SlideShare une entreprise Scribd logo
1  sur  560
4
5
‫المحتويات‬‫٧-١١١‬   ‫الدرس الول : مقدمة وتفسير سورة‬                    ‫الفاتحة‬ ‫٣١١-‬   ‫الدرس الثاني : تفسير اليات ) ١- ٣١(‬ ‫٥٣٢‬        ‫من سورة البقرة‬ ‫٧٣٢-‬   ‫الدرس الثالث : تفسير اليات ) ٤١- ٥٢(‬ ‫٧٠٣‬ ‫٩٠٣-‬   ‫الدرس الرابع : تفسير اليات ) ٦٢- ٩٣(‬ ‫٤٢٤‬ ‫٥٢٤-‬   ‫: تفسير اليات ) ٠٤- ٢٥(‬       ‫الدرس‬ ‫٣٨٤‬                                ‫الخامس‬ ‫٥٨٤-‬   ‫: تفسير اليات ) ٢٥- ١٦(‬       ‫الدرس‬ ‫٨٤٥‬                                ‫السادس‬ ‫٩٤٥-‬   ‫: تفسير اليات ) ٢٦- ٤٧(‬       ‫الدرس‬ ‫٦٠٦‬                                  ‫السابع‬ ‫٧٠٦-‬    ‫: تفسير اليات ) ٥٧ –‬         ‫الدرس‬                        ‫٣٠٨(‬ ‫٧٣٦‬                                  ‫الثامن‬ ‫٩٣٦-‬    ‫: تفسير اليات ) ٤٨ –‬         ‫الدرس‬                        ‫٦٩(‬
‫٥٠٧‬                                    ‫التاسع‬     ‫٧٠٧-‬       ‫: تفسير اليات ) ٧٩ –‬        ‫الدرس‬                               ‫٥٠١(‬     ‫١٥٨‬                                    ‫العاشر‬     ‫٣٥٨-‬   ‫: تفسير اليات ) ٦٠١- ٨١١(‬       ‫الدرس‬     ‫٣١٩‬                                ‫الحادي عشر‬     ‫٥١٩-‬   ‫الدرس الثاني : تفسير اليات ) ٩١١- ٥٣١(‬    ‫٩٠٠١‬                                      ‫عشر‬    ‫١١٠١-‬   ‫الدرس الثالث : تفسير اليات ) ٦٣١- ٥٤١(‬    ‫٨٦٠١‬                                      ‫عشر‬    ‫٩٦٠١-‬   ‫الدرس الرابع : تفسير اليات ) ٦٤١- ٧٥١(‬    ‫٤١١١‬                                      ‫عشر‬    ‫٥١١١-‬                                    ‫قائمة‬    ‫٨١١١‬                                   ‫المراجع‬                                             ‫العامة‬‫5‬                                                  ‫5‬
‫الدرس الول‬    ‫مقدمة، وتفسير سورة الفاتحة‬                  ‫6‬‫6‬
‫عناصر الدرس‬     ‫٩‬          ‫العنصر الول : ترجمة ابن كثير‬    ‫٥٣‬   ‫العنصر الثاني : تعريف التفسير وأهميته‬                ‫ونشأته وأنواعه‬    ‫١٦‬     ‫العنصر الثالث : تفسير سورة الفاتحة‬‫5‬                                             ‫7‬
‫ترجمة ابن كثير‬                                              ‫نسب ه:‬ ‫هو الحافظ عماد الدّين أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن‬‫كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي، القيسي،‬  ‫العبسي، البُصروي -نسبة إلى بصرى الشام- الدمشقي.‬                                             ‫مولده:‬    ‫ولد سنة )١٠٧( هـ بمجيدل القُرَية، من أعمال بُصرى.‬                                             ‫نشأته:‬‫نشأ في أسرة علْم وفضل؛ فقد كان أبوه الخطيب شهاب‬      ‫الدّين أبو حفص عمر بن كثير، من العلماء الفقهاء‬‫الخطباء، توفّي عنه، وهو ابن ثلث أو نحوها، فاتّجه إلى‬     ‫الطلب في وقت مبكّر مِن حياته، على يدي أخيه عبد‬‫الوهاب، وأكمل حفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز العاشرة‬     ‫مِن عمره، على شيخه شمس الدّين البعلبكي، وقرأ‬ ‫بالقراءات، حتى عدّه الداودي من القرّاء، وترجم له في‬                                            ‫طبقاتهم.‬   ‫وسمع الحديث، من كثير من أئمّة الحفّاظ في عصره،‬    ‫وعني بالسماع والكثار منه، وقرأ على صهره الحافظ‬
‫المزّي مؤلّفَه العظيم في الرجال: )تهذيب الكمال( وغيره،‬      ‫كما حفظ المتون المتنوّعة في العلوم الشرعية، وكان‬             ‫صحيح الذهن، كثير الستحضار، قليل النسيان.‬      ‫وهكذا، اشتغل بطلب العلْم، ودأب وحصّل وكتَب، حتى‬      ‫برع في علوم كثيرة، وصار يشار إليه بالبنان، ولما يزلْ‬     ‫شابّا؛ وهذا من فضل ا عليه، إذ هيّأ له أسباب تحصيل‬                                     ‫العلْم، ويسّر له سُبله.‬                                                   ‫رحلت ه:‬       ‫سافر إلى عدّة بلد، الْتقى فيها بأهل العلم، فاستفاد‬           ‫وأفاد، ومن تلك البلد: القدس، ونابلس، وبعلبك،‬‫والقاهرة، وقد سافر إلى الحجاز؛ حيث أدّى فريضة الحج،‬                              ‫في جمْع من علماء دمشق.‬                                         ‫زواجه وذ ر ّ ي ّته:‬        ‫صحب ابن كثير محدّث الديار الشامية في عصره: أبا‬ ‫الحجاج جمال الدّين يوسف بن عبد الرحمن المزّي، إمام‬     ‫الحفّاظ، ولزمه، وصاهره؛ فتزوج ابنته زينب، ورزقه ا‬     ‫منها عددًا من الولد، أكبرهم: الشيخ عز الدّين عمر بن‬      ‫إسماعيل بن عمر بن كثير، عني بالفقه، وكتب تصانيف‬‫01‬
‫أبيه؛ وهو الذي نسخ لبيه نسخة )المُسند(، التي جعلها‬                            ‫أصل في تأليف )جامع المسانيد(.‬                                                      ‫ً‬                                                   ‫شيوخه:‬      ‫وقد بدأ الشتغال على يدي أخيه: عبد الوهاب؛ فهو أول‬     ‫شيوخه، وصحِب جمال الدّين أبي الحجاج يوسف المزّي،‬                                                    ‫ولزمه.‬      ‫وكان من أعظم تلميذ شيخ السلم ابن تيمية الحرّاني،‬     ‫ولزمه، وتخرّج على يديه، وكانت له به خصوصيّة ومناضلة‬        ‫عنه، واتّباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في‬                  ‫مسألة الطلق، وامتحن بسبب ذلك وأُوذي.‬      ‫ولمّا مات شيخ السلم ~ بسجن القلعة، لم يُسمح لحد‬       ‫بالدخول أول المر، إل لخواصّ أصحابه؛ فكان ابن كثير‬                                    ‫ّ‬                                                      ‫منهم.‬                                                  ‫تلميذه:‬                                        ‫وتلمذته كثير، منهم:‬      ‫1.المام سعد الدّين بن يوسف بن إسماعيل بن يونس‬     ‫النواوي، قدم دمشق صغيرًا، وقرأ على ابن كثير كتابه‬                     ‫في علوم الحديث، وأذِن له بالفتوى.‬‫11‬                                                          ‫11‬
‫2.المام ابن حجّي.‬                                       ‫3.المام الزّركشي.‬          ‫4.المام الحسيني، صاحب )ذيل تذكرة الحفّاظ(.‬      ‫5.المام ابن الجزري، وهو ممّن أذن له ابن كثير في‬                                                ‫الفتوى.‬                              ‫أعماله ونشاطه العلم ي:‬      ‫تنوّعت أعمال الحافظ ابن كثير نظرًا لموسوعيّته وعلوّ‬     ‫منزلته العلْمية؛ وممّا قام به من جهود علْمية اشتهر بها:‬                                                  ‫القراء:‬        ‫برز الحافظ ابن كثير في هذا الجانب العلْمي، وولي‬       ‫مشيخة القراء بمدرسة أمّ الصالح، كما ذكر النعيمي.‬‫وترجم له الداودي، في )طبقات القراء(، وقد ظهر أثر علْم‬       ‫ابن كثير بالقراءات في غضون تفسيره، وهو غالبًا ما‬                             ‫يعتمد قراءة نافع ومَن وافقه.‬                                     ‫ال ت ّحديث والجازة:‬     ‫لقد كان حافظًا مِن حفّاظ هذه المّة لحديث رسول ا‬         ‫أخذ الحديث عن جماعة من أهل العلْم، سماعًا‬‫21‬
‫وإجازة، وحدّث وأفاد، وأسمع الحديث، وأجاز؛ حتى إنه‬          ‫أجاز كلّ مَن أدرك حياته، كما ذكر الحافظ ابن حجر.‬                                                 ‫ال ت ّدري س:‬      ‫قعد الحافظ ابن كثير للتّدريس إلى آخر عمره، وانتفع به‬          ‫خلق كثير، ودرّس علومًا عدّة، منها: التفسير، والفقه.‬       ‫وقد بدأ التدريس في المدرسة النجيبية، كما كان يدرّس‬                                 ‫التفسير في الجامع الموي.‬        ‫وقد تولّى الحافظ ابن كثير مشيخة عدّة مدارس، ومن‬                                                   ‫ذلك:‬     ‫مشيخة مدرسة أمّ الصالح، ومشيخة دار الحديث، ومشيخة‬                     ‫التنكزية، واسمها: دار القرآن والحديث.‬                                                    ‫الفتاء:‬       ‫برز الحافظ ابن كثير في هذا الجانب، ول غرو، فهو إمام‬     ‫من أئمة الشافعية، غير أنه لم يكن متقيّدًا بالمذهب؛ وإنما‬      ‫كان يدور مع الدليل حيث دار، وقد وصفه شيخه الذهبي،‬      ‫بالفقيه المفتي، وكان يأذن لغيره بالفتاء، كإذنه للنواوي،‬                                                    ‫والجزري.‬                                                  ‫مؤ ل ّفاته:‬‫11‬                                                           ‫31‬
‫لقد تفرّغ الحافظ ابن كثير ~ للتأليف والتصنيف، إلى جانب‬        ‫ما كان يقوم به من العمال الكثيرة في خدمة الدّين‬‫والمّة السلمية؛ ولذلك خلّف كتبًا كثيرة في شتّى مجالت‬        ‫العلْم والمعرفة، وكان من أوائل ما صنّف في شبابه‬       ‫-ولعلّه أوّل كتاب ألّفه- )أحكام التنبيه(، ولمّا اطلع عليه‬      ‫شيخه البرهان الفزاري، أعجبه وأثنى عليه، وقد ذكر له‬     ‫بعض مَن ترجم له حوالي أربعين مؤلّفًا، أكثرها مفقود.‬       ‫ومِن أهمّ مؤلّفاته: )تفسير القرآن العظيم(، و )البداية‬         ‫والنهاية(، في التاريخ، و )جامع المسانيد والسّنن(، و‬      ‫)شمائل الرسول، ودلئل نبوته وفضائله وخصائصه(، و‬        ‫)فضائل القرآن، وتاريخ جمعه وكتابته ولغاته(؛ وهي‬                                                      ‫مطبوعة.‬                                                     ‫مم ي ّزات ه:‬                                      ‫1.القدرة على الحفْظ.‬                           ‫2.كثرة الستحضار، وقلّة النّسيان.‬     ‫3.جودة الفهْم: حيث كان ~ صحيح الذّهن، قادرًا على‬           ‫الجتهاد والدقّة العلْمية؛ ومن هنا كانت له آراء‬                                             ‫ّ‬                                    ‫واجتهادات وترجيحات.‬‫41‬
‫4.خفّة الروح، وقد جاءت هذه الصّفات على لسان‬       ‫المترجِمين له، إذ قالوا: كان ~ كثير الستحضار، قليل‬       ‫النسيان، جيّد الفهم، صحيح الذّهن، حسن المفاكهة.‬                    ‫مكانته العلمية، وثناء العلماء علي ه:‬        ‫تبوّأ الحافظ ابن كثير ~ في حياته مكانة علميّة مرموقة،‬      ‫وحاز مِن ثناء العلماء مِن معاصريه فمَن بعدَهم، ما يدلّ‬                ‫على فضله وتقدّمه في العلْم والدب والعبادة.‬          ‫وتتج ل ّى مكانة ابن كثير ، ومنزلته الع ل ْمية من‬                                                ‫ناحيت ي ْن:‬     ‫الولى: من خلل ما ترَكَه من ثروة علْمية، وتآليف نافعة.‬          ‫الثانية: شهادة العلماء له، وخاصّة معاصروه، سواء‬                           ‫أكانوا شيوخًا له، أو تلميذ:‬      ‫قال المام الذهبي )وهو في طبقة شيوخه(: وسمعت مع‬           ‫الفقيه المفتي المحدّث ذي الفضائل: عماد الدّين بن‬       ‫إسماعيل بن عمر البصروي الشافعي، وله عناية بالرجال‬     ‫والمتون والتفقّه، خرّج وألّف، وناظر وصنّف، وفسّر وتقدّم.‬       ‫وقال الحافظ ابن ناصر الدّين الدمشقي: المام العلمة‬        ‫الحافظ، عماد الدّين، ثِقة المُحدّثين، عمدة المؤرّخين،‬                                 ‫علَم المفسّرين، أبو الفداء.‬‫11‬                                                            ‫51‬
‫وقال الحافظ ابن حجر العسقلني: واشتغل بالحديث،‬    ‫مطالعة في متونه ورجاله، فجمع التّفسير، وكان كثير‬‫الستحضار، حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في البلد في‬                      ‫حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته.‬                                               ‫عقيدت ه:‬  ‫كان الحافظ ابن كثير ~ سلفيّ العقيدة، سائرًا على منهج‬  ‫أهل السّنّة والجماعة، ومما يدل على ذلك، أنّ له رسالة‬‫في العقائد، قرر فيها عقيدة السلف؛ ومما جاء فيها، قوله:‬ ‫فإذا نطق الكتاب العزيز، ووردت الخبار الصحيحة، بإثبات‬        ‫السمع، والبصر، والوجه، والعلْم، والقوة، والقدرة،‬    ‫والعظمة، والمشيئة، والرادة، والقول والكلم، والرضا‬‫والسخط، والحب والبغض، والفرح والضحك، وجَب اعتقاد‬      ‫حقيقته، مِن غير تشبيه ول تكييف له، ول تحريف، ول‬ ‫تبديل، ول تغيير، ول إزالة لفظ عما تعرفه العرب وتصرفه‬                          ‫إليه، والمساك عما سوى ذلك.‬‫كما أنه في تفسيره المشهور، جرى على منهج السلف في‬         ‫تفسير آيات الصّفات، ومن المثلة على ذلك:‬     ‫قال الحافظ ابن كثير ~: "وأما قوله تعالى: }ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ{‬ ‫]الفرقان:95[، فللناس في هذا المقام مقالت كثيرة جدّا،‬      ‫ليس هذا موضع بسْطها؛ وإنما نسلك في هذا المقام‬‫61‬
‫مذهب السلف الصالح: مالك، والوزاعي، والثوري،‬     ‫وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا؛ وهو: إمرارها‬           ‫كما جاءت من غير تكييف، ول تشبيه، ول تعطيل".‬                                           ‫مذهبه الفقهي ّ:‬      ‫ذكرت بعض المصادر في ترجمة الحافظ ابن كثير ~ أنه‬       ‫حفظ في صغره كتاب )التنبيه(، وهو أهم مختصَر في‬          ‫الفقه الشافعي، في ذلك العصر، كما أثبت كثير من‬     ‫المترجمين له نسبته إلى المذهب الشافعي؛ بل أثبت ابن‬                ‫كثير نفسه هذه النسبة للشافعي، في اسمه.‬                               ‫منهج ابن كثير ، في كتابه :‬     ‫يُعتبر تفسير ابن كثير مِن خيْر كُتب التفسير، واحتلّ مكانة‬        ‫مرموقة في الكُتب السلميّة، وشهد له العلماء بذلك،‬        ‫وذاع صيت هذا الكتاب، وتداولتْه اليدي قديمًا وحديثًا،‬                                     ‫على مختلَف المستويات.‬       ‫يقول السيوطي: له التفسير الذي لم يؤلّف على نمطه‬                                                         ‫مثلُه.‬         ‫ويقول الشوكاني: وله تصانيف مفيدة، منها: التفسير‬     ‫المشهور، وهو في مجلّدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل‬‫11‬                                                            ‫71‬
‫المذاهب، والخبار، والثار، وتكلم بأحسن كلم وأنفسه؛‬                                  ‫وهو من أحسن التفاسير.‬     ‫ويقول الستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر: فإنّ تفسير ابن‬        ‫كثير أحسن التفاسير التي رأينا، وأجودها وأدقّها، بعد‬                 ‫تفسير إمام المفسّرين؛ أبي جعفر الطبري.‬                         ‫مصادر ابن كثير في التفسي ر:‬       ‫أكثر الحافظ ابن كثير من نقله عن السلف الصالح من‬                      ‫الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين.‬                                    ‫مصادره من الكتب:‬     ‫فقد رجع إلى التوراة والنجيل في مواضع من تفسيره.‬   ‫وأما في التفسير ، وعلوم القرآن: فلو ألقينا نظرة‬‫فاحصة على المصادر التفسيرية التي استقى ابن كثير منها‬       ‫تفسيره، لوجدنا أن الطابع العام الذي تتميّز به هذه‬ ‫المصادر التفسيرية، هو التفسير بالمأثور، مع وجود غيرها‬                            ‫أيضًا، لكن ليس بنفس القدْر.‬    ‫أ م ّا أكثر التفاسير دورا ن ًا في تفسير ابن كثير ،‬‫فأربعة: )تفسير ابن جرير الطبري(، و )ابن أبي حاتم(، و‬ ‫)عبد الرزاق الصنعاني(، و )أبي بكر بن مردويه(، وأخصّ‬      ‫هذه الربعة: )تفسير ابن جرير الطبري(، و )ابن أبي‬     ‫حاتم(؛ فقد كاد يذكرهما في كلّ صفحة من صفحات‬‫81‬
‫التفسير؛ ولعل السبب في هذا: أن هذه الكتب تحوي بين‬            ‫دفّتيها عددًا هائل من الحاديث، والروايات، والخبار‬                                             ‫ً‬          ‫الواردة عن السلف الصالح؛ وهذا يلئم منهج التفسير‬                           ‫بالمأثور، الذي آثره ابن كثير لنفسه.‬       ‫وهناك من المصادر التفسيرية ما لم يذكره إل مرة، أو‬     ‫مرتيْن، كـ )تفسير الثعلبي(، صاحب )العرائس(، والمعروف‬      ‫بـسرد الخبار والروايات السرائيلية والقصص الخرافية.‬     ‫والحقيق ة: أنّ ابن كثير عالِم، حافظ، ناقد، مدقّق، وليس‬     ‫مجرد نقّال؛ فإنه إذا لم يتفق مع غيره من المفسرين في‬     ‫بعض الراء وجدناه يحشد عددًا هائل من الدلة؛ لدحض‬                        ‫ً‬                              ‫هذا الرأي وإثبات ما يراه حقّا.‬           ‫وأ م ّا كتب ال س ّ ن ّة ، وعلوم الحديث ، وشروحه:‬       ‫فيبدو لوّل وهلة، أنّ مصادر ابن كثير في الحديث كثيرة‬       ‫جدّا، وهي على وجه التحديد )واحد وسبعون ( مصدرًا،‬                                 ‫هذا خل التفاسير المسندة.‬         ‫كما أنّ له مصادره المتنوعة في الفقه وأصوله، وفي‬      ‫التاريخ والسّيَر والتراجم، وفي علوم اللغة، وغير ذلك من‬         ‫فنون العلْم. كما أنه نقل من مصادر مهمة لم يصرح‬       ‫بأسمائها، بالضافة إلى نُقولِه عن شيوخه، ومن أبهمهم‬          ‫من أهل العلْم، مما جعل كتابه مصدرًا حافل بعلوم‬                ‫ً‬                                                    ‫غزيرة.‬‫11‬                                                           ‫91‬
‫انتقادات و ُ ج ّهت في كتاب ه:‬     ‫جاء )تفسير ابن كثير(، ذخيرة علْمية، لكنه لم يخلُ من‬           ‫بعض المآخذ التي لحظَها العلماء، ومن ذلك:‬     ‫1. الطالة: فقد حرص ابن كثير ~ على ذكر السانيد‬     ‫كاملة، كما حرص على إيراد الروايات المتكرّرة في‬      ‫الموضع الواحد، والستعانة بالشواهد اللغوية، مما‬       ‫يؤدّي إلى الملل والتعب والسآمة، من الطالة في‬     ‫عرض تفصيلت وجوانب متفرّعة ودقيقة، ل يستفيد‬      ‫منها إل فئة مخصوصة مِن العلماء والباحثين؛ وهذا‬            ‫ما دعا العلماء في هذا العصر لختصار هذا‬                                              ‫التفسير.‬               ‫2. السرائيليات: كان ابن كثير ~ متنبّهًا لمْر‬          ‫السرائيليات وخطرها، وتعرّض لها في مقدّمة‬      ‫كتابه؛ وهو المحدّث الحافظ، ومع ذلك فقد أوردها‬           ‫في كتابه؛ للستئناس بها، بحجة "الستشهاد ل‬         ‫العتضاد"، ونبّه في معظم الحيان عليها، ويذكر‬       ‫الرواية، ثم يصرّح بأنها إسرائيلية، وقد يبيّن بطلنها‬        ‫وفسادها، ولكن القارئ العادي سيقرؤها، وقد ل‬            ‫يتنبّه إلى معنى كوْنها إسرائيلية ؛ فكان ذكْرها‬     ‫بالتفسير مأخذًا، وإن الخطر والضرر في إثباتها، أكثر‬       ‫بكثير مِن حذْفها وإغفالها؛ ولذلك يتردّد على ألْسنة‬‫02‬
‫العوامّ وأنصاف المتعلّمين: أنّ هذه القصّة‬           ‫)السرائيلية(، أو تلك وردت في تفسير ابن كثير.‬       ‫هكذا انتقده بعض المتأخّرين، ولكنّ هذا ل يسلّم لهم،‬        ‫وقد دأب السلف الصالح -الذين هم أعلم الناس بكتاب‬         ‫ا- على ذكر السرائيليات في تفسيرهم، وهم أورع‬     ‫الناس وأتقاهم، وأعلمهم بما يجوز على ا ورسله، وهم‬        ‫أحرص الناس على صفاء العقيدة؛ فليس مِن الصواب‬        ‫الضراب عن السرائيليات جملة وتفصيل؛ بل منهج ابن‬                      ‫ً‬                               ‫كثير هو الصواب - وا أعلم.‬                 ‫أوهام الحافظ ابن كثير ، في تفسير ه:‬      ‫وقع الحافظ ابن كثير ~ كعادة البشَر، في بعض الوهام‬           ‫التي هي قطرة في بحر صوابه، وهي على سبيل‬                           ‫الجمال تنحصر في نقاط أربع:‬            ‫أول: الخطأ في العزْو: كأن ل يكون الحديث في‬        ‫الصحيحيْن أو في أحدِهما، ومع هذا تراه يعزوه‬                            ‫إليهما، أو إلى واحد منهما.‬         ‫ثان ي ًا: الخطأ الواقع في السانيد: كالوهْم في أسماء‬                                      ‫بعض الرواة.‬      ‫ثال ث ًا: التقصير في العزْو: كأنْ يكون الحديث في المسند‬                            ‫مثل، ويعزوه لبن جرير.‬                                                ‫ً‬‫11‬                                                            ‫12‬
‫راب ع ً ا: السهو في بعض كلم الئمّة: كنقل بعض ألفاظ‬                  ‫الترمذي، والحاكم بخلف الواقع.‬                      ‫بعض ال ملحظات في منهجه ~ :‬      ‫فالذي يظهر: أنه كَتب الكتاب أول، ثم نظر فيه ثانية،‬                         ‫ً‬     ‫فأضاف فيه نقول كثيرة، استقاها من تفسير الرازي،‬                                        ‫ً‬‫والزمخشري، ثم نظر فيه أخرى، فحذف بعضًا ممّا أضافه.‬      ‫كما أنّ بعض اليات لم يفسّرها إطلقًا؛ إمّا سهوًا، وإمّا‬      ‫عمدًا؛ هُروبًا من إشكالتها، وإمّا خوفًا مِن عدم وضْعها‬                                         ‫مواضعها الصحيحة.‬                            ‫فممّا يدخل تحت السهو: متكرّر.‬‫وأمّا مِن الثاني، فمثاله: عند قوله تعالى: }ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ{‬                                              ‫]الشّرح: ٢، ٣[.‬          ‫ومن الثالث: عند قوله تعالى: }ﮭ ﮮ ﮯ{ ]النجم:91[.‬                       ‫تعريف التفسير، وأهميته، ونشأته، وأنواعه‬                                             ‫التفسير لغ ة ً:‬         ‫اليضاح والتّبيين، مِن: "الفَسْر"، وهو: البانة، وكشف‬                                                    ‫المُغطّى.‬‫22‬
‫وقي ل: هو مقلوب: "السّفْر"، يقال: سفرت المرأة عن‬      ‫وجهها، إذا كشفت نقابها؛ ولهذا سُمّي السفر "سفرًا"؛ لنه‬                                    ‫يُسفر عن أخلق الرّجال.‬                                        ‫التفسير اصطل ح ًا:‬      ‫عرفه الزّركشي، بأنه: علْم يُفهم به كتابُ ا المنزل على‬       ‫نبيّه محمد ه وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكمه.‬                                  ‫أ. أه م ّ ي ّة ع ل ْم التفسير:‬     ‫أجمع العلماء، على أنّ التفسير مِن فروض الكفايات، وأنه‬                                       ‫أجلّ العلوم الشّرعيّة.‬        ‫قال الكافييجي: إنّ علم التّفسير محتاج إليه؛ لن الناس‬     ‫يحتاجون في الطّلع على الشرائع والحكام، إلى معرفة‬     ‫معاني القرآن، التي ل يطّلع عليها -على ما ينبغي- إل بهذا‬                                               ‫العلْم الشّريف.‬                            ‫ب. نشأة التفسير ، ومدارسه:‬      ‫انطلقًا من قول ا تعالى: }ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ{ ]النحل:‬          ‫٤٤[ كانت نشأة التفسير، على يد مُعلّم البشرية محمد‬     ‫الذي ل ينطق عن الهوى، وقد انقسم التفسير المرويّ عنه‬                                            ‫إلى قسميْن:‬‫11‬                                                             ‫32‬
‫ال و ّ ل: تفسي ر ٌ لبعض المفردات، أو اللفاظ‬       ‫المجملة: وهذا قليل؛ لكون القرآن نزل بلسان‬              ‫عربيّ مُبين، في قوم سليقتهم العربيّة.‬     ‫الثاني: التفسير الجمالي ، والموضوعي ، لجميع‬     ‫مقاصد القرآن: وهذا في الحقيقة قد بيّنه النبي‬                                        ‫أيّما بيان.‬    ‫فالمتأمّل لكتاب ا، يجِد أنه تكلّم عن العقيدة في ا،‬ ‫والملئكة، والنبياء، والكُتب المنزلة، واليوم الخر، والقدَر،‬    ‫وهذه المباحث قد أخذت جانبًا عظيمًا من أحاديث النبي‬           ‫القوليّة والفعليّة، مفسّرة لمضمونها، وشارحة‬      ‫لمقصودها، كما تحدّثت آيات أخرى عن العبادات؛ من‬    ‫صلة، وزكاة، وصوم، وحجّ، ونذر وغير ذلك، وهذه جلّ‬                ‫الحاديث النبويّة تفسّرها، وتوضّح مجمَلها.‬  ‫وتحدّثت آيات القرآن، عن أحكام شرعيّة في المعاملت‬ ‫وغيرها؛ من نكاح وطلق، وبيع وشراء، وطعام وشراب،‬  ‫وقَصاص وحدود، وميراث، ونحو ذلك، وهذه أيضًا أخذت‬    ‫جانبًا كبيرًا من السّنّة النبوية التي لم تدعْها إل واضحة‬             ‫ّ‬                                                     ‫جليّة.‬‫ولم يبْقَ إل آيات تتعلّق بسيرة النبي م ومغازيه، وعلقاته‬                                               ‫ّ‬‫بالمُشركين والكتابيّين، وهذه ل مفسّر لها إل ما أُثر عنه ن‬              ‫ّ‬     ‫من تلك الحوال، وآيات تتعلّق بقصص النبياء السابقين؛‬      ‫وهذه تلوتها تغني عن تفسيرها، وبعض ما احتيج فيه‬‫42‬
