6. توطئة
أخي ئ الكريـ.
القار
قد يكوف ىذا الجيد قاصر، وىذا العمؿ ناقصاً، والخبر غير مكتمؿ فالكماؿ هلل وحده، والعذر أماـ اهلل وأمامؾ، وأف أخاكـ قد بذؿ جيده، وسعى
اً
طاقتو، واف لـ يمكنو أف يحصي في ىذا العمؿ كؿ ىذه األحداث، فقد ذكر جميا، وفي ىذا غناء لمف وعى، أف يتذكر أولو األلباب.
أخي ئ الكريـ يمكنؾ أف تقوؿ: إف ىذه الصفحات إنما ىي عصا ة ح آضيا ظمـ فادح، ونزؿ بيا بغي فاجر، وأحاطت بيا محف وأىواؿ
ر رو القار
ٍ
وميالؾ بؾ ما في تمؾ الكممات مف معاف، وىكذا فإف صاحبيا عاجز عف نقؿ كؿ ما عاناه وعاشو ىو وزمبلؤه المعتقموف مف صنوؼ الببلء،
ولكنو غب مف صميـ قمبو أف ينقؿ إلى المؤل كؿ ذي بصر وبصي ة، والى كؿ ذي ىمة ومروءة وشيامة، خبر ما عاناه وما عاينو في تمؾ
ر ير
الفت ة، ما بيف آب 0891 وتموز 2891 مف أحداث ىيبة، وانو يقوؿ ويعمف بكؿ أسى وحرقة، أف ىذه األوضاع واألحداث ىيبة مستم ة، بؿ
ر الر ر ر
إف وتي ة المكابدة في ازدياد.. فمئف كاف ن الء السجف سجف الموت تدمر في أواخر عاـ 2891 ستة آالؼ معتقؿ، فانيـ اآلف يجاوزوف التسعة
ز ر
آالؼ، سوى مف ىمؾ خبلؿ ذلؾ الوقت.. ولئف كانت أحواؿ المعتقميف في سجف الموت في تدمر مؤسية منذ أوؿ يوـ وجدوا فيو، مف جميع
النواحي المعيشية والصحية، وخطي ة جداً بعد ذلؾ مف النواحي المذكو ة، حتى أواخر عاـ 2891 فكيؼ ىي أحواؿ ىذه األلوؼ المؤلفة مف
ر ر
المعتقميف الذيف يكدسوف أعداداً فوؽ أعداد؟ فكيؼ أحواليـ اليوـ؟ ولئف كاف ع يطحنيـ واألم اض والتعذيب واإلعدامات تفتؾ بيـ في
ر الجو
أواخر عاـ 0891 وىـ ستة آالؼ، فكيؼ وقد تضاعفت أعدادىـ؟ ومف أيف لحياتيـ الميمكة في سجف الموت أف تسمى حياة؟! إنيا قتؿ بطيء
عدا القتؿ وعدا اإلعدامات وعدا ع والمرض.
الجو
فيؿ يطيب لذي ضمير أف يينأ بالطعاـ والش اب، ويشرب قيوتو، وينفث دخاف سيجارتو في ت اخ وكسؿ، وىو يعمـ يقيناً سوء ما يبلقيو إخواف
ر ر
لو – في اإلنسانية عمى أقؿ تقدير.
إنيا صرخة أرجو أف ال تذىب في واد.
وانو استص اخ ألصحاب الضمائر والمروءات.
ر
وانو نذير لمساىيف السارديف..
ونذير لمممالئيف لمظالميف..
وانو ى ة لمغافميف والمتغافميف..
ز
وانيا صرخة المظموـ في وجو جبلده المئيـ..
ولكنيا محنة ستنقضي، وليؿ سيعقبو – ميما طاؿ – فجر مشرؽ وضاء، وما ربؾ بغافؿ عما يعمؿ الظالموف.
وعمى اهلل قصد السبيؿ
"خالد فاضؿ"
7. جت صباح يوـ 01/7/0891 في السابعة والنصؼ صباحاً قاصداً مركز عممي في إحدى إدا ات الدولة وقد تسحرنا ىذا اليوـ األوؿ مف
ر خر
شير رمضاف المبارؾ. لقيت في طريقي بعض الناس فسممت عمييـ مف بعيد. كاف يوماً عادياً كسائر األياـ. مشاغؿ كثي ة، أفكار مختمفة،
ر
اليوـ سوؼ أنطمؽ إلى العمؿ كالعادة، سوؼ أكوف مجداً. يجب أف تثمر الجيود وأف نقدـ أكبر خدمة ممكنة ليذا الوطف ونحصؿ عمى أفضؿ
النتائج، لف أتياوف مع المعطميف. ليكف األمر جداً، فمصمحة العمؿ أ الً وأخير.
اً و
رمضاف شير الخير والبركة، ال بد مف إفطار شيي مناسب ومف أنفؽ ووسع عمى عيالو وسع اهلل عميو (أنفؽ ببلؿ ال تخش مف ذي العرش
و
إقبلال) مف لؤل امؿ واليتامى والمشرديف في شير الخير؟. أصبح عمؿ الخير مخيفاً في ىذه األياـ...
