SlideShare une entreprise Scribd logo
1  sur  6
Télécharger pour lire hors ligne
‫ما ھو االعتماد على المواد النفسية‬
                           ‫)المخدرات(‬
                                                       ‫د. محمد عزام فريد سخيطة‬
                                            ‫الباحث الدولي و المستشار في الشؤون الصحية و البيئية‬
                                          ‫عضو مجلس إدارة جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان‬
                                                               ‫الخيرية بحلب‬




‫في األسبوع الماضي و في لقاء عابر مع أحد زمالئي الدكتور ماركو يوسيبوفيتش “ ‪ ،“Josipović‬و الذي كنت‬
‫أعمل معه في الثمانينات من القرن الماضي و لسنوات عديدة في أحد الب رامج الخاص ة بمعالج ة اإلدم ان الس لوكي‬
‫في يوغوس الفيا الس ابقة، س ألته بع د انقط اع دام ألكث ر م ن ٥١ س نة ع ن آخ ر التط ورات ف ي معالج ة اإلدم ان ف ي‬
‫البلق ان عموم ا و ف ي المرك ز التخصص ي ف ي معالج ة اإلدم ان ال ذي كن ا نعم ل في ه بش كل خ اص. فوجئ ت بم دى‬
‫اإلحباط الذي يشعر به و ھو يحاول اإلجابة على تساؤالتي و كأنه كان يحاول إخفاء مشاعر الخوف و القل ق عل ى‬
‫م ا ق د يص يب البش رية م ن مخ اطر ھ ذا الوب اء... "اإلدم ان عل ى الم واد النفس ية - المخ درات". أخ ذ يح دثني ع ن‬
‫األص ناف الكثي رة و المتنوع ة م ن حي ث الت أثير عل ى المتع اطي و البيئ ة المحيط ة ب ه و التركيب ات المحلي ة و‬
‫المستوردة و التي بلغت حدا يصعب معه احصاؤھا. كم ا جع ل يخبرن ي ع ن أن الم واد النفس ية و المخ درات عل ى‬
                     ‫ّ‬
‫اختالف تنوعھا و أشكالھا باتت في متناول اليد الى حد كبي ر و ربم ا سيس تطيع الف رد - عل ى ح د قول ه - ش راؤھا‬
‫من األكشاك الواسعة االنتش ار عن دھم ف ي القري ب العاج ل. األم ر المح زن، أن اس تخدام الم واد النفس ية و اإلدم ان‬
‫على شرب الكحول و التدخين لم يعد حكرا على الراشدين في البلقان بل أخذ ينتشر في أوساط المراھقين و تالمي ذ‬
‫المدارس و خصوصا في المؤسسات اإليوائي ة عل ى اخ تالف أنواعھ ا و توجھاتھ ا ال ب ل و ف ي ص فوف العس كر و‬
                                         ‫الطالب النزالء في المدن الجامعية و التجمعات و النشاطات الشبابية األخرى.‬
‫إن أكث ر األم ور إيالم ا بالنس بة ل ي – يق ول د. يوس يبوفيتش، ھ و أن المرك ز المتخص ص ف ي معالج ة االعتم اد‬
‫)اإلدمان( و الذي عملنا جاھدين على دعمه و تطويره طيلة العقود الماضية... أص بح اآلن أش به بمرك ز "ت دريب"‬
‫للم دمنين يتعرف ون م ن خالل ه عل ى أن واع جدي دة م ن الم واد النفس ية اإلدماني ة و يتب ادلون الخب رات المختلف ة م ع‬
                                   ‫ٍ‬      ‫ٍ‬        ‫ً‬
‫أقرانھم الجدد نزالء المركز ليخرجوا منه و ھم أكثر إدمانا ً و دراية بمھارات جديدة لم يعرفوھا من قبل... و لعل ي‬
‫لم أشأ أن يحرجني زميلي د. يوسيبوفيتش بالسؤال عن األوضاع عندنا، حيث بادرت إلى تغيي ر الموض وع برمت ه‬
                                     ‫و دعوته لتناول القھوة مع األصدقاء اآلخرين الذين كانوا متواجدين وقتھا معنا...‬
‫في واقع األمر، و على الرغم من التقدم التقني و التطور العلمي واالجتماعي ال ذي تعيش ه اإلنس انية الي وم، إال أنن ا‬
‫و لألسف نواجه أزمة أخالقية و إنسانية و صحية تتفاقم يوما بعد يوم ليس في منطقة محددة م ن الع الم فحس ب ب ل‬
            ‫على المستوى العالمي، تتنوع بسببھا األمراض النفسية و االضطرابات السلوكية و تزداد تنوعا و تعقيدا.‬
‫يعتبر مرض تعاطي المواد النفسية )المخدرات( بأنواعھا المختلفة من أكثر اآلفات خطورة إلى حد كبير حيث بات‬
‫االعتماد عليھا يعد من أمراض العصر المستعص ية. و الحكوم ة الس ورية ت ولي ھ ذا األم ر أھمي ة خاص ة و يتمث ل‬
‫ذلك في دعم المؤسسات الطبية ذات الصلة التي تقدم خدماتھا للمواطنين المصابين بھذا الداء مجانا كما و تش جعھم‬
‫على تلقي ما يلزم من عالج و رعاية بتقديمھا قائمة من اإلعفاءات و التسھيالت لكل من ي أتي للع الج طوع ا ً. كم ا‬
‫تق وم الحكوم ة ب دعم الجمعي ات األھلي ة و الخيري ة ذات الص لة بس خاء و ذل ك م ن خ الل التنس يق م ع ال وزارات‬
‫المختلف ة و أھمھ ا وزارت ي الص حة و الش ؤون االجتماعي ة والعم ل. و لق د تأسس ت ف ي حل ب أول جمعي ة لمعالج ة‬



                                                        ‫1‬
‫األم راض النفس ية و اإلدم ان )االعتم اد( من ذ الع ام ٦٠٠٢ و ھ ي بص دد الش روع ف ي تق ديم خ دماتھا للم واطنين‬
                                                                                          ‫بأسعار رمزية جداً.‬


                                            ‫ما ھي المواد النفسية و التي تعرف بين العامة بالمخدرات؟‬
‫قبل كل شيء، يجب القول بأن منظمة الصحة العالمية تستخدم تعبير "المواد النفس ية" ب دال م ن "المخ درات". م ع‬
‫ذلك، فإنني سأستخدم ھنا أحيانا كلمة "المخدرات" لكثرة تداولھا عند العامة. ھناك عدة تعاريف لمفھوم المخدرات،‬
‫و ذلك طبقا إلى مضامينھا وجھات تحديدھا. فمن الوجھة العلمية، تعرَّ ف المخدرات على أنھا م ادة كيميائي ة تس بب‬
‫الن وم والنع اس وغي اب ال وعي المص حوب بتس كين األل م. ل ذلك ال تعتب ر المنش طات وال العق اقير المھلوس ة وف ق‬
‫للتعريف العلمي من المخدرات. في حين يعتب ر الخم ر م ن المخ درات. أم ا المش رعون الحقوقي ون ف إنھم يعتب رون‬
‫المخ درات مجموع ة م ن الم واد الت ي تس بب اإلدم ان وترھ ق الجھ از العص بي، ويحظ ر ت داولھا أو زراعتھ ا أو‬
‫صنعھا إال ألغراض يحددھا القانون، وال تستعمل إال بواسطة من يرخص له بذلك. أما في التعري ف الطب ي، فھ ي‬
‫كل مادة سواء كانت نباتية المنشأ أو كيميائية أو مركبة ذات خواص معينة تؤثر عل ى متعاطيھ ا، وتجعل ه م دمنا ال‬
‫إراديا عليھا، باستثناء تعاطيھ ا لغ رض الع الج م ن بع ض األم راض )تح ت إش راف طب ي(، وتش كل ض ررا عل ى‬
‫المتعاطي سواء كان سلوكيا أو نفسيا أو صحيا أو اجتماعيا. كما يعرفھا علماء االجتماع على أنھا تلك الم واد الت ي‬
‫تؤدي بمتعاطيھا إل ى الس لوك الج انح، وھ ي أيض ا حس ب االختصاص يين االجتم اعيين، تل ك الم واد المذھب ة للعق ل‬
                                                                      ‫فيأتي مستخدمھا بسلوك منحرف أو غير الئق.‬
‫و مھما تعددت التعاريف و المفاھيم حول اإلدمان على المواد النفس ية، فإن ه الب د م ن الق ول ب أن اإلدم ان ھ و حال ة‬
‫تسمم دورية أو مزمنة تلحق أضرارا متباينة بالفرد و المجتم ع، تن تج ع ن تك رار تع اطي عق ار طبيع ي أو ص نعي‬
                   ‫بشكل قھري يكون المتعاطي فيه مرغما على محاولة الحصول على ھذا العقار النفسي بأي ثمن.‬
‫و لإلسھاب في التوضيح، فإننا اليوم نطل ق عل ى ھ ذه الحال ة اس م "االعتم اد" لتمييزھ ا ع ن اإلدم ان المطل ق ال ذي‬
‫يشمل الوقوع تحت تأثير مواد أخ رى ال تص نف ف ي المخ درات المحظ ورة أو الخط رة مث ل المش روبات الكحولي ة‬
‫كما أن ھناك مواد أخرى تمنعھا بع ض ال دول وال تمنعھ ا دول أخ رى مث ل الق ات، وم واد عادي ة أق ل خط راً لكنھ ا‬
‫تسبب اإلدمان مثل التبغ و السكر البديل الواسع االنتش ار و المع روف باس م "أس بارتام" و أخي راً القھ وة والش اي و‬
                                                                                                          ‫غيرھا.‬