‫ورخّص‬      ‫إلى تفسير بيّنه النبي ى وما كان فضل ترَكه‬                        ‫ً‬                                ‫في الحديث عن بني إسرائيل.‬                                      ‫وبناء على ما تق د ّ م:‬      ‫ومَن خالف ذلك،‬      ‫فجلّ القرآن الكريم، قد فسّره النبي‬       ‫فقد أُتي مِن قِبل نظرته للنوع الوّل مِن التفسير المرويّ‬               ‫عنه ه فقط، ولم يتنبّه للنوع الثاني، وا أعلم.‬       ‫وقد اعتمد الصحابة في تفاسيرهم على أربعة‬        ‫مصادر: القرآن الكريم، والنبي ي والجتهاد بما لديهم‬       ‫مِن لغة عربية، وفهم ثاقب، وأهل الكتاب؛ ولكلّ مجالُه.‬        ‫وعن طريق الصحابة { انتشر التفسير، وظهرت مدرسة‬         ‫التفسير بالمأثور؛ متمثّلَة أظهر ما تكون في حَبر المّة،‬            ‫وترجمان القرآن ابن عباس، ثم غيْره من مُفسّري‬         ‫الصّحابة، كابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وعلي بن أبي‬             ‫طالب، وبقيّة الخلفاء الربعة، وعبد ا بن الزبير،‬                                                     ‫وغيرهم.‬        ‫وتطوّرت هذه المدرسة، في عصر التابعين، فتولّد منها‬     ‫مدارس حسب انتشار الصحابة في البلدان؛ فأشهر مدارس‬                                              ‫التفسير بالمأثور:‬     ‫مدرسة التفسير بمكة؛ لنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد،‬                 ‫وعطاء، وعكرمة، وطاوس، وسعيد بن جبير.‬‫11‬                                                            ‫52‬
‫ثم مدرسة التفسير بالمدينة، وقد أخذ أصحابها عن أبيّ بن‬‫كعب، واشتهر منهم: أبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي.‬        ‫ومدرسة التفسير بالعراق، وقد أخذ أصحابها عن ابن‬ ‫مسعود، واشتهر منهم: علقمة بن قيس، ومسروق، ومرّة‬             ‫الهمداني، والشعبي، والحسن البصري، وقتادة.‬        ‫ثم ظهرت مدرسة التفسير بالرأي، والمراد به: تفسير‬     ‫القرآن بالجتهاد، بعد اكتمال الدوات للمفسّر التي يحتاج‬                                             ‫إليها في ذلك.‬                                      ‫ج. أنواع التفسي ر:‬                                     ‫-تفسير بالمأثور.‬                              ‫-تفسير بالرأي المحمود.‬                              ‫-تفسير بالرأي المذموم.‬                      ‫وقد اشتهر تقسيمه إلى نوع ي ْن:‬‫وهما: ال و ّل والثاني، وزاد بعض أهل العلْم -بدل مِن‬    ‫ً‬      ‫الثالث-: التفسير الشاري؛ وهو في الحقيقة يندرج تحت‬     ‫التفسير بالرأي المذموم؛ وهو توجّه من توجّهات التفسير‬ ‫عند الصّوفية، وبعضهم أفرد الحديث عن التفسير الفقهيّ،‬       ‫والصّواب أنه ممّا يندرج تحت التفسير بالرأي المحمود.‬‫62‬
‫أه م ّ كتب التفسي ر:‬                       ‫وتنقسم كتب التفسير، إلى ثلثة أقسام:‬               ‫-قسم اقتصر على التفسير بالمأثور فقط.‬          ‫-قسم جمَع بين التفسير بالمأثور، وبين التفسير‬                                              ‫بالمعقول.‬          ‫-قسم اقتصر على التفسير بالرأي، إل أنّ بعضًا‬         ‫منه يتعرّض للمأثور، تعرضًا غير أساسي، وهو‬                            ‫ناقل في الحقيقة عن غيْره.‬       ‫فأه م ّ كتب القسم ال و ّل: تفسير نافع بن أبي نعيم‬     ‫القاري، والتفسير المنسوب لمجاهد بن جبر، وتفسير عبد‬     ‫الرزاق الصنعاني، وتفسير ابن أبي حاتم الرازي، وتفسير‬                                          ‫النسائي، وغير ذلك.‬       ‫وهي مطبوعة، ما عدا تفسير ابن أبي حاتم؛ فالمطبوع‬                    ‫المحقّق منه جزء فقط؛ حيث فُقِدَ الباقي.‬           ‫وممّا يدخل في هذا القسم: الكتاب الجامع الشامل،‬          ‫للمام السيوطي، المسمى: )الدر المنثور في التفسير‬       ‫بالمأثور(؛ وهو وإن لم يُسنِد الروايات، إل أنه خرّجها مِن‬         ‫كتب التفسير المُسندة وغيرها، ولم يخلط مع الروايات‬     ‫غيرَها، وبيّن في مقدمة كتابه: أنه اختصره من كتاب آخر،‬‫11‬                                                            ‫72‬
‫ذكر فيه من أسانيد الروايات، ومن الطريف أنه روى في‬                   ‫كتابه هذا بعض الروايات بإسناده هو.‬ ‫وأه م ّ كتب القسم الثان ي: تفسير )جامع البيان(، لابن‬‫جرير الطبري، وتفسير )أحكام القرآن(، للجصاص، وتفسير‬  ‫)معالم التنزيل(، للبغوي، وهذه الكتب تسند رواياتها إلى‬‫أصحابها، وعلى الخصّ ابن جرير الطبري، وأما الجصاص،‬  ‫والبغوي، فعلّقا كثيرًا مِن الروايات دون إسناد، بجانب ما‬                                                  ‫أسنداه.‬   ‫ويُلحق بهذا القسم: الكتب التي لم تسند رواياتها، وتكثر‬ ‫النقل مِن المأثور، ويتربّع قمّتَها: )تفسير القرآن العظيم(،‬‫للحافظ ابن كثير؛ وهو في الحقيقة: يكاد يكون أعدل كتب‬‫التفسير على الطلق منهجًا، مع اختصار غير مخلّ، وبغير‬                                              ‫تطويل مُملّ.‬                                        ‫التفسير بالرأي:‬                               ‫مزالق التفسير بالرأي:‬ ‫فأظهر ما تكون في باب العقائد، ثم في الحكام الفقهية‬     ‫المستنبَطة من اليات، ثم في الوقائع التاريخية، واليات‬                                   ‫المتعلّقة بها وغير ذلك.‬‫82‬
‫وم م ّا وقع فيه بعض المف س ّرين في كلمهم،‬                     ‫وخرجوا فيه عن المنهج المعتد ل:‬                  ‫قوله تعال ى: }ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ{ ]البقرة: ٠٩١[.‬     ‫استدل به المعتزلة على نفْي خلْق ا للعتداء؛ ول حجة‬         ‫لهم فيه؛ لن هناك فرقًا بين الرادة الكونية القدَرية،‬      ‫والرادة الشّرعية الدّينية؛ والذي دفعهم لذلك: اعتقادهم‬                        ‫الشيء أول، ثم تنزيل كلم ا عليه.‬                                              ‫ً‬                    ‫قوله تعالى: }ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ{ ]البقرة: ٤٩١[.‬     ‫قال الرازي: وهذا من أقوى الدلئل على أنه ليس بجسم‬       ‫ول في مكان، إذ لو كان جسمًا لكان في مكان معيّن،‬      ‫فكان إمّا أن يكون مع أحد منهم، ولم يكن مع الخر، أو‬     ‫يكون مع كلّ واحد من المؤمنين جزء مِن أجزائه، وبعض‬                           ‫مِن أبعاضه - تعالى ا عن ذلك.‬     ‫وأمّا طامّات التفسير بالرأي المذموم، فهي كثيرة؛ وأهون‬     ‫ما جاء مِن ذلك: طامّات أهل التفسير الشاري، الذي قبِله‬                                          ‫بعض أهل العلْم.‬             ‫والصواب: ردّه كردّ غيره من التفسير المذموم.‬         ‫وم م ّا قيل في تمريره: أ ن ّ الف ر ْق بين تفسير‬          ‫الصوفية، المس م ّى بالتفسير الشاري، وبين‬                              ‫تفسير الباطنية الملحدة:‬‫11‬                                                         ‫92‬
‫أنّ الصوفية، ل يمنعون إرادة الظّاهر؛ بل يحضّون عليه،‬     ‫ويقولون: ل بدّ منه أول، إذْ مَن ادّعى فهْم أسرار القرآن‬                                      ‫ً‬  ‫ولم يُحْكم الظاهر، كمَن ادّعى بلوغ سطْح البيت قبل أن‬                                                   ‫يجاوز الباب.‬     ‫وأمّا الباطنيّة، فإنهم يقولون: إنّ الظاهر غيْرُ مراد أصل،‬      ‫ً‬     ‫وإنّما المُراد الباطن؛ وقصْدهم: نفْي الشريعة، وبعضهم‬ ‫استدلّ لذلك بحديث ل يَثبت؛ وهو ما رواه الحسن مرسل،‬  ‫ً‬      ‫: "لكلّ آية: ظَهْر وبَطْن، ولِكلّ حرْف‬    ‫عن رسول ا‬                                        ‫حَدّ، ولكِلّ حدّ مَطْلَع".‬      ‫قلت: أمّا الظّهر والبطن، فقد قال السيوطي: في معناه‬                                                           ‫أوجه:‬     ‫أحده ا: أنك إذا بحثت عن باطنها وقِسْته على ظاهرها،‬                                   ‫وقفْت على معناها.‬           ‫الثاني: أنه ما مِن آية، إل علِمَ بها قوم، ولها قوم‬                                 ‫َ‬                   ‫سيعلمون بها، كما قال ابن مسعود.‬                ‫الثالث: أنّ ظاهرها لفظها، وباطنها تأويلها.‬‫الرابع: قال أبو عبيدة، وهو أشبهها بالصواب: إن القصص‬    ‫التي قصّها ا تعالى عن المم الماضية، وما‬‫عاقبهم به، ظاهرها: الخبار بهلك الوّلين، وحديث‬       ‫حدّث به عن قوم، وباطنها: وعْظ الخرين‬‫03‬
‫وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم، فيحلّ بهم مثل ما‬                                           ‫حلّ بهم.‬                        ‫شروط قبول التفسير الشار ي:‬              ‫1.أل يتنافى ما يظهر مِن معنى النّظم الكريم.‬                  ‫2.أل يدّعى أنه المراد وحْده دون الظاهر.‬       ‫3.أل يكون تأويل بعيدًا سخيفًا، كتفسير بعضهم، لقوله‬                                          ‫ً‬          ‫تعالى: }ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ{ ]العنكبوت:96[، بجعل كلمة: }ﮨ{‬                              ‫ماضيًا، وكلمة: }ﮩ{ مفعوله.‬                  ‫4.أل يكون له معارض شرعيّ، أو عقليّ.‬                        ‫5.أن يكون له شاهد شرعيّ يؤيّده.‬     ‫ونحن في غنًى عن هذه الشروط؛ لن أعرف الناس بكتاب‬                      ‫ّ‬       ‫ا، وهو رسول ا ، وصحبه الكرام، وتلميذهم مِن‬       ‫التابعين، ومن تبعهم، وعلماء المّة الجهابذة، ل يُعرف‬                        ‫عنهم هذا النوع مِن تفسير كتاب ا.‬          ‫نظرة خاطفة على بعض المثلة الدالة على‬                                                   ‫فسا د ِه:‬     ‫ومن ذلك التفسير الشاري، لبن عربي، لقول ا تعالى:‬        ‫}ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ{ ]البقرة: ٧٦[ بقرة: هي النفس الحيوانية،‬     ‫وذبْحها: قمع هواها؛ الذي هو حياتها ومنبعها من الفعال‬                         ‫الخاصة بها، بشفرة سكّين الرّياضة.‬‫11‬                                                          ‫13‬
‫وقال في تفسير: }ﯥ ﯦ ﯧ{ ]النبياء: 18[، إلى قوله: }ﭺ ﭻ{‬     ‫]النبياء:48[، }ﯥ ﯦ{، أي: سخّرنا لسليمان العقْل العملي،‬        ‫والمتمكّن على عرش النّفس في الصدر: ريح الهوى.‬ ‫}ﯧ{: في هبوبها، و }ﯨ{ ]النبياء:18[، بأمْره مطيعة له، و }ﮂ‬‫ﮃ{ ]النبياء:18[، أرض البدن المتدرّب بالطاعة والدب، و }ﮈ‬        ‫ﮉ ﮊ{ ]النبياء:18[، بتمييز الخلق، والملَكات الفاضلة،‬     ‫والعمال الصالحة، و }ﯰ ﯱ ﯲ{ ]النبياء:18[، من أسباب‬                                    ‫الكمال }ﯳ{ ]النبياء:18[.‬          ‫}ﭑ ﭒ{ ]النبياء: 28[: شياطين الوهم والتخييل، }ﭓ ﭔ ﭕ{‬‫]النبياء:28[، في بحر الهيولي الجثمانية، ويستخرجون درر‬        ‫المعاني الجزئية، }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ ]النبياء:28[، مِن التركيب‬        ‫والتفصيل والمصنوعات، وتهييج الدّواعي المكسوبات،‬                     ‫وأمثالها، }ﭛ ﭜ ﭝ{ ]النبياء:28[، عن الزيغ.‬      ‫يقول السيوطي: وأمّا كلم الصوفية في القرآن، فليس‬                                                      ‫بتفسير.‬        ‫افتتح الحافظ ابن كثير كتابه بمقدّمة هامة في أصول‬      ‫التفسير، ثم عطف على ذلك بمبحث طويل، يتحدث فيه‬       ‫عن فضائل القرآن، ونزوله، وكتابته، وغير ذلك، وجعله‬ ‫قبل تفسيره، تشويقًا لقارئ التفسير وطالب القرآن، وكان‬ ‫في بداية تصنيفه للكتاب قد جعله في آخره، ثم بدا له أن‬‫23‬
‫يجعله في البداية لهذا الغرض، كما صرّح بذلك في أواخر‬                                    ‫النّسخ المخطوطة للكتاب.‬      ‫ثم بدأ ~ بتفسير الفاتحة، وسوف نفتتح حديثنا في تفسير‬        ‫الفاتحة؛ بذكر فضائلها، دون تفسيرها، وبعض الحكام‬                                                 ‫المتعلقة بها.‬                                            ‫تفسير سورة الفاتحة‬         ‫سورة الفاتح ة: م ك ّية ، أ م مدنية، و عدد آياته ا:‬     ‫هي مكّية على الصحيح، كما روي عن ابن عباس، وقتادة،‬       ‫وأبي العالية؛ بل إنها مِن السوَر المختلف في القول بأنها‬                                                  ‫أوّل ما نزل.‬     ‫والتحقيق: أنها أوّل ما نزل من السوَر، بعد صدر )العلق(،‬     ‫وكان نزولها في صبيحة أن نزل الوحي، عندما أتى جبريل‬                     ‫لرسول ا ل وعلّمه الوضوء والصلة.‬‫11‬                                                           ‫33‬
‫وقيل: مدنيّة، قاله أبو هريرة، ومجاهد، وعطاء بن يسار،‬ ‫والزهري، ويقال: نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة.‬    ‫قال ابن كثير: "والول أشبه، لقوله تعالى: }ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ{‬ ‫]الحِجر:78[؛ وهو كما قال، وهي: سبع آيات، بل خلف".‬                                                ‫أسماؤه ا:‬     ‫قال البخاري: سُمّيت )أمّ الكتاب(؛ لنه يُبدأ بكتابتها في‬                       ‫المصاحف، ويُبدأ بقراءتها في الصلة.‬     ‫قال ابن جرير: والعرب تسمّي كل جامع أمر، أو مقدّم‬       ‫لمر -إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع- أُمّا.‬     ‫قال: وسُمّيت مكة، )أمّ القرى(؛ لتقدّمِها أمام جميعها،‬                                         ‫وجمْعها ما سواها.‬         ‫ويقال لها أيضًا: )الفاتحة(؛ لنها تُفتتح بها القراءة،‬              ‫وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف المام.‬     ‫وصحّ تسميتها بـ )السّبْع المثاني(، قالوا: لنها تُثنّى في‬      ‫الصلة، فتُقرأ في كل ركعة، وقد ثبت في الصحيح،‬        ‫تسميتها بـ )السّبْع المثاني(، وبـ )القرآن العظيم(.‬                                                  ‫فضائلها:‬     ‫وفضائلها كثيرة، استوعبت ما صح منها في: )موسوعة‬                         ‫ّ‬     ‫ُ‬‫فضائل سوَر وآيات القرآن(، ومن ذلك: ما ثبت في الصحيح،‬                                             ‫ُ‬   ‫عن أبي سعيد بن المعلى < قال: ))كُنت أصلّي، فدعاني‬‫43‬
‫رسول ا ل فلم أجبْه، حتى صليت وأتيتُه، فقال: ما مَنعك‬                              ‫ُ‬              ‫ِ‬      ‫أن تأتيَني؟، قال: قلت: يا رسول ا، إني كُنت أصلّي، قال:‬      ‫ْ‬         ‫ألم يقل ا ْ: }ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ{ ]النفال: 42[؟ ثم‬                                                          ‫ْ َ ُ ِ‬          ‫قال: لُعلّمنّك أعظمَ سُورة في القرآن -أو مِن القرآن-‬      ‫قبْل أن تخرج من المسجد، قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن‬      ‫يخرج من المسجد، قلت: يا رسول ا، إنك قلت: لعلّمنّك‬     ‫أعظم سورة في القرآن. قال: نعم، }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ هي: السّبْع‬                         ‫المثاني، والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه((.‬     ‫وقد رواه الترمذي، والنسائي، وغيرهما، عن أُبيّ بن كعب،‬          ‫ا: ))ما أنزل ا في‬       ‫مختصرًا بلفظ: قال رسول ا‬                                                      ‫َ‬           ‫التوراة ول في النجيل مثل أم القرآن، وهي: السّبْع‬           ‫المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولِعبدي ما‬                                                           ‫سأل((.‬                                 ‫المعنى الجمالي للسور ة:‬        ‫اشتملت هذه السورة على حمْد ا وتمجيده، والثناء‬     ‫عليه، وعلى ذكْر المعاد -وهو يوم الدّين- وعلى إرشاد ا‬         ‫العباد إلى سؤاله، والتّضرّع إليه، والتبرّي مِن حوْلهم‬        ‫وقوّتهم، وإلى إخلص العبادة له، وتوحيده باللوهية‬       ‫-تبارك وتعالى- وإلى سؤالهم إيّاه الهداية إلى الطريق‬     ‫المستقيم -وهو الدّين القويم- وتثبيتهم عليه، حتى يفضي‬‫11‬                                                                ‫53‬
‫بهم ذلك إلى جنّات النعيم، في جوار النبيّين والصدّيقين‬                                     ‫والشهداء والصّالحين.‬ ‫واشتملت على الترغيب في العمال الصالحة؛ ليكونوا مع‬         ‫أهلها يوم القيامة، والتّحذير من مسالك الباطل؛ لئل‬        ‫يُحشروا مع سالكيها يوم القيامة؛ وأهمّهم المغضوب‬                        ‫عليهم -اليهود- والضالون -النصارى.‬                      ‫الكلم على تفسير ) ا ل ستعاذ ة( :‬     ‫قال تعالى: }ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ{‬       ‫]العراف:٩٩١، ٠٠٢[ في هذه الية يأمر ا بمصانعة‬     ‫العدوّ النسي، والحسان إليه؛ ليردّه )عنه( طبْعه الطّيّب‬     ‫الصل إلى الموادّة والمصافاة، ويأمر بالستعاذة به من‬ ‫العدو الشيطانيّ ل محالة، إذ ل يقبل مصانعة ول إحسانًا،‬             ‫ً‬‫ول يبتغي غير هلك ابن آدم؛ لشدّة العداوة بينه وبين أبيه‬     ‫آدم من قبل، كما قال تعالى: }ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ{‬ ‫]العراف:72[، وقال تعالى: }ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬                                            ‫ﭻ ﭼ{ ]فاطر:6[.‬        ‫والستعاذة هي: اللتجاء إلى ا تعالى، واللتصاق‬     ‫بجانبه، مِن شرّ كل ذي شرّ، والعياذة تكون لدفع الشر،‬                  ‫واللّياذ لطلب جلب الخير، كما قال المتنبي:‬‫63‬
‫مَـــن أعوذ بـــه ممّـــن‬     ‫*‬   ‫يــا مَــن ألوذ بــه فيمــا‬      ‫ول يهيضون عظمًـا أنـت‬         ‫*‬   ‫ل يَــجبر الناس ـُ عظمًــا‬      ‫ولفظ الستعاذة يأتي الحديث عنه في مسائل الية، ومن‬                ‫ذلك: أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.‬          ‫ومعنى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي: أستجير‬     ‫بجناب ا، من الشيطان أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو‬     ‫يصدّني عن فعْل ما أُمرت به، أو يحثّني على فعل ما نُهيت‬                ‫عنه؛ فإنّ الشيطان ل يكفّه عن النسان إل ا.‬     ‫و"الشيطان" في لغة العرب: مشتق مِن: "شطن"، إذا بعُد؛‬        ‫فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كلّ‬         ‫خير. فالشيطان: مشتق مِن البعد على الصحيح؛ ولهذا‬        ‫يسمّون كل ما تمرّد مِن جنّيّ وإنسيّ وحيوان: شيطانًا،‬         ‫قال ا تعالى: }ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ{‬                                                    ‫]النعام:211[.‬         ‫: ))يا أبا ذر، تعوّذْ‬    ‫عن أبي ذر، قال: قال رسول ا‬               ‫بالله من شياطين النس والجنّ، فقلت: أوَللنس‬          ‫شياطين؟ قال: نعم((، رواه أحمد، من حديث طويل.‬     ‫وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر أيضًا، قال: قال رسول ا‬         ‫: ))يقطع الصلة: المرأةُ، والحمار، والكلب السود،‬‫11‬                                                                      ‫73‬
‫فقلت: يا رسول ا، ما بال الكلب السود، مِن الحمر، مِن‬                    ‫الصفر؟ فقال: الكلب السود شيطان((.‬‫والرجيـم: فعيـل، بمعنـى: مفعول، أي: أنـه مرجوم مطرود‬‫عــن الخيْــر كلّه، كمــا قال ا تعالى: }ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ{‬‫]المُلك:5[، إلى غيـر ذلك مـن اليات، وقيـل: رجيـم، بمعنـى:‬               ‫راجم؛ لنه يرجم الناس بالوساوس والربائث.‬     ‫والربائث: جمع ربيثة؛ وهي: الحاجات التي تحبسهم عن‬                                                       ‫الخير.‬     ‫وممّا يذكر في فضل الستعاذة: ما رواه البخاري وغيره،‬     ‫عن سليمان بن صُرَد، قال: ))استبّ رجلن عند النبي )‬      ‫ونحن عنده جلوس؛ فأحدهما يسبّ صاحبه مغضبًا قد‬        ‫: إنّي لعلَم كلمة لو قالها‬     ‫احمرّ وجهه، فقال النبي‬        ‫لَذَهب عنه ما يجده؛ لو قال: أعوذ بالله من الشيطان‬ ‫؟‬       ‫الرجيم، فقالوا للرجل: أل تسمع ما يقول رسول ا‬                                     ‫قال: إني لست بمجنون!((.‬                                      ‫الكلم على البسملة:‬‫روى المام أحمد عن أبي تميمة، عن رديف النبي ى قال:‬      ‫))عثر بالنبي ) )حماره(، فقلت: تعِس الشيطان! فقال‬      ‫: ل تقُلْ: تعس الشيطان! فإنك إذا قلت: تعس‬         ‫النبي‬‫83‬
‫الشيطان! تعاظم، وقال: بقوّتي صرعتُه، وإذا قلت: باسم‬                        ‫ا، تصاغر حتى يصير مثل الذّباب((.‬         ‫قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصحّحه اللباني.‬       ‫وتع َ س: بكسْر العين وفتحها، أي: كُبّ لوجهه، أو هلك،‬     ‫ويبدو أنه كان مِن عادتهم إذا عثر أحدهم، دعا بذلك على‬      ‫مَن يكره، كما في حديث الفك: تعِس مسطح، فهذا من‬       ‫تأثير بركة "باسم ا"؛ ولهذا تُستحب في أوّل كلّ عمل‬                                                     ‫وقول.‬       ‫}ﭛ ﭜ{ اسمان مشتقان مِن الرحمة، على وجه المبالغة.‬                         ‫و"رحمَن"، أشد مبالغة مِن "رحيم".‬     ‫قال القرطبي: والدليل على أنه مشتقّ: ما أخرجه الترمذي‬     ‫وصححه، عن عبد الرحمن بن عوف: أنه سمع رسول ا‬       ‫يقول: ))قال ا تعالى: أنا ا، وأنا الرحمن، خلقتُ‬     ‫الرّحم، وشققت لها اسمًا من اسمي؛ فمَن وصلَها وصلتُه،‬                                      ‫ومَن قَطَعها قطعتُه((.‬      ‫قال ابن المبارك: الرحمن: إذا سئل أعطى، والرحيم: إذا‬      ‫لم يُسأل يغضب، واسمه تعالى "الرحمن": خاص به، لم‬     ‫يسمّ به غيره، كما قال تعالى: }ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬          ‫ﮕ ﮖ{ ]السراء:011[، وقد وجد في أشعار الجاهلية،‬‫11‬                                                         ‫93‬
‫تسمية ا تعالى بالرحمن، قال ابن جرير، وقد أنشد‬                                         ‫لبعض الجاهلية الجهال:‬     ‫أل قضَـب الرحمنـ ربـي‬          ‫ُ‬                        ‫*‬    ‫أل ضربت ــــْ تلك الفتاةُ‬                                                        ‫ـ‬     ‫الهجيننَـهنا: الزوج، وقضَب، أي: يمينَـــــــــــــــــــــــها‬                             ‫قطع.‬         ‫هجي ـــــــــــــــــــــها‬       ‫وعن الحسن قال: الرحمن: اسم ل يستطيع الناس أن‬                               ‫ينتحلوه، تَسمّى به تبارك وتعالى.‬                              ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ :‬     ‫قال أبو جعفر بن جرير: معنى }ﭖ ﭗ{ الشكر لله خالصًا،‬ ‫دون سائر ما يُعبد مِن دونه، ودون كل ما )برأ( من خلْقه،‬ ‫بما أنعم على عباده من النّعم، التي ل يحصيها العدد، ول‬     ‫يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح اللت في طاعته،‬        ‫وتمكين جوارح أجسام المكلّفين لداء فرائضه، مع ما‬      ‫بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم‬     ‫العيش، من غير استحقاق منهم ذلك عليه، ومع ما نبّههم‬     ‫عليه ودعاهم إليه من السباب المؤدية إلى دوام الخلود،‬ ‫في دار المقام في النعيم المقيم؛ فلِربّنا الحمد على ذلك‬                                                   ‫كلّه، أول وآخرًا.‬                                                           ‫ً‬        ‫وقال ابن جرير: }ﭖ ﭗ{ ثناء أثنى به على نفسه، وفي‬      ‫ضِمنه أمر عباده أن يُثنوا عليه؛ فكأنه قال: قولوا: الحمد‬ ‫لله، قال: وقد قيل: إن قول القائل: "الحمد لله"، ثناء عليه‬‫04‬
‫بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى، وقوله: "الشكر لله": ثناء‬       ‫عليه بنعمه وأياديه. ثم شرع في ردّ ذلك، بما حاصله: أنّ‬     ‫جميع أهل المعرفة بلسان العرب، يوقعون كل من الحمد،‬               ‫ً‬                                           ‫والشكر مكان الخر.‬     ‫وقد اشتهر عند كثير من العلماء مِن المتأخرين: أنّ الحمد،‬                 ‫هو: الثناء بالقول على المحمود، بصِفاته اللزمة‬          ‫والمتعدّية، والشكر ل يكون إل على المتعدّية؛ ويكون‬                                    ‫بالجنان، واللسان، والركان.‬       ‫واللف واللم، في: }ﭖ{ لستغراق جميع أجناس الحمد‬          ‫وصنوفه، لله تعالى، كما جاء في الحديث: ))اللهم لك‬       ‫الحمد كلّه، ولك المُلْك كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع‬                                                     ‫المْر كلّه((.‬       ‫والرب: المالك المتصرف، ويُطلق لغة على السّيّد، وعلى‬     ‫المتصرّف للصلح، وكلّ ذلك صحيح في حقه تعالى، )ول‬     ‫يستعمل الرب لغير ا إل بالضافة، تقول: رب الدار، ورب‬                          ‫(.‬   ‫كذا، وأما "الرب"، فل تقال إل لله‬     ‫والعالَم:‬     ‫و }ﯳ{ جمْع عالَم، وهو كل موجود سوى ا‬     ‫جمع، ل واحد له من لفظه، والعوالم: أصناف المخلوقات؛‬      ‫في السموات، والبر، والبحر، وكل قرن منها، وجيل يسمّى‬                                                     ‫عالَمًا أيضًا.‬‫11‬                                                                ‫14‬