ر
التقيت البارحة بصديؽ ج حديثاً مف السجف فينأتو بالسبلمة. قاؿ لي: ال تؤاخذني ال أجسر أف أدعوؾ لزيارتي...
خر
عجيب أمر ىذه الدنيا في ىذه األياـ، سخرت مف ىذا األمر في نفسي. قاؿ الصديؽ: قد ال تصدؽ ولكف مف جرب عرؼ...
مالي وليذا األمر ال أريد طبعاً أف أجرب. أمامي اليوـ عمؿ كثير. العمؿ واإلنتاج ىما األساس ألف تكوف عامبلً منتجاً فعاالً خير مف أف
و
تكوف (سياسياً) متحذلقاً ت ائي الحكاـ، ال تعمؿ ال تنتج إال قميبلً. مررت بالسوؽ واشتريت بعض المواد ووضعتيا في حقيبة الخضار، ال بأس
و و ر
ج لمحياة ولموطف شباباًأف ترسؿ ىذه األشياء إلى البيت ح العياؿ بإفطار رمضاني شيي. أمر ىاـ وميمة جميمة أف تربي أطفاالً وتخر
ليفر
وأعيف ورجاالً منتجيف، وعمى خمؽ حسف أمناء في الفكر والعمؿ، مررت بالبقاؿ المواجو لمدائ ة فقد كاف مف العادة أف أمر بو كؿ صباح
ر
ىا، لـ أجده اليوـ عمى
ألشرب معو كأساً مف الشاي، وىو يمقي بنكاتو الساخ ة ويضحؾ بمر ة، ويقسـ أف بطف األرض أصبح خير مف ظير
اً ار ر
خبلؼ العادة. وضعت حقيبة األغ اض أماـ الدكاف أماـ بصر ابنو الصغير، نظرت إلى باب المحؿ المجاور.. كاف خالياً تماماً، أنا ال أحب
ر
تضييع الوقت في األسواؽ، ولكني أجد ىنا في الغالب أبا محمد موظؼ الز اعة وأميف أستاذ التاريخ الذي ال يجد عمبلً وعبد اهلل صاحب محؿ
ر
ىـ الجديدة، عف
النوفوتيو، فقد اعتادوا أف يشربوا كأس شاي سريعة قبؿ االنطبلؽ إلى العمؿ، وكنت أمر بيـ في بعض األحياف ألسمع أخبار
ىا، فقد كانوا ينفذوف إلى دقائؽ األمور وىـ يحمموف كؿ قضية، غريب أمر ىذا اليوـ.
المظاى ات والتمشيط والمحاكـ الميدانية وغير
ر
تحدثت البارحة مع صديؽ لي معمـ في إحدى المدارس قاؿ: أنا خائؼ مف االعتقاؿ في الء الحكاـ طائفيوف وأنذاؿ. قمت: ولـ تعتقؿ وأنت
ؤ
يء لـ تفعؿ شيئاً يخالؼ القانوف؟..بر
قاؿ: ى الء ال يعرفوف شيئاً اسمو قانوف، ال ييميـ ما إذا كنت عممت شيئاً مخالفاً أـ لـ أعمؿ.. إنيـ يضربوف في الناس يميناً وشماالً، حتى
و ؤ
الحزبيوف ليسوا في أماف.. ببلدنا في محنة، تسمطت عمييا ىذه الفئة غدر وقير، يأخذوف اإلنساف ىكذا بالشبية والى أف يتحققوا مف ب اءتو،
ر اً اً
يفقد نصؼ حياتو أو كميا..
االعتقاؿ
وصمت إلى مكاف عممي متأخر بعض الشيء، وجدت عمى الباب جمعاً مف الناس كالعادة بؿ وأكثر، إنيـ ال ينتظرونني بؿ ينتظروف الموظؼ
اً
الكبير وكاتبو األمير ال حوؿ ال قوة إال باهلل العمي العظيـ، وقاـ أحدىـ إلي، فظننت أنو يريد مجرد استفسار مني، ولكف تبيف لي أف عممو
و و
ج والخجؿ، أتركت إنساناً ذا عمؿ ينتظرؾ؟ أيسامحؾ ربؾ؟ ع فاقض لو حاجتو وكفاؾ تعطيبلً لو.
أسر عندي وشعرت بالحر
عت إلى طاولة العمؿ، وبينما أنا أمسؾ بالقمـ ألخط بعض الكممات، اقترب مني زميؿ وأشار إلى ثبلثة أشخاص جالسيف قريباً وقاؿأسر
ىامساً: إنيـ ينتظرونؾ. وبدت الوجوه غريبة عمي وقاـ أحدىـ فسمـ وسألني: أنت فبلف؟
8. قمت: نعـ..