                                                                                     ‫متى يعتبر المدخن مدمنا ً؟‬
  ‫كثيرا ما يسألني البعض عما إذا كان تدخين التبغ ھو شكل من أشكال اإلدمان؟ في اعتقادي أنه ليس بالضرورة، إذ‬
  ‫أن ھناك من يدخن لفافة تبغ واحدة أو أكثر ف ي الي وم أو ف ي بع ض المناس بات... ھ ؤالء يعتب رون م ن الم دخنين و‬
  ‫ليسوا من المدمنين. على كل حال، يمكن اعتبار كل من يدخن أكثر من ٠١ لفافات من التبغ يومي ا عل ى أن ه م دمن‬
  ‫على التدخين أو "النيكوتين". األم ر يختل ف تمام ا عن دما يك ون الح ديث ع ن ت دخين النارجيل ة حي ث يعتب ر ت دخين‬
‫المعس ل و المض افات األخ رى "الغي ر مض بوطة" م ن األم ور الض ارة ج دا بالص حة و نح ن نعتب ر م دخنھا م دمنا ً‬‫ّ‬
                                                ‫طالما أنه يدخنھا بشكل دوري )مرة كل يوم أو كل أسبوع الخ...(.‬
‫الخطورة في التدخين أنه يعتبر بمثابة البواب ة إل ى ول وج ع الم المخ درات. و لع ل الالف ت لالنتب اه ھ و أنن ي ط وال‬
‫حياتي العلمية و المھني ة، أك اد ال أذك ر أنن ي ص ادفت م دمنا واح داً عل ى الكح ول أو معتم دا عل ى العق اقير النفس ية‬
‫)المخدرات( إال و كان من المدخنين. كما أن بعض أصحاب النفوس الض عيفة م ن أص حاب المق اھي، يميل ون إل ى‬
‫اس تخدام القلي ل م ن العق اقير أو الم واد المخ درة رخيص ة ال ثمن و يض عونھا ف ي وص فات المعس ل بحي ث ترض ي‬
‫زبائنھم األبرياء و تجعلھم من المعتمدين )المدمنين( على عقاقير نفسية دون دراية م نھم مم ا يجب رھم عل ى ارتي اد‬
                                                       ‫مقھى بعينه دون غيره بحجة أن النارجيلة ھناك "غير شكل".‬


                         ‫حدثنا عن األنواع األكثر استخداما في عالم اإلعتماد على المواد النفسية...‬
‫في برنامج خاص قامت به الحكومة اليوغس الفية ف ي الثمانين ات م ن الق رن الماض ي بالتنس يق م ع منظم ة الص حة‬
‫العالمية، قمت آنذاك بالتعاون مع لفي ف م ن البحاث ة و المتخصص ين ف ي مج ال اإلدم ان بعم ل و نش ر ع دة أبح اث‬


                                                         ‫2‬
‫ميدانية حول اإلدمان على الھيرئين و المورفين و الكوك ائيين و الك ودئين و غيرھ ا م ن الم واد النفس ية المخ درة و‬
 ‫المنش طة و تابعن ا تأثيراتھ ا المختلف ة عل ى الش خص المص اب و ك ان لط رق الكش ف و التحدي د ب الطرائق الحركي ة‬
 ‫النصيب األكبر في ھذه األبحاث حيث ساعدنا ذلك على اعتماد األس اليب العلمي ة ف ي المراقب ة و الع الج و ھ ذا م ا‬
 ‫جعل المركز الذي كنا نعمل فيه يكتسب آنئذ شھرة إقليمي ة ف ي مج ال الوقاي ة و التوعي ة م ن االعتم اد )اإلدم ان( و‬
                                              ‫معالجته. على كل حال، ھناك مجموعتان أساسيتان من المواد النفسية:‬
 ‫المجموعة األولى وھي المواد النفسية الطبيعية وھي عبارة عن نبات ات و أعش اب يتناولھ ا الن اس بش كلھا الطبيع ي‬
                            ‫الخام، و أھمھا: األفيون و الحشيش، و القات و الكوكا و البانجو و بذور الغار و غيرھا.‬
 ‫أما المجموعة الثانية فھي م واد نفس ية كيماوي ة )تركيبي ة( وھ ي أساس ا ً م واد تس تخلص م ن الم واد النفس ية الطبيعي ة‬
 ‫الخام، ويتم استخالصھا و تصنيعھا بالطرق الكيماوية وأھمھا: الكوكائيين، الذي يستخرج أساس ا م ن أش جار الكوك ا‬
 ‫لكنه قوي التأثير بنسبة تفوق تأثير الكوكا خمسين مرة، الھيرئين وھو احد مشتقات المورفين قابل للذوبان ف ي الم اء‬
 ‫ويستخدم بواسطة التدخين بخلطه مع التبغ أو يوضع القليل منه مع المعس ل ف ي النارجيل ة أو حرق ه عل ى رأس لفاف ة‬
 ‫تب غ متوھج ة لغ رض استنش اقه، كم ا أن ھن اك الكثي ر م ن العق اقير الطبي ة الت ي يس اء اس تعمالھا مث ل الم ورفين و‬
 ‫الف اليوم و غيرھ ا م ن الم واد الطي ارة االستنش اقية مث ل البن زين، الص مغ، م زيالت الط الء، الريزين ات و الم واد‬
 ‫الراتنجي ة المختلف ة و غيرھ ا. لق د الحظن ا م ن خ الل األبح اث الت ي قمن ا بھ ا ف ي مدين ة بلغ راد أن بع ض أطف ال‬
    ‫المدارس يميلون إلى استخدام اللواصق كمادة مخدرة و ذلك بوضع قليل منھا في كيس من النايلون و استنشاقھا.‬


                                        ‫كثيرا ما نسمع عن وجود مراحل لإلعتماد... ما المقصود بذلك؟‬
                                 ‫بشكل عام، ھناك مرحلتين أساسيتين يمر بھما المصاب المعتمد على المواد النفسية:‬
 ‫المرحلة األولى و تتمثل في االعتماد العقلي والنفسي: و تتميز بعدم القدرة النفسية عل ى االس تغناء ع ن العق ار النفس ي‬
 ‫والميل الشديد للتعاطي، صعوبة االنقياد والشرود الذھني وع دم التركي ز. و أس تطيع الق ول جازم اً، ب أن المص اب ف ي‬
         ‫ھذه المرحلة يمكن و صفه على أنه ذليل و ضعيف أمام المواد و العقاقير النفسية أو من يروج لھا بشكل مھين.‬
 ‫أم ا المرحل ة الثاني ة فھ ي األش د فتك ا و خط ورة عل ى المص اب المعتم د ال ذي يج د نفس ه مكرھ ا ً عل ى تع اطي الم واد‬
                                         ‫النفسية نتيجة حاجة عضوية ماسة. وتتميز ھذه المرحلة بعنصرين أساسيين:‬
 ‫األول: التعود نتيجة تكرار تعاطي الم واد النفس ية، وي ؤدي إل ى تغي رات عض وية ف ي الجس م يص احبه حاج ة ماس ة‬
                                                                                             ‫لزيادة الجرعة.‬
 ‫الثاني: األعراض اإلنسحابية: وھي رد فعل فسيولوجي نتيج ة مش روطة تط رأ بتوق ف المتع اطي للم واد و العق اقير‬
 ‫النفسية فجأة أو عدم تمكنه من الحصول عليھا، وھ ذه األع راض تتمث ل ف ي فق دان الش ھية، ع دم الھ دوء، الخ ذالن،‬
 ‫ضعف العضالت، االنفعال، التنفس السريع. ومع التقدم في التعاطي تشتد ھذه األعراض لتص ل إل ى درج ة حرج ة:‬
 ‫كالتقيوء، انقباض المعدة، القشعريرة، تصبب العرق، اإلسھال الشديد، وف ي بع ض الح االت تس بب الم وت المف اجئ‬
 ‫األمر الذي يستدعي دراية طبية عالية المستوى ف ي أس اليب التعام ل م ع األع راض اإلنس حابية بش كل ص حيح. و‬
 ‫أحب أن أشدد على ضرورة عدم السماح لألطباء بالتعامل مع األعراض اإلنس حابية الت ي يش كو منھ ا المص اب إال‬
               ‫إذا كانوا من ذوي االختصاص على أن يتم ذلك في مشفى تحت طائلة المسائلة و المالحقة القانونية.‬


                                                                                           ‫ْ‬
                                        ‫لماذا يقدم البعض على تعاطي المواد النفسية و االعتماد عليھا؟‬
                           ‫في رأيي، ھناك عوامل عدة و متشعبة، لكنني سأحاول إبراز أكثرھا أھمية و ھي ثالث:‬
‫أوالً: عوامل اقتصادية: كالبطالة و ارتفاع مستوى المعيشة و ازدياد متطلبات الحياة بصورة عامة، باإلضافة‬
‫إلى النزعة االستھالكية عند البشر، تأثير وسائل اإلعالم المسموعة و المرئية و ما تعرضه من إعالنات تجعل‬
‫المستھلك الذي يعاني من ظروف صعبة أكثر ميال إلى األفعال اإلنحرافية التي غالبا ما تتجسد في تعاطي‬
                                                                                           ‫المخدرات.‬
‫ثانيا: عوامل نفسية: ھناك مجموعة عوامل نفسية تؤثر تأثيرا كبيرا على الشخص فيضطر معظم من يتعرض‬
‫لھا إلى االستسالم، فتكون نتيجة ذلك ممارسته للھروب من الواقع فيقع فريسة لتعاطي المواد النفسية أو الخمور‬
‫أو كليھما. وھناك من يضيفون دوافع أخرى إلى ما تقدم كالرغبة في التجريب أو الھروب من المشاكل أو‬


