1. مبحث الروم والشمام والختلس:
أول: الروم: إضعاف الصوت بالحركة حتى
يذهب معظم صوتها ) يقدر بالثلث( فيسمع لها
صوت خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد
لنها غير تامة.
قال الشاطبي:
ورومك إسماع المحرك واقفا بصوت خفي كل
دا ن تنول
ٍ
ويكون الروم في الوقف دون الوصل.
ويكون في المرفوع والمضموم والمجرور
والمكسور.
ول يأتي الروم إل على القصر.
تنبيه: لبد من حذف التنوين من المنون حال
الروم كحال السكون.
تنبيه آخر: يؤثر الروم على الراء من حيث
التفخيم والترقيق ، فمثل: إذا وقفنا على كلمة
فقير من قوله تعالى ) رب إني لما أنزلت إلي
من خير فقير( ، فالراء مرققة إذا وقفنا عليها
بالسكون المحض، ومفخمة إذا وقفنا عيها
بالروم.
الشمام:
وهو أن تضم شفتيك بعيد السكان ) على شكل
قبله( إشارة إلى الضم وتدع بينهما بعض
انفراج ليخرج منه النفس ول بد من اتصال ضم
الشفتين بالسكان فلو تراخى فإسكان مجرد
عن الشمام.
قال الشاطبي:
والشمام إطباق الشفاه بعيد ما يسكن ل صوت
2. هناك فيصحل.
ول يدرك لغير البصير .
ويكون الشمام أول ووسطا وآخرا.
ول يكون الشمام إل في المرفوع والمضموم.
ويأتي الشمام مع الحركات الثلث )2 ، 4 ، 6 (.
أنواع الشمام:
1/ ضم الشفتين بعد إسكان الحرف عند الوقف
وهذا في نحو ) فيكون( ) عليم(.
2/ إخفاء الحركة بين الحركة والساكن كما في
قوله تعالى : ) تأمنا( عند الكل، وهو عين
ل
الشمام المتقدم عند الوقف إل أنه ههنا مع
لفظك بالنون أي الولى وفي الوقف عقب
الفراغ من الحرف.
3/ خلط حرف بحرف كخلط الصاد بالزاي في
نحو ) الصراط( لخلف.
4/ خلط حركة بحركة أخرى كخلط الكسرة
بالضمة في نحو: قيل، غيض، جيء .
فائدة الروم والشمام:
1/ بيان الحركة الصلية التي ثبتت في الوصل
للحرف الموقوف عليه ليظهر للسامع في الروم
وللناظر في الشمام كيف تلك الحركة، وخاصة
عندما تلتبس الحركة بغيرها نحو ) ف و ق ك ل ذي
و َ ْ َ ُ ّ ِ
َ
ِ َ ْ َْ َ َ ّ ِ ْ
ع ل م ع لي م( ونحو ر ب إ ِ ني ل ما أ َ ن ز ل ت إ ِ ل ي م ن
)َ ّ ّ
ِْ ٍ َِ ٌ
خ ي ر ف قي ر(.
َْ ٍ َ ِ ٌ
2/ الفرق بين ما هو متحرك في الوصل فسكن
للوقف، وبين ما هو ساكن في كل حال.
3/ تمييز القراءات عن بعضها نحو ) فيكون(
على قراءة يدخلها الروم والشمام، أما على
3. قراءة النصب فليس فيها إل السكون المحض
وقفا.
4/ تمييز المذكر عن المؤنث نحو ) كذلك(
المكسورة يدخلها الروم أما المفتوحة فليس
فيها إل السكون المحض وقفا.
5/ تمييز القراءة المتواترة من الشاذة، كما
ّ َ ِ ْ
في نحو قوله تعالى : إ ِ ن ما ي خ شى ال ل ه م ن
)ّ َ َ ْ َ
ع با د ه ا ل ع ل ما ء( فالوقف على العلماء بالروم أو
َِ ِ ِ ْ َُ َ ُ
الشمام أفضل، لبيان القراءة المتواترة بالرفع
أما قراءة عمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة: إنما
يخشى ا من عباده العلماء برفع لفظ الجللة
ونصب العلماء ، ووجهت بأن الخشية فيها
استعارة للجلل والتعظيم ، أي إنما يجل ا
العلماء من عباده ويعظمهم كما يجل المهيب
المخشي من الناس بين جميع عباده ـ فقراءة
شاذة.
.
ما ل يدخله الروم والشمام:
وهو ما يوقف عليه بالسكون المحض فقط ول
يجوز فيه روم ول إشمام فينحصر في خمسة
أنواع وهي:
النوع الول: هاء التأنيث وهي قسمان: قسم
رسم بالهاء المربوطة " كالصلة والزكاة والجنة
والمغفرة" في قوله تعالى : و ي قي مو اْ ل ص ل َة
ّ َ
)َ ُ ِ ُ
و ي ؤ تو ا ل ز كا ة( ، وقوله سبحانه : وال ل ه ي د ع و إ ِ لى
) ّ ُ َ ْ ُ ْ َ
َ
َُ ُْ ْ ّ َ َ
ا ل ج ن ة وا ل م غ ف ر ة ب إ ذ ن ه( فهذا ونحوه يوقف عليه
ْ َّ ِ َ ْ َ ْ ِ َ ِ ِِ ِْ ِ
بالسكون المحض بالجماع ول يدخله روم ول
إشمام.