قاؿ: نريدؾ لخمس دقائؽ في الدائ ة.. ودار سؤاؿ في ذىني قمت: أىبلً وسيبلً، كتبت شيئاً، وناولتو جؿ وكاف آخر عمؿ، جنا مف
وخر لمر ر
المكاف فإذا سيا ة في طريؽ جانبي فييا رجاؿ مسمحوف. ركبنا السيا ة وسارت بنا كانت كؿ خطوة تبعدني عف أىمي وعف حياتي وأ الدي
و ر ر
وعممي ألعيش حياة كميا عذاب وقير وموت، ألشيد الظمـ ليبلً حالؾ السواد يمؼ ببلدنا الحبيبة، ويطيح بحياة األلوؼ مف أبناء ىذا الشعب
و
ليمقييـ جثثاً ىامدة مشنوقة بحباؿ رفيعة عمى خشبات ىيبة، وتمقييـ في حفر ضخمة في صح اء (تدمر) ويييؿ عمييـ البمدوزر الت اب،
ر ر ر
ىـ لماتوا قير، فالموت أىوف بكثير مف حياة يوـ واحد
اً وليترؾ آخروف أشباه بشر يعيشوف حياة ىي إلى الموت أقرب، ول ال إيمانيـ ول ال صبر
و و
في (تدمر) الظمـ، حتى ليقسـ اإلنساف البسيط قائبلً: واهلل ل ال أف قتؿ النفس ح اـ لما ذقت طعاماً حتى أموت.
ر و
كاف في الدورية شاب نحيؼ أسمر تبدو عميو عبلمات اإلشفاؽ والضيؽ، وبعد وقفة قصي ة في أحد ع المخاب ات انطمقت بنا السيا ة إلى
ر ر فرو ر
مركز مخاب ات المحافظة. كانت السيا ة قوية سريعة، وأنا جالس في المقعد الخمفي وبجانبي عنصر مسمح وفي األماـ آخر والسائؽ. تشجعت
ر ر
وسألت: ما ىي القضية التي تريدونني فييا؟
قاؿ األسمر: ال بسيطة..
قمت: جو أف يكوف ذلؾ سريعاً.
أر
قاؿ األسمر: ال تستعجؿ..
حرت ماذا أقوؿ.
معتقؿ أمف الدولة بإدلب
وفي بناء طويؿ ضخـ كأنو مدرسة دخمنا مف باب جانبي وسرنا في ممر طويؿ وأنا ال أكاد أشعر بشيء، وقد أنست إلى األسمر ولكنو كاف
يبدو يائساً.. نزلنا جاً إلى قبو البناء وسممني ىناؾ إلى رجؿ في يده رزمة مفاتيح وأوصاه بي قائبلً: دير بالؾ عميو. ومضى..
در
ج عمى جانبيو أبواب، فتح أحدىا وأدخمني وقاؿ: خذوا ىذا لعندكـ.. وأغمؽ الباب ومضى.. قمتوقادني السجاف إلى باب أفضى إلى ممر متعر
لنفسي: ىذا أوؿ الغيث.. زن انة مظممة وأبواب حديدية فماذا بعد؟ ولو عرفت لقمت أنو أدىى وأمر. أيف أنا مف الوظيفة والعمؿ وتقديـ الخدمات
ز
لمناس والعياؿ وكيؼ يعيشوف بعدي؟ وعمى الدنيا السبلـ، وناداني صوت مف داخؿ الزن انة: تفضؿ يا أخ. نظرت فإذا أناس جالسوف وخجمت
ز
مف نفسي، فألقيت عمييـ السبلـ. كاف قمبي ييفو إلى ج ىذا المكاف فكيؼ أدخؿ؟ وأعادوا الكبلـ: تفضؿ يا أخ. ىؿ أقوؿ ليـ أنا مستعجؿ؟
خار
أنا مشغوؿ؟ و ائي عمؿ أريد أف أعود، وىؿ ذلؾ بيدي؟ فماذا أعمؿ يا رب؟
ر
ولكف.. يبدو أنو البد مف الجموس. عت حذائي وجمست في طرؼ الغرفة كضيؼ خجوؿ، فشددوا الطمب: تفضؿ إلى ىنا. قمت لنفسي: يبدو
نز
أني حممت بيف قوـ ك اـ فميس مف المناسب أف ج دفيف قمبي عجيـ، ولكف لساف الحاؿ كاف ينبئ عما في األعماؽ.
فأز أخر ر
التحقيؽ والتثبيت
9. مضى الوقت وألفت الجموس والنظر إلى الجد اف الكالحة، ولكف شوقي إلى رؤية السماء كاف حار، وألمي مف الباب المغمؽ كاف مر. حؿ
اً ّ اً ر
المس اء وكانت أياـ رمضاف شير الخير الذي طالما أمضيناه في حاؿ مف السرور حيث نجتمع عمى مائدة اإلفطار الشيية بانتظار مدفع
اإلفطار، ونغرؼ لمجي اف حتى ال نؤذييـ بقتار قدورنا ويغرفوف لنا فيكوف خير عمى خير، وكانت مائدتنا اليوـ عام ة بالنسبة لوضعنا حيث كنا
ر ر
نتوقع أف ال نجد ما نأكمو فإذا بالمائدة وقد حوت ما يسد الرمؽ ويذىب ألـ ع، فالحمد هلل رب العالميف.