                                                          ‫3‬
‫الرغبة في إضفاء جو من البھجة و المرح. البعض قد تتملكه الرغبة في زيادة القدرة الجنسية أو يعتريه‬
‫الصراع بين التطلعات الطموح واإلمكانات المتاحة أو الفشل في حل الصراع بالطرق المشروعة أو اإلحساس‬
‫باالغتراب والقھر االجتماعي أو ربما الرغبة في االستقرار النفسي و غير ذلك من العوامل النفسية و السلوكية‬
                                                                                    ‫التي تحضّ على االعتماد.‬
‫لقد و جدنا من خالل األبحاث و التجارب المختلفة التي أجريناھا على شرائح متباينة من المصابين بمرض‬
‫االعتماد على العقاقير النفسية، بأنّ الشخص المصاب باالكتئاب غالبا ما يستخدم مواد نفسية تسبب له اإلحساس‬
‫بالرضا والسرور. في حين أن الشخص الذي يعاني من التفكك الداخلي في الذات واضطراب في العالقات‬
‫االجتماعية و صعوبة التواصل مع اآلخرين أو في الوجدان والمشاعر وھو ما يعرف بالشخصية الفصامية يميل‬
        ‫في أكثر األحيان إلى االعتماد على تلك المواد النفسية التي تساعده في إعادة االنتظام واإلحساس بالواقع.‬
‫ثالثا: عوامل اجتماعية: مشكلة تعاطي المواد النفسية واالعتماد عليھا، شأنھا في ذلك األنماط األخرى من‬
‫المشكالت االجتماعية وراءھا عوامل اجتماعية عديدة ھامة ومؤثرة تتباين من شخص إلى آخر و من مجتمع‬
‫إلى آخر. تؤثر أنماط الحياة والعوامل والقيم االجتماعية و الدينية تأثيرا فعاال في احتماالت االعتماد على المواد‬
‫النفسية أو اإلدمان على الخمور و التدخين. وھناك جملة عوامل اجتماعية ال بد من أخذھا بعين االعتبار: البيئة‬
‫داخل المؤسسات اإليوائية سيئة السمعة، رفاق السوء، التنشئة األسرية السيئة و التفكك األسري و المحاكاة و‬
‫ضعف الوازع األخالقي و الديني و سوء استخدام أوقات الفراغ باإلضافة إلى غياب الدور الھام لوسائل اإلعالم‬
                                      ‫في نشر التوعية بمخاطر المواد النفسية و ما قد ينجم عن االعتماد عليھا.‬


                                                                     ‫ھل ھناك من طرق للوقاية من اإلدمان؟‬
 ‫ال شك في ذلك، و الحقيقة أن درھم وقاية ھو خير من قنطار ع الج. عل ى ك ل ح ال، يمك ن أن ألخ ص ط رق الوقاي ة‬
 ‫م ن اإلدم ان عل ى المخ درات بالنق اط التالي ة: ١- وقاي ة ديني ة – اجتماعي ة، ٢- وقاي ة عملي ة – ص حية، ٣- وقاي ة‬
 ‫قانونية – أمنية، ٤- حضارية – ثقافية، ٥- تربية وطنية تتعزز معھا مشاعر االعتزاز بالمواطن ة و تعتم د التح ذير‬
 ‫من مخاطر المخدرات و أنھا سالح يستخدم ضد أبناء الوطن، يستخدمه األعداء لغرض ھدم اإلنسان في بالدنا والنيل‬
                                                                                 ‫من قيمنا وعاداتنا وديننا وثرواتنا.‬
‫و أحب أن أنوه إلى أن كل واحد منا مسئول عن اإلبالغ عن كل مصاب أو حاالت يشتبه فيھا بأشخاص يتداولون‬
‫مثل ھذه المواد سواء بقصد الترويج أو التوزيع أو االستخدام. إن اإلبالغ عن ھذه الحاالت ھو واجب وطني مقدس و‬
                                                     ‫مسئولية و أمانة في عنق كل مواطن غيور على ھذا الوطن.‬
 ‫رجال متخصصون في مكافحة المخدرات يعملون بصدق و أمانة و حرفية عالية المستوى قادرون على التعاون مع‬
 ‫كل مواطن يبلغ عن مثل ھذه الحاالت بشكل يضمن السرية و السالمة له و لھذا الوطن من بع ض أص حاب النف وس‬
 ‫المريضة الذين يتربصون بشبابنا و أطفالنا المراھقين. لذا أشدد مرة أخرى على ضرورة التع اون م ع رج ال األم ن‬
            ‫و رجال مكافحة المخدرات واضعين مصلحة الوطن الغالي نصب أعيننا و فوق كل االعتبارات األخرى.‬
 ‫و الخالصة فإن تشديد العقوبات ال يكفي وحده لمنع تجارة المواد النفسية أو حتى للحد منھا وإنما يجب، فضال‬
 ‫عن ذلك، منع الطلب عليھا أو خفضه إلى أدنى حد ممكن بإتباع األساليب الوقائية و التوعية و التي يلعب فيھا‬
 ‫اإلعالم الموجه على كافة مستوياته دورا رياديا و أساسيا شريطة أن تكون ھذه البرامج مدروسة بعناية و‬
 ‫تخاطب شرائح بعينھا بشكل منھجي يعود بالنفع المباشر على المصابين و أسرھم. على كل حال، فقد أجازت‬
 ‫اتفاقيتا األمم المتحدة واالتفاقية العربية لمكافحة االتجار غير المشروع في المواد النفسية )المخدرات(‬
 ‫أن تطبق الدول تدابير أخرى بدالً من العقوبة على المتعاطين مثل العالج أو الرعاية النفسية و االجتماعية الالحقة‬
                                             ‫أو إعادة التأھيل بھدف إعادة دمج المتعاطي في المجتمع ما أمكن ذلك.‬


                                                                                      ‫ما ھي سبل العالج اذن؟‬
 ‫من المھم أن نشير إلى انه ال يوجد عالج تام ومتخصص للمصاب بھذا الداء، حيث ال يوجد دواء يأخذه الشخص‬
 ‫المصاب فيكف عن التعاطي أو يتعافى ولكن ھناك وسائل من شأنھا المساعدة في ذلك. إن عالج االعتماد متعدد‬
 ‫األوجه فھو جسمي ونفسي واجتماعي معا بحيث يتعذر أن يتخلص الشخص المصاب من االعتماد على المواد‬
 ‫النفسية إذا اقتصر على االھتمام بمعالجة أحد ھذه األوجه و تغاضى عن الدور الھام لألوجه األخرى في نجاح أو‬
 ‫فشل العالج. كما أن فرص نجاح العالج مرتبطة إلى حد كبير بالشريحة العمرية و السوية العلمية و الثقافية و‬


                                                        ‫4‬
‫االنتماء الديني و االجتماعي للفرد المصاب. لذلك لم يكن غريبا أن تكون نسبة الذين لم يفلح معھم العالج وعادوا‬
 ‫مجددا إلى اإلدمان تتراوح من ٥٦ - ٥٧% من العدد اإلجمالي لمن دخلوا المصحات بقصد العالج. على كل حال‬
                     ‫فإن العالج يبدأ في اللحظة التي يقرر فيھا الشخص المصاب التوقف عن تعاطي المواد النفسية.‬
                                              ‫ھناك أساليب اتبعت مع مدمنين سابقين و تم عالجھم من اإلدمان، وھي:‬
                      ‫١- تعزيز اإلرادة القوية و خلق رغبة أكيدة عند المدمن تساعده في اإلقالع عن التعاطي،‬
                                     ‫٢- رعاية صحية فعالة، تھتم بصحة الجسم و غذائه بشكل مدروس بعناية،‬
‫٣- رعاية نفسية مركزة ترافقھا رعاية اجتماعية متخصصة يتعاون فيھا األھل مع األخصائيين لما فيه من‬
                                                                               ‫مصلحة للمدمن المصاب،‬
                     ‫٤- تغيير محيط أو بيئة رفقاء السوء للمدمن و الحرص على عدم و صولھم إليه من جديد،‬
                                                                           ‫٥- شغل أوقات الفراغ للمتعاطي،‬
                                                                         ‫٦- تقوية الوازع الديني و األخالقي،‬
                                             ‫٧- القضاء على األسباب األخرى المحفزة على تعاطي المخدرات.‬
‫كما أننا كنا نتبع في معالجة اإلدمان ما يسمى بطرق العالج السلوكي ومنھا طريقة بودن )‪ (Boden‬والتي تعتمد‬
                                                                               ‫على ثالثة مقومات أساسية، وھي:‬
                                                                          ‫١- تدريب المدمن على مالحظة الذات،‬
                                                                              ‫٢- تدريب المدمن على تقييم الذات،‬
                                               ‫٣- برمجة تعديل السلوك بناء على المعطيات التي يتم التوصل إليھا.‬
‫وبطبيعة الحال فإننا لن ندخل في تفاصيل العالج وذلك لسببين، األول ألنه يختلف من شخص إلى آخر، والثاني ألنه‬
‫يشتمل على جھود عديدة طبية ونفسية واجتماعية بينھا درجة عالية من التشابك تحتاج من أجل أن تحقق النتائج‬
‫المنشودة إلى علم وخبرة وإيمان المختصين باإلضافة إلى تعاونھم مع المصاب و األسرة التي ينتمي إليھا وكل من‬
‫يھمھم أمره من أقرباء و معارف و أصدقاء ليكونوا جميعا فريقا واحدا يجمعه ھدف مشترك يتمثل في التوصل إلى‬
                                                                                         ‫مساعدة المصاب بالشفاء.‬