‫وفي رواية سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس: ربّ‬ ‫الجن والنس؛ وكذلك قال غير واحد مِن السلف، واستدل‬     ‫القرطبي لهذا القول، بقوله تعالى: }ﯚ ﯛ ﯜ{ ]الفرقان:1[،‬                                       ‫وهم الجنّ والنس.‬     ‫وقال الفراء، وأبو عبيدة: العالَم عبارة عما يعقل، وهم:‬     ‫النس، والجن، والملئكة، والشياطين، ول يقال للبهائم:‬                                                    ‫عالَم.‬                             ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭛ ﭜ{ :‬ ‫قال القرطبي: وإنما وصف نفسه بـ }ﭛ ﭜ{، بعد قوله: }ﯲ‬     ‫ﯳ{ ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب، كما قال:‬          ‫}ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ{ ]الحِجر:94، ٠٥[.‬                          ‫تفسير قوله تعالى: }ﭞ ﭟ ﭠ{ :‬       ‫قرأ بعض القراء: }ﭞ{، وقرأ آخرون: "مَلِكِ"؛ وكلهما‬                                 ‫صحيح متواتر في السّبعة.‬     ‫وتخصيص الملْك بيوم الدين، ل ينفيه عما عداه؛ لنه قد‬         ‫تقدم الخبار بأنه رب العالمين، وذلك عام في الدنيا‬      ‫والخرة؛ وإنّما أضيف إلى يوم الدّين؛ لنه ل يدّعي أحد‬ ‫هنالك شيئًا، ول يتكلم أحد إل بإذنه، كما قال تعالى: }ﯔ ﯕ‬                            ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ{ ]هود:501[.‬‫24‬
‫و }ﭠ{ الجزاء والحساب، كما قال: }ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ{ ]النور:52[،‬      ‫وقال: }ﭛ ﭜ{ ]الصافات:35[ أي: لمَجْزيّون، أي: محاسَبون.‬      ‫وفي الحديث الذي حسّنه الترمذي، وفيه ضعف: ))الكيّس‬     ‫مَن دان نفسه، وعمِل لما بعْد الموت((، أي: حاسب نفسه‬     ‫لنفسه، وكما قال عمر: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا،‬     ‫وزنوا أنفسَكم قبل أن توزَنوا، وتزيّنوا للعرْض الكبر، على‬     ‫مَن ل تخفى عليه أعمالكم }ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ{ ]الحاقة:81[".‬                            ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{ :‬      ‫العبادة لغة: مِن الذّلّة، يقال: طريق معبّد، وبعير معبّد،‬                                                    ‫أي: مذلّل.‬              ‫العبادة شر ع ًا: عبارة عما يجمع كمال المحبة،‬        ‫والخضوع، والخوف، وقدّم المفعول -وهو }ﭢ{- وكُرّر؛‬     ‫للهتمام والحصر، أي: ل نعبد إل إياك، ول نتوكل إل عليك؛‬          ‫وهذا هو كمال الطاعة، والدّين يرجع كلّه إلى هذيْن‬                                                     ‫المعنييْن.‬        ‫وكما قال بعض السلف: "الفاتحة"، سرّ القرآن، وسرها‬     ‫هذه الكلمة: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{، فالوّل: تبرّي مِن الشّرك، والثاني:‬               ‫تبرّي من الحوْل والقوة، والتفويض إلى ا ي.‬        ‫وتحوّل الكلم من الغيْبة إلى المواجهة بكاف الخطاب،‬      ‫وهو مناسبه، لنه لمّا أثنى على ا، فكأنه اقترب وحضر‬‫11‬                                                            ‫34‬
‫بين يدي ا تعالى؛ فلهذا قال: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{، وفي هذا دليل‬        ‫على أنّ أول السورة خبَر من ا تعالى، بالثناء على‬‫نفسه الكريمة، بجميل صفاته الحسنى، وإرشاد لعباده بأن‬                                            ‫يُثنوا عليه بذلك.‬             ‫وإنما قدّم }ﭢ ﭣ{ على }ﭤ ﭥ{؛ لنّ العبادة له هي‬       ‫المقصودة، والستعانة وسيلة إليها، والهتمام والحزم،‬              ‫هو: أن يقدّم ما هو الهمّ فالهمّ، وا أعلم.‬‫والعبادة مقام عظيم، يشْرف به العبد؛ لنتسابه إلى جناب‬‫ا تعالى، وقد سمّى ا رسولها بـ "عبْده"، في أشرف‬     ‫مقاماته، فقال: }ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ{ ]الكهف:1[، و }ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬     ‫ﮅ{ ]الجن:91[، و }ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ{ ]السراء:1[؛ فسمّاه عبدًا عند‬            ‫إنزاله عليه، وعند قيامه في الدعوة، وإسرائه به.‬                            ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭧ ﭨ ﭩ{ :‬ ‫قراءة الجمهور بالصاد، وقرئ: "السّرَاطَ"، بالسّين، وقرئ‬         ‫بإشمام الصاد صوت الزّاي، كما ينطق العوام حرف‬                                                     ‫الظاء.‬      ‫وطلب العبد هنا ذلك، أنه لمّا تقدم الثناء على المسئول‬          ‫-تبارك وتعالى- ناسب أن يعقب بالسؤال، كما قال:‬      ‫))فنِصْفها لي، ونصفها لعبدي؛ ولعبدي ما سأل((، وهذا‬     ‫أكمل أحوال السائل: أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته،‬‫44‬
‫وحاجة إخوته المؤمنين، بقوله: }ﭧ ﭨ ﭩ{؛ لنه أنجح للحاجة،‬        ‫وأنجع للجابة؛ ولهذا أرشد ا تعالى إليه؛ لنه الكمل.‬         ‫والهداية ها هنا: الرشاد والتوفيق، وقد تعدى الهداية‬      ‫بنفسها كما هنا: }ﭧ ﭨ ﭩ{، فتضمّن معنى: ألهِمْنا، أو وفّقنا،‬                                            ‫أو ارزقنا، أو أعطنا.‬      ‫وأمّا }ﮧ ﮨ{، فقال المام أبو جعفر بن جرير: أجمعت المة‬      ‫من أهل التأويل جميعًا: على أن الصراط المستقيم، هو:‬                          ‫الطريق الواضح الذي ل اعوجاج فيه.‬         ‫وذلك في لغة جميع العرب؛ فمِن ذلك: قول جرير بن‬                                               ‫عطية الخطفي:‬            ‫إذا اعوج الموارد‬     ‫*‬   ‫أميـــر المؤمنيـــن على‬         ‫قال: والشواهد على ذلك أكثر مِن أن تُحصر، قال: ثم‬        ‫تستعير العرب الصراط، فتستعمله في كلّ قول وعمل‬      ‫وُصف باستقامة أو اعوجاج؛ فتصِف المستقيم باستقامته،‬                                           ‫والمعوجّ باعوجاجه.‬        ‫ثم اختلفت عبارات المفسّرين -سلفًا وخلفًا- في تفسير‬     ‫)الصراط(، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو:‬     ‫المتابعة لله وللرسول، فروي أنه: كتاب ا، كما في حديث‬          ‫الحارث العور عن علي؛ وهو ضعيف، كما روي في‬‫11‬                                                               ‫54‬
‫تفسير السّدّي، عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن ناس‬             ‫: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قالوا: هوالسلم.‬       ‫من أصحاب النبي‬‫وقال مجاهد: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قال: الحق، وهذا أشمل، ول منافاة‬                                             ‫بينه وبين ما تقدّم.‬‫وصاحباه مِن‬        ‫وعن أبي العالية: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قال: هو: النبي‬     ‫بَعْده، قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن، فقال: صدَق أبو‬                               ‫العالية، ونصَح، إسناده حسن.‬     ‫قال ابن كثير: "وكل هذه القوال صحيحة، وهي متلزمة؛‬                                   ‫ّ‬ ‫ّ واقتدى باللّذَيْن مِن بَعْده -أبي بكر،‬    ‫فإن مَن اتبع النبي‬                                                            ‫ّ‬ ‫وعمر- فقد اتّبع الحق، ومَن اتّبع الحق فقد اتّبع السلم،‬     ‫ومَن اتّبع السلم فقد اتّبع القرآن؛ وهو كتاب ا، وحبْله‬ ‫المتين، وصراطه المستقيم؛ فكلها صحيحة، يصدّق بعضها‬                                            ‫بعضًا، ولله الحمد".‬            ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ{ :‬      ‫قوله: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ مفسّر للصّراط المستقيم؛ وهو: بدل‬                                                ‫منه عند النحاة.‬‫والذيــن أنعــم ا عليهــم: هــم المذكورون فــي ســورة:‬‫"النسـاء"؛ حيـث قال تعالى: }ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬            ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ{ ]النساء:٩٦، ٠٧[.‬‫64‬
‫وعن الربيع بن أنس: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ قال: هم النبيّون.‬     ‫وقال ابن جريج، عن ابن عباس: هم المؤمنون، وكذا قال‬                                                       ‫مجاهد.‬                                   ‫وقال وكيع: هم المسلمون.‬      ‫وقوله تعالى: }ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ{ قرأ الجمهور }ﭯ{ بالجرّ على‬                                                         ‫النعت.‬            ‫والمعنى: }ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ ممّن تقَدّم وصْفُهم‬          ‫ونعتُهم، وهم: أهل الهداية، والستقامة، والطاعة لله‬           ‫ورُسله، وامتثال أوامره، وترْك نواهيه وزواجره، غير‬          ‫صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إراداتهم‬     ‫فعلموا الحق وعدلوا عنه، ول صراط الضالين، وهم الذين‬        ‫فقدوا العلْم، فهم هائمون في الضللة، ل يهتدون إلى‬                                                         ‫الحق.‬        ‫وأكّد الكلم بـ "ل"، ليدلّ على أنّ ثَم مَسلكيْن فاسديْن؛‬                               ‫وهما طريقتا اليهود، والنصارى.‬     ‫ومنهم من زعم أنّ "ل"، في قوله: }ﭲ ﭳ{ زائدة، وأنّ تقدير‬        ‫الكلم عنده: غير المغضوب عليهم والضالين، واستشهد‬                                                  ‫ببيت العجاج:‬                      ‫فــي بِــير ل حُور ســعى‬                      ‫، والصحيح ما تقدّم.شعرْ‬                           ‫أي: في بير حورومــــــــــــــــــــا‬                                               ‫ـ‬‫11‬                                                             ‫74‬
‫وفي )تفسير السّدّي(، عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن‬‫أناس من أصحاب النبي : }ﭯ ﭰ ﭱ{ هم: اليهود، و }ﭲ ﭳ{‬                                      ‫هم: النصارى.‬       ‫قال ابن أبي حاتم: ول أعلم بيْن المفسّرين في هذا‬                                               ‫اختلفًا.‬                    ‫الدرس الثاني‬     ‫تفسير اليات ) ١- ٣١ ( من سورة البقرة‬                     ‫عناصر الدرس‬ ‫٥١١‬        ‫العنصر الول : مقدمة، وعرض مختصر‬               ‫لموضوعات السورة‬‫84‬
‫٨٣١‬       ‫العنصر الثاني : إعراب اليات، وبيان‬           ‫معاني الكلمات، والمعنى‬                         ‫الجمالي‬     ‫٦٩١‬    ‫العنصر الثالث : ذكر بعض أوصاف أهل‬                  ‫اليمان، وأوصاف‬              ‫الكافرين والمنافقين‬‫11‬                                               ‫94‬
50
‫مقدمة، وعرض مختصر لموضوعات السورة‬                       ‫أ و ّ ل: فضائل سورة " البقرة " :‬                                                ‫ً‬         ‫تنقسم فضائل سورة "البقرة"، إلى أقسام ثلثة:‬                              ‫1.فضائل خاصّة تنفرد بها.‬              ‫2.فضائل مشتركة مع سورة "آل عمران".‬             ‫3.فضائل مشتركة مع السّبْع الطّوال الُوَل.‬                         ‫١ . فضائل خا ص ّة تنفرد بها:‬   ‫أخرج مسلم، في )صحيحه(، عن أبي هريرة: أن رسول‬‫ا ا قال: ))ل تجعلوا بيوتكم قبورًا! فإنّ البيت الذي يُقرأ‬ ‫فيه سورة البقرة ل يدخله الشيطان((، قال الترمذي:حسن‬                                                    ‫صحيح.‬‫وروى أبو عبيد القاسم بن سلم، عن أنس بن مالك، قال:‬    ‫قال رسول ا : ))إنّ الشيطان يخرج مِن البيت إذا‬            ‫سمع سورة البقرة تُقرأ فيه((، إسناده صحيح.‬    ‫وروى أبو عبيد أيضًا، عن عبد ا -يعني: ابن مسعود-‬       ‫قال: "إنّ الشيطان يفرّ مِن البيت يسمع فيه سورة‬                                 ‫ِ‬
‫)البقرة("، روي هكذا موقوفًا، وروي مرفوعًا؛ والرجح فيه‬                                              ‫الوقف.‬     ‫: ))إنّ لكل‬   ‫وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول ا‬‫شيء سنامًا، وإنّ سَنام القرآن: البقرة؛ مَن قرأها في بيته‬       ‫ليلة، لمْ يدخله شيطان ثلث ليال، ومَن قرأها في بيته‬ ‫نهارًا، لم يَدخله شيطان ثلثة أيام((، رواه الطبراني، وابن‬      ‫حبّان، وإسناده حسن لشواهده؛ وتحديد اليام الثلثة ل‬                            ‫شاهد له، وقد صحّحه ابن حبّان.‬     ‫وقد روى الترمذي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول ا‬     ‫: ))لكلّ شيء سنام، وإنّ سنام القرآن: البقرة. وفيها‬                    ‫آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي((.‬          ‫قلت: رواه أيضًا الحاكم، وقال: صحيح السناد، ولم‬        ‫يخرجاه، لتشيّع حكيم بن جبير، وسكت الذهبي؛ وهو‬                                   ‫حديث صحيح، له شواهد.‬‫٢ . فضائل تشترك فيها سورة " البقرة" ، مع سورة‬                                             ‫" آل عمران " :‬      ‫روى مسلم، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول ا ى‬     ‫يقول: ))اقرءوا القرآن! فإنه شافع لصحابه يوم القيامة،‬     ‫اقرءوا الزهراويْن: "البقرة"، و"آل عمران"؛ فإنهما يأتيان‬     ‫يوم القيامة كأنهما غمامتان -أو كأنهما غيايتان- أو كأنهما‬                                 ‫88‬‫25‬
‫فِرقان مِن طير صوافّ، يُحاجّان عن أهلهما، ثم قال:‬            ‫اقرءوا البقرة؛ فإن أخْذها بركة، وترْكها حسْرة، ول‬                                            ‫تستطيعها البطَلة((.‬                                       ‫الزهراوا ن: المنيرتان.‬                               ‫والغ ي اية: ما أظلّك مِن فوقك.‬                               ‫وال ف ِ ر ْق: القطعة من الشيء.‬                             ‫وال ص ّوا ف ّ: المصطفّة المتضامّة.‬                                           ‫وال ب َ ط َلة: السّحَرة.‬                ‫ومعنى ))ل تستطيعها(( أي: ل يُمكنهم حفظها.‬         ‫و م ِن ذلك: حديث النواس بن سمعان، قال: سمعت‬       ‫رسول ا ل يقول: ))يُؤتَى بالقرآن يوم القيامة، وأهله‬         ‫الذين كانوا يعملون به، تقدمهم سورة "البقرة"، و"آل‬     ‫ثلثة أمثال ما نسيتهنّ‬    ‫عمران"، وضرب لهما رسول ا‬          ‫بَعْد، قال: كأنهما غمامتان، أو ظلّتان سوداوان بينهما‬         ‫شَرَق، أو كأنهما فِرقان مِن طير صوافّ، يُحاجّان عن‬                                                     ‫صاحبهما((.‬            ‫٣ . فضائل تشترك فيها سورة " البقرة "، مع‬                                       ‫ال س ّ ب ْع ال ط ّول، منها:‬‫78‬                                                                ‫35‬
‫عن واثلة بن السقع، عن النبي ن قال: ))أُعطيتُ السّبع‬        ‫الطّول مكان التوراة، وأعطيتُ المِئين مكان النجيل،‬         ‫وأعطيتُ المثاني مكان الزبور، وفضّلتُ بالمفصّل((،‬                          ‫ُ‬     ‫أخرجه أحمد وغيره، بإسناد حسن، وقد صحّحه اللباني.‬      ‫وعن عائشة، عن النبي ن قال: ))مَن أخذ السّبع الوَل‬        ‫مِن القرآن فهو حَبْر((، أخرجه أحمد، والحاكم، وقال:‬‫صحيح السناد، ولم يخرجاه، وسكت الذهبي؛ وهو حديث‬                                                     ‫حسن.‬         ‫والحَبر -بكسر الحاء المهملة، وفتحها، وسكون الباء‬                     ‫الموحّدة-: العالِم، ذميًا كان أو مسلمًا.‬‫ثان ي ً ا: عدد آيات سورة البقرة، ووجه مناسبتها لما‬                ‫قبلها، وفضلها، وتوجيه قراءاته ا:‬                            ‫1 . الية ) ١ (: قال تعالى: }ﭑ{ :‬                                                 ‫ع د ّ الية:‬‫أخرج وكيع، وعبد بن حميد، عن أبي عبد الرحمن السلمي:‬                         ‫أنه كان يعدّ }ﭑ{ آية، و}ﭤ{ آية.‬               ‫وهي معدودة آية عند الكوفيّين، قال الناظم:‬     ‫ل الوتر مع طاسين مع‬     ‫*‬    ‫مـا بدؤه حرف التّهجـي‬                                 ‫مناسبة الية لما قبلها:‬                                 ‫88‬‫45‬
‫قيل في مناسبتها: أنّ هذه الحروف مِن المتشابه، وهو‬     ‫مِن الغيب الواجب اليمان به؛ فناسب أن يكون الفتتاح به؛‬                             ‫ليكون العبْد أتمّ انقيادًا لِما دونه.‬      ‫وذكر البقاعي بعض الروابط بين ذلك وبين ما سبقه من‬             ‫)الفاتحة(، كما هو مناسب لما بعده مِن ذكْر صفة‬                                   ‫المؤمنين وإيمانهم بالغيب.‬                                                ‫فضائل الي ة:‬      ‫أخرج البخاري، في تاريخه، والترمذي وصحّحه، والحاكم،‬        ‫وصحّحه، وابن مردويه، والبيهقي، في )شُعب اليمان(،‬     ‫: ))من قرأ حرفًا‬   ‫عن ابن مسعود، قال: قال رسول ا‬        ‫مِن كتاب ا، فله به حسَنة، والحسَنة بعشرة أمثالها، ل‬         ‫تقول: }ﭑ{ حرف، ولكن ألِفٌ حرف، ولمٌ حرْف، وميمٌ‬                                                        ‫حرْف((.‬         ‫وأخرج محمد بن نصر، وأبو جعفر النحاس، في كتاب:‬     ‫)الوقف والبتداء(، والخطيب في تاريخه، عن ابن مسعود،‬     ‫: ))اقرءوا القرآن! فإنكم تُؤجَرون‬    ‫قال: قال رسول ا‬          ‫عليه، أمَا إني ل أقول: }ﭑ{ حرف، ولكن "ألِف"، عشْر،‬                  ‫و"لمٌ"، عشْر، و"ميمٌ"، عشر؛ فتلك ثلثون((.‬                                 ‫قراءات الية ، وتوجيهها:‬‫78‬                                                               ‫55‬
‫قرأ }ﭑ{ بالسكْت على كلّ حرف من حروفها الثلثة: أبو‬           ‫جعفر مِن العشَرة؛ ووجْه ذلك: أنها ليست حروف‬ ‫المعاني؛ بل هي مفصولة وإنِ اتّصلت رسمًا، وكلّ حرف‬‫منها كناية عن اسم لله تعالى، كما يأتي في تفسيرها؛ فهو‬      ‫يجري مجرى كلم مستقلّ، وحذف واو العطف؛ لشدّة‬                                       ‫الرتباط والعلْم به.‬      ‫قال تعالى: }ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{، هذه الية: هي أوّل‬     ‫آيات وصْف المؤمنين، كما روى غير واحد بإسناد صحيح،‬     ‫عن مجاهد، قال: مِن أوّل "البقرة"، أربع آيات في نعْت‬‫المؤمنين، وآيتان في نعْت الكافرين، وثلث عشرة آية في‬     ‫نعْت المنافقين، ومِن أربعين آية، إلى عشرين ومائة في‬                                             ‫بني إسرائيل.‬ ‫وأخرج سعيد بن منصور، والدارمي، والبيهقي في )شُعب‬   ‫اليمان(، عن المغيرة بن سميع -وكان من أصحاب عبد‬ ‫ا- قال: "مَن قرأ عشر آيات من "البقرة"، عند منامه، لم‬    ‫ينسَ القرآن: أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان‬                  ‫بعدها، وثلث من آخِرها"؛ وهو ضعيف.‬          ‫٢ . الية ) ٢ (: قال تعالى: }ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{ :‬                              ‫قراءات الية ، وتوجيهها:‬                               ‫88‬‫65‬
‫قرأ عبد ا: }ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ {، وقرأ أبو الشعثاء، وزيد‬     ‫بن علي: "ل رَيْبٌ فِيهِ" بالتنوين مرفوعًا والمراد: استغراق‬     ‫النّفي أيضًا، كما في قراءة الجمهور، وذلك من جهة دللة‬         ‫المعنى، ل مِن جهة اللفظ؛ لن اللفظ يحتمل العموم،‬                                          ‫ويحتمل نفْي الوحدة.‬        ‫وقرأ الحسن: "ل رَيْبًا فِيهِ"، على تقدير فعْل، أي: ل أجِد‬                                                              ‫ريبًا.‬     ‫وجاء مدّ التبرئة، في قوله: }ﭕ ﭖ{ عن حمزة، بالتّوسّط في‬                                          ‫المدّ، ل الشباع.‬           ‫وأدغم أبو عمرو الهاء، من قوله: }ﭗ{ في هاء }ﭚ{.‬                          ‫ووصل ابن كثير، هاء }ﭗ{ بياء لفظيّة.‬      ‫والوقف على }ﭗ{ هو المشهور، وعن نافع وعاصم أنهما‬     ‫وقفا على }ﭕ ﭖ{، ول بدّ للواقف من أنْ ينوي خبرًا، ونظيره‬          ‫قوله تعالى: }ﮭ ﮮ ﮯ{ ]الشعراء:05[، وقول العرب: ل‬     ‫بأس؛ وهي كثيرة في لسان أهل الحجاز، والتقدير: ل ريب‬                                                         ‫فيه.‬       ‫ومِن القرّاء مَن يقف على قوله تعالى: }ﭕ ﭖ ﭗ{، ويبتدئ‬     ‫بقوله تعالى: }ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{، والوقف على قوله تعالى: }ﭕ ﭖ ﭗ‬      ‫ﭘ ﭙ{ أوْلى؛ لنه يصير قوله تعالى: }ﭚ{ صِفة للقرآن، وذلك‬                                    ‫أبلغ من كون فيه هدًى.‬                                      ‫مناسبة الية لما قبله ا:‬‫78‬                                                                 ‫75‬
‫أمّا مناسبة هذه الية، باعتبارها مِن صدر سورة "البقرة"،‬     ‫لِمَا سبقها من سورة "الفاتحة"، فقد ذكر أبو جعفر بن‬‫الزبير: أنّ قوله: }ﭓ{ إشارة إلى الصراط الذي في قوله: }ﭨ‬ ‫ﭩ{ كأنهم لمّا سألوا الهداية إليه، كأنه قيل لهم: ذلك الصراط‬                    ‫الذي سألتم الهداية إليه، هو: الكتاب.‬  ‫وقال أبو حيّان: هو أولى، يعني: في معنى الشارة، في‬                                         ‫قوله: }ﭓ{.‬       ‫قلت: ل يستقيم هذا؛ لن سورة "البقرة"، لم تنزل بعد‬       ‫"الفاتحة"، مباشرة، وإنما بعدها بسنوات طوال، ولكنه‬                ‫يبقى وجهًا للربط بين السورتيْن في الترتيب.‬        ‫وأما وجْه ارتباطها بالية قبْلها، فقال الزمخشري: فإن‬     ‫قلت: لِمَ صحّت الشارة بـ }ﭓ{ إلى ما ليس ببعيد؟ قلت:‬      ‫وقعت الشارة إلى }ﭑ{، بعد ما سبق التّكلّم به وتقضى،‬      ‫والمقضِي في حُكم المتباعد، وهذا في كل كلم يحدث‬       ‫الرجل بحديث، ثم يقول: وذلك ما ل شك فيه، ويحسب‬                          ‫الحاسب، ثم يقول: فذلك كذا وكذا.‬             ‫٣. الية ) ٣ (: قال تعالى: }ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ{ :‬         ‫الية الثانية، في وصْف المؤمنين، كما جاء في رواية‬                                         ‫مجاهد وغيره.‬                                                  ‫ف ض ْلها:‬                                ‫88‬‫85‬
‫ما روي في فضْلها، هو ما روي في فضْل اليات الربع،‬                                ‫حسب ما سبق الحديث عنه.‬                                      ‫القراءات وتوجيهه ا:‬       ‫فيها أوجه أدائية: ومِن ذلك: إبدال الهمزة في }ﭞ{ واوًا:‬         ‫لورش عن نافع، ولحمزة عند الوقف، وتفخيم لم }ﭡ{:‬       ‫لِورش، ووصل ميم الجمع في: }ﭣ{: لبن كثير، ولِقالون‬                                        ‫عن نافع بخلف عنه.‬                                                  ‫مناسبتها:‬        ‫أما مناسبة هذه الية؛ فهي في بيان أوصاف المؤمنين.‬      ‫٤. اليتان ) ٤ ، ٥ (: قال تعالى: }ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬                          ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ{ :‬     ‫اليتان هما بقيّة ما جاء في وصْف المؤمنين، كما جاء في‬                                    ‫رواية مجاهد وغيره.‬                                                    ‫ف ض ْلها:‬                    ‫هو نفسه ما روي في فضْل اليات الربع.‬                                      ‫القراءات وتوجيهها:‬‫78‬                                                           ‫95‬
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1
الكتاب المعتمد للتفسير عام 1