الجو
في ىذا المعتقؿ (معتقؿ أمف الدولة) الذي ىو قبو أرضي في بناء كاف مخصصاً لمدرسة، كاف ىناؾ حوالي ثماني زنازيف فييا حوالي ثبلثيف
ج إلى الدو ة واحداً بعد واحد، وبمساعدة مف األخوة كممت بعض مف أعرفيـ في
ر معتقبلً، وسنحت فرصة في المساء حينما سمح لنا بالخرو
الزن انة المجاو ة وخاصة "أبو ببلؿ" وعممت شيئاً عف سبب اعتقالي قاؿ لي أبو ببلؿ بالحرؼ الواحد: أنا حكيت عميؾ تحت التعذيب.. دبر
ّ ر ز
حالؾ.
قمت: كيؼ أدبر حالي يا أبا ببلؿ؟
قاؿ: ال أعرؼ.
قمت: ماذا قمت عني؟
قاؿ: قمت سمعت أحد األشخاص يقوؿ عنؾ: ماشي حالو.
قمت: يعني؟ ماذا تعني بماشي حالو؟
قاؿ: متعاطؼ أو شيء مف ىذا القبيؿ.
قمت: ال حوؿ ال قوة إال باهلل العمي العظيـ.
و
طمبت في العاش ة ليبلً لمتحقيؽ.. شجعني األخوة قائميف:
ر
توكؿ عمى اهلل.. قؿ ليـ: مالي عبلقة بأحد، عبلقتي بالناس طيبة، لست ضد الوضع.
ج واقتادني إلى غرفة جانبية وجاء بمنديؿ أسود فعصب بو عيني جيداً واقتادني إلى ممر ثـ دخؿ بي إلى قبوفتح السجاف الباب وأمرني بالخرو
التحقيؽ وأوقفني فيو. شعرت أني أقؼ أماـ إنساف ما، فألقيت السبلـ فمـ يعجبو ذلؾ فقاـ إلي وانياؿ عمي ضرباً فوجئت بيذه اليجمة المنك ة،
ر ّ
وصدمت غـ أني كنت أتوقع ذلؾ وأكثر منو، ولـ أكف أتصور كيؼ.. ثـ أمرني أف أحدثو عف تنظيـ األخواف المسمميف بالتفصيؿ.
ر
قمت: ال أعرؼ عنيـ شيئاً.
قاؿ: يا إما تحكي بالطيب واال واهلل بسمخؾ؟ احكي ميف المي نظمؾ؟..
قمت: أنا لست منظماً يا أستاذ. أنا موظؼ بسيط مف بيتي لعممي وىذه ىي حكايتي فعبلً وبكؿ ص احة.
ر
قاؿ: احكي ميف المي نظمؾ في األخواف المسمميف؟ ميف تعرؼ منيـ وبدؾ تحكي كؿ شيء.. نحف نعرؼ كؿ شيء عنؾ لكف بدنا أنت
تحكي..
10. قمت: صحيح.. أنتـ تعرفوف كؿ شيء وأنا ال أعرؼ شيئاً، أنا أقوؿ الصدؽ ال أكذب عميؾ. أنا ال أعرؼ شيئاً عف األخواف المسمميف ال
و و
ي التقيت بواحد منيـ ىذا ىو الصدؽ.بعمر
قاؿ: أنت ما بتفيـ بالمعروؼ ولؾ..؟
واندفع يصفعني ويضربني وىجـ عمي شخص آخر وألقاني أرضاً ووضع رجمي في د الب، وأدخؿ أسي فيو فجمع أسي إلى جمي (يا رب
ر ر ر و ّ
ماذا فعمت)؟
خت: واهلل قمت الصدؽ..صر
خ: كذاب ولؾ..فصر
ي وجانبي، بدأت أشعر بألـ في جسمي كمو، وكأنو يكوى بالنار، وأف ىذه النار تضربوانيالوا عمي ضرباً بالخيز انة عمى جمي وعمى ظير
ر ر ّ
في العظـ وصرت أتأوه و خ:
أصر
يا أستاذ يا سيد أنا يء. أنا مالي عبلقة بأحد اسأؿ عني..
بر
خ في: كذاب ولؾ.. بدؾ تحكي غصباً عنؾ..
فصر ّ
خت غماً عني. كاف األلـ ىيباً فارتفع صوتي بالص اخ والتأوه.. ودارت الخيز انات تأكؿ مف جسمي مف الرجميف والجانبيف والظير ومف
ر ر ر وصر ر
كؿ مكاف، وأنا أستغيث ال مغيث ثـ وقفوا بعد أف تعبوا وكموا.
و
ونيرني قائبلً: بتحكي ولؾ..؟
قمت: نعـ بحكي ايش بتريدوا؟..
قاؿ: ىات لنشوؼ ميف المي نظمؾ وايش بتعرؼ عف األخواف المسمموف؟
قمت: واهلل ما بعرؼ شيء عف األخواف.
فصر عمى أسنانو وقاؿ: ما بتعرؼ يا... خود..
