يتزايد اهتمام المؤسسات في جميع أنحاء العالم بممارسات إدارة المعرفة، بهدف مواجهة التحديات المعاصرة التي يفرضها العصر الرقمي الذي يعيشه عالمنا اليوم، حيث أصبحت المعرفة أحد الأصول الأساسية الحاسمة لبناء واستدامة القنوات التنافسية وباعتبارها سبيلاً للتحسين والابتكار المستمرين. غير أن قيادة وتنفيذ معظم التطورات في مجال إدارة المعرفة ما تزال تتم من قبل مؤسسات دولية أو شركات تجارية خاصة، وتظهر النتائج التي يتمّ تحقيقها جراء ممارسات إدارة المعرفة، أنّ من شأن التطبيقات المعرفية في المؤسسات الحكومية أن تعزز القدرات المؤسسية وتسهم في إدخال تحسينات كبيرة على الأداء وتساعد على التحول والتطور لتصبح مؤسسات أكثر استجابة للتغيرات في البيئة الداخلية والخارجية.
ويسعى هذا الكتاب إلى تحقيق هدفين، أولهما: تقديم نظرة عامة حول إدارة المعرفة وإبراز أهميتها لمؤسسات القطاعين الحكومي والخاص. وثانيهما: تقديم دراسة حالة لتجربة إحدى المؤسسات الحكومية الاتحادية المتميزة في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال إدارة
المعرفة ممثلة بهيئة الإمارات للهوية.
ويستعرض الكتاب النهج العام وإطار العمل اللذين تتبعهما هيئة الإمارات للهوية في مجال إدارة المعرفة، ويشرح كل مكون من مكونات عملية تطبيقها، بحيث يمكن استطلاع التطبيقات التنفيذية بالهيئة كدراسة حالة وكدروس مستفادة منها، وهو ما يتيح للقارئ إمكانية تقييم ومقارنة هذه التطبيقات مع التطبيقات الأخرى في المؤسسات الإدارية المختلفة. وتبرز الدراسة أهم المعايير التي يمكن استخدامها كأداة لتقييم ومقارنة أفضل الممارسات، كما يمكن للدراسة أن تساعد المؤسسات والباحثين على تعزيز فهمهم لإدارة المعرفة من خلال تقديم صورة واقعية حول أفضل الممارسات في هذا المجال في القطاع العام، ومن ثم التركيز على تحسينها وتنفيذها بشكل يتواءم مع متطلبات اقتصاد المعرفة.