Contenu connexe

Tendances

تكميم المعدة
تكميم المعدةتكميم المعدة
تكميم المعدةdrcan015
 
الادارة العامة م 2
الادارة العامة م 2الادارة العامة م 2
الادارة العامة م 2Adeeb Alabbasi
 
تصميم المواقع الإلكترونية في مصر
تصميم المواقع الإلكترونية في مصرتصميم المواقع الإلكترونية في مصر
تصميم المواقع الإلكترونية في مصرMohamedAbdelBaset37
 
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطار
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطاراللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطار
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطارAssoib Rachid
 
معايير المهارات التربوية
معايير المهارات التربويةمعايير المهارات التربوية
معايير المهارات التربويةS Z
 
اليهود وغير اليهود
اليهود وغير اليهوداليهود وغير اليهود
اليهود وغير اليهودguest87d612
 
تاريخ+فلس..
تاريخ+فلس..تاريخ+فلس..
تاريخ+فلس..haithamo
 
Azkar أذكار
Azkar أذكارAzkar أذكار
Azkar أذكارasmaa
 
كتيب دليل للمربي
كتيب دليل للمربيكتيب دليل للمربي
كتيب دليل للمربيAbdulhadi Aloufi
 
تصميم مواقع إنترنت في مصر
تصميم مواقع إنترنت في مصر تصميم مواقع إنترنت في مصر
تصميم مواقع إنترنت في مصر MohamedAbdelBaset37
 
العادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةالعادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةMohammed Algarni
 
Adab altaff-02
Adab altaff-02Adab altaff-02
Adab altaff-02ashora1434
 
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهابترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهابguestc82b1f0
 
التعلم التعاوني 3
التعلم التعاوني 3التعلم التعاوني 3
التعلم التعاوني 3visual8
 
Lecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrol
Lecture7 Transactionmanagement ConcurrencycontrolLecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrol
Lecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrolguest800d4
 

Tendances (20)

Doc1 taki
Doc1 takiDoc1 taki
Doc1 taki
 
تكميم المعدة
تكميم المعدةتكميم المعدة
تكميم المعدة
 
الادارة العامة م 2
الادارة العامة م 2الادارة العامة م 2
الادارة العامة م 2
 
تصميم المواقع الإلكترونية في مصر
تصميم المواقع الإلكترونية في مصرتصميم المواقع الإلكترونية في مصر
تصميم المواقع الإلكترونية في مصر
 
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطار
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطاراللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطار
اللائحة النهائية للمستفيدين من تغيير الإطار
 
معايير المهارات التربوية
معايير المهارات التربويةمعايير المهارات التربوية
معايير المهارات التربوية
 
اليهود وغير اليهود
اليهود وغير اليهوداليهود وغير اليهود
اليهود وغير اليهود
 
550
550550
550
 
تاريخ+فلس..
تاريخ+فلس..تاريخ+فلس..
تاريخ+فلس..
 