ّ
وعاد الفمـ مف أولو، وتوالت الضربات عمى رجمي كأنيا النار تكوي العظاـ، وتناولتني الخيز انات تمدغ بسميا جميع بدني كأنيا األفاعي تنيش
ر
خ:مف لحمي وعدت أصر
- دخيؿ اهلل يا اهلل أنا يء.. أنا يء..
بر بر
وكأنيـ حموا أكثر فكأف كبلمي الزيت يمقى عمى النار فغبت عف الوجود.. وىدأت حمى عذابيـ وعادوا إلى المحاو ة:
ر
- بتحكي ولؾ؟
قمت: نعـ بحكي دخيمكـ. أنا رب عائمة وأطفاؿ صغار، ما عندكـ أطفاؿ, إيش بتريدوا مني؟
11. قاؿ: ميف المي نظمؾ؟ ماذا تعرؼ عف األخواف المسمموف؟
قمت: واهلل يا ناس ما بعرؼ شيء واهلل ما بعرؼ.. انتو بتعرفوا..
خ وقد جؼ حمقي وضعؼ صوتي وقاؿ أحدىـ:
ّ وعادت الخيز انات تمعمع وتأكؿ مف جمي وجسمي وعدت أصر
ر ر
- الكيرباء..
ووقؼ الضرب وجاؤوا بسمكيف فربطوا كؿ واحد منيما بإصبع مف إحدى رجمي وقالوا:
- بتحكي ولؾ واال منشويؾ بالكيرباء مثؿ العصفور؟...
خت: يا سيدي واهلل حكيت وبحكي إيش بتريدوا..فصر
وسرت الكيرباء في األسبلؾ وكأنما ىي العقارب تدب وتمسع في رجمي ثـ اشتدت فأخذت جسمي جفة شديدة والنار ي في دمي وعظامي
تسر ر
ح وكأف جسمي أصابو مس شيطاني، وكأنما ركب في
ّ خ مؿء فمي ببل شعور وأنتفض كالمذبووتأخذ بقمبي تريد أف تحنقو وتقتمو وصرت أصر
جمي زنبرؾ كما في لعب األطفاؿ، فيي تتحرؾ آلياً في انتفاضة مستم ة والنار ي في دمي وجسمي حتى كممت ووقفت النار.
تسر ر ر
خت بصوت ضعيؼ: واهلل بحكي يا سيدي بحكي..وصر
خ المحقؽ منتصر: ميف المي نظمؾ وايش بتعرؼ عف األخواف المسمميف؟
اً فصر
قمت بألـ: واهلل ما حدا نظمني يا ناس ال أعرؼ األخواف، كؿ ي ما شفت شخص مف األخواف المسمميف مف أيف أعرفيـ ما حدا قاؿ لي أنا
عمر
مف األخواف.
وعادت النار ي في جسمي ويغمي بيا دمي، وأصبح ص اخي ضعيفاً وصوتي لياثاً ال يكاد يسمع وجسمي ينتفض كريشة تضربيا رياح
ر تسر
عاصفة مف كؿ مكاف، ووقفت النار وعادت المحاو ة القاتمة ال ي كيؼ مرت ساعتاف مف حياتي كأنيما الدىر، و جوني مف غرفة
أخر و أدر ر
التحقيؽ إلى الممر ثـ إلى الغرفة الجانبية, ع السجاف العصابة عف عيني وأعادني إلى الزن انة وأنا أستند إلى الجد اف وأجر نفسي جر،
اً ر ز ونز
وتمقاني األخوة يواسونني وييونوف عمي وقاؿ أخ ميندس: شد حيمؾ ىي ساعة وتزوؿ..
ّ
ع تسيؿ مف عيني جبلي متورمتاف مشققتاف،
ور وسألني آخر: ىؿ تورطت في الكبلـ؟ وأشرت ب أسي كالذي يناطح الصخر:ال.. وكانت الدمو
ر
وساقاي مجروحتاف في عدة مواضع. أردت أف أضطجع فما استطعت. كاف جسمي يؤلمني أشد األلـ، وجالت في نفسي خواطر، ما أحمى أف
يصاب اإلنساف في سبيؿ مبدأ ساـ شريؼ، تذكرت أنا كنا منذ فت ة نسعى لبناء جامع في حينا، وشاركت مع عدد مف أىؿ الحي في العمؿ
ر
ع، وكاف ىناؾ الحاج معروؼ صاحب أرض البناء الذي ع باألرض كميا والتاجر يونس الذي دفع مبمغاً كبير والبناء أبو خالد
اً تبر بيذا المشرو
يشارؾ باستم ار في العمؿ واإلش اؼ. وكنت أساعده.. وزلقت جمي يوماً فوقعت وكشطت ركبتي وتألمت كثير ولكف ىوف عمي ذلؾ أف ىذا
اً ر ر ر
في سبيؿ اهلل واليوـ يصيبني ىذا العذاب: لـ يارب؟ إف لـ أكف مف تنظيـ األخواف فأنا مسمـ وأنت يا ربي كريـ، فإني جو أف تكوف ىذه اآلالـ
أر َ
في سبيمؾ، وأنيا لظمـ واقع بي مف ى الء الطاغيف، وأنت يا ربي ال تحب الظمـ ال يضيع عندؾ شيء.. الميـ انتقـ منيـ.