                                                    ‫ما رأيك بالمصحات المتخصصة في معالجة االعتماد:‬
  ‫للحديث عن المصحات المتخصصة بعالج المتعاطين المصابين باالعتماد على المواد النفسية المختلفة وتأھيلھم‬
  ‫للعودة للمجتمع واالندماج فيه والتي نصت القوانين و التشريعات الخاصة بالمخدرات على إنشائھا إليواء المصابين‬
  ‫حتى تتم معالجتھم من االعتماد و ذلك على المستوى الحكومي و األھلي )القطاع الخاص( و التي بدونھا يتعذر كثيرا‬
  ‫مواجھة ھذه المشكلة التي باتت تشكل خطرا محتمال على األجيال اليافعة ليس في سورية فحسب بل و في وطننا‬
                                                                                                   ‫العربي الكبير.‬
‫المشكلة األساسية و التي ال بد لي من ذكرھا تكمن في األداء الھزيل لمعظم ھذه "المصحات" و التي تعاني نقصا ً‬
  ‫كبيراً في الكوادر الالزمة في عالج المصابين و ذلك من حيث الخبرات و االختصاصات و الكفاءات و المعدات و‬
  ‫الكفيلة بأداء مھامھا بما يكفل سالمة النزالء و تأمين عالج سليم لھم. خصوصا ً و أن معظم ھؤالء ھم أشخاص‬
  ‫التحقوا فقط بدورات تدريبية قصيرة دون أن تكون لھم دراية كافية بالمواد النفسية و أنواعھا و التأثيرات المختلفة لھا‬
  ‫على المصاب من النواحي السلوكية و النفسية مما قد يتسبب أحيانا في حدوث وفيات في أوساط المصابين و السيما‬
                                 ‫نتيجة االستھتار بمخاطر األعراض االنسحابية أو الجھل بالتعامل معھا بشكل صحيح.‬
  ‫يتكون الفريق المعالج في المصحات المتخصصة في أغلب األحيان من أخصائي اجتماعي وأخصائي نفسي وطبيب‬
  ‫نفسي، فضال عن طاقم التمريض، يبدأ عمله بعد تحويل المدمن إلى المستشفى حيث يستقبله العاملون في قسم‬
  ‫االستقبال ليثبتوا البيانات الخاصة به ثم يحيلونه إلى األخصائي الذي يقوم بدراسة حالته من جميع جوانبھا والوقوف‬
  ‫على أھم األسباب التي دفعته إلى التعاطي فاإلدمان وتدوين ذلك في استمارة سرية، ثم بعد ذلك يحيله إلى بقية الفريق‬
  ‫المعالج ليتعاملوا معه كل حسب اختصاصه. أما فيما يتعلق بالعمل في المستشفى يوجد فريق مكون من ويعقد فريق‬
  ‫العمل اجتماعا دوريا لوضع خطة العالج في ضوء الظروف الصحية والنفسية واالجتماعية للمريض ثم يبدأ في تلقي‬
                                                                  ‫العالج الذي يشمل جسمه ونفسه وظروفه االجتماعية‬
  ‫كما أنني أود أن أنوه إلى حقيقة عدم توفر بيانات ذات طبيعة إحصائية عن مثل ھذه المصحات في العالم العربي ال‬
  ‫من حيث عددھا أو نظام العمل فيھا وال من حيث طرق العالج المتبعة فيھا أو عدد المتعاملين معھا ونسبة الذين نجح‬
  ‫معھم العالج و غير ذلك من معلومات مفيدة لنا نحن البحاثة في ھذا المجال. و لقد ذھبت جھودي و ربما جھود‬


                                                       ‫5‬
‫أشخاص آخرين معنيين بھذا الشأن سدى للحصول على أي بيانات مفيدة عن ھذه المصحات سواء من جامعة الدول‬
                                                                              ‫العربية أو من صندوق اإلدمان.‬
‫و أخيرا البد لي أن أنوه إلى أننا في جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان الخيرية و مقرھا حلب )تأسست عام‬
‫٦٠٠٢(، قمنا بافتتاح عيادتين نفسيتين خيريتين في منطقتي اإلسماعيلية و شارع النيل. كما أننا نقوم و بدعم من‬
‫وزارة الشؤون االجتماعية و العمل ببذل أقصى الجھود لتقديم أفضل الخدمات ذات الصلة بما يخدم األھداف التي‬
‫وضعناھا نصب أعيننا عند تأسيس جمعيتنا الخيرية. على الرغم من اإلمكانيات المتواضعة التي تملكھا جمعيتنا، إال‬
‫أننا اليوم بصدد تأسيس مركز طبي متكامل و متخصص في معالجة األمراض النفسية و اإلدمان بإشراف خيرة‬
‫األطباء النفسيين و أصحاب االختصاصات الطبية المختلفة و أخصائيين اجتماعيين و الذي نأمل أن يباشر عمله في‬
                                                                                         ‫أقرب فرصة ممكنة.‬



                                     ‫الدكتور محمد عزام فريد سخيطة‬

                                   ‫الباحث الدولي في الشؤون الصحية و البيئية‬
                       ‫عضو مجلس إدارة جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان الخيرية‬




                                                    ‫6‬

Contenu connexe

En vedette

تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
guestb31f27
 
Interview Questions Handbook
Interview Questions HandbookInterview Questions Handbook
Interview Questions Handbook
Mosad Dawood
 
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان   حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان   حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
guestb31f27
 
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعاتEdhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
APSI
 
إدارة الاجتماعات
إدارة الاجتماعاتإدارة الاجتماعات
إدارة الاجتماعات
Mouez Babba
 
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
guestb31f27
 
تحليل الشخصيات وفن التعامل معها
تحليل الشخصيات وفن التعامل معهاتحليل الشخصيات وفن التعامل معها
تحليل الشخصيات وفن التعامل معها
ameertllt
 
Disc أسئلة مقياس
Disc أسئلة مقياسDisc أسئلة مقياس
Disc أسئلة مقياس
shnak1
 
أنماط الشخصية
أنماط الشخصيةأنماط الشخصية
أنماط الشخصية
Maged Ramadan
 

En vedette (20)

مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 3 من 5
مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 3  من 5مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 3  من 5
مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 3 من 5
 
مستودعات التفكير والخيرة في العالم
مستودعات التفكير والخيرة في العالممستودعات التفكير والخيرة في العالم
مستودعات التفكير والخيرة في العالم
 
تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
تحفيز العاملين و ادارة مقاومة التغيير ج2
 
ادارة الاجتماعات للدكتور الفقي
ادارة الاجتماعات للدكتور الفقيادارة الاجتماعات للدكتور الفقي
ادارة الاجتماعات للدكتور الفقي
 
المشكلات النفسية والإضرابات السلوكية السائدة من المؤسسات الإيوائية وسبل الوقا...
المشكلات النفسية والإضرابات السلوكية السائدة من المؤسسات الإيوائية وسبل الوقا...المشكلات النفسية والإضرابات السلوكية السائدة من المؤسسات الإيوائية وسبل الوقا...
المشكلات النفسية والإضرابات السلوكية السائدة من المؤسسات الإيوائية وسبل الوقا...
 
Interview Questions Handbook
Interview Questions HandbookInterview Questions Handbook
Interview Questions Handbook
 
مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 4 من 5
مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 4 من 5مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 4 من 5
مهارات التواصل الفعال والتفكير الإبداعي في بيئة العمل السعودية الجزء 4 من 5
 
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان   حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان   حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
مفهوم السلامة والصحة المهنية الأقطان حزيران 2009 Printed [Compatibility Mode]
 
العمل بأمان داخل المناطق المحصورة
العمل بأمان داخل المناطق المحصورةالعمل بأمان داخل المناطق المحصورة
العمل بأمان داخل المناطق المحصورة
 
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعاتEdhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
Edhrm meeting skills مهارات إدارة الاجتماعات
 
هندسة الإقناع - هاني المنيعي
 هندسة الإقناع - هاني المنيعي هندسة الإقناع - هاني المنيعي
هندسة الإقناع - هاني المنيعي
 
إدارة الاجتماعات
إدارة الاجتماعاتإدارة الاجتماعات
إدارة الاجتماعات
 
ادارة الاجتماعات
ادارة الاجتماعاتادارة الاجتماعات
ادارة الاجتماعات
 
التخطيط الاستراتيجي
التخطيط الاستراتيجيالتخطيط الاستراتيجي
التخطيط الاستراتيجي
 
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
مفهوم السلامة والصحة المهنية Dr Sekheta in Occupational Safety د. محمد عزام س...
 