Azkar أذكار
Azkar أذكارAzkar أذكار
Azkar أذكار
 
كتيب دليل للمربي
كتيب دليل للمربيكتيب دليل للمربي
كتيب دليل للمربي
 
تصميم مواقع إنترنت في مصر
تصميم مواقع إنترنت في مصر تصميم مواقع إنترنت في مصر
تصميم مواقع إنترنت في مصر
 
العادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةالعادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحة
 
Defense
DefenseDefense
Defense
 
Adab altaff-02
Adab altaff-02Adab altaff-02
Adab altaff-02
 
2ع2
2ع22ع2
2ع2
 
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهابترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب
 
Lecture 3 (Data Base)
Lecture 3 (Data Base)Lecture 3 (Data Base)
Lecture 3 (Data Base)
 
التعلم التعاوني 3
التعلم التعاوني 3التعلم التعاوني 3
التعلم التعاوني 3
 
Lecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrol
Lecture7 Transactionmanagement ConcurrencycontrolLecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrol
Lecture7 Transactionmanagement Concurrencycontrol
 

En vedette

أصول الفقه ٣
أصول الفقه ٣أصول الفقه ٣
أصول الفقه ٣Sof Wan
 
قراءة الفاتحة خلف الإمام
قراءة الفاتحة خلف الإمامقراءة الفاتحة خلف الإمام
قراءة الفاتحة خلف الإمامSof Wan
 
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011Sof Wan
 
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1ملخص لمادة القواعد الفقهية 1
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1Sof Wan
 
فقه المعاملات 1 add
فقه المعاملات 1 addفقه المعاملات 1 add
فقه المعاملات 1 addSof Wan
 
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلام
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية   محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلامالتحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية   محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلام
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلامSof Wan
 
فقه الأسرة الدرس 11
فقه الأسرة الدرس 11فقه الأسرة الدرس 11
فقه الأسرة الدرس 11Sof Wan
 
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسيرمقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسيرSof Wan
 
Fiqh mu'amalah 1
Fiqh mu'amalah 1Fiqh mu'amalah 1
Fiqh mu'amalah 1Sof Wan
 
فقه المعاملات 2 س4 ف2 تاريخ 19-4-20111
فقه المعاملات 2  س4 ف2 تاريخ 19-4-20111فقه المعاملات 2  س4 ف2 تاريخ 19-4-20111
فقه المعاملات 2 س4 ف2 تاريخ 19-4-20111Sof Wan
 
1.a. silabus b.arab x ganjil
1.a. silabus b.arab x ganjil1.a. silabus b.arab x ganjil
1.a. silabus b.arab x ganjilSof Wan
 
المقدمة
المقدمةالمقدمة
المقدمةSof Wan
 
قضايا فقهية معاصرة ١
قضايا فقهية معاصرة ١قضايا فقهية معاصرة ١
قضايا فقهية معاصرة ١Sof Wan
 
Iaqd3033 aqidah 3
Iaqd3033 aqidah 3Iaqd3033 aqidah 3
Iaqd3033 aqidah 3Sof Wan
 
القواعد الفقهية
القواعد الفقهيةالقواعد الفقهية
القواعد الفقهيةSof Wan
 
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضير
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضيرشرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضير
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضيرSof Wan
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2Sof Wan
 
تصريف اﻷفعال في اللغة العربية
تصريف اﻷفعال في اللغة العربيةتصريف اﻷفعال في اللغة العربية
تصريف اﻷفعال في اللغة العربيةSof Wan
 
كيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القرانكيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القرانSof Wan
 

En vedette (19)

أصول الفقه ٣
أصول الفقه ٣أصول الفقه ٣
أصول الفقه ٣
 
قراءة الفاتحة خلف الإمام
قراءة الفاتحة خلف الإمامقراءة الفاتحة خلف الإمام
قراءة الفاتحة خلف الإمام
 
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011
تاريخ القضاء وأحكامه س4 ف2 تاريخ 13 4-2011
 
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1ملخص لمادة القواعد الفقهية 1
ملخص لمادة القواعد الفقهية 1
 
فقه المعاملات 1 add
فقه المعاملات 1 addفقه المعاملات 1 add
فقه المعاملات 1 add
 
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلام
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية   محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلامالتحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية   محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلام
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية محمد محي الدين عبدالحميد (ط1) دار السلام
 
فقه الأسرة الدرس 11
فقه الأسرة الدرس 11فقه الأسرة الدرس 11
فقه الأسرة الدرس 11
 
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسيرمقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير
مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير
 
Fiqh mu'amalah 1
Fiqh mu'amalah 1Fiqh mu'amalah 1
Fiqh mu'amalah 1
 
فقه المعاملات 2 س4 ف2 تاريخ 19-4-20111
فقه المعاملات 2  س4 ف2 تاريخ 19-4-20111فقه المعاملات 2  س4 ف2 تاريخ 19-4-20111
فقه المعاملات 2 س4 ف2 تاريخ 19-4-20111
 
1.a. silabus b.arab x ganjil
1.a. silabus b.arab x ganjil1.a. silabus b.arab x ganjil
1.a. silabus b.arab x ganjil
 
المقدمة
المقدمةالمقدمة
المقدمة
 
قضايا فقهية معاصرة ١
قضايا فقهية معاصرة ١قضايا فقهية معاصرة ١
قضايا فقهية معاصرة ١
 
Iaqd3033 aqidah 3
Iaqd3033 aqidah 3Iaqd3033 aqidah 3
Iaqd3033 aqidah 3
 
القواعد الفقهية
القواعد الفقهيةالقواعد الفقهية
القواعد الفقهية
 
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضير
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضيرشرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضير
شرح الدروس المهمة لعامة الامة للشيخ عبد الكريم الخضير
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين2
 
تصريف اﻷفعال في اللغة العربية
تصريف اﻷفعال في اللغة العربيةتصريف اﻷفعال في اللغة العربية
تصريف اﻷفعال في اللغة العربية
 
كيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القرانكيف يجب علينا أن نفسر القران
كيف يجب علينا أن نفسر القران
 

Similaire à الكتاب المعتمد للتفسير عام 1

خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩
خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩
خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩Sof Wan
 
Dari bible new testament
Dari bible   new testamentDari bible   new testament
Dari bible new testamentArabBibles
 
سلام من غزه
سلام من غزهسلام من غزه
سلام من غزهguestc1452c
 
حرب العقول والأيولوجيات حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنط
حرب العقول والأيولوجيات   حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنطحرب العقول والأيولوجيات   حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنط
حرب العقول والأيولوجيات حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنطYehia Elzont
 
روش ساخت بادبادك جعبه اي
روش ساخت بادبادك جعبه ايروش ساخت بادبادك جعبه اي
روش ساخت بادبادك جعبه ايguest4e53a3
 
هوكى الميدان
هوكى الميدانهوكى الميدان
هوكى الميدانguestde5d41ce
 
السيرة الذاتية
السيرة الذاتيةالسيرة الذاتية
السيرة الذاتيةguestde5d41ce
 
مبادئ صهيونية
مبادئ صهيونيةمبادئ صهيونية
مبادئ صهيونيةguest87d612
 
Blogging
BloggingBlogging
Blogginglo2lo2
 
العادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةالعادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةMohammed Algarni
 
تدريب القيادة والريادة
تدريب القيادة والريادةتدريب القيادة والريادة
تدريب القيادة والريادةLoay Qabajeh
 
شخصيات يهودية
شخصيات يهوديةشخصيات يهودية
شخصيات يهوديةguest87d612
 
دكتور عبدالله مديرس
دكتور عبدالله مديرسدكتور عبدالله مديرس
دكتور عبدالله مديرسnouraalbannai
 
نقل اثاث وعفش الامارات
نقل اثاث وعفش الاماراتنقل اثاث وعفش الامارات
نقل اثاث وعفش الاماراتalwadii
 
الحاخامات
الحاخاماتالحاخامات
الحاخاماتguest87d612
 
كشف اسماء مركز المعلومات
كشف اسماء مركز المعلوماتكشف اسماء مركز المعلومات
كشف اسماء مركز المعلوماتguest551d24
 

Similaire à الكتاب المعتمد للتفسير عام 1 (20)

خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩
خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩
خلاصة القواعد الفقهية ١ ٩
 
Dari bible new testament
Dari bible   new testamentDari bible   new testament
Dari bible new testament
 
سلام من غزه
سلام من غزهسلام من غزه
سلام من غزه
 
حرب العقول والأيولوجيات حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنط
حرب العقول والأيولوجيات   حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنطحرب العقول والأيولوجيات   حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنط
حرب العقول والأيولوجيات حرب وجود وليست حرب حدود - بقلم يحيى الزنط
 
روش ساخت بادبادك جعبه اي
روش ساخت بادبادك جعبه ايروش ساخت بادبادك جعبه اي
روش ساخت بادبادك جعبه اي
 
نحو
نحونحو
نحو
 
هوكى الميدان
هوكى الميدانهوكى الميدان
هوكى الميدان
 
السيرة الذاتية
السيرة الذاتيةالسيرة الذاتية
السيرة الذاتية
 
مبادئ صهيونية
مبادئ صهيونيةمبادئ صهيونية
مبادئ صهيونية
 
Blogging
BloggingBlogging
Blogging
 
العادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحةالعادات العشر للشخصية الناجحة
العادات العشر للشخصية الناجحة
 
تدريب القيادة والريادة
تدريب القيادة والريادةتدريب القيادة والريادة
تدريب القيادة والريادة
 
شخصيات يهودية
شخصيات يهوديةشخصيات يهودية
شخصيات يهودية
 
دكتور عبدالله مديرس
دكتور عبدالله مديرسدكتور عبدالله مديرس
دكتور عبدالله مديرس
 
Student
StudentStudent
Student
 
نقل اثاث وعفش الامارات
نقل اثاث وعفش الاماراتنقل اثاث وعفش الامارات
نقل اثاث وعفش الامارات
 
Bi11 li-006
Bi11 li-006Bi11 li-006
Bi11 li-006
 
الحاخامات
الحاخاماتالحاخامات
الحاخامات
 
كشف اسماء مركز المعلومات
كشف اسماء مركز المعلوماتكشف اسماء مركز المعلومات
كشف اسماء مركز المعلومات
 
مجلد 1
مجلد 1مجلد 1
مجلد 1
 

Plus de Sof Wan

شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع
شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاعشرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع
شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاعSof Wan
 
.متن أبي شجاع
.متن أبي شجاع.متن أبي شجاع
.متن أبي شجاعSof Wan
 
Ar 01 lessons_in_arabic_language
Ar 01 lessons_in_arabic_languageAr 01 lessons_in_arabic_language
Ar 01 lessons_in_arabic_languageSof Wan
 
شرح السنة للإمام البربهاري
شرح السنة للإمام البربهاريشرح السنة للإمام البربهاري
شرح السنة للإمام البربهاريSof Wan
 
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟Sof Wan
 
الأمثلة التصريفية
الأمثلة التصريفيةالأمثلة التصريفية
الأمثلة التصريفيةSof Wan
 
Tabel Nahwu 2
Tabel Nahwu 2Tabel Nahwu 2
Tabel Nahwu 2Sof Wan
 
Tabel Nahwu 1
Tabel Nahwu 1Tabel Nahwu 1
Tabel Nahwu 1Sof Wan
 
شرح الدروس المهمة لعامة الأمة
شرح الدروس المهمة لعامة الأمةشرح الدروس المهمة لعامة الأمة
شرح الدروس المهمة لعامة الأمةSof Wan
 
الدروس العامة لعامة الأمة لابن باز
الدروس العامة لعامة الأمة لابن بازالدروس العامة لعامة الأمة لابن باز
الدروس العامة لعامة الأمة لابن بازSof Wan
 
الدروس المهمة لعامة الأمة
الدروس المهمة لعامة الأمةالدروس المهمة لعامة الأمة
الدروس المهمة لعامة الأمةSof Wan
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1Sof Wan
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3Sof Wan
 
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاجدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاSof Wan
 
Kalender islam-ummulqura-2014
Kalender islam-ummulqura-2014Kalender islam-ummulqura-2014
Kalender islam-ummulqura-2014Sof Wan
 
Academic calendar sept2014
Academic calendar   sept2014Academic calendar   sept2014
Academic calendar sept2014Sof Wan
 
عنوان البريد للمدرسين
عنوان البريد للمدرسينعنوان البريد للمدرسين
عنوان البريد للمدرسينSof Wan
 
جدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسجدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسSof Wan
 
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاجدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاSof Wan
 
جدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسجدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسSof Wan
 

Plus de Sof Wan (20)

شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع
شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاعشرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع
شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع
 
.متن أبي شجاع
.متن أبي شجاع.متن أبي شجاع
.متن أبي شجاع
 
Ar 01 lessons_in_arabic_language
Ar 01 lessons_in_arabic_languageAr 01 lessons_in_arabic_language
Ar 01 lessons_in_arabic_language
 
شرح السنة للإمام البربهاري
شرح السنة للإمام البربهاريشرح السنة للإمام البربهاري
شرح السنة للإمام البربهاري
 
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟
أوائل الشهور القمرية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي ؟
 
الأمثلة التصريفية
الأمثلة التصريفيةالأمثلة التصريفية
الأمثلة التصريفية
 
Tabel Nahwu 2
Tabel Nahwu 2Tabel Nahwu 2
Tabel Nahwu 2
 
Tabel Nahwu 1
Tabel Nahwu 1Tabel Nahwu 1
Tabel Nahwu 1
 
شرح الدروس المهمة لعامة الأمة
شرح الدروس المهمة لعامة الأمةشرح الدروس المهمة لعامة الأمة
شرح الدروس المهمة لعامة الأمة
 
الدروس العامة لعامة الأمة لابن باز
الدروس العامة لعامة الأمة لابن بازالدروس العامة لعامة الأمة لابن باز
الدروس العامة لعامة الأمة لابن باز
 
الدروس المهمة لعامة الأمة
الدروس المهمة لعامة الأمةالدروس المهمة لعامة الأمة
الدروس المهمة لعامة الأمة
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية. على الجارم ،مصطفي أمين1
 
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3
النحو الواضح للمرحلة الابتدائية . على الجارم ،مصطفي أمين3
 
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاجدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النهائية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
 
Kalender islam-ummulqura-2014
Kalender islam-ummulqura-2014Kalender islam-ummulqura-2014
Kalender islam-ummulqura-2014
 
Academic calendar sept2014
Academic calendar   sept2014Academic calendar   sept2014
Academic calendar sept2014
 
عنوان البريد للمدرسين
عنوان البريد للمدرسينعنوان البريد للمدرسين
عنوان البريد للمدرسين
 
جدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسجدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروس
 
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتاجدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
جدول الامتحانات النصفية لبكالوريوس لفصل سبتنبير 2014 من مركز جوكجاكرتا
 
جدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروسجدول توزيع الدروس
جدول توزيع الدروس
 