و ؤ
أبو اصطيؼ
12. كاف دور المحقؽ يبدأ في العاش ة صباحاً ويستمر إلى الثانية بعد الظير، ومف التاسعة ليبلً حتى آخر الميؿ. وكاف لي في كؿ يوـ جمسة
ر
تحقيؽ في الصباح و ى في المساء، وينشغموف عني بعض األحياف، ويعيدوف في كؿ م ة (فمـ) العذاب بأكممو قاسياً مرير عيباً, وكانوا
اً ر ر أخر
يطمبوف مني أف أكتب ليـ في كؿ م ة اعت افاتي ال يعجبيـ ما أكتب، فيضربونني عميو أشد الضرب.
و ر ر
فتح السجاف باب الممر قبؿ الظير وأدخؿ شخصاً فأوقفو في الممر وتركو ومضى.
قاـ أحد األخواف فاسترؽ النظر مف النافذة الصغي ة ثـ قاؿ: قادـ جديد.. قمت استرؽ النظر وىالني ما أيت يا اهلل.. إنو أبو اصطيؼ، كاف
ر ر
يقؼ في طرؼ الممر يمبس بدلة رصاصية الموف مكوية، وكأنو جاء ليتفقد أحواؿ المعتقؿ، ناديتو: أبو اصطيؼ. السبلـ عميكـ..
أجاب: وعميكـ السبلـ.
قمت: خير إف شاء اهلل يا أبو اصطيؼ؟
اً
كاف سؤاالً حائر، وأقوؿ في نفسي: وىؿ يحتاج األمر إلى سؤاؿ؟ ولكني لـ أكف أصدؽ ما ى.. ما جري ة ىذا اإلنساف الطيب األديب الذي ما
ر أر اً
عرؼ حتى الكممة الجارحة ال المفظة النابية كمو أدب وأخبلؽ كريمة وعمؿ ونشاط دؤوب واستقامة.
و
وأجاب أبو اصطيؼ: ال ما في شيء سؤاؿ وجواب خمس دقائؽ.
وكاف عازفاً عف الكبلـ.. وكأنو مشغوؿ أو مستعجؿ (نفس الحالة التي مررت بيا) وكدت أصدؽ أنو كذلؾ (سؤاؿ وجواب) خمس دقائؽ..
حتى لقد ىممت أف أحممو سبلمات لؤلىؿ.. وجاء السجاف وأدخؿ أبا اصطيؼ الزن انة المجاو ة واستفيـ أحدىـ عف أبي اصطيؼ وأم ه فقمت
ر ر ز
حائر: يقوؿ سؤاؿ وجواب خمس دقائؽ فقط. فقاؿ أحدىـ: نعـ إلى يوـ يبعثوف.
اً
الطائفيوف
قاؿ لي األخ (س) الميندس وأنا ذاىب إلى التحقيؽ: ال تخؼ (يا فبلف) أنت أقوى منيـ أنت أقوى منيـ بإيمانؾ.. إنيـ لـ يستطيعوا أف
يطاولوؾ ف احوا يعتدوف عميؾ بالضرب.. اعرؼ ما تقوؿ واذك ه فأنت مسؤوؿ عنو.
ر ر
وأعود بعد التحقيؽ محطماً فيواسيني األخوة بكممات رقيقة مشجعة كالبمسـ يمسحوف بيا الج احات.
ر
ي لبعض التحقيقات، كانت حالو سيئة جداً، جبله مضمدتاف ويده متورمة مف ع وفي وجيو كدمات مختمفة
الكو ر جاء أخ منقوؿ مف ع العسكر
الفر
وحوؿ عينيو ىالتاف سوداواف، واذا ىو يحسدنا عمى حالنا في معتقؿ أمف الدولة ويقوؿ:
- أنتـ بخير وعافية، تحقيقكـ ىنا (أسيؿ مف شربة ماء) الطائفيوف عندكـ ال يعمموف بأيدييـ بؿ بصفة م اقب فقط، بينما عندنا يتولوف العمؿ
ر
بأيدييـ ىناؾ يؤخذ المعتقؿ لمتحقيؽ فإما أف يتكمـ بما يريد المحقؽ (ما ى وما لـ يجر) واال فإف مصي ه التحطيـ أو الموت، واذا لـ يمت
ر جر
فسوؼ يعود إلى التحقيؽ مف جديد.. شاباف في خ الشباب في سف العشريف قتبل أماـ عيني بعد عذاب ىيب استمر أربع ساعات متوالية
ر شر
أحدىما ىو األخ سيؼ الديف طرشو، رحمو اهلل، فترحمنا عمييما، وحمدنا اهلل الذي ال يحمد عمى مكروه سواه.
إلى دمشؽ
13. جاء السجاف وفي يده ورقة مكتوبة ونادى باسمي وأمرني أف أوّع عمييا وقد أخفى ما فييا.