تحليل الشخصيات وفن التعامل معها
تحليل الشخصيات وفن التعامل معهاتحليل الشخصيات وفن التعامل معها
تحليل الشخصيات وفن التعامل معها
 
تطويــر الذآت
تطويــر الذآتتطويــر الذآت
تطويــر الذآت
 
Disc أسئلة مقياس
Disc أسئلة مقياسDisc أسئلة مقياس
Disc أسئلة مقياس
 
أنماط الشخصية
أنماط الشخصيةأنماط الشخصية
أنماط الشخصية
 
شخصيتك بين يديك ومقياس DISC
شخصيتك بين يديك ومقياس DISCشخصيتك بين يديك ومقياس DISC
شخصيتك بين يديك ومقياس DISC
 

Similaire à الدكتور محمد عزام سخيطة في موضوع المخدرات المواد النفسية

العلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفىالعلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفى
guestd8dff1
 
العلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفىالعلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفى
alaseel56
 
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحولياتاضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
دار الامل لعلاج الادمان
 
التدخين والمخدرات
التدخين والمخدراتالتدخين والمخدرات
التدخين والمخدرات
Mero Cool
 
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعاتالمخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
zhraahameed
 
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادولعلاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
fouad aboregela
 
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسيعلوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
Noor Abdelhadi
 

Similaire à الدكتور محمد عزام سخيطة في موضوع المخدرات المواد النفسية (20)

الاسباب النفسية للادمان على المخدرات
الاسباب النفسية للادمان على المخدراتالاسباب النفسية للادمان على المخدرات
الاسباب النفسية للادمان على المخدرات
 
العلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفىالعلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفى
 
العلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفىالعلاج السلوكى المعرفى
العلاج السلوكى المعرفى
 
المخدرات معرفة أكثر خطر أقل.سكون
المخدرات معرفة أكثر خطر أقل.سكونالمخدرات معرفة أكثر خطر أقل.سكون
المخدرات معرفة أكثر خطر أقل.سكون
 
Psychobiology arabic book كتاب علم النفس البيولوجي
Psychobiology arabic book كتاب علم النفس البيولوجيPsychobiology arabic book كتاب علم النفس البيولوجي
Psychobiology arabic book كتاب علم النفس البيولوجي
 
الصراع النفسى.pdf
الصراع النفسى.pdfالصراع النفسى.pdf
الصراع النفسى.pdf
 
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحولياتاضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
اضرار المخدرات وادمان التدخين والكحوليات
 
علاج الادمان على المخدرات
علاج الادمان على المخدراتعلاج الادمان على المخدرات
علاج الادمان على المخدرات
 
المخدرات والتدخين Drugs en Roken Iksi - ceom 2014
المخدرات والتدخين Drugs en Roken   Iksi - ceom  2014المخدرات والتدخين Drugs en Roken   Iksi - ceom  2014
المخدرات والتدخين Drugs en Roken Iksi - ceom 2014
 
Dealing with the elderly
Dealing with the elderlyDealing with the elderly
Dealing with the elderly
 
التدخين والمخدرات
التدخين والمخدراتالتدخين والمخدرات
التدخين والمخدرات
 
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعاتالمخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
المخدرات وتاثيرها على المجتمع في الجامعات
 
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادولعلاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
علاج الترامادول | علاج ادمان حبوب الترامادول
 
نشرة د عبد الستار ابراهيم.pdf
نشرة د عبد الستار ابراهيم.pdfنشرة د عبد الستار ابراهيم.pdf
نشرة د عبد الستار ابراهيم.pdf
 
الصحة النفسية لكبار السن و المتقاعدين
الصحة النفسية لكبار السن و المتقاعدينالصحة النفسية لكبار السن و المتقاعدين
الصحة النفسية لكبار السن و المتقاعدين
 
علاج ادمان المخدرات
علاج ادمان المخدراتعلاج ادمان المخدرات
علاج ادمان المخدرات
 
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسيعلوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
علوم الحياة والأرض: كيفية الحفاظ على صحة الجهاز العصبي السنة التاسعة أساسي
 
العلاج من الادمان على المخدرات
العلاج من الادمان على المخدراتالعلاج من الادمان على المخدرات
العلاج من الادمان على المخدرات
 
ماذا تعرف عن التوحد
ماذا تعرف عن التوحدماذا تعرف عن التوحد
ماذا تعرف عن التوحد
 
برنامج الحرية لعلاج الادمان
برنامج الحرية لعلاج الادمانبرنامج الحرية لعلاج الادمان
برنامج الحرية لعلاج الادمان
 