الكتاب المعتمد للتفسير عام 1

  • 1.
  • 2. 4
  • 3. 5
  • 4. ‫المحتويات‬‫٧-١١١‬ ‫الدرس الول : مقدمة وتفسير سورة‬ ‫الفاتحة‬ ‫٣١١-‬ ‫الدرس الثاني : تفسير اليات ) ١- ٣١(‬ ‫٥٣٢‬ ‫من سورة البقرة‬ ‫٧٣٢-‬ ‫الدرس الثالث : تفسير اليات ) ٤١- ٥٢(‬ ‫٧٠٣‬ ‫٩٠٣-‬ ‫الدرس الرابع : تفسير اليات ) ٦٢- ٩٣(‬ ‫٤٢٤‬ ‫٥٢٤-‬ ‫: تفسير اليات ) ٠٤- ٢٥(‬ ‫الدرس‬ ‫٣٨٤‬ ‫الخامس‬ ‫٥٨٤-‬ ‫: تفسير اليات ) ٢٥- ١٦(‬ ‫الدرس‬ ‫٨٤٥‬ ‫السادس‬ ‫٩٤٥-‬ ‫: تفسير اليات ) ٢٦- ٤٧(‬ ‫الدرس‬ ‫٦٠٦‬ ‫السابع‬ ‫٧٠٦-‬ ‫: تفسير اليات ) ٥٧ –‬ ‫الدرس‬ ‫٣٠٨(‬ ‫٧٣٦‬ ‫الثامن‬ ‫٩٣٦-‬ ‫: تفسير اليات ) ٤٨ –‬ ‫الدرس‬ ‫٦٩(‬
  • 5. ‫٥٠٧‬ ‫التاسع‬ ‫٧٠٧-‬ ‫: تفسير اليات ) ٧٩ –‬ ‫الدرس‬ ‫٥٠١(‬ ‫١٥٨‬ ‫العاشر‬ ‫٣٥٨-‬ ‫: تفسير اليات ) ٦٠١- ٨١١(‬ ‫الدرس‬ ‫٣١٩‬ ‫الحادي عشر‬ ‫٥١٩-‬ ‫الدرس الثاني : تفسير اليات ) ٩١١- ٥٣١(‬ ‫٩٠٠١‬ ‫عشر‬ ‫١١٠١-‬ ‫الدرس الثالث : تفسير اليات ) ٦٣١- ٥٤١(‬ ‫٨٦٠١‬ ‫عشر‬ ‫٩٦٠١-‬ ‫الدرس الرابع : تفسير اليات ) ٦٤١- ٧٥١(‬ ‫٤١١١‬ ‫عشر‬ ‫٥١١١-‬ ‫قائمة‬ ‫٨١١١‬ ‫المراجع‬ ‫العامة‬‫5‬ ‫5‬
  • 6. ‫الدرس الول‬ ‫مقدمة، وتفسير سورة الفاتحة‬ ‫6‬‫6‬
  • 7. ‫عناصر الدرس‬ ‫٩‬ ‫العنصر الول : ترجمة ابن كثير‬ ‫٥٣‬ ‫العنصر الثاني : تعريف التفسير وأهميته‬ ‫ونشأته وأنواعه‬ ‫١٦‬ ‫العنصر الثالث : تفسير سورة الفاتحة‬‫5‬ ‫7‬
  • 8.
  • 9. ‫ترجمة ابن كثير‬ ‫نسب ه:‬ ‫هو الحافظ عماد الدّين أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن‬‫كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي، القيسي،‬ ‫العبسي، البُصروي -نسبة إلى بصرى الشام- الدمشقي.‬ ‫مولده:‬ ‫ولد سنة )١٠٧( هـ بمجيدل القُرَية، من أعمال بُصرى.‬ ‫نشأته:‬‫نشأ في أسرة علْم وفضل؛ فقد كان أبوه الخطيب شهاب‬ ‫الدّين أبو حفص عمر بن كثير، من العلماء الفقهاء‬‫الخطباء، توفّي عنه، وهو ابن ثلث أو نحوها، فاتّجه إلى‬ ‫الطلب في وقت مبكّر مِن حياته، على يدي أخيه عبد‬‫الوهاب، وأكمل حفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز العاشرة‬ ‫مِن عمره، على شيخه شمس الدّين البعلبكي، وقرأ‬ ‫بالقراءات، حتى عدّه الداودي من القرّاء، وترجم له في‬ ‫طبقاتهم.‬ ‫وسمع الحديث، من كثير من أئمّة الحفّاظ في عصره،‬ ‫وعني بالسماع والكثار منه، وقرأ على صهره الحافظ‬
  • 10. ‫المزّي مؤلّفَه العظيم في الرجال: )تهذيب الكمال( وغيره،‬ ‫كما حفظ المتون المتنوّعة في العلوم الشرعية، وكان‬ ‫صحيح الذهن، كثير الستحضار، قليل النسيان.‬ ‫وهكذا، اشتغل بطلب العلْم، ودأب وحصّل وكتَب، حتى‬ ‫برع في علوم كثيرة، وصار يشار إليه بالبنان، ولما يزلْ‬ ‫شابّا؛ وهذا من فضل ا عليه، إذ هيّأ له أسباب تحصيل‬ ‫العلْم، ويسّر له سُبله.‬ ‫رحلت ه:‬ ‫سافر إلى عدّة بلد، الْتقى فيها بأهل العلم، فاستفاد‬ ‫وأفاد، ومن تلك البلد: القدس، ونابلس، وبعلبك،‬‫والقاهرة، وقد سافر إلى الحجاز؛ حيث أدّى فريضة الحج،‬ ‫في جمْع من علماء دمشق.‬ ‫زواجه وذ ر ّ ي ّته:‬ ‫صحب ابن كثير محدّث الديار الشامية في عصره: أبا‬ ‫الحجاج جمال الدّين يوسف بن عبد الرحمن المزّي، إمام‬ ‫الحفّاظ، ولزمه، وصاهره؛ فتزوج ابنته زينب، ورزقه ا‬ ‫منها عددًا من الولد، أكبرهم: الشيخ عز الدّين عمر بن‬ ‫إسماعيل بن عمر بن كثير، عني بالفقه، وكتب تصانيف‬‫01‬
  • 11. ‫أبيه؛ وهو الذي نسخ لبيه نسخة )المُسند(، التي جعلها‬ ‫أصل في تأليف )جامع المسانيد(.‬ ‫ً‬ ‫شيوخه:‬ ‫وقد بدأ الشتغال على يدي أخيه: عبد الوهاب؛ فهو أول‬ ‫شيوخه، وصحِب جمال الدّين أبي الحجاج يوسف المزّي،‬ ‫ولزمه.‬ ‫وكان من أعظم تلميذ شيخ السلم ابن تيمية الحرّاني،‬ ‫ولزمه، وتخرّج على يديه، وكانت له به خصوصيّة ومناضلة‬ ‫عنه، واتّباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في‬ ‫مسألة الطلق، وامتحن بسبب ذلك وأُوذي.‬ ‫ولمّا مات شيخ السلم ~ بسجن القلعة، لم يُسمح لحد‬ ‫بالدخول أول المر، إل لخواصّ أصحابه؛ فكان ابن كثير‬ ‫ّ‬ ‫منهم.‬ ‫تلميذه:‬ ‫وتلمذته كثير، منهم:‬ ‫1.المام سعد الدّين بن يوسف بن إسماعيل بن يونس‬ ‫النواوي، قدم دمشق صغيرًا، وقرأ على ابن كثير كتابه‬ ‫في علوم الحديث، وأذِن له بالفتوى.‬‫11‬ ‫11‬
  • 12. ‫2.المام ابن حجّي.‬ ‫3.المام الزّركشي.‬ ‫4.المام الحسيني، صاحب )ذيل تذكرة الحفّاظ(.‬ ‫5.المام ابن الجزري، وهو ممّن أذن له ابن كثير في‬ ‫الفتوى.‬ ‫أعماله ونشاطه العلم ي:‬ ‫تنوّعت أعمال الحافظ ابن كثير نظرًا لموسوعيّته وعلوّ‬ ‫منزلته العلْمية؛ وممّا قام به من جهود علْمية اشتهر بها:‬ ‫القراء:‬ ‫برز الحافظ ابن كثير في هذا الجانب العلْمي، وولي‬ ‫مشيخة القراء بمدرسة أمّ الصالح، كما ذكر النعيمي.‬‫وترجم له الداودي، في )طبقات القراء(، وقد ظهر أثر علْم‬ ‫ابن كثير بالقراءات في غضون تفسيره، وهو غالبًا ما‬ ‫يعتمد قراءة نافع ومَن وافقه.‬ ‫ال ت ّحديث والجازة:‬ ‫لقد كان حافظًا مِن حفّاظ هذه المّة لحديث رسول ا‬ ‫أخذ الحديث عن جماعة من أهل العلْم، سماعًا‬‫21‬
  • 13. ‫وإجازة، وحدّث وأفاد، وأسمع الحديث، وأجاز؛ حتى إنه‬ ‫أجاز كلّ مَن أدرك حياته، كما ذكر الحافظ ابن حجر.‬ ‫ال ت ّدري س:‬ ‫قعد الحافظ ابن كثير للتّدريس إلى آخر عمره، وانتفع به‬ ‫خلق كثير، ودرّس علومًا عدّة، منها: التفسير، والفقه.‬ ‫وقد بدأ التدريس في المدرسة النجيبية، كما كان يدرّس‬ ‫التفسير في الجامع الموي.‬ ‫وقد تولّى الحافظ ابن كثير مشيخة عدّة مدارس، ومن‬ ‫ذلك:‬ ‫مشيخة مدرسة أمّ الصالح، ومشيخة دار الحديث، ومشيخة‬ ‫التنكزية، واسمها: دار القرآن والحديث.‬ ‫الفتاء:‬ ‫برز الحافظ ابن كثير في هذا الجانب، ول غرو، فهو إمام‬ ‫من أئمة الشافعية، غير أنه لم يكن متقيّدًا بالمذهب؛ وإنما‬ ‫كان يدور مع الدليل حيث دار، وقد وصفه شيخه الذهبي،‬ ‫بالفقيه المفتي، وكان يأذن لغيره بالفتاء، كإذنه للنواوي،‬ ‫والجزري.‬ ‫مؤ ل ّفاته:‬‫11‬ ‫31‬
  • 14. ‫لقد تفرّغ الحافظ ابن كثير ~ للتأليف والتصنيف، إلى جانب‬ ‫ما كان يقوم به من العمال الكثيرة في خدمة الدّين‬‫والمّة السلمية؛ ولذلك خلّف كتبًا كثيرة في شتّى مجالت‬ ‫العلْم والمعرفة، وكان من أوائل ما صنّف في شبابه‬ ‫-ولعلّه أوّل كتاب ألّفه- )أحكام التنبيه(، ولمّا اطلع عليه‬ ‫شيخه البرهان الفزاري، أعجبه وأثنى عليه، وقد ذكر له‬ ‫بعض مَن ترجم له حوالي أربعين مؤلّفًا، أكثرها مفقود.‬ ‫ومِن أهمّ مؤلّفاته: )تفسير القرآن العظيم(، و )البداية‬ ‫والنهاية(، في التاريخ، و )جامع المسانيد والسّنن(، و‬ ‫)شمائل الرسول، ودلئل نبوته وفضائله وخصائصه(، و‬ ‫)فضائل القرآن، وتاريخ جمعه وكتابته ولغاته(؛ وهي‬ ‫مطبوعة.‬ ‫مم ي ّزات ه:‬ ‫1.القدرة على الحفْظ.‬ ‫2.كثرة الستحضار، وقلّة النّسيان.‬ ‫3.جودة الفهْم: حيث كان ~ صحيح الذّهن، قادرًا على‬ ‫الجتهاد والدقّة العلْمية؛ ومن هنا كانت له آراء‬ ‫ّ‬ ‫واجتهادات وترجيحات.‬‫41‬
  • 15. ‫4.خفّة الروح، وقد جاءت هذه الصّفات على لسان‬ ‫المترجِمين له، إذ قالوا: كان ~ كثير الستحضار، قليل‬ ‫النسيان، جيّد الفهم، صحيح الذّهن، حسن المفاكهة.‬ ‫مكانته العلمية، وثناء العلماء علي ه:‬ ‫تبوّأ الحافظ ابن كثير ~ في حياته مكانة علميّة مرموقة،‬ ‫وحاز مِن ثناء العلماء مِن معاصريه فمَن بعدَهم، ما يدلّ‬ ‫على فضله وتقدّمه في العلْم والدب والعبادة.‬ ‫وتتج ل ّى مكانة ابن كثير ، ومنزلته الع ل ْمية من‬ ‫ناحيت ي ْن:‬ ‫الولى: من خلل ما ترَكَه من ثروة علْمية، وتآليف نافعة.‬ ‫الثانية: شهادة العلماء له، وخاصّة معاصروه، سواء‬ ‫أكانوا شيوخًا له، أو تلميذ:‬ ‫قال المام الذهبي )وهو في طبقة شيوخه(: وسمعت مع‬ ‫الفقيه المفتي المحدّث ذي الفضائل: عماد الدّين بن‬ ‫إسماعيل بن عمر البصروي الشافعي، وله عناية بالرجال‬ ‫والمتون والتفقّه، خرّج وألّف، وناظر وصنّف، وفسّر وتقدّم.‬ ‫وقال الحافظ ابن ناصر الدّين الدمشقي: المام العلمة‬ ‫الحافظ، عماد الدّين، ثِقة المُحدّثين، عمدة المؤرّخين،‬ ‫علَم المفسّرين، أبو الفداء.‬‫11‬ ‫51‬
  • 16. ‫وقال الحافظ ابن حجر العسقلني: واشتغل بالحديث،‬ ‫مطالعة في متونه ورجاله، فجمع التّفسير، وكان كثير‬‫الستحضار، حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في البلد في‬ ‫حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته.‬ ‫عقيدت ه:‬ ‫كان الحافظ ابن كثير ~ سلفيّ العقيدة، سائرًا على منهج‬ ‫أهل السّنّة والجماعة، ومما يدل على ذلك، أنّ له رسالة‬‫في العقائد، قرر فيها عقيدة السلف؛ ومما جاء فيها، قوله:‬ ‫فإذا نطق الكتاب العزيز، ووردت الخبار الصحيحة، بإثبات‬ ‫السمع، والبصر، والوجه، والعلْم، والقوة، والقدرة،‬ ‫والعظمة، والمشيئة، والرادة، والقول والكلم، والرضا‬‫والسخط، والحب والبغض، والفرح والضحك، وجَب اعتقاد‬ ‫حقيقته، مِن غير تشبيه ول تكييف له، ول تحريف، ول‬ ‫تبديل، ول تغيير، ول إزالة لفظ عما تعرفه العرب وتصرفه‬ ‫إليه، والمساك عما سوى ذلك.‬‫كما أنه في تفسيره المشهور، جرى على منهج السلف في‬ ‫تفسير آيات الصّفات، ومن المثلة على ذلك:‬ ‫قال الحافظ ابن كثير ~: "وأما قوله تعالى: }ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ{‬ ‫]الفرقان:95[، فللناس في هذا المقام مقالت كثيرة جدّا،‬ ‫ليس هذا موضع بسْطها؛ وإنما نسلك في هذا المقام‬‫61‬
  • 17. ‫مذهب السلف الصالح: مالك، والوزاعي، والثوري،‬ ‫وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا؛ وهو: إمرارها‬ ‫كما جاءت من غير تكييف، ول تشبيه، ول تعطيل".‬ ‫مذهبه الفقهي ّ:‬ ‫ذكرت بعض المصادر في ترجمة الحافظ ابن كثير ~ أنه‬ ‫حفظ في صغره كتاب )التنبيه(، وهو أهم مختصَر في‬ ‫الفقه الشافعي، في ذلك العصر، كما أثبت كثير من‬ ‫المترجمين له نسبته إلى المذهب الشافعي؛ بل أثبت ابن‬ ‫كثير نفسه هذه النسبة للشافعي، في اسمه.‬ ‫منهج ابن كثير ، في كتابه :‬ ‫يُعتبر تفسير ابن كثير مِن خيْر كُتب التفسير، واحتلّ مكانة‬ ‫مرموقة في الكُتب السلميّة، وشهد له العلماء بذلك،‬ ‫وذاع صيت هذا الكتاب، وتداولتْه اليدي قديمًا وحديثًا،‬ ‫على مختلَف المستويات.‬ ‫يقول السيوطي: له التفسير الذي لم يؤلّف على نمطه‬ ‫مثلُه.‬ ‫ويقول الشوكاني: وله تصانيف مفيدة، منها: التفسير‬ ‫المشهور، وهو في مجلّدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل‬‫11‬ ‫71‬
  • 18. ‫المذاهب، والخبار، والثار، وتكلم بأحسن كلم وأنفسه؛‬ ‫وهو من أحسن التفاسير.‬ ‫ويقول الستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر: فإنّ تفسير ابن‬ ‫كثير أحسن التفاسير التي رأينا، وأجودها وأدقّها، بعد‬ ‫تفسير إمام المفسّرين؛ أبي جعفر الطبري.‬ ‫مصادر ابن كثير في التفسي ر:‬ ‫أكثر الحافظ ابن كثير من نقله عن السلف الصالح من‬ ‫الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين.‬ ‫مصادره من الكتب:‬ ‫فقد رجع إلى التوراة والنجيل في مواضع من تفسيره.‬ ‫وأما في التفسير ، وعلوم القرآن: فلو ألقينا نظرة‬‫فاحصة على المصادر التفسيرية التي استقى ابن كثير منها‬ ‫تفسيره، لوجدنا أن الطابع العام الذي تتميّز به هذه‬ ‫المصادر التفسيرية، هو التفسير بالمأثور، مع وجود غيرها‬ ‫أيضًا، لكن ليس بنفس القدْر.‬ ‫أ م ّا أكثر التفاسير دورا ن ًا في تفسير ابن كثير ،‬‫فأربعة: )تفسير ابن جرير الطبري(، و )ابن أبي حاتم(، و‬ ‫)عبد الرزاق الصنعاني(، و )أبي بكر بن مردويه(، وأخصّ‬ ‫هذه الربعة: )تفسير ابن جرير الطبري(، و )ابن أبي‬ ‫حاتم(؛ فقد كاد يذكرهما في كلّ صفحة من صفحات‬‫81‬
  • 19. ‫التفسير؛ ولعل السبب في هذا: أن هذه الكتب تحوي بين‬ ‫دفّتيها عددًا هائل من الحاديث، والروايات، والخبار‬ ‫ً‬ ‫الواردة عن السلف الصالح؛ وهذا يلئم منهج التفسير‬ ‫بالمأثور، الذي آثره ابن كثير لنفسه.‬ ‫وهناك من المصادر التفسيرية ما لم يذكره إل مرة، أو‬ ‫مرتيْن، كـ )تفسير الثعلبي(، صاحب )العرائس(، والمعروف‬ ‫بـسرد الخبار والروايات السرائيلية والقصص الخرافية.‬ ‫والحقيق ة: أنّ ابن كثير عالِم، حافظ، ناقد، مدقّق، وليس‬ ‫مجرد نقّال؛ فإنه إذا لم يتفق مع غيره من المفسرين في‬ ‫بعض الراء وجدناه يحشد عددًا هائل من الدلة؛ لدحض‬ ‫ً‬ ‫هذا الرأي وإثبات ما يراه حقّا.‬ ‫وأ م ّا كتب ال س ّ ن ّة ، وعلوم الحديث ، وشروحه:‬ ‫فيبدو لوّل وهلة، أنّ مصادر ابن كثير في الحديث كثيرة‬ ‫جدّا، وهي على وجه التحديد )واحد وسبعون ( مصدرًا،‬ ‫هذا خل التفاسير المسندة.‬ ‫كما أنّ له مصادره المتنوعة في الفقه وأصوله، وفي‬ ‫التاريخ والسّيَر والتراجم، وفي علوم اللغة، وغير ذلك من‬ ‫فنون العلْم. كما أنه نقل من مصادر مهمة لم يصرح‬ ‫بأسمائها، بالضافة إلى نُقولِه عن شيوخه، ومن أبهمهم‬ ‫من أهل العلْم، مما جعل كتابه مصدرًا حافل بعلوم‬ ‫ً‬ ‫غزيرة.‬‫11‬ ‫91‬
  • 20. ‫انتقادات و ُ ج ّهت في كتاب ه:‬ ‫جاء )تفسير ابن كثير(، ذخيرة علْمية، لكنه لم يخلُ من‬ ‫بعض المآخذ التي لحظَها العلماء، ومن ذلك:‬ ‫1. الطالة: فقد حرص ابن كثير ~ على ذكر السانيد‬ ‫كاملة، كما حرص على إيراد الروايات المتكرّرة في‬ ‫الموضع الواحد، والستعانة بالشواهد اللغوية، مما‬ ‫يؤدّي إلى الملل والتعب والسآمة، من الطالة في‬ ‫عرض تفصيلت وجوانب متفرّعة ودقيقة، ل يستفيد‬ ‫منها إل فئة مخصوصة مِن العلماء والباحثين؛ وهذا‬ ‫ما دعا العلماء في هذا العصر لختصار هذا‬ ‫التفسير.‬ ‫2. السرائيليات: كان ابن كثير ~ متنبّهًا لمْر‬ ‫السرائيليات وخطرها، وتعرّض لها في مقدّمة‬ ‫كتابه؛ وهو المحدّث الحافظ، ومع ذلك فقد أوردها‬ ‫في كتابه؛ للستئناس بها، بحجة "الستشهاد ل‬ ‫العتضاد"، ونبّه في معظم الحيان عليها، ويذكر‬ ‫الرواية، ثم يصرّح بأنها إسرائيلية، وقد يبيّن بطلنها‬ ‫وفسادها، ولكن القارئ العادي سيقرؤها، وقد ل‬ ‫يتنبّه إلى معنى كوْنها إسرائيلية ؛ فكان ذكْرها‬ ‫بالتفسير مأخذًا، وإن الخطر والضرر في إثباتها، أكثر‬ ‫بكثير مِن حذْفها وإغفالها؛ ولذلك يتردّد على ألْسنة‬‫02‬
  • 21. ‫العوامّ وأنصاف المتعلّمين: أنّ هذه القصّة‬ ‫)السرائيلية(، أو تلك وردت في تفسير ابن كثير.‬ ‫هكذا انتقده بعض المتأخّرين، ولكنّ هذا ل يسلّم لهم،‬ ‫وقد دأب السلف الصالح -الذين هم أعلم الناس بكتاب‬ ‫ا- على ذكر السرائيليات في تفسيرهم، وهم أورع‬ ‫الناس وأتقاهم، وأعلمهم بما يجوز على ا ورسله، وهم‬ ‫أحرص الناس على صفاء العقيدة؛ فليس مِن الصواب‬ ‫الضراب عن السرائيليات جملة وتفصيل؛ بل منهج ابن‬ ‫ً‬ ‫كثير هو الصواب - وا أعلم.‬ ‫أوهام الحافظ ابن كثير ، في تفسير ه:‬ ‫وقع الحافظ ابن كثير ~ كعادة البشَر، في بعض الوهام‬ ‫التي هي قطرة في بحر صوابه، وهي على سبيل‬ ‫الجمال تنحصر في نقاط أربع:‬ ‫أول: الخطأ في العزْو: كأن ل يكون الحديث في‬ ‫الصحيحيْن أو في أحدِهما، ومع هذا تراه يعزوه‬ ‫إليهما، أو إلى واحد منهما.‬ ‫ثان ي ًا: الخطأ الواقع في السانيد: كالوهْم في أسماء‬ ‫بعض الرواة.‬ ‫ثال ث ًا: التقصير في العزْو: كأنْ يكون الحديث في المسند‬ ‫مثل، ويعزوه لبن جرير.‬ ‫ً‬‫11‬ ‫12‬