ق ّ
قمت: عمى أي شيء أوقع؟
قاؿ: مالؾ عبلقة يا إما بتوقع يا إما باخدؾ إلى غرفة التحقيؽ.
نظرت إلى األخوة حولي أستفيـ منيـ. قاؿ (س): وقع. وأشار بيده: وليكف ما يكوف واخمص مف العذاب فوّعت. عرفت في الورقة كبلماً يسير
اً ق
لحظتو خبلؿ التوقيع، كاف اعت افاً ممفقاً بأشياء ال أعرفيا.
ر
وفي اليوـ التالي كاف في المعتقؿ حركة غير عادية، فقد جاء أشخاص آخروف ونودي بأسماء منيا اسمي. قاؿ بعض األخوة: نقؿ. وتذكرت.
لقد ىددني المحقؽ في آخر جمسة تحقيؽ وآخر حفمة تعذيب وقد يئس مني فقاؿ: (واهلل ألبعتؾ عمى الشاـ يا...) ولـ أعر األمر كبير اىتماـ
فماذا في الشاـ أو ىا؟ ولكني عرفت فيما بعد معنى ىذا التيديد، ولكف بعد فوات األواف.
غير
ففي (تدمر) الموت حدثني األستاذ (ع) مدرس الرياضيات قاؿ: طمبت مف قبؿ المخاب ات فيربت واختفيت خائفاً أترقب ومضت أياـ صعبة
ر
ق ابة شير ولـ أكف مف المجرميف ال ارتكبت أي ذنب يعاقب عميو القانوف، ولكني متديف أصمي وأصوـ وكاف لي بعض األصدقاء المتدينيف،
و ر
ولكف في ىذه األياـ الكؿ مجرـ حتى ولو ثبتت ب اءتو، ونحف ى الذاىب (الذي تأخذه المخاب ات) ال يعود، بريئاً كاف أـ مذنباً، إال مف رحـ
ر نر ر
اهلل ليحدث عف العذاب و ىاب.
اإلر
ضاقت بي الحاؿ وصعب عمي مواصمة االختفاء فتوسط لي بعض األقارب لدى مسؤوؿ كبير في المخاب ات وأخب ه ي فقاؿ لو بالحرؼ
ر بأمر ر
الواحد: ليس متيماً بشيء، ولكنو مطموب إلى الشاـ ومف يذىب إلى الشاـ ال يعود فمييرب.
ويتابع األستاذ (ع) ولـ أقتنع، وقمت لنفسي: ما دمت لست متيماً بشيء فسوؼ يكوف تحقيؽ يسير فب اءة فعودة.. فسممت نفسي لممخاب ات
ر ر
واقتادوني إلى دمشؽ ثـ إلى تدمر الموت ىذا ولـ أرتكب واهلل جرماً.
إذف الرحمة اليوـ إلى دمشؽ.. ودعت األخوة، وعز عمي أف أترؾ ىذا المعتقؿ الذي عشت فيو أياماً قميمة، اعتدت فييا عميو، حيث أنني ىنا
ّ ّ ّ
قريب مف األىؿ واف لـ أكف أ اىـ أو أسمع عنيـ، ولو كنت أعرؼ تدمر وما ينتظرني فييا لوقفت وجبلً أماـ ىذه حمة.
الر ر
كنا ستة أشخاص جمعونا مف زنازيف مختمفة وقيدونا بالسبلسؿ حتى أصبحنا كتمة واحدة، ووضعونا في سيا ة الندروفر وانطمقت السيا ة بنا
ر ر
(وقد ممئت مف األماـ والخمؼ حرساً شديداً) إلى دمشؽ. لـ نودع أىبلً ولـ نر قريباً. تركنا و اءنا حياتنا كميا وأىمينا.. ىكذا كنت ألقي نظ ة
ر ر
الوداع عمى تمؾ الر ع التي طالما سعيت فييا بآمالي وىمومي وأقوؿ بحس ة: ىؿ مف عودة يارب فقمبي يحدثني أنيا رحمة ليس مف السيؿ
ر بو
الر ع منيا.
جو
كانت أياـ رمضاف المبارؾ وصمنا نحف المعتقميف المنقوليف غـ رخصة السفر.. ّاسنا مفطروف طبعاً. وصمنا إلى دمشؽ فسجف الحمبوني
وحر ر
مع المساء، وكاف السجانوف في المحافظة مف نوعيات مختمفة. كاف أحد الجبلديف يأتي فيتفقدنا في الصباح وقبؿ التحقيؽ ويسأؿ: (كيؼ
حالكف)؟ وكنا نظف بو خير، واذا ىو خبيث كزمبلئو يريد أف يتعرؼ عمى حاؿ مف سيجمدىـ في التحقيؽ ليعرؼ مدى تحمميـ، وكاف السجاف
ّ اً
سعيد مثاؿ الغباء والقسوة.