الدكتور محمد عزام سخيطة في موضوع المخدرات المواد النفسية

  • 1. ‫ما ھو االعتماد على المواد النفسية‬ ‫)المخدرات(‬ ‫د. محمد عزام فريد سخيطة‬ ‫الباحث الدولي و المستشار في الشؤون الصحية و البيئية‬ ‫عضو مجلس إدارة جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان‬ ‫الخيرية بحلب‬ ‫في األسبوع الماضي و في لقاء عابر مع أحد زمالئي الدكتور ماركو يوسيبوفيتش “ ‪ ،“Josipović‬و الذي كنت‬ ‫أعمل معه في الثمانينات من القرن الماضي و لسنوات عديدة في أحد الب رامج الخاص ة بمعالج ة اإلدم ان الس لوكي‬ ‫في يوغوس الفيا الس ابقة، س ألته بع د انقط اع دام ألكث ر م ن ٥١ س نة ع ن آخ ر التط ورات ف ي معالج ة اإلدم ان ف ي‬ ‫البلق ان عموم ا و ف ي المرك ز التخصص ي ف ي معالج ة اإلدم ان ال ذي كن ا نعم ل في ه بش كل خ اص. فوجئ ت بم دى‬ ‫اإلحباط الذي يشعر به و ھو يحاول اإلجابة على تساؤالتي و كأنه كان يحاول إخفاء مشاعر الخوف و القل ق عل ى‬ ‫م ا ق د يص يب البش رية م ن مخ اطر ھ ذا الوب اء... "اإلدم ان عل ى الم واد النفس ية - المخ درات". أخ ذ يح دثني ع ن‬ ‫األص ناف الكثي رة و المتنوع ة م ن حي ث الت أثير عل ى المتع اطي و البيئ ة المحيط ة ب ه و التركيب ات المحلي ة و‬ ‫المستوردة و التي بلغت حدا يصعب معه احصاؤھا. كم ا جع ل يخبرن ي ع ن أن الم واد النفس ية و المخ درات عل ى‬ ‫ّ‬ ‫اختالف تنوعھا و أشكالھا باتت في متناول اليد الى حد كبي ر و ربم ا سيس تطيع الف رد - عل ى ح د قول ه - ش راؤھا‬ ‫من األكشاك الواسعة االنتش ار عن دھم ف ي القري ب العاج ل. األم ر المح زن، أن اس تخدام الم واد النفس ية و اإلدم ان‬ ‫على شرب الكحول و التدخين لم يعد حكرا على الراشدين في البلقان بل أخذ ينتشر في أوساط المراھقين و تالمي ذ‬ ‫المدارس و خصوصا في المؤسسات اإليوائي ة عل ى اخ تالف أنواعھ ا و توجھاتھ ا ال ب ل و ف ي ص فوف العس كر و‬ ‫الطالب النزالء في المدن الجامعية و التجمعات و النشاطات الشبابية األخرى.‬ ‫إن أكث ر األم ور إيالم ا بالنس بة ل ي – يق ول د. يوس يبوفيتش، ھ و أن المرك ز المتخص ص ف ي معالج ة االعتم اد‬ ‫)اإلدمان( و الذي عملنا جاھدين على دعمه و تطويره طيلة العقود الماضية... أص بح اآلن أش به بمرك ز "ت دريب"‬ ‫للم دمنين يتعرف ون م ن خالل ه عل ى أن واع جدي دة م ن الم واد النفس ية اإلدماني ة و يتب ادلون الخب رات المختلف ة م ع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫أقرانھم الجدد نزالء المركز ليخرجوا منه و ھم أكثر إدمانا ً و دراية بمھارات جديدة لم يعرفوھا من قبل... و لعل ي‬ ‫لم أشأ أن يحرجني زميلي د. يوسيبوفيتش بالسؤال عن األوضاع عندنا، حيث بادرت إلى تغيي ر الموض وع برمت ه‬ ‫و دعوته لتناول القھوة مع األصدقاء اآلخرين الذين كانوا متواجدين وقتھا معنا...‬ ‫في واقع األمر، و على الرغم من التقدم التقني و التطور العلمي واالجتماعي ال ذي تعيش ه اإلنس انية الي وم، إال أنن ا‬ ‫و لألسف نواجه أزمة أخالقية و إنسانية و صحية تتفاقم يوما بعد يوم ليس في منطقة محددة م ن الع الم فحس ب ب ل‬ ‫على المستوى العالمي، تتنوع بسببھا األمراض النفسية و االضطرابات السلوكية و تزداد تنوعا و تعقيدا.‬ ‫يعتبر مرض تعاطي المواد النفسية )المخدرات( بأنواعھا المختلفة من أكثر اآلفات خطورة إلى حد كبير حيث بات‬ ‫االعتماد عليھا يعد من أمراض العصر المستعص ية. و الحكوم ة الس ورية ت ولي ھ ذا األم ر أھمي ة خاص ة و يتمث ل‬ ‫ذلك في دعم المؤسسات الطبية ذات الصلة التي تقدم خدماتھا للمواطنين المصابين بھذا الداء مجانا كما و تش جعھم‬ ‫على تلقي ما يلزم من عالج و رعاية بتقديمھا قائمة من اإلعفاءات و التسھيالت لكل من ي أتي للع الج طوع ا ً. كم ا‬ ‫تق وم الحكوم ة ب دعم الجمعي ات األھلي ة و الخيري ة ذات الص لة بس خاء و ذل ك م ن خ الل التنس يق م ع ال وزارات‬ ‫المختلف ة و أھمھ ا وزارت ي الص حة و الش ؤون االجتماعي ة والعم ل. و لق د تأسس ت ف ي حل ب أول جمعي ة لمعالج ة‬ ‫1‬
  • 2. ‫األم راض النفس ية و اإلدم ان )االعتم اد( من ذ الع ام ٦٠٠٢ و ھ ي بص دد الش روع ف ي تق ديم خ دماتھا للم واطنين‬ ‫بأسعار رمزية جداً.‬ ‫ما ھي المواد النفسية و التي تعرف بين العامة بالمخدرات؟‬ ‫قبل كل شيء، يجب القول بأن منظمة الصحة العالمية تستخدم تعبير "المواد النفس ية" ب دال م ن "المخ درات". م ع‬ ‫ذلك، فإنني سأستخدم ھنا أحيانا كلمة "المخدرات" لكثرة تداولھا عند العامة. ھناك عدة تعاريف لمفھوم المخدرات،‬ ‫و ذلك طبقا إلى مضامينھا وجھات تحديدھا. فمن الوجھة العلمية، تعرَّ ف المخدرات على أنھا م ادة كيميائي ة تس بب‬ ‫الن وم والنع اس وغي اب ال وعي المص حوب بتس كين األل م. ل ذلك ال تعتب ر المنش طات وال العق اقير المھلوس ة وف ق‬ ‫للتعريف العلمي من المخدرات. في حين يعتب ر الخم ر م ن المخ درات. أم ا المش رعون الحقوقي ون ف إنھم يعتب رون‬ ‫المخ درات مجموع ة م ن الم واد الت ي تس بب اإلدم ان وترھ ق الجھ از العص بي، ويحظ ر ت داولھا أو زراعتھ ا أو‬ ‫صنعھا إال ألغراض يحددھا القانون، وال تستعمل إال بواسطة من يرخص له بذلك. أما في التعري ف الطب ي، فھ ي‬ ‫كل مادة سواء كانت نباتية المنشأ أو كيميائية أو مركبة ذات خواص معينة تؤثر عل ى متعاطيھ ا، وتجعل ه م دمنا ال‬ ‫إراديا عليھا، باستثناء تعاطيھ ا لغ رض الع الج م ن بع ض األم راض )تح ت إش راف طب ي(، وتش كل ض ررا عل ى‬ ‫المتعاطي سواء كان سلوكيا أو نفسيا أو صحيا أو اجتماعيا. كما يعرفھا علماء االجتماع على أنھا تلك الم واد الت ي‬ ‫تؤدي بمتعاطيھا إل ى الس لوك الج انح، وھ ي أيض ا حس ب االختصاص يين االجتم اعيين، تل ك الم واد المذھب ة للعق ل‬ ‫فيأتي مستخدمھا بسلوك منحرف أو غير الئق.‬ ‫و مھما تعددت التعاريف و المفاھيم حول اإلدمان على المواد النفس ية، فإن ه الب د م ن الق ول ب أن اإلدم ان ھ و حال ة‬ ‫تسمم دورية أو مزمنة تلحق أضرارا متباينة بالفرد و المجتم ع، تن تج ع ن تك رار تع اطي عق ار طبيع ي أو ص نعي‬ ‫بشكل قھري يكون المتعاطي فيه مرغما على محاولة الحصول على ھذا العقار النفسي بأي ثمن.‬ ‫و لإلسھاب في التوضيح، فإننا اليوم نطل ق عل ى ھ ذه الحال ة اس م "االعتم اد" لتمييزھ ا ع ن اإلدم ان المطل ق ال ذي‬ ‫يشمل الوقوع تحت تأثير مواد أخ رى ال تص نف ف ي المخ درات المحظ ورة أو الخط رة مث ل المش روبات الكحولي ة‬ ‫كما أن ھناك مواد أخرى تمنعھا بع ض ال دول وال تمنعھ ا دول أخ رى مث ل الق ات، وم واد عادي ة أق ل خط راً لكنھ ا‬ ‫تسبب اإلدمان مثل التبغ و السكر البديل الواسع االنتش ار و المع روف باس م "أس بارتام" و أخي راً القھ وة والش اي و‬ ‫غيرھا.‬ ‫متى يعتبر المدخن مدمنا ً؟‬ ‫كثيرا ما يسألني البعض عما إذا كان تدخين التبغ ھو شكل من أشكال اإلدمان؟ في اعتقادي أنه ليس بالضرورة، إذ‬ ‫أن ھناك من يدخن لفافة تبغ واحدة أو أكثر ف ي الي وم أو ف ي بع ض المناس بات... ھ ؤالء يعتب رون م ن الم دخنين و‬ ‫ليسوا من المدمنين. على كل حال، يمكن اعتبار كل من يدخن أكثر من ٠١ لفافات من التبغ يومي ا عل ى أن ه م دمن‬ ‫على التدخين أو "النيكوتين". األم ر يختل ف تمام ا عن دما يك ون الح ديث ع ن ت دخين النارجيل ة حي ث يعتب ر ت دخين‬ ‫المعس ل و المض افات األخ رى "الغي ر مض بوطة" م ن األم ور الض ارة ج دا بالص حة و نح ن نعتب ر م دخنھا م دمنا ً‬‫ّ‬ ‫طالما أنه يدخنھا بشكل دوري )مرة كل يوم أو كل أسبوع الخ...(.‬ ‫الخطورة في التدخين أنه يعتبر بمثابة البواب ة إل ى ول وج ع الم المخ درات. و لع ل الالف ت لالنتب اه ھ و أنن ي ط وال‬ ‫حياتي العلمية و المھني ة، أك اد ال أذك ر أنن ي ص ادفت م دمنا واح داً عل ى الكح ول أو معتم دا عل ى العق اقير النفس ية‬ ‫)المخدرات( إال و كان من المدخنين. كما أن بعض أصحاب النفوس الض عيفة م ن أص حاب المق اھي، يميل ون إل ى‬ ‫اس تخدام القلي ل م ن العق اقير أو الم واد المخ درة رخيص ة ال ثمن و يض عونھا ف ي وص فات المعس ل بحي ث ترض ي‬ ‫زبائنھم األبرياء و تجعلھم من المعتمدين )المدمنين( على عقاقير نفسية دون دراية م نھم مم ا يجب رھم عل ى ارتي اد‬ ‫مقھى بعينه دون غيره بحجة أن النارجيلة ھناك "غير شكل".‬ ‫حدثنا عن األنواع األكثر استخداما في عالم اإلعتماد على المواد النفسية...‬ ‫في برنامج خاص قامت به الحكومة اليوغس الفية ف ي الثمانين ات م ن الق رن الماض ي بالتنس يق م ع منظم ة الص حة‬ ‫العالمية، قمت آنذاك بالتعاون مع لفي ف م ن البحاث ة و المتخصص ين ف ي مج ال اإلدم ان بعم ل و نش ر ع دة أبح اث‬ ‫2‬