4. وقسم رسم بالتاء المفتوحة: وهذا يوقف عليه
بالسكون المحض فقط لمن مذهبه الوقف عليه
بالهاء المربوطة كابن كثير وأما من وقف عليه
بالتاء المفتوحة تبعا للرسم كحفص عن عاصم
فيقف بالوجه الثلثة السكون المحض والروم
والشمام وهذا في المرفوع منه نحو " بقيت"
في قوله تعالى : ب ق ي ت ال ل ه خ ي ر ل ك م(
)َ ِ ّ ُ ّ ِ َ ْ ٌ ّ ُ ْ
وبالسكون المحض والروم في المجرور منه
نحو " رحمت" في قوله تعالى : فان ظ ر إ ِ لى آ ثا رِ
َ
ُ ْ َ
)
َ
ر ح م ت ال ل ه ك ي ف ي ح ي ي ا ل َر ض ب ع د م و ت هآ(
ْ َ َ ْ َ َ ِْ َ
َ ْ َ ِ ّ ِ َْ َ ُ ِْ ِ
وبالسكون المحض فقط في المنصوب منه نحو
ْ ُ ُ ْ
" نعمت" في قوله تعالى: ) ي أ ي ها ال نا سُ ا ذ ك رو ا
ّ
َّ َ
ن ع م ت ال ل ه ع ل ي ك م(.
ِ ْ َ َ ّ ِ ََْ ُ ْ
النوع الثاني: ميم الجمع في قراءة من وصلها
بواو لفظية في الوصل كقوله تعالى:
) ي ن ص ر ك م ع ل ي ه م(.
وَْ ُ ْ ُ ْ ََْ ِ ْ
َ
أما في قراءة من أسكنها كحفص فهي عنده
من النوع الساكن في الحالين التي بعد.
النوع الثالث: عارض الشكل وهو ما كان محركا
في الوصل بحركة عارضة إما للنقل نحو اللم
من قوله تعالى : ق ل أو ح ي( في قراءة من
)ُ ْ ُ ِ َ
نقل الحركة إلى الساكن قبلها كورش. وإما
للتخلص من التقاء الساكنين كالراء من نحو
قوله تعالى : أ َ ن أن ذ ر ال نا س( ، ومنه ميم الجمع
َ
) ْ َ ِ ِ ّ
قبل الساكن في نحو قوله تعالى : ) ت ق ط ع تْ
وَ َ ّ َ
َ
ب ه م ا ل َس با ب( وقوله جل شأنه : ) ل َ ت ه نوا وَ ل َ
و َ ُِ
َ
َْ ُ
ِ ِ ُ
ت ح ز نوا و أ َ ن ت م ا ل َع ل و ن(.
َْ ْ َ
َ ُْ ُ
َ ْ َُ
وقد أشار إلى هذه النواع الثلثة وحكمها
5. المام الشاطبي رحمه ا تعالى في الشاطبية
بقوله:
* وفي هاء تأنيث وميم الجميع ق ل * وعارض
ْ
شكل لم يكونا ليدخل اهـ*
النوع الرابع: ما كان آخره ساكنا في الوصل
والوقف نحو " فأنذر فكبر فطهر فاهجر" في
َ َّ َ
قوله جل وعل: ) ي أ ي ها ا ل م د ث ر ق م ف أن ذ ر .و ر ب ك
َ ّ َ ْ ُ ّ ّ ُ .ُ ْ َ َ ِ ْ
ف ك ب ر .و ث يا ب ك ف ط ه ر .وال ر ج ز فا ه ج ر( ومنه ميم
َ َّ ْ ََِ َ َ َ َ ّ ْ َ ّ ْ َ َ ْ ُ ْ
الجمع في قراءة من أسكنها كما مر آنفا.
النوع الخامس: ما كان متحركا في الوصل
بالنصب في غير المنون نحو " المستقيم
والخبء" أو بالفتح نحو " ريب - للمتقين -
ل
ّ َ َ
وت ب" في قوله تعالى: ) اه د نا ال ص را ط
َِ
ّ
ا ل م س ت قي م( ونحوه وقوله تعالى : ي خ ر ج ا ل خ ب ءَ
)ُ ْ ِ ُ ْ َ ْ
ْ ُ َْ ِ َ
ذِ َ
في ال س ما وا ت وا ل َر ض( ، وقوله سبحانه : ) ل ك
َ
ّ َ َ ِ َ ْ ِ
ِ
ا ل ك تا ب ل َ ر ي ب في ه ه دى ل ل م ت قي ن( ، وقوله عز
ّْ ُّ ِ َ
َْ َ ِ ِ ُ ً
ْ َِ ُ
وجل : ) ب ت ي دآ أ َ بي ل ه ب و ت ب(. أ. هـ من هداية
َ َ ٍ ََ ّ
تّ ْ َ َ ِ
َ
القاري.
