُ‬ ‫صائد وكاسر» .‬ ‫ٍ‬ ‫ي ّ‬ ‫َ‬ ‫أيهما ُغلب: الخوف أم الرجاء ؟‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل: «السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه‬ ‫طريقة أبي سليمان وغيره.‬ ‫وقال: ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فسد.‬ ‫َََ‬ ‫ُ‬ ‫وقال غيره: أكمل األحوال اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب؛ فالمحبة هي‬ ‫ِ‬ ‫المركب، والرجاء حا ٍ، والخوف سائق، واهلل الموصل بمنه وكرمه» .‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫أقسام الخوف:‬ ‫ّ َل‬ ‫ . 1خوف السر: وهو خوف التأ ُه، والتعبد، والتقرب، وهو الذي يزجر صاحبه عن‬ ‫َّ‬ ‫معصية من يخافه؛ خشية من أن يصيبه بما شاء من فقر، أو قتل، أو غضب، أو‬ ‫ً‬ ‫َْ‬ ‫سلب نعمة، ونحو ذلك بقدرته ومشيئته.‬ ‫َ ُْ‬ ‫فهذا القسم ال يجوز أن يصرف إال هلل عز وجل وصرفه له يعد من أجل العبادات،‬ ‫ومن أعظم واجبات القلب، بل هو ركن من أركان العبادة، ومن خشي اهلل على هذا‬ ‫ِّ‬ ‫الوجه فهو مخلص موحد.‬ ‫ِ‬ ‫ومن صرفه لغير اهلل فقد أشرك شركا أكبر؛ إذ جعل هلل نداً في الخوف، وذلك‬ ‫ً‬ ‫كحال المشركين الذين يعتقدون في آلهتهم ذلك االعتقاد، ولهذا يخوفون بها‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫أولياء الرحمن، كما قال قوم هود عليه السالم الذين ذكر اهلل عنهم أنهم خوفوا‬ ‫إ ْ َ ُ ُ ِ ّ ْ َ َ َ َ ْ ُ ِ َ َِ ب ُ ء‬ ‫هوداً بآلهتهم فقالوا: [ِن نقول إال اعتراك بعض آلهتنا ِسو ٍ](هود: 54).‬ ‫َ‬ ‫وكحال عباد القبور؛ فإنهم يخافون أصحاب القبور من الصالحين، بل من‬ ‫الطواغيت كما يخافون اهلل، بل أشد؛ ولهذا إذا توجهت على أحدهم اليمين باهلل‬ ‫ُ‬ ‫َّْ‬‫َ‬ ‫أعطاك ما شئت من األيمان صادقا أو كاذبً، فإن كانت اليمين بصاحب التربة لم‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُِْ‬ ‫يقدم على اليمين إن كان كاذبً.‬ ‫ا‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫وما ذاك إال ألن المدفون في التراب أخوف عنده من اهلل.‬ ‫وكذا إذا أصاب أحداً منهم ظلم لم يطلب كشفه إال من المدفونين في التراب،‬ ‫ٌ‬ ‫وإذا أراد أحدهم أن يظلم أحداً فاستعاذ المظلوم باهلل لم يعذه، ولو استعاذ بصاحب‬ ‫ُ‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫31‬
  • 14. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ُِْْ‬ ‫التربة أو بتربته لم يقدم عليه بشيء، ولم يتعرض له باألذى.‬ ‫ . 2الخوف من وعيد اهلل: الذي توعد به العصاة، وهذا الخوف من أعلى مراتب‬ ‫اإليمان، وهو درجات، ومقامات، وأقسام كما مضى ذكره قبل قليل .‬ ‫ . 3الخوف المحرم: وهو أن يترك اإلنسان ما يجب عليه من الجهاد، واألمر‬ ‫بالمعروف، والنهي عن المنكر بغير عذر إال لخوف الناس.‬ ‫وكحال من يفر من الزحف؛ خوفا من لقاء العدو؛ فهذا خوف محرم، ولكنه ال‬ ‫ً‬ ‫يصل إلى الشرك.‬ ‫ . 4الخوف الطبيعي: كالخوف من سبع، أو عدو، أو هدم، أو غرق، ونحو ذلك‬ ‫ٍّ‬ ‫َُ‬ ‫مما يخشى ضرره الظاهري؛ فهذا ال يذم ، وهو الذي ذكره اهلل عن موسى‬ ‫َُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ِ َْ َ ِ ً ََ َ ّ ُ‬ ‫عليه السالم في قوله عز وجل: [فخرج منها خائفا يترقب](القصص: 21)،‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ َ ِ َ ْ ِ ِ ِ َ ً ُ َ‬ ‫وقوله: [فأوجس في نفسه خيفة موسى](طه: 67).‬ ‫ويدخل في هذا القسم الخوف الذي يسبق لقاء العدو، أو يسبق إلقاء الخطب‬ ‫في بداية األمر؛ فهذا خوف طبيعي، ويحمد إذا حمل صاحبه على أخذ األهبة‬ ‫ْ ِ‬ ‫واالستعداد، ويذم إذا رجع به إلى االنهزام وترك اإلقدام.