  • 3. ‫ميدانية حول اإلدمان على الھيرئين و المورفين و الكوك ائيين و الك ودئين و غيرھ ا م ن الم واد النفس ية المخ درة و‬ ‫المنش طة و تابعن ا تأثيراتھ ا المختلف ة عل ى الش خص المص اب و ك ان لط رق الكش ف و التحدي د ب الطرائق الحركي ة‬ ‫النصيب األكبر في ھذه األبحاث حيث ساعدنا ذلك على اعتماد األس اليب العلمي ة ف ي المراقب ة و الع الج و ھ ذا م ا‬ ‫جعل المركز الذي كنا نعمل فيه يكتسب آنئذ شھرة إقليمي ة ف ي مج ال الوقاي ة و التوعي ة م ن االعتم اد )اإلدم ان( و‬ ‫معالجته. على كل حال، ھناك مجموعتان أساسيتان من المواد النفسية:‬ ‫المجموعة األولى وھي المواد النفسية الطبيعية وھي عبارة عن نبات ات و أعش اب يتناولھ ا الن اس بش كلھا الطبيع ي‬ ‫الخام، و أھمھا: األفيون و الحشيش، و القات و الكوكا و البانجو و بذور الغار و غيرھا.‬ ‫أما المجموعة الثانية فھي م واد نفس ية كيماوي ة )تركيبي ة( وھ ي أساس ا ً م واد تس تخلص م ن الم واد النفس ية الطبيعي ة‬ ‫الخام، ويتم استخالصھا و تصنيعھا بالطرق الكيماوية وأھمھا: الكوكائيين، الذي يستخرج أساس ا م ن أش جار الكوك ا‬ ‫لكنه قوي التأثير بنسبة تفوق تأثير الكوكا خمسين مرة، الھيرئين وھو احد مشتقات المورفين قابل للذوبان ف ي الم اء‬ ‫ويستخدم بواسطة التدخين بخلطه مع التبغ أو يوضع القليل منه مع المعس ل ف ي النارجيل ة أو حرق ه عل ى رأس لفاف ة‬ ‫تب غ متوھج ة لغ رض استنش اقه، كم ا أن ھن اك الكثي ر م ن العق اقير الطبي ة الت ي يس اء اس تعمالھا مث ل الم ورفين و‬ ‫الف اليوم و غيرھ ا م ن الم واد الطي ارة االستنش اقية مث ل البن زين، الص مغ، م زيالت الط الء، الريزين ات و الم واد‬ ‫الراتنجي ة المختلف ة و غيرھ ا. لق د الحظن ا م ن خ الل األبح اث الت ي قمن ا بھ ا ف ي مدين ة بلغ راد أن بع ض أطف ال‬ ‫المدارس يميلون إلى استخدام اللواصق كمادة مخدرة و ذلك بوضع قليل منھا في كيس من النايلون و استنشاقھا.‬ ‫كثيرا ما نسمع عن وجود مراحل لإلعتماد... ما المقصود بذلك؟‬ ‫بشكل عام، ھناك مرحلتين أساسيتين يمر بھما المصاب المعتمد على المواد النفسية:‬ ‫المرحلة األولى و تتمثل في االعتماد العقلي والنفسي: و تتميز بعدم القدرة النفسية عل ى االس تغناء ع ن العق ار النفس ي‬ ‫والميل الشديد للتعاطي، صعوبة االنقياد والشرود الذھني وع دم التركي ز. و أس تطيع الق ول جازم اً، ب أن المص اب ف ي‬ ‫ھذه المرحلة يمكن و صفه على أنه ذليل و ضعيف أمام المواد و العقاقير النفسية أو من يروج لھا بشكل مھين.‬ ‫أم ا المرحل ة الثاني ة فھ ي األش د فتك ا و خط ورة عل ى المص اب المعتم د ال ذي يج د نفس ه مكرھ ا ً عل ى تع اطي الم واد‬ ‫النفسية نتيجة حاجة عضوية ماسة. وتتميز ھذه المرحلة بعنصرين أساسيين:‬ ‫األول: التعود نتيجة تكرار تعاطي الم واد النفس ية، وي ؤدي إل ى تغي رات عض وية ف ي الجس م يص احبه حاج ة ماس ة‬ ‫لزيادة الجرعة.‬ ‫الثاني: األعراض اإلنسحابية: وھي رد فعل فسيولوجي نتيج ة مش روطة تط رأ بتوق ف المتع اطي للم واد و العق اقير‬ ‫النفسية فجأة أو عدم تمكنه من الحصول عليھا، وھ ذه األع راض تتمث ل ف ي فق دان الش ھية، ع دم الھ دوء، الخ ذالن،‬ ‫ضعف العضالت، االنفعال، التنفس السريع. ومع التقدم في التعاطي تشتد ھذه األعراض لتص ل إل ى درج ة حرج ة:‬ ‫كالتقيوء، انقباض المعدة، القشعريرة، تصبب العرق، اإلسھال الشديد، وف ي بع ض الح االت تس بب الم وت المف اجئ‬ ‫األمر الذي يستدعي دراية طبية عالية المستوى ف ي أس اليب التعام ل م ع األع راض اإلنس حابية بش كل ص حيح. و‬ ‫أحب أن أشدد على ضرورة عدم السماح لألطباء بالتعامل مع األعراض اإلنس حابية الت ي يش كو منھ ا المص اب إال‬ ‫إذا كانوا من ذوي االختصاص على أن يتم ذلك في مشفى تحت طائلة المسائلة و المالحقة القانونية.‬ ‫ْ‬ ‫لماذا يقدم البعض على تعاطي المواد النفسية و االعتماد عليھا؟‬ ‫في رأيي، ھناك عوامل عدة و متشعبة، لكنني سأحاول إبراز أكثرھا أھمية و ھي ثالث:‬ ‫أوالً: عوامل اقتصادية: كالبطالة و ارتفاع مستوى المعيشة و ازدياد متطلبات الحياة بصورة عامة، باإلضافة‬ ‫إلى النزعة االستھالكية عند البشر، تأثير وسائل اإلعالم المسموعة و المرئية و ما تعرضه من إعالنات تجعل‬ ‫المستھلك الذي يعاني من ظروف صعبة أكثر ميال إلى األفعال اإلنحرافية التي غالبا ما تتجسد في تعاطي‬ ‫المخدرات.‬ ‫ثانيا: عوامل نفسية: ھناك مجموعة عوامل نفسية تؤثر تأثيرا كبيرا على الشخص فيضطر معظم من يتعرض‬ ‫لھا إلى االستسالم، فتكون نتيجة ذلك ممارسته للھروب من الواقع فيقع فريسة لتعاطي المواد النفسية أو الخمور‬ ‫أو كليھما. وھناك من يضيفون دوافع أخرى إلى ما تقدم كالرغبة في التجريب أو الھروب من المشاكل أو‬ ‫3‬
  • 4. ‫الرغبة في إضفاء جو من البھجة و المرح. البعض قد تتملكه الرغبة في زيادة القدرة الجنسية أو يعتريه‬ ‫الصراع بين التطلعات الطموح واإلمكانات المتاحة أو الفشل في حل الصراع بالطرق المشروعة أو اإلحساس‬ ‫باالغتراب والقھر االجتماعي أو ربما الرغبة في االستقرار النفسي و غير ذلك من العوامل النفسية و السلوكية‬ ‫التي تحضّ على االعتماد.‬ ‫لقد و جدنا من خالل األبحاث و التجارب المختلفة التي أجريناھا على شرائح متباينة من المصابين بمرض‬ ‫االعتماد على العقاقير النفسية، بأنّ الشخص المصاب باالكتئاب غالبا ما يستخدم مواد نفسية تسبب له اإلحساس‬ ‫بالرضا والسرور. في حين أن الشخص الذي يعاني من التفكك الداخلي في الذات واضطراب في العالقات‬ ‫االجتماعية و صعوبة التواصل مع اآلخرين أو في الوجدان والمشاعر وھو ما يعرف بالشخصية الفصامية يميل‬ ‫في أكثر األحيان إلى االعتماد على تلك المواد النفسية التي تساعده في إعادة االنتظام واإلحساس بالواقع.‬ ‫ثالثا: عوامل اجتماعية: مشكلة تعاطي المواد النفسية واالعتماد عليھا، شأنھا في ذلك األنماط األخرى من‬ ‫المشكالت االجتماعية وراءھا عوامل اجتماعية عديدة ھامة ومؤثرة تتباين من شخص إلى آخر و من مجتمع‬ ‫إلى آخر. تؤثر أنماط الحياة والعوامل والقيم االجتماعية و الدينية تأثيرا فعاال في احتماالت االعتماد على المواد‬ ‫النفسية أو اإلدمان على الخمور و التدخين. وھناك جملة عوامل اجتماعية ال بد من أخذھا بعين االعتبار: البيئة‬ ‫داخل المؤسسات اإليوائية سيئة السمعة، رفاق السوء، التنشئة األسرية السيئة و التفكك األسري و المحاكاة و‬ ‫ضعف الوازع األخالقي و الديني و سوء استخدام أوقات الفراغ باإلضافة إلى غياب الدور الھام لوسائل اإلعالم‬ ‫في نشر التوعية بمخاطر المواد النفسية و ما قد ينجم عن االعتماد عليھا.‬ ‫ھل ھناك من طرق للوقاية من اإلدمان؟‬ ‫ال شك في ذلك، و الحقيقة أن درھم وقاية ھو خير من قنطار ع الج. عل ى ك ل ح ال، يمك ن أن ألخ ص ط رق الوقاي ة‬ ‫م ن اإلدم ان عل ى المخ درات بالنق اط التالي ة: ١- وقاي ة ديني ة – اجتماعي ة، ٢- وقاي ة عملي ة – ص حية، ٣- وقاي ة‬ ‫قانونية – أمنية، ٤- حضارية – ثقافية، ٥- تربية وطنية تتعزز معھا مشاعر االعتزاز بالمواطن ة و تعتم د التح ذير‬ ‫من مخاطر المخدرات و أنھا سالح يستخدم ضد أبناء الوطن، يستخدمه األعداء لغرض ھدم اإلنسان في بالدنا والنيل‬ ‫من قيمنا وعاداتنا وديننا وثرواتنا.