14. كما سجف مع األخوة في إحدى الزنازيف عنصر مخاب ات ارتكب مخالفة وكاف شديد اإليذاء لؤلخوة جاىبلً متغطرساً ينظر إلينا باحتقار، فمما
ر
عايش األخوة يوميف إذا بو ينقمب حمبلً وديعاً واذا بالندـ عمى ما فات ع قمبو، فكاف إذا خبل بنا بعد ذلؾ أو بعدت عنو عيف الرقيب يقوؿ:
يقر
أنتـ أعمامي واخوتي ويبدي أسفو وحزنو عمى ما بدر منو تجاىنا..
في معتقؿ الحمبوني
معتقؿ الحمبوني قصر قديـ مؤلؼ مف طابقيف وممحؽ صغير وقبو وأمامو حديقة واسعة ويحيط بو سور عاؿ وأسبلؾ شائكة، وعمى يميف
الداخؿ في الحديقة قبو طويؿ فوقو غرؼ وأماـ بابو فسحة يسي ة 3×2ـ مشبكة بالحديد كالقفص،وعمى اليسار الدخؿ في أقصى غرفتاف أيضاً.
ر
أدخمتنا الدورية إلى مكتب في اوية البناء اليمنى وتمقانا ىناؾ عنصر مف المخاب ات سممو رئيس الدورية أو اقاً ال شؾ أنيا تخصنا فاستمميا
ر ر ز
منو عمى مضض والتفت إلينا فعدنا بالخيز انة وسبنا وشتمنا وىـ بضربنا. كاف غ الدماغ، قد حشي ذىنو بأشياء غريبة عبر عنيا بقولو:
فار ّ ر ّ
(انتو يا... لو شفتوني ب ه قتموني) ونحف ال قتمنا ال نقتؿ أحداً. كاف في ذىنو أف المعتقميف مجرموف ىكذا قبؿ أف تثبت التيمة أو حتى قبؿ أف
و ر
توجو التيمة.
سممنا بعد ذلؾ إلى سجاف آخر يدعى (أبو سميح) فقادنا إلى القفص فوضعنا فيو وسألنا: أنتو صايميف؟ قمنا: نعـ. فجاء بوعاء كبير فيو
شوربة مميئة بالحصى وقاؿ: كموا. طمبنا ماء فقاؿ: بعديف. وىكذا أكمنا مف الشوربة ما يسر اهلل. وجاء بعد ذلؾ السجاف أبو سميح فادخؿ أربعة
منا في القبو وقادني وآخر إلى البناء الرئيسي وسار بنا في ممر طويؿ وفتح باباً حديدياً ونزلنا جاً ضيقاً إلى صالة صغي ة جداً عمى جانبيا
ر در
أربعة أبواب أدخمني مف الباب األوؿ الذي أفضى بي إلى زن انة ضيقة معتمة وأدخؿ اآلخر الثانية وكاف يبدو مف خبلؿ باب مغمؽ آخر
ز
ي قديـ متروؾ ت اكـ عميو الغبار وبعد ذىاب السجاف سمعت أصواتاً. وفتح شخص النافذة الصغي ة وأطؿ وجو فتى
ر ر (شودير) جياز تدفئة مركز
جميؿ بمحية شق اء فحياني بقولو: السبلـ عميكـ. ورددت عميو بود: وعميكـ السبلـ.
ر
قاؿ: نحف جي انؾ في الغرفة الجماعية، كيؼ حالؾ، وماذا تحتاج؟
ر
فشكرتو وطمبت منو شيئاً مف الماء فأحضر لي ماء وطعاماً (خبز وحبلوة) وشكرتو ثانية وجمست أتمتع بالوحدة وأستأنس بذكر اهلل. وجاء
ً
السجاف في حوالي منتصؼ الميؿ فأخذني إلى الطابؽ العموي وعصب عيني وأدخمني عمى محقؽ باشرني بالتيديد والوعيد. يقوؿ: أنت منظـ
في اإلخواف ىذا أكيد وأنت معترؼ ىنا (ويشير إلى أو اؽ أمامو) ولـ يترؾ لي فرصة لمكبلـ أو المعارضة ثـ أعادني السجاف إلى الزن انة.
ز ر
الزن انة رقـ ( 4 )
ز
وفي اليوـ التالي جاء السجاف فأخذني مف الزن انة وسار بي في الممر الطويؿ إلى الحديقة ثـ إلى القبو فدخمنا فيو وقادني في ممر عمى
ز
جانبيو غرؼ وأبواب حتى أدخمني زن انة ذات باب واطئ في آخر الممر ضيقة كانت ىذه ىي الزن انة رقـ ( 4 ) أغمؽ الباب ومضى كانت
ز ز
الزن انة كالعمبة واطئة السقؼ ليس ليا نوافذ سوى باب صغير مف خشب سميؾ وفي وسطو فتحة صغي ة مشبكة بالحديد.
ر ز
الجماعية في قبو الحمبوني
وجاء السجاف بعد ثبلثة أياـ فأخرجني وأعادني إلى قبو المبنى قرب (الشويدر) ولكنو في ىذه الم ة وضعني في الغرفة الجماعية وبابيا في
ر
ال اوية إلى اليسار مع األخ األشقر صاحب المحية وجماعة مف المعتقميف كاف ىـ بالثياب العسكرية حبوا بي أنست بيـ.
ر أكثر ز