‬ ‫ . 5الخوف الوهمي: كالخوف الذي ليس له سبب أص ً، أو له سبب ضعيف جداً؛‬ ‫ال‬ ‫فهذا خوف مذموم، ويدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ النبي»من‬ ‫الجبن؛ فهو من األخالق الرذيلة.‬ ‫ولهذا كان اإليمان التام، والتوكل الصحيح أعظم ما يدفع هذا النوع من الخوف،‬ ‫َ‬ ‫ويمأل القلب شجاعة؛ فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من غير اهلل،‬ ‫وكلما ضعف إيمانه زاد وقوي خوفه من غير اهلل.‬ ‫ولهذا فإن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمنا وطمأنينة؛‬ ‫ً‬ ‫ِّ َ َ َ َُ ْ ّ ُ إّ ّ َ‬ ‫لقوة إيمانهم، ولسالمة يقينهم، وكمال توكلهم [الذين قال لهم الناس ِن الناس‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ ْ إ َ ً َ َ ل َ ْ ُ َ ّهَ ُ َ ِ ْ َ ْ َ ِ ُ‬ ‫قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ِيمانا وقا ُوا حسبنا الل ونعم الوكيل (173)‬ ‫َ ْ َ َ ُ ِ ِ ْ َ ٍ ِ ْ ّهَ ِ َ َ ْ ٍ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ٌ‬ ‫فانقلبوا بنعمة من الل وفضل لم يمسسهم سوء](آل عمران: ، 173 174).‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين، وسالم على المرسلين، وصلى اهلل وسلم‬ ‫على نبينا محمد.‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫41‬
  • 15. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫كلمات في الرجاء‬ ‫ ‬ ‫الحمد هلل، والصالة والسالم على رسول اهلل، أما بعد:‬ ‫فإن الرجاء ركن من أركان العبادة؛ فالعبادة تقوم على الحب، والخوف، والرجاء.‬ ‫والرجاء عمل عظيم من أعمال القلوب، والنصوص الشرعية متضافرة على ذكره،‬ ‫والثناء في أهله.‬ ‫ُ ْ َ ِ َ ّ ِ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ َِ َ بِ ْ ْ َ ِ َ َ َّ ُ ْ أ ْ َ ُ‬ ‫قال اهلل تعالى: [أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ر ِّهم الوسيلة أيهم َقرب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َُ َ َ َ ُ َ َ َ َُ‬ ‫ويرجون رحمته ويخافون عذابه](اإلسراء: 57).‬ ‫ِ‬ ‫فابتغاء الوسيلة إليه طلب القرب منه بالعبودية والمحبة؛ فذكر مقامات اإليمان‬ ‫ََ َ َ‬ ‫الثالثة الحب، والخوف، والرجاء.‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ ُ ِ َ َ ّ ِ َ ِ ّ أ َ َ ّهَ ِ ٍ‬ ‫هَ َ‬ ‫وقال تعالى: [من كان يرجو لقاء الل فإن َجل الل آلت](العنكبوت: 5).‬ ‫ّ ِ َ ّهَ ُ َ ُ ٌ َ ِ ْ ٌ‬ ‫هَ‬ ‫َُ ِ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ‬ ‫وقال: [ألئك يرجون رحمت الل والل غفور رحيم ]‬ ‫وفي صحيح مسلم قال عليه الصالة والسالم: « ال يموتن أحدكم إال وهو يحسن‬ ‫الظن بربه» .‬ ‫وفي الصحيح قال عليه الصالة والسالم: « يقول اهلل عز وجل: « أنا عند ظن‬ ‫عبدي، فليظن بي ما شاء» .‬ ‫حد الرجاء:‬ ‫1قيل: الرجاء حاد يحدو القلوب إلى بالد المحبوب، وهو اهلل والدار اآلخرة،‬ ‫ٍ‬ ‫ .‬ ‫ويط ِّب لها السير.‬ ‫ُ َي‬ ‫2وقيل: هو االستبشار بجود فضل الرب تبارك وتعالى واالرتياح لمطالعة كرمه‬ ‫ .‬ ‫سبحانه .‬ ‫3وقيل: هو الثقة بجود الرب تعالى .‬ ‫ .‬ ‫4وقيل: هو النظر إلى سعة رحمة اهلل.‬ ‫ .‬ ‫الجمع بين الخوف والرجاء والحب:‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫البد للعبد من سيره إلى اهلل من الجمع بين األركان الثالثة؛ فالحب بمنزلة‬ ‫ّ‬ ‫الرأس للطائر، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫51‬