‬ ‫و أحب أن أنوه إلى أن كل واحد منا مسئول عن اإلبالغ عن كل مصاب أو حاالت يشتبه فيھا بأشخاص يتداولون‬ ‫مثل ھذه المواد سواء بقصد الترويج أو التوزيع أو االستخدام. إن اإلبالغ عن ھذه الحاالت ھو واجب وطني مقدس و‬ ‫مسئولية و أمانة في عنق كل مواطن غيور على ھذا الوطن.‬ ‫رجال متخصصون في مكافحة المخدرات يعملون بصدق و أمانة و حرفية عالية المستوى قادرون على التعاون مع‬ ‫كل مواطن يبلغ عن مثل ھذه الحاالت بشكل يضمن السرية و السالمة له و لھذا الوطن من بع ض أص حاب النف وس‬ ‫المريضة الذين يتربصون بشبابنا و أطفالنا المراھقين. لذا أشدد مرة أخرى على ضرورة التع اون م ع رج ال األم ن‬ ‫و رجال مكافحة المخدرات واضعين مصلحة الوطن الغالي نصب أعيننا و فوق كل االعتبارات األخرى.‬ ‫و الخالصة فإن تشديد العقوبات ال يكفي وحده لمنع تجارة المواد النفسية أو حتى للحد منھا وإنما يجب، فضال‬ ‫عن ذلك، منع الطلب عليھا أو خفضه إلى أدنى حد ممكن بإتباع األساليب الوقائية و التوعية و التي يلعب فيھا‬ ‫اإلعالم الموجه على كافة مستوياته دورا رياديا و أساسيا شريطة أن تكون ھذه البرامج مدروسة بعناية و‬ ‫تخاطب شرائح بعينھا بشكل منھجي يعود بالنفع المباشر على المصابين و أسرھم. على كل حال، فقد أجازت‬ ‫اتفاقيتا األمم المتحدة واالتفاقية العربية لمكافحة االتجار غير المشروع في المواد النفسية )المخدرات(‬ ‫أن تطبق الدول تدابير أخرى بدالً من العقوبة على المتعاطين مثل العالج أو الرعاية النفسية و االجتماعية الالحقة‬ ‫أو إعادة التأھيل بھدف إعادة دمج المتعاطي في المجتمع ما أمكن ذلك.‬ ‫ما ھي سبل العالج اذن؟‬ ‫من المھم أن نشير إلى انه ال يوجد عالج تام ومتخصص للمصاب بھذا الداء، حيث ال يوجد دواء يأخذه الشخص‬ ‫المصاب فيكف عن التعاطي أو يتعافى ولكن ھناك وسائل من شأنھا المساعدة في ذلك. إن عالج االعتماد متعدد‬ ‫األوجه فھو جسمي ونفسي واجتماعي معا بحيث يتعذر أن يتخلص الشخص المصاب من االعتماد على المواد‬ ‫النفسية إذا اقتصر على االھتمام بمعالجة أحد ھذه األوجه و تغاضى عن الدور الھام لألوجه األخرى في نجاح أو‬ ‫فشل العالج. كما أن فرص نجاح العالج مرتبطة إلى حد كبير بالشريحة العمرية و السوية العلمية و الثقافية و‬ ‫4‬
  • 5. ‫االنتماء الديني و االجتماعي للفرد المصاب. لذلك لم يكن غريبا أن تكون نسبة الذين لم يفلح معھم العالج وعادوا‬ ‫مجددا إلى اإلدمان تتراوح من ٥٦ - ٥٧% من العدد اإلجمالي لمن دخلوا المصحات بقصد العالج. على كل حال‬ ‫فإن العالج يبدأ في اللحظة التي يقرر فيھا الشخص المصاب التوقف عن تعاطي المواد النفسية.‬ ‫ھناك أساليب اتبعت مع مدمنين سابقين و تم عالجھم من اإلدمان، وھي:‬ ‫١- تعزيز اإلرادة القوية و خلق رغبة أكيدة عند المدمن تساعده في اإلقالع عن التعاطي،‬ ‫٢- رعاية صحية فعالة، تھتم بصحة الجسم و غذائه بشكل مدروس بعناية،‬ ‫٣- رعاية نفسية مركزة ترافقھا رعاية اجتماعية متخصصة يتعاون فيھا األھل مع األخصائيين لما فيه من‬ ‫مصلحة للمدمن المصاب،‬ ‫٤- تغيير محيط أو بيئة رفقاء السوء للمدمن و الحرص على عدم و صولھم إليه من جديد،‬ ‫٥- شغل أوقات الفراغ للمتعاطي،‬ ‫٦- تقوية الوازع الديني و األخالقي،‬ ‫٧- القضاء على األسباب األخرى المحفزة على تعاطي المخدرات.‬ ‫كما أننا كنا نتبع في معالجة اإلدمان ما يسمى بطرق العالج السلوكي ومنھا طريقة بودن )‪ (Boden‬والتي تعتمد‬ ‫على ثالثة مقومات أساسية، وھي:‬ ‫١- تدريب المدمن على مالحظة الذات،‬ ‫٢- تدريب المدمن على تقييم الذات،‬ ‫٣- برمجة تعديل السلوك بناء على المعطيات التي يتم التوصل إليھا.‬ ‫وبطبيعة الحال فإننا لن ندخل في تفاصيل العالج وذلك لسببين، األول ألنه يختلف من شخص إلى آخر، والثاني ألنه‬ ‫يشتمل على جھود عديدة طبية ونفسية واجتماعية بينھا درجة عالية من التشابك تحتاج من أجل أن تحقق النتائج‬ ‫المنشودة إلى علم وخبرة وإيمان المختصين باإلضافة إلى تعاونھم مع المصاب و األسرة التي ينتمي إليھا وكل من‬ ‫يھمھم أمره من أقرباء و معارف و أصدقاء ليكونوا جميعا فريقا واحدا يجمعه ھدف مشترك يتمثل في التوصل إلى‬ ‫مساعدة المصاب بالشفاء.‬ ‫ما رأيك بالمصحات المتخصصة في معالجة االعتماد:‬ ‫للحديث عن المصحات المتخصصة بعالج المتعاطين المصابين باالعتماد على المواد النفسية المختلفة وتأھيلھم‬ ‫للعودة للمجتمع واالندماج فيه والتي نصت القوانين و التشريعات الخاصة بالمخدرات على إنشائھا إليواء المصابين‬ ‫حتى تتم معالجتھم من االعتماد و ذلك على المستوى الحكومي و األھلي )القطاع الخاص( و التي بدونھا يتعذر كثيرا‬ ‫مواجھة ھذه المشكلة التي باتت تشكل خطرا محتمال على األجيال اليافعة ليس في سورية فحسب بل و في وطننا‬ ‫العربي الكبير.‬ ‫المشكلة األساسية و التي ال بد لي من ذكرھا تكمن في األداء الھزيل لمعظم ھذه "المصحات" و التي تعاني نقصا ً‬ ‫كبيراً في الكوادر الالزمة في عالج المصابين و ذلك من حيث الخبرات و االختصاصات و الكفاءات و المعدات و‬ ‫الكفيلة بأداء مھامھا بما يكفل سالمة النزالء و تأمين عالج سليم لھم. خصوصا ً و أن معظم ھؤالء ھم أشخاص‬ ‫التحقوا فقط بدورات تدريبية قصيرة دون أن تكون لھم دراية كافية بالمواد النفسية و أنواعھا و التأثيرات المختلفة لھا‬ ‫على المصاب من النواحي السلوكية و النفسية مما قد يتسبب أحيانا في حدوث وفيات في أوساط المصابين و السيما‬ ‫نتيجة االستھتار بمخاطر األعراض االنسحابية أو الجھل بالتعامل معھا بشكل صحيح.‬ ‫يتكون الفريق المعالج في المصحات المتخصصة في أغلب األحيان من أخصائي اجتماعي وأخصائي نفسي وطبيب‬ ‫نفسي، فضال عن طاقم التمريض، يبدأ عمله بعد تحويل المدمن إلى المستشفى حيث يستقبله العاملون في قسم‬ ‫االستقبال ليثبتوا البيانات الخاصة به ثم يحيلونه إلى األخصائي الذي يقوم بدراسة حالته من جميع جوانبھا والوقوف‬ ‫على أھم األسباب التي دفعته إلى التعاطي فاإلدمان وتدوين ذلك في استمارة سرية، ثم بعد ذلك يحيله إلى بقية الفريق‬ ‫المعالج ليتعاملوا معه كل حسب اختصاصه. أما فيما يتعلق بالعمل في المستشفى يوجد فريق مكون من ويعقد فريق‬ ‫العمل اجتماعا دوريا لوضع خطة العالج في ضوء الظروف الصحية والنفسية واالجتماعية للمريض ثم يبدأ في تلقي‬ ‫العالج الذي يشمل جسمه ونفسه وظروفه االجتماعية‬ ‫كما أنني أود أن أنوه إلى حقيقة عدم توفر بيانات ذات طبيعة إحصائية عن مثل ھذه المصحات في العالم العربي ال‬ ‫من حيث عددھا أو نظام العمل فيھا وال من حيث طرق العالج المتبعة فيھا أو عدد المتعاملين معھا ونسبة الذين نجح‬ ‫معھم العالج و غير ذلك من معلومات مفيدة لنا نحن البحاثة في ھذا المجال. و لقد ذھبت جھودي و ربما جھود‬ ‫5‬
  • 6. ‫أشخاص آخرين معنيين بھذا الشأن سدى للحصول على أي بيانات مفيدة عن ھذه المصحات سواء من جامعة الدول‬ ‫العربية أو من صندوق اإلدمان.‬ ‫و أخيرا البد لي أن أنوه إلى أننا في جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان الخيرية و مقرھا حلب )تأسست عام‬ ‫٦٠٠٢(، قمنا بافتتاح عيادتين نفسيتين خيريتين في منطقتي اإلسماعيلية و شارع النيل. كما أننا نقوم و بدعم من‬ ‫وزارة الشؤون االجتماعية و العمل ببذل أقصى الجھود لتقديم أفضل الخدمات ذات الصلة بما يخدم األھداف التي‬ ‫وضعناھا نصب أعيننا عند تأسيس جمعيتنا الخيرية. على الرغم من اإلمكانيات المتواضعة التي تملكھا جمعيتنا، إال‬ ‫أننا اليوم بصدد تأسيس مركز طبي متكامل و متخصص في معالجة األمراض النفسية و اإلدمان بإشراف خيرة‬ ‫األطباء النفسيين و أصحاب االختصاصات الطبية المختلفة و أخصائيين اجتماعيين و الذي نأمل أن يباشر عمله في‬ ‫أقرب فرصة ممكنة.‬ ‫الدكتور محمد عزام فريد سخيطة‬ ‫الباحث الدولي في الشؤون الصحية و البيئية‬ ‫عضو مجلس إدارة جمعية معالجة األمراض النفسية و اإلدمان الخيرية‬ ‫6‬