  • 22. ‫راب ع ً ا: السهو في بعض كلم الئمّة: كنقل بعض ألفاظ‬ ‫الترمذي، والحاكم بخلف الواقع.‬ ‫بعض ال ملحظات في منهجه ~ :‬ ‫فالذي يظهر: أنه كَتب الكتاب أول، ثم نظر فيه ثانية،‬ ‫ً‬ ‫فأضاف فيه نقول كثيرة، استقاها من تفسير الرازي،‬ ‫ً‬‫والزمخشري، ثم نظر فيه أخرى، فحذف بعضًا ممّا أضافه.‬ ‫كما أنّ بعض اليات لم يفسّرها إطلقًا؛ إمّا سهوًا، وإمّا‬ ‫عمدًا؛ هُروبًا من إشكالتها، وإمّا خوفًا مِن عدم وضْعها‬ ‫مواضعها الصحيحة.‬ ‫فممّا يدخل تحت السهو: متكرّر.‬‫وأمّا مِن الثاني، فمثاله: عند قوله تعالى: }ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ{‬ ‫]الشّرح: ٢، ٣[.‬ ‫ومن الثالث: عند قوله تعالى: }ﮭ ﮮ ﮯ{ ]النجم:91[.‬ ‫تعريف التفسير، وأهميته، ونشأته، وأنواعه‬ ‫التفسير لغ ة ً:‬ ‫اليضاح والتّبيين، مِن: "الفَسْر"، وهو: البانة، وكشف‬ ‫المُغطّى.‬‫22‬
  • 23. ‫وقي ل: هو مقلوب: "السّفْر"، يقال: سفرت المرأة عن‬ ‫وجهها، إذا كشفت نقابها؛ ولهذا سُمّي السفر "سفرًا"؛ لنه‬ ‫يُسفر عن أخلق الرّجال.‬ ‫التفسير اصطل ح ًا:‬ ‫عرفه الزّركشي، بأنه: علْم يُفهم به كتابُ ا المنزل على‬ ‫نبيّه محمد ه وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكمه.‬ ‫أ. أه م ّ ي ّة ع ل ْم التفسير:‬ ‫أجمع العلماء، على أنّ التفسير مِن فروض الكفايات، وأنه‬ ‫أجلّ العلوم الشّرعيّة.‬ ‫قال الكافييجي: إنّ علم التّفسير محتاج إليه؛ لن الناس‬ ‫يحتاجون في الطّلع على الشرائع والحكام، إلى معرفة‬ ‫معاني القرآن، التي ل يطّلع عليها -على ما ينبغي- إل بهذا‬ ‫العلْم الشّريف.‬ ‫ب. نشأة التفسير ، ومدارسه:‬ ‫انطلقًا من قول ا تعالى: }ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ{ ]النحل:‬ ‫٤٤[ كانت نشأة التفسير، على يد مُعلّم البشرية محمد‬ ‫الذي ل ينطق عن الهوى، وقد انقسم التفسير المرويّ عنه‬ ‫إلى قسميْن:‬‫11‬ ‫32‬
  • 24. ‫ال و ّ ل: تفسي ر ٌ لبعض المفردات، أو اللفاظ‬ ‫المجملة: وهذا قليل؛ لكون القرآن نزل بلسان‬ ‫عربيّ مُبين، في قوم سليقتهم العربيّة.‬ ‫الثاني: التفسير الجمالي ، والموضوعي ، لجميع‬ ‫مقاصد القرآن: وهذا في الحقيقة قد بيّنه النبي‬ ‫أيّما بيان.‬ ‫فالمتأمّل لكتاب ا، يجِد أنه تكلّم عن العقيدة في ا،‬ ‫والملئكة، والنبياء، والكُتب المنزلة، واليوم الخر، والقدَر،‬ ‫وهذه المباحث قد أخذت جانبًا عظيمًا من أحاديث النبي‬ ‫القوليّة والفعليّة، مفسّرة لمضمونها، وشارحة‬ ‫لمقصودها، كما تحدّثت آيات أخرى عن العبادات؛ من‬ ‫صلة، وزكاة، وصوم، وحجّ، ونذر وغير ذلك، وهذه جلّ‬ ‫الحاديث النبويّة تفسّرها، وتوضّح مجمَلها.‬ ‫وتحدّثت آيات القرآن، عن أحكام شرعيّة في المعاملت‬ ‫وغيرها؛ من نكاح وطلق، وبيع وشراء، وطعام وشراب،‬ ‫وقَصاص وحدود، وميراث، ونحو ذلك، وهذه أيضًا أخذت‬ ‫جانبًا كبيرًا من السّنّة النبوية التي لم تدعْها إل واضحة‬ ‫ّ‬ ‫جليّة.‬‫ولم يبْقَ إل آيات تتعلّق بسيرة النبي م ومغازيه، وعلقاته‬ ‫ّ‬‫بالمُشركين والكتابيّين، وهذه ل مفسّر لها إل ما أُثر عنه ن‬ ‫ّ‬ ‫من تلك الحوال، وآيات تتعلّق بقصص النبياء السابقين؛‬ ‫وهذه تلوتها تغني عن تفسيرها، وبعض ما احتيج فيه‬‫42‬
  • 25. ‫ورخّص‬ ‫إلى تفسير بيّنه النبي ى وما كان فضل ترَكه‬ ‫ً‬ ‫في الحديث عن بني إسرائيل.‬ ‫وبناء على ما تق د ّ م:‬ ‫ومَن خالف ذلك،‬ ‫فجلّ القرآن الكريم، قد فسّره النبي‬ ‫فقد أُتي مِن قِبل نظرته للنوع الوّل مِن التفسير المرويّ‬ ‫عنه ه فقط، ولم يتنبّه للنوع الثاني، وا أعلم.‬ ‫وقد اعتمد الصحابة في تفاسيرهم على أربعة‬ ‫مصادر: القرآن الكريم، والنبي ي والجتهاد بما لديهم‬ ‫مِن لغة عربية، وفهم ثاقب، وأهل الكتاب؛ ولكلّ مجالُه.‬ ‫وعن طريق الصحابة { انتشر التفسير، وظهرت مدرسة‬ ‫التفسير بالمأثور؛ متمثّلَة أظهر ما تكون في حَبر المّة،‬ ‫وترجمان القرآن ابن عباس، ثم غيْره من مُفسّري‬ ‫الصّحابة، كابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وعلي بن أبي‬ ‫طالب، وبقيّة الخلفاء الربعة، وعبد ا بن الزبير،‬ ‫وغيرهم.‬ ‫وتطوّرت هذه المدرسة، في عصر التابعين، فتولّد منها‬ ‫مدارس حسب انتشار الصحابة في البلدان؛ فأشهر مدارس‬ ‫التفسير بالمأثور:‬ ‫مدرسة التفسير بمكة؛ لنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد،‬ ‫وعطاء، وعكرمة، وطاوس، وسعيد بن جبير.‬‫11‬ ‫52‬
  • 26. ‫ثم مدرسة التفسير بالمدينة، وقد أخذ أصحابها عن أبيّ بن‬‫كعب، واشتهر منهم: أبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي.‬ ‫ومدرسة التفسير بالعراق، وقد أخذ أصحابها عن ابن‬ ‫مسعود، واشتهر منهم: علقمة بن قيس، ومسروق، ومرّة‬ ‫الهمداني، والشعبي، والحسن البصري، وقتادة.‬ ‫ثم ظهرت مدرسة التفسير بالرأي، والمراد به: تفسير‬ ‫القرآن بالجتهاد، بعد اكتمال الدوات للمفسّر التي يحتاج‬ ‫إليها في ذلك.‬ ‫ج. أنواع التفسي ر:‬ ‫-تفسير بالمأثور.‬ ‫-تفسير بالرأي المحمود.‬ ‫-تفسير بالرأي المذموم.‬ ‫وقد اشتهر تقسيمه إلى نوع ي ْن:‬‫وهما: ال و ّل والثاني، وزاد بعض أهل العلْم -بدل مِن‬ ‫ً‬ ‫الثالث-: التفسير الشاري؛ وهو في الحقيقة يندرج تحت‬ ‫التفسير بالرأي المذموم؛ وهو توجّه من توجّهات التفسير‬ ‫عند الصّوفية، وبعضهم أفرد الحديث عن التفسير الفقهيّ،‬ ‫والصّواب أنه ممّا يندرج تحت التفسير بالرأي المحمود.‬‫62‬
  • 27. ‫أه م ّ كتب التفسي ر:‬ ‫وتنقسم كتب التفسير، إلى ثلثة أقسام:‬ ‫-قسم اقتصر على التفسير بالمأثور فقط.‬ ‫-قسم جمَع بين التفسير بالمأثور، وبين التفسير‬ ‫بالمعقول.‬ ‫-قسم اقتصر على التفسير بالرأي، إل أنّ بعضًا‬ ‫منه يتعرّض للمأثور، تعرضًا غير أساسي، وهو‬ ‫ناقل في الحقيقة عن غيْره.‬ ‫فأه م ّ كتب القسم ال و ّل: تفسير نافع بن أبي نعيم‬ ‫القاري، والتفسير المنسوب لمجاهد بن جبر، وتفسير عبد‬ ‫الرزاق الصنعاني، وتفسير ابن أبي حاتم الرازي، وتفسير‬ ‫النسائي، وغير ذلك.‬ ‫وهي مطبوعة، ما عدا تفسير ابن أبي حاتم؛ فالمطبوع‬ ‫المحقّق منه جزء فقط؛ حيث فُقِدَ الباقي.‬ ‫وممّا يدخل في هذا القسم: الكتاب الجامع الشامل،‬ ‫للمام السيوطي، المسمى: )الدر المنثور في التفسير‬ ‫بالمأثور(؛ وهو وإن لم يُسنِد الروايات، إل أنه خرّجها مِن‬ ‫كتب التفسير المُسندة وغيرها، ولم يخلط مع الروايات‬ ‫غيرَها، وبيّن في مقدمة كتابه: أنه اختصره من كتاب آخر،‬‫11‬ ‫72‬
  • 28. ‫ذكر فيه من أسانيد الروايات، ومن الطريف أنه روى في‬ ‫كتابه هذا بعض الروايات بإسناده هو.‬ ‫وأه م ّ كتب القسم الثان ي: تفسير )جامع البيان(، لابن‬‫جرير الطبري، وتفسير )أحكام القرآن(، للجصاص، وتفسير‬ ‫)معالم التنزيل(، للبغوي، وهذه الكتب تسند رواياتها إلى‬‫أصحابها، وعلى الخصّ ابن جرير الطبري، وأما الجصاص،‬ ‫والبغوي، فعلّقا كثيرًا مِن الروايات دون إسناد، بجانب ما‬ ‫أسنداه.‬ ‫ويُلحق بهذا القسم: الكتب التي لم تسند رواياتها، وتكثر‬ ‫النقل مِن المأثور، ويتربّع قمّتَها: )تفسير القرآن العظيم(،‬‫للحافظ ابن كثير؛ وهو في الحقيقة: يكاد يكون أعدل كتب‬‫التفسير على الطلق منهجًا، مع اختصار غير مخلّ، وبغير‬ ‫تطويل مُملّ.‬ ‫التفسير بالرأي:‬ ‫مزالق التفسير بالرأي:‬ ‫فأظهر ما تكون في باب العقائد، ثم في الحكام الفقهية‬ ‫المستنبَطة من اليات، ثم في الوقائع التاريخية، واليات‬ ‫المتعلّقة بها وغير ذلك.‬‫82‬
  • 29. ‫وم م ّا وقع فيه بعض المف س ّرين في كلمهم،‬ ‫وخرجوا فيه عن المنهج المعتد ل:‬ ‫قوله تعال ى: }ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ{ ]البقرة: ٠٩١[.‬ ‫استدل به المعتزلة على نفْي خلْق ا للعتداء؛ ول حجة‬ ‫لهم فيه؛ لن هناك فرقًا بين الرادة الكونية القدَرية،‬ ‫والرادة الشّرعية الدّينية؛ والذي دفعهم لذلك: اعتقادهم‬ ‫الشيء أول، ثم تنزيل كلم ا عليه.‬ ‫ً‬ ‫قوله تعالى: }ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ{ ]البقرة: ٤٩١[.‬ ‫قال الرازي: وهذا من أقوى الدلئل على أنه ليس بجسم‬ ‫ول في مكان، إذ لو كان جسمًا لكان في مكان معيّن،‬ ‫فكان إمّا أن يكون مع أحد منهم، ولم يكن مع الخر، أو‬ ‫يكون مع كلّ واحد من المؤمنين جزء مِن أجزائه، وبعض‬ ‫مِن أبعاضه - تعالى ا عن ذلك.‬ ‫وأمّا طامّات التفسير بالرأي المذموم، فهي كثيرة؛ وأهون‬ ‫ما جاء مِن ذلك: طامّات أهل التفسير الشاري، الذي قبِله‬ ‫بعض أهل العلْم.‬ ‫والصواب: ردّه كردّ غيره من التفسير المذموم.‬ ‫وم م ّا قيل في تمريره: أ ن ّ الف ر ْق بين تفسير‬ ‫الصوفية، المس م ّى بالتفسير الشاري، وبين‬ ‫تفسير الباطنية الملحدة:‬‫11‬ ‫92‬
  • 30. ‫أنّ الصوفية، ل يمنعون إرادة الظّاهر؛ بل يحضّون عليه،‬ ‫ويقولون: ل بدّ منه أول، إذْ مَن ادّعى فهْم أسرار القرآن‬ ‫ً‬ ‫ولم يُحْكم الظاهر، كمَن ادّعى بلوغ سطْح البيت قبل أن‬ ‫يجاوز الباب.‬ ‫وأمّا الباطنيّة، فإنهم يقولون: إنّ الظاهر غيْرُ مراد أصل،‬ ‫ً‬ ‫وإنّما المُراد الباطن؛ وقصْدهم: نفْي الشريعة، وبعضهم‬ ‫استدلّ لذلك بحديث ل يَثبت؛ وهو ما رواه الحسن مرسل،‬ ‫ً‬ ‫: "لكلّ آية: ظَهْر وبَطْن، ولِكلّ حرْف‬ ‫عن رسول ا‬ ‫حَدّ، ولكِلّ حدّ مَطْلَع".‬ ‫قلت: أمّا الظّهر والبطن، فقد قال السيوطي: في معناه‬ ‫أوجه:‬ ‫أحده ا: أنك إذا بحثت عن باطنها وقِسْته على ظاهرها،‬ ‫وقفْت على معناها.‬ ‫الثاني: أنه ما مِن آية، إل علِمَ بها قوم، ولها قوم‬ ‫َ‬ ‫سيعلمون بها، كما قال ابن مسعود.‬ ‫الثالث: أنّ ظاهرها لفظها، وباطنها تأويلها.‬‫الرابع: قال أبو عبيدة، وهو أشبهها بالصواب: إن القصص‬ ‫التي قصّها ا تعالى عن المم الماضية، وما‬‫عاقبهم به، ظاهرها: الخبار بهلك الوّلين، وحديث‬ ‫حدّث به عن قوم، وباطنها: وعْظ الخرين‬‫03‬
  • 31. ‫وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم، فيحلّ بهم مثل ما‬ ‫حلّ بهم.‬ ‫شروط قبول التفسير الشار ي:‬ ‫1.أل يتنافى ما يظهر مِن معنى النّظم الكريم.‬ ‫2.أل يدّعى أنه المراد وحْده دون الظاهر.‬ ‫3.أل يكون تأويل بعيدًا سخيفًا، كتفسير بعضهم، لقوله‬ ‫ً‬ ‫تعالى: }ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ{ ]العنكبوت:96[، بجعل كلمة: }ﮨ{‬ ‫ماضيًا، وكلمة: }ﮩ{ مفعوله.‬ ‫4.أل يكون له معارض شرعيّ، أو عقليّ.‬ ‫5.أن يكون له شاهد شرعيّ يؤيّده.‬ ‫ونحن في غنًى عن هذه الشروط؛ لن أعرف الناس بكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ا، وهو رسول ا ، وصحبه الكرام، وتلميذهم مِن‬ ‫التابعين، ومن تبعهم، وعلماء المّة الجهابذة، ل يُعرف‬ ‫عنهم هذا النوع مِن تفسير كتاب ا.‬ ‫نظرة خاطفة على بعض المثلة الدالة على‬ ‫فسا د ِه:‬ ‫ومن ذلك التفسير الشاري، لبن عربي، لقول ا تعالى:‬ ‫}ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ{ ]البقرة: ٧٦[ بقرة: هي النفس الحيوانية،‬ ‫وذبْحها: قمع هواها؛ الذي هو حياتها ومنبعها من الفعال‬ ‫الخاصة بها، بشفرة سكّين الرّياضة.‬‫11‬ ‫13‬
  • 32. ‫وقال في تفسير: }ﯥ ﯦ ﯧ{ ]النبياء: 18[، إلى قوله: }ﭺ ﭻ{‬ ‫]النبياء:48[، }ﯥ ﯦ{، أي: سخّرنا لسليمان العقْل العملي،‬ ‫والمتمكّن على عرش النّفس في الصدر: ريح الهوى.‬ ‫}ﯧ{: في هبوبها، و }ﯨ{ ]النبياء:18[، بأمْره مطيعة له، و }ﮂ‬‫ﮃ{ ]النبياء:18[، أرض البدن المتدرّب بالطاعة والدب، و }ﮈ‬ ‫ﮉ ﮊ{ ]النبياء:18[، بتمييز الخلق، والملَكات الفاضلة،‬ ‫والعمال الصالحة، و }ﯰ ﯱ ﯲ{ ]النبياء:18[، من أسباب‬ ‫الكمال }ﯳ{ ]النبياء:18[.‬ ‫}ﭑ ﭒ{ ]النبياء: 28[: شياطين الوهم والتخييل، }ﭓ ﭔ ﭕ{‬‫]النبياء:28[، في بحر الهيولي الجثمانية، ويستخرجون درر‬ ‫المعاني الجزئية، }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ ]النبياء:28[، مِن التركيب‬ ‫والتفصيل والمصنوعات، وتهييج الدّواعي المكسوبات،‬ ‫وأمثالها، }ﭛ ﭜ ﭝ{ ]النبياء:28[، عن الزيغ.‬ ‫يقول السيوطي: وأمّا كلم الصوفية في القرآن، فليس‬ ‫بتفسير.‬ ‫افتتح الحافظ ابن كثير كتابه بمقدّمة هامة في أصول‬ ‫التفسير، ثم عطف على ذلك بمبحث طويل، يتحدث فيه‬ ‫عن فضائل القرآن، ونزوله، وكتابته، وغير ذلك، وجعله‬ ‫قبل تفسيره، تشويقًا لقارئ التفسير وطالب القرآن، وكان‬ ‫في بداية تصنيفه للكتاب قد جعله في آخره، ثم بدا له أن‬‫23‬
  • 33. ‫يجعله في البداية لهذا الغرض، كما صرّح بذلك في أواخر‬ ‫النّسخ المخطوطة للكتاب.‬ ‫ثم بدأ ~ بتفسير الفاتحة، وسوف نفتتح حديثنا في تفسير‬ ‫الفاتحة؛ بذكر فضائلها، دون تفسيرها، وبعض الحكام‬ ‫المتعلقة بها.‬ ‫تفسير سورة الفاتحة‬ ‫سورة الفاتح ة: م ك ّية ، أ م مدنية، و عدد آياته ا:‬ ‫هي مكّية على الصحيح، كما روي عن ابن عباس، وقتادة،‬ ‫وأبي العالية؛ بل إنها مِن السوَر المختلف في القول بأنها‬ ‫أوّل ما نزل.‬ ‫والتحقيق: أنها أوّل ما نزل من السوَر، بعد صدر )العلق(،‬ ‫وكان نزولها في صبيحة أن نزل الوحي، عندما أتى جبريل‬ ‫لرسول ا ل وعلّمه الوضوء والصلة.‬‫11‬ ‫33‬
  • 34. ‫وقيل: مدنيّة، قاله أبو هريرة، ومجاهد، وعطاء بن يسار،‬ ‫والزهري، ويقال: نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة.‬ ‫قال ابن كثير: "والول أشبه، لقوله تعالى: }ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ{‬ ‫]الحِجر:78[؛ وهو كما قال، وهي: سبع آيات، بل خلف".‬ ‫أسماؤه ا:‬ ‫قال البخاري: سُمّيت )أمّ الكتاب(؛ لنه يُبدأ بكتابتها في‬ ‫المصاحف، ويُبدأ بقراءتها في الصلة.‬ ‫قال ابن جرير: والعرب تسمّي كل جامع أمر، أو مقدّم‬ ‫لمر -إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع- أُمّا.‬ ‫قال: وسُمّيت مكة، )أمّ القرى(؛ لتقدّمِها أمام جميعها،‬ ‫وجمْعها ما سواها.‬ ‫ويقال لها أيضًا: )الفاتحة(؛ لنها تُفتتح بها القراءة،‬ ‫وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف المام.‬ ‫وصحّ تسميتها بـ )السّبْع المثاني(، قالوا: لنها تُثنّى في‬ ‫الصلة، فتُقرأ في كل ركعة، وقد ثبت في الصحيح،‬ ‫تسميتها بـ )السّبْع المثاني(، وبـ )القرآن العظيم(.‬ ‫فضائلها:‬ ‫وفضائلها كثيرة، استوعبت ما صح منها في: )موسوعة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬‫فضائل سوَر وآيات القرآن(، ومن ذلك: ما ثبت في الصحيح،‬ ‫ُ‬ ‫عن أبي سعيد بن المعلى < قال: ))كُنت أصلّي، فدعاني‬‫43‬
  • 35. ‫رسول ا ل فلم أجبْه، حتى صليت وأتيتُه، فقال: ما مَنعك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أن تأتيَني؟، قال: قلت: يا رسول ا، إني كُنت أصلّي، قال:‬ ‫ْ‬ ‫ألم يقل ا ْ: }ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ{ ]النفال: 42[؟ ثم‬ ‫ْ َ ُ ِ‬ ‫قال: لُعلّمنّك أعظمَ سُورة في القرآن -أو مِن القرآن-‬ ‫قبْل أن تخرج من المسجد، قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن‬ ‫يخرج من المسجد، قلت: يا رسول ا، إنك قلت: لعلّمنّك‬ ‫أعظم سورة في القرآن. قال: نعم، }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ هي: السّبْع‬ ‫المثاني، والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه((.‬ ‫وقد رواه الترمذي، والنسائي، وغيرهما، عن أُبيّ بن كعب،‬ ‫ا: ))ما أنزل ا في‬ ‫مختصرًا بلفظ: قال رسول ا‬ ‫َ‬ ‫التوراة ول في النجيل مثل أم القرآن، وهي: السّبْع‬ ‫المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولِعبدي ما‬ ‫سأل((.‬ ‫المعنى الجمالي للسور ة:‬ ‫اشتملت هذه السورة على حمْد ا وتمجيده، والثناء‬ ‫عليه، وعلى ذكْر المعاد -وهو يوم الدّين- وعلى إرشاد ا‬ ‫العباد إلى سؤاله، والتّضرّع إليه، والتبرّي مِن حوْلهم‬ ‫وقوّتهم، وإلى إخلص العبادة له، وتوحيده باللوهية‬ ‫-تبارك وتعالى- وإلى سؤالهم إيّاه الهداية إلى الطريق‬ ‫المستقيم -وهو الدّين القويم- وتثبيتهم عليه، حتى يفضي‬‫11‬ ‫53‬