  • 16. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫ُِ‬ ‫ُ‬ ‫جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل‬ ‫صائد وكاسر كما قال ابن القيم رحمه اهلل.‬ ‫ٍ‬ ‫أنواع الرجاء:‬ ‫أنواع الرجاء ثالثة، نوعان محمودان، ونوع غرور مذموم؛ فاألوالن: رجاء رجل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عمل بطاعة اهلل على نور من اهلل؛ فهو راج لثوابه، ورجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها،‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫فهو راج لمغفرة اهلل تعالى وعفوه، وإحسانه، وجوده، وحلمه، وكرمه، فهذان‬ ‫ٍ‬ ‫النوعان محمودان.‬ ‫والثالث: رجاء رجل متماد في التفريط، والخطايا يرجو رحمة اهلل بال عمل؛ فهذا‬ ‫ٍ‬ ‫هو الغرور، والتمني، والرجاء الكاذب.‬ ‫الفرق بين الرجاء والتمني:‬ ‫الفرق بينهما أن التمني يكون مع الكسل، وال يسلك صاحبه طريق الجد،‬ ‫واالجتهاد.‬ ‫والرجاء يكون مع بذل الجهد، وحسن التوكل.‬ ‫فاألول: كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها، ويأخذ زرعها.‬ ‫والثاني: كحال من يشق أرضه، ويفلحها، ويبذرها، ويرجو طلوع الزرع.‬ ‫َ‬ ‫«تساؤل» أيهما أكمل:‬ ‫رجاء المحسن ثواب إحسانه، أو رجاء المسيء التائب مغفرة ر ِّه، وعفوه ؟.‬ ‫َ ب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والجواب: أن هذه المسألة وقع فيها خالف؛ فطائفة رجحت رجاء المحسن؛ لقوة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أسباب الرجاء معه، وطائفة رجحت رجاء المذنب التائب؛ ألن رجاءه مجرد عن علة‬ ‫ُ َ ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫رؤية العمل، مقرون باالنكسار، وذلة رؤية الذنب.‬ ‫الرجاء ال يصح إال مع عمل:‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫فقد أجمع العلماء على أن الرجاء ال يصح إال مع العمل.‬ ‫أما ترك العمل، والتمادي في الذنوب؛ اعتماداً على رحمة اهلل، وحسن الظن به عز‬ ‫وجل فليس من الرجاء في شيء.‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫61‬
  • 17. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫بل هو جهل، وسفه، وغرور؛ فرحمة اهلل قريب من المحسنين ال من المفرطين،‬ ‫ُ ِ ِّ‬ ‫المعاندين، المصرين.‬ ‫ً‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل في شأن المتمادين في الذنوب؛ اتكاال على رحمة اهلل:‬ ‫«وهذا الضرب في الناس قد تعلق بنصوص الرجاء، واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه،‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وإذا عوتب على الخطايا، واالنهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة اهلل،‬ ‫ومغفرته، ونصوص الرجاء.‬ ‫وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب» (21).‬ ‫ثم ساق»أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك.‬ ‫ضابط حسن الظن:‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل : «فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما‬ ‫على انعقاد أسباب الهالك فال يتأتى إحسان الظن.‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة اهلل، ورحمته،‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه ال تنفعه العقوبة، وال يضره العفو.‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قيل: األمر هكذا، واهلل فوق ذلك أجل، وأكرم، وأجود، وأرحم، وإنما يضع ذلك‬ ‫ّ‬ ‫في محله الالئق به؛ فإنه سبحانه موصوف بالحكمة، والعزة، واالنتقام، وشدة‬ ‫ِ‬ ‫َُّ ُ‬ ‫البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان معول حسن الظن على صفاته، وأسمائه‬ ‫َ‬ ‫الشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه؛ فما ينفع‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫المجرم أسماؤه، وصفاته، وقد باء بسخطه، وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫محارمه، وانتهك حرماته ؟ !‬ ‫بل حسن الظن ينفع من تاب، وندم، وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫عمره بالخير والطاعة، ثم حسن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، واألول غرور،‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫واهلل المستعان» (31).‬ ‫فوائد الرجاء:‬ ‫وبعد أن تبين لنا حد الرجاء، وضوابطه فهذه نبذه عن فوائده، وفضائله؛ فالرجاء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫إذا كان في محله، وعلى وجهه الصحيح يثمر ثمرات عظيمة؛ فمن فضائل الرجاء،‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫اجلواب الكافي البن القيم ص76_86.‬ ‫21‬ ‫ ‬ ‫( ) اجلواب الكافي ص67_77.‬ ‫3 ‬ ‫1‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫71‬
  • 18. ‫كلمات فى المحبة و الخوف و الرجاء‬ ‫وثمراته ما يلي:‬ ‫ . 1إظهار العبودية، والفاقة، والحاجة إلى ما يرجوه العبد من ربه، ويستشرفه من‬ ‫إحسانه، وأنه ال يستغني عن فضله، وإحسانه طرفة عين.‬ ‫ . 2أن الرجاء محبوب هلل؛ فاهلل عز وجل يحب من عباده أن يرجوه، ويأملوه،‬ ‫ٌ‬ ‫ويسألوه من فضله؛ ألنه الملك الحق الجواد؛ فهو أجود من سئل، وأوسع من‬ ‫أعطى.‬ ‫ . 3وأحب ما إلى الجواد أن يرجى، ويؤمل، ويسأل.‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ . 4التخلص من غضب اهلل؛ فمن لم يسأل اهلل يغضب اهلل عليه، والسائل راج،‬ ‫ٍ‬ ‫وطالب.‬ ‫ٌ‬ ‫ِّب له المسير، ويحثه عليه،‬ ‫ . 5أن الرجاء حاد يحدو بالعبد في سيره إلى اهلل، ويطي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ويبعثه على مالزمته؛ فلوال الرجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده ال يحرك‬ ‫العبد، وإنما يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء.‬ ‫ . 6أن الرجاء يطرحه على عتبة المحبة؛ فإنه كلما اشتد رجاؤه، وحصل له ما‬ ‫ّ‬ ‫يرجوه ازداد حبا هلل تعالى وشكراً له، ورضا به، وعنه.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ . 7أنه يبعثه على أعلى المقامات، وهو مقام الشكر الذي هو خالصة العبودية؛ فإنه‬ ‫إذا حصل له مرجوه كان أدعى لشكره.‬ ‫ّ‬ ‫ . 8أنه يوجب له المزيد من معرفة اهلل، وأسمائه، ومعانيها، والتعلق بها؛ فإن‬ ‫الراجي متعلق بأسمائه الحسنى، متعبد، وداع بها.‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ . 9أن المحبة ال تنفك عن الرجاء؛ فكل واحد منهما يمد اآلخر، ويقويه.‬ ‫ .01أن الخوف مستلزم للرجاء، والرجاء مستلزم للخوف؛ فكل راج خائف، وكل‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫خائف راج.‬ ‫ٍ‬ ‫ .11أن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ر ِّه، فأعطاه ما رجاه كان ذلك ألطف موقعً،‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وأحلى عند العبد، وأبلغ من حصول ما لم يرجه.‬ ‫َْ ُ‬ ‫ .21أن في الرجاء من االنتظار، والترقب، والتوقع لفضل اهلل ما يوجب تعلق القلب‬ ‫ُّ‬ ‫بذكره، ودوام االلتفات إليه بمالحظة أسمائه، وصفاته، وتنقل القلب في‬ ‫ُ‬ ‫رياضها األنيقة، وأخذه بنصيبه من كل اسم، وصفة.‬ ‫ِّ‬ ‫اللهم إنا نسألك حبك، وخوفك، ورجاءك، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.‬ ‫نسخة جمانية تهدى وال تباع‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬ ‫81‬
  • 19.
  • 20. ‫فريق عمل موقع معرفه اهلل‬ ‫‪www.knowingallah.com‬‬