الوقف على هاء الضمير:
وفيه 3 مذاهب:
الول: جواز الروم الشمام فيهما مطلقا وهو
الذي في التيسير.
الثاني: المنع مطلقا وهو ظاهر كلم الشاطبي
وفاقا للداني في غير التيسير.
الثالث: وهو المختار كما قال ابن الجزري: منع
الروم والشمام إذا كان قبل الهاء ضم أو واو
ساكنة أو كسر أو ياء ساكنة نحو : يعلمه
ويرفعه وعقلوه وليرضوه وبه وربه وفيه وإليه،
6. ويجوز الروم والشمام إذا لم يكن قبلها ذلك .
قال المحقق: وهو أعدل المذاهب عندي.
إلى ذلك أشار الشاطبي بقوله:
وفي الهاء للضمار قوم أبوهما ومن قبله ضم
أو الكسر مثل
أو أماهما واو وياء وبعضهم يرى لهما في كل
حال محلل . من نهاية القول المفيد.
الختلس:
ومعنى الختلس:
قال ابن الباذش: معناه النطق بالحركة سريعة
وهو ضد الشباع.
وقال الداني: هو تضعيف الصوت بها وتوهينها.
وقال الهوازي: بثلثي الحركة فيكون المحذوف
من الحركة أقل من المأتي به ول يؤخذ إل من
أفواه الرجال.
الختلس يتناول الحركات الثلث ول يختص
بالخر والمثبت فيه من الحركة أكثر من
المحذوف.
الختلس حركة. قال الداني في الرجوزة
المنبهة:
والختلس حكمه السراع بالحركات كل ذا
إجماع.
وقد جمع الطيبي الكلمات التي ورد فيها
الختلس فقال:
والختلس في نعما أرنا ونحو باريكم ول تأمنا
ول تعدوا ل يهدي إل وهم يخصمون فادر الكل.
الختلس في الصلة معناه:
ويقال له القصر أو ترك الشباع : وهو الكتفاء
7. بحركة الهاء وعدم المد بعدها، مع ملحظة
تمام الحركة.
مثال: ) يؤده(:
يكون النطق بكسر الهاء كاملة دون مد.
فائدة:
قال صاحب إبراز المعاني في شرح قول
الشاطبي: ) وعارض شكل لم يكونا ليدخل(:
الموضع الثالث قوله وعارض شكل الشكل
عبارة عن الحركة هنا تجوزا على تجوز وذلك
أن استعماله في دللة الخط على الحركات
والسكون مجاز لنه تقييد كالشكل في الدواب
ثم استعماله مخصصا بالحركة تجوز آخر ودلت
قرينة الكلم في الروم والشمام على هذا
التجوز ، لنهما ل يدخلن إل في متحرك أي
وفي شكل عارض أي حركة عارضة فهو من
باب حسن وجه إل أنه ل يجوز أن تقول مررت
بحسن وجه وأنت تريد بوجه حسن لما فيه من
إضافة الصفة إلى الموصوف وإنما يجوز على
تقدير مررت بشخص حسن وجه فعلى هذا
يكون تقدير البيت وفي لفظ عارض شكل لم
يدخل وذلك حركة التقاء الساكنين ، نحو لم
يكن الذين ) لم يكن الذين- وعصوا الرسول-
فلينظر النسان- ويومئذ( ، لنه ليس هنا حركة
فتفتقر إلى دللة والعلة الموجبة للتحريك في
الوصل مفقودة في الوقف لن الساكن الذي
من أجله تحرك الحرف الول قد باينه وانفصل
عنه فأما حركة نحو القاف من قوله تعالى
) ومن يشا ق ا( ، فترام وإن كانت حركة
ّ
8. التقاء الساكنين أيضا لن الصل يشاقق فأدغم
وحرك وسببه دوام مصاحبة الساكن المدغم
وقفا ووصل.
ومما يمتنع رومه من الحركات العارضة حركة
الهمزة المنقولة في قراءة ورش نحو ) من
إستبرق- و- قل أوحي( .
قال مكي: فأما إن كان الذي أوجب الحركة في
الحرف لزما فالروم والشمام جائزان فيه على
ما قدمناه في الوقف على ) جزء،وملء،ودفء(
إذا ألقيت حركة الهمزة على ما قبلها في قراءة
حمزة وهشام لنها حركة الهمزة وهي تدل
عليها فكأن الهمزة ملفوظ بها قال: فأما
) يومئذ،وحينئذ( ، فبالسكان تقف عليه لن الذي
من أجله تحركت الذال يسقط في الوقف فترجع
الذال إلى أصلها وهو السكون فهو بمنزلة ) لم
يكن الذين( ، وشبهه قال: وليس هذا بمنزلة
) غواش ، وجوار( ، وإن كان التنوين في جميعه
دخل عوضا من محذوف لن التنوين دخل في
هذا على متحرك فالحركة أصلية والوقف عليه
بالروم حسن والتنوين - في يومئذ- دخل على
ساكن فكسر للتقاء الساكنين على الصل وا
أعلم.