  • 36. ‫بهم ذلك إلى جنّات النعيم، في جوار النبيّين والصدّيقين‬ ‫والشهداء والصّالحين.‬ ‫واشتملت على الترغيب في العمال الصالحة؛ ليكونوا مع‬ ‫أهلها يوم القيامة، والتّحذير من مسالك الباطل؛ لئل‬ ‫يُحشروا مع سالكيها يوم القيامة؛ وأهمّهم المغضوب‬ ‫عليهم -اليهود- والضالون -النصارى.‬ ‫الكلم على تفسير ) ا ل ستعاذ ة( :‬ ‫قال تعالى: }ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ{‬ ‫]العراف:٩٩١، ٠٠٢[ في هذه الية يأمر ا بمصانعة‬ ‫العدوّ النسي، والحسان إليه؛ ليردّه )عنه( طبْعه الطّيّب‬ ‫الصل إلى الموادّة والمصافاة، ويأمر بالستعاذة به من‬ ‫العدو الشيطانيّ ل محالة، إذ ل يقبل مصانعة ول إحسانًا،‬ ‫ً‬‫ول يبتغي غير هلك ابن آدم؛ لشدّة العداوة بينه وبين أبيه‬ ‫آدم من قبل، كما قال تعالى: }ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ{‬ ‫]العراف:72[، وقال تعالى: }ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭻ ﭼ{ ]فاطر:6[.‬ ‫والستعاذة هي: اللتجاء إلى ا تعالى، واللتصاق‬ ‫بجانبه، مِن شرّ كل ذي شرّ، والعياذة تكون لدفع الشر،‬ ‫واللّياذ لطلب جلب الخير، كما قال المتنبي:‬‫63‬
  • 37. ‫مَـــن أعوذ بـــه ممّـــن‬ ‫*‬ ‫يــا مَــن ألوذ بــه فيمــا‬ ‫ول يهيضون عظمًـا أنـت‬ ‫*‬ ‫ل يَــجبر الناس ـُ عظمًــا‬ ‫ولفظ الستعاذة يأتي الحديث عنه في مسائل الية، ومن‬ ‫ذلك: أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.‬ ‫ومعنى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي: أستجير‬ ‫بجناب ا، من الشيطان أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو‬ ‫يصدّني عن فعْل ما أُمرت به، أو يحثّني على فعل ما نُهيت‬ ‫عنه؛ فإنّ الشيطان ل يكفّه عن النسان إل ا.‬ ‫و"الشيطان" في لغة العرب: مشتق مِن: "شطن"، إذا بعُد؛‬ ‫فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كلّ‬ ‫خير. فالشيطان: مشتق مِن البعد على الصحيح؛ ولهذا‬ ‫يسمّون كل ما تمرّد مِن جنّيّ وإنسيّ وحيوان: شيطانًا،‬ ‫قال ا تعالى: }ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ{‬ ‫]النعام:211[.‬ ‫: ))يا أبا ذر، تعوّذْ‬ ‫عن أبي ذر، قال: قال رسول ا‬ ‫بالله من شياطين النس والجنّ، فقلت: أوَللنس‬ ‫شياطين؟ قال: نعم((، رواه أحمد، من حديث طويل.‬ ‫وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر أيضًا، قال: قال رسول ا‬ ‫: ))يقطع الصلة: المرأةُ، والحمار، والكلب السود،‬‫11‬ ‫73‬
  • 38. ‫فقلت: يا رسول ا، ما بال الكلب السود، مِن الحمر، مِن‬ ‫الصفر؟ فقال: الكلب السود شيطان((.‬‫والرجيـم: فعيـل، بمعنـى: مفعول، أي: أنـه مرجوم مطرود‬‫عــن الخيْــر كلّه، كمــا قال ا تعالى: }ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ{‬‫]المُلك:5[، إلى غيـر ذلك مـن اليات، وقيـل: رجيـم، بمعنـى:‬ ‫راجم؛ لنه يرجم الناس بالوساوس والربائث.‬ ‫والربائث: جمع ربيثة؛ وهي: الحاجات التي تحبسهم عن‬ ‫الخير.‬ ‫وممّا يذكر في فضل الستعاذة: ما رواه البخاري وغيره،‬ ‫عن سليمان بن صُرَد، قال: ))استبّ رجلن عند النبي )‬ ‫ونحن عنده جلوس؛ فأحدهما يسبّ صاحبه مغضبًا قد‬ ‫: إنّي لعلَم كلمة لو قالها‬ ‫احمرّ وجهه، فقال النبي‬ ‫لَذَهب عنه ما يجده؛ لو قال: أعوذ بالله من الشيطان‬ ‫؟‬ ‫الرجيم، فقالوا للرجل: أل تسمع ما يقول رسول ا‬ ‫قال: إني لست بمجنون!((.‬ ‫الكلم على البسملة:‬‫روى المام أحمد عن أبي تميمة، عن رديف النبي ى قال:‬ ‫))عثر بالنبي ) )حماره(، فقلت: تعِس الشيطان! فقال‬ ‫: ل تقُلْ: تعس الشيطان! فإنك إذا قلت: تعس‬ ‫النبي‬‫83‬
  • 39. ‫الشيطان! تعاظم، وقال: بقوّتي صرعتُه، وإذا قلت: باسم‬ ‫ا، تصاغر حتى يصير مثل الذّباب((.‬ ‫قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصحّحه اللباني.‬ ‫وتع َ س: بكسْر العين وفتحها، أي: كُبّ لوجهه، أو هلك،‬ ‫ويبدو أنه كان مِن عادتهم إذا عثر أحدهم، دعا بذلك على‬ ‫مَن يكره، كما في حديث الفك: تعِس مسطح، فهذا من‬ ‫تأثير بركة "باسم ا"؛ ولهذا تُستحب في أوّل كلّ عمل‬ ‫وقول.‬ ‫}ﭛ ﭜ{ اسمان مشتقان مِن الرحمة، على وجه المبالغة.‬ ‫و"رحمَن"، أشد مبالغة مِن "رحيم".‬ ‫قال القرطبي: والدليل على أنه مشتقّ: ما أخرجه الترمذي‬ ‫وصححه، عن عبد الرحمن بن عوف: أنه سمع رسول ا‬ ‫يقول: ))قال ا تعالى: أنا ا، وأنا الرحمن، خلقتُ‬ ‫الرّحم، وشققت لها اسمًا من اسمي؛ فمَن وصلَها وصلتُه،‬ ‫ومَن قَطَعها قطعتُه((.‬ ‫قال ابن المبارك: الرحمن: إذا سئل أعطى، والرحيم: إذا‬ ‫لم يُسأل يغضب، واسمه تعالى "الرحمن": خاص به، لم‬ ‫يسمّ به غيره، كما قال تعالى: }ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ﮕ ﮖ{ ]السراء:011[، وقد وجد في أشعار الجاهلية،‬‫11‬ ‫93‬
  • 40. ‫تسمية ا تعالى بالرحمن، قال ابن جرير، وقد أنشد‬ ‫لبعض الجاهلية الجهال:‬ ‫أل قضَـب الرحمنـ ربـي‬ ‫ُ‬ ‫*‬ ‫أل ضربت ــــْ تلك الفتاةُ‬ ‫ـ‬ ‫الهجيننَـهنا: الزوج، وقضَب، أي: يمينَـــــــــــــــــــــــها‬ ‫قطع.‬ ‫هجي ـــــــــــــــــــــها‬ ‫وعن الحسن قال: الرحمن: اسم ل يستطيع الناس أن‬ ‫ينتحلوه، تَسمّى به تبارك وتعالى.‬ ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{ :‬ ‫قال أبو جعفر بن جرير: معنى }ﭖ ﭗ{ الشكر لله خالصًا،‬ ‫دون سائر ما يُعبد مِن دونه، ودون كل ما )برأ( من خلْقه،‬ ‫بما أنعم على عباده من النّعم، التي ل يحصيها العدد، ول‬ ‫يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح اللت في طاعته،‬ ‫وتمكين جوارح أجسام المكلّفين لداء فرائضه، مع ما‬ ‫بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم‬ ‫العيش، من غير استحقاق منهم ذلك عليه، ومع ما نبّههم‬ ‫عليه ودعاهم إليه من السباب المؤدية إلى دوام الخلود،‬ ‫في دار المقام في النعيم المقيم؛ فلِربّنا الحمد على ذلك‬ ‫كلّه، أول وآخرًا.‬ ‫ً‬ ‫وقال ابن جرير: }ﭖ ﭗ{ ثناء أثنى به على نفسه، وفي‬ ‫ضِمنه أمر عباده أن يُثنوا عليه؛ فكأنه قال: قولوا: الحمد‬ ‫لله، قال: وقد قيل: إن قول القائل: "الحمد لله"، ثناء عليه‬‫04‬
  • 41. ‫بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى، وقوله: "الشكر لله": ثناء‬ ‫عليه بنعمه وأياديه. ثم شرع في ردّ ذلك، بما حاصله: أنّ‬ ‫جميع أهل المعرفة بلسان العرب، يوقعون كل من الحمد،‬ ‫ً‬ ‫والشكر مكان الخر.‬ ‫وقد اشتهر عند كثير من العلماء مِن المتأخرين: أنّ الحمد،‬ ‫هو: الثناء بالقول على المحمود، بصِفاته اللزمة‬ ‫والمتعدّية، والشكر ل يكون إل على المتعدّية؛ ويكون‬ ‫بالجنان، واللسان، والركان.‬ ‫واللف واللم، في: }ﭖ{ لستغراق جميع أجناس الحمد‬ ‫وصنوفه، لله تعالى، كما جاء في الحديث: ))اللهم لك‬ ‫الحمد كلّه، ولك المُلْك كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع‬ ‫المْر كلّه((.‬ ‫والرب: المالك المتصرف، ويُطلق لغة على السّيّد، وعلى‬ ‫المتصرّف للصلح، وكلّ ذلك صحيح في حقه تعالى، )ول‬ ‫يستعمل الرب لغير ا إل بالضافة، تقول: رب الدار، ورب‬ ‫(.‬ ‫كذا، وأما "الرب"، فل تقال إل لله‬ ‫والعالَم:‬ ‫و }ﯳ{ جمْع عالَم، وهو كل موجود سوى ا‬ ‫جمع، ل واحد له من لفظه، والعوالم: أصناف المخلوقات؛‬ ‫في السموات، والبر، والبحر، وكل قرن منها، وجيل يسمّى‬ ‫عالَمًا أيضًا.‬‫11‬ ‫14‬
  • 42. ‫وفي رواية سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس: ربّ‬ ‫الجن والنس؛ وكذلك قال غير واحد مِن السلف، واستدل‬ ‫القرطبي لهذا القول، بقوله تعالى: }ﯚ ﯛ ﯜ{ ]الفرقان:1[،‬ ‫وهم الجنّ والنس.‬ ‫وقال الفراء، وأبو عبيدة: العالَم عبارة عما يعقل، وهم:‬ ‫النس، والجن، والملئكة، والشياطين، ول يقال للبهائم:‬ ‫عالَم.‬ ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭛ ﭜ{ :‬ ‫قال القرطبي: وإنما وصف نفسه بـ }ﭛ ﭜ{، بعد قوله: }ﯲ‬ ‫ﯳ{ ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب، كما قال:‬ ‫}ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ{ ]الحِجر:94، ٠٥[.‬ ‫تفسير قوله تعالى: }ﭞ ﭟ ﭠ{ :‬ ‫قرأ بعض القراء: }ﭞ{، وقرأ آخرون: "مَلِكِ"؛ وكلهما‬ ‫صحيح متواتر في السّبعة.‬ ‫وتخصيص الملْك بيوم الدين، ل ينفيه عما عداه؛ لنه قد‬ ‫تقدم الخبار بأنه رب العالمين، وذلك عام في الدنيا‬ ‫والخرة؛ وإنّما أضيف إلى يوم الدّين؛ لنه ل يدّعي أحد‬ ‫هنالك شيئًا، ول يتكلم أحد إل بإذنه، كما قال تعالى: }ﯔ ﯕ‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ{ ]هود:501[.‬‫24‬
  • 43. ‫و }ﭠ{ الجزاء والحساب، كما قال: }ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ{ ]النور:52[،‬ ‫وقال: }ﭛ ﭜ{ ]الصافات:35[ أي: لمَجْزيّون، أي: محاسَبون.‬ ‫وفي الحديث الذي حسّنه الترمذي، وفيه ضعف: ))الكيّس‬ ‫مَن دان نفسه، وعمِل لما بعْد الموت((، أي: حاسب نفسه‬ ‫لنفسه، وكما قال عمر: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا،‬ ‫وزنوا أنفسَكم قبل أن توزَنوا، وتزيّنوا للعرْض الكبر، على‬ ‫مَن ل تخفى عليه أعمالكم }ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ{ ]الحاقة:81[".‬ ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{ :‬ ‫العبادة لغة: مِن الذّلّة، يقال: طريق معبّد، وبعير معبّد،‬ ‫أي: مذلّل.‬ ‫العبادة شر ع ًا: عبارة عما يجمع كمال المحبة،‬ ‫والخضوع، والخوف، وقدّم المفعول -وهو }ﭢ{- وكُرّر؛‬ ‫للهتمام والحصر، أي: ل نعبد إل إياك، ول نتوكل إل عليك؛‬ ‫وهذا هو كمال الطاعة، والدّين يرجع كلّه إلى هذيْن‬ ‫المعنييْن.‬ ‫وكما قال بعض السلف: "الفاتحة"، سرّ القرآن، وسرها‬ ‫هذه الكلمة: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{، فالوّل: تبرّي مِن الشّرك، والثاني:‬ ‫تبرّي من الحوْل والقوة، والتفويض إلى ا ي.‬ ‫وتحوّل الكلم من الغيْبة إلى المواجهة بكاف الخطاب،‬ ‫وهو مناسبه، لنه لمّا أثنى على ا، فكأنه اقترب وحضر‬‫11‬ ‫34‬
  • 44. ‫بين يدي ا تعالى؛ فلهذا قال: }ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ{، وفي هذا دليل‬ ‫على أنّ أول السورة خبَر من ا تعالى، بالثناء على‬‫نفسه الكريمة، بجميل صفاته الحسنى، وإرشاد لعباده بأن‬ ‫يُثنوا عليه بذلك.‬ ‫وإنما قدّم }ﭢ ﭣ{ على }ﭤ ﭥ{؛ لنّ العبادة له هي‬ ‫المقصودة، والستعانة وسيلة إليها، والهتمام والحزم،‬ ‫هو: أن يقدّم ما هو الهمّ فالهمّ، وا أعلم.‬‫والعبادة مقام عظيم، يشْرف به العبد؛ لنتسابه إلى جناب‬‫ا تعالى، وقد سمّى ا رسولها بـ "عبْده"، في أشرف‬ ‫مقاماته، فقال: }ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ{ ]الكهف:1[، و }ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫ﮅ{ ]الجن:91[، و }ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ{ ]السراء:1[؛ فسمّاه عبدًا عند‬ ‫إنزاله عليه، وعند قيامه في الدعوة، وإسرائه به.‬ ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭧ ﭨ ﭩ{ :‬ ‫قراءة الجمهور بالصاد، وقرئ: "السّرَاطَ"، بالسّين، وقرئ‬ ‫بإشمام الصاد صوت الزّاي، كما ينطق العوام حرف‬ ‫الظاء.‬ ‫وطلب العبد هنا ذلك، أنه لمّا تقدم الثناء على المسئول‬ ‫-تبارك وتعالى- ناسب أن يعقب بالسؤال، كما قال:‬ ‫))فنِصْفها لي، ونصفها لعبدي؛ ولعبدي ما سأل((، وهذا‬ ‫أكمل أحوال السائل: أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته،‬‫44‬
  • 45. ‫وحاجة إخوته المؤمنين، بقوله: }ﭧ ﭨ ﭩ{؛ لنه أنجح للحاجة،‬ ‫وأنجع للجابة؛ ولهذا أرشد ا تعالى إليه؛ لنه الكمل.‬ ‫والهداية ها هنا: الرشاد والتوفيق، وقد تعدى الهداية‬ ‫بنفسها كما هنا: }ﭧ ﭨ ﭩ{، فتضمّن معنى: ألهِمْنا، أو وفّقنا،‬ ‫أو ارزقنا، أو أعطنا.‬ ‫وأمّا }ﮧ ﮨ{، فقال المام أبو جعفر بن جرير: أجمعت المة‬ ‫من أهل التأويل جميعًا: على أن الصراط المستقيم، هو:‬ ‫الطريق الواضح الذي ل اعوجاج فيه.‬ ‫وذلك في لغة جميع العرب؛ فمِن ذلك: قول جرير بن‬ ‫عطية الخطفي:‬ ‫إذا اعوج الموارد‬ ‫*‬ ‫أميـــر المؤمنيـــن على‬ ‫قال: والشواهد على ذلك أكثر مِن أن تُحصر، قال: ثم‬ ‫تستعير العرب الصراط، فتستعمله في كلّ قول وعمل‬ ‫وُصف باستقامة أو اعوجاج؛ فتصِف المستقيم باستقامته،‬ ‫والمعوجّ باعوجاجه.‬ ‫ثم اختلفت عبارات المفسّرين -سلفًا وخلفًا- في تفسير‬ ‫)الصراط(، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو:‬ ‫المتابعة لله وللرسول، فروي أنه: كتاب ا، كما في حديث‬ ‫الحارث العور عن علي؛ وهو ضعيف، كما روي في‬‫11‬ ‫54‬
  • 46. ‫تفسير السّدّي، عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن ناس‬ ‫: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قالوا: هوالسلم.‬ ‫من أصحاب النبي‬‫وقال مجاهد: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قال: الحق، وهذا أشمل، ول منافاة‬ ‫بينه وبين ما تقدّم.‬‫وصاحباه مِن‬ ‫وعن أبي العالية: }ﭧ ﭨ ﭩ{ قال: هو: النبي‬ ‫بَعْده، قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن، فقال: صدَق أبو‬ ‫العالية، ونصَح، إسناده حسن.‬ ‫قال ابن كثير: "وكل هذه القوال صحيحة، وهي متلزمة؛‬ ‫ّ‬ ‫ّ واقتدى باللّذَيْن مِن بَعْده -أبي بكر،‬ ‫فإن مَن اتبع النبي‬ ‫ّ‬ ‫وعمر- فقد اتّبع الحق، ومَن اتّبع الحق فقد اتّبع السلم،‬ ‫ومَن اتّبع السلم فقد اتّبع القرآن؛ وهو كتاب ا، وحبْله‬ ‫المتين، وصراطه المستقيم؛ فكلها صحيحة، يصدّق بعضها‬ ‫بعضًا، ولله الحمد".‬ ‫تفسير قوله تعال ى: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ{ :‬ ‫قوله: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ مفسّر للصّراط المستقيم؛ وهو: بدل‬ ‫منه عند النحاة.‬‫والذيــن أنعــم ا عليهــم: هــم المذكورون فــي ســورة:‬‫"النسـاء"؛ حيـث قال تعالى: }ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ{ ]النساء:٩٦، ٠٧[.‬‫64‬
  • 47. ‫وعن الربيع بن أنس: }ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ قال: هم النبيّون.‬ ‫وقال ابن جريج، عن ابن عباس: هم المؤمنون، وكذا قال‬ ‫مجاهد.‬ ‫وقال وكيع: هم المسلمون.‬ ‫وقوله تعالى: }ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ{ قرأ الجمهور }ﭯ{ بالجرّ على‬ ‫النعت.‬ ‫والمعنى: }ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{ ممّن تقَدّم وصْفُهم‬ ‫ونعتُهم، وهم: أهل الهداية، والستقامة، والطاعة لله‬ ‫ورُسله، وامتثال أوامره، وترْك نواهيه وزواجره، غير‬ ‫صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إراداتهم‬ ‫فعلموا الحق وعدلوا عنه، ول صراط الضالين، وهم الذين‬ ‫فقدوا العلْم، فهم هائمون في الضللة، ل يهتدون إلى‬ ‫الحق.‬ ‫وأكّد الكلم بـ "ل"، ليدلّ على أنّ ثَم مَسلكيْن فاسديْن؛‬ ‫وهما طريقتا اليهود، والنصارى.‬ ‫ومنهم من زعم أنّ "ل"، في قوله: }ﭲ ﭳ{ زائدة، وأنّ تقدير‬ ‫الكلم عنده: غير المغضوب عليهم والضالين، واستشهد‬ ‫ببيت العجاج:‬ ‫فــي بِــير ل حُور ســعى‬ ‫، والصحيح ما تقدّم.شعرْ‬ ‫أي: في بير حورومــــــــــــــــــــا‬ ‫ـ‬‫11‬ ‫74‬
  • 48. ‫وفي )تفسير السّدّي(، عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن‬‫أناس من أصحاب النبي : }ﭯ ﭰ ﭱ{ هم: اليهود، و }ﭲ ﭳ{‬ ‫هم: النصارى.‬ ‫قال ابن أبي حاتم: ول أعلم بيْن المفسّرين في هذا‬ ‫اختلفًا.‬ ‫الدرس الثاني‬ ‫تفسير اليات ) ١- ٣١ ( من سورة البقرة‬ ‫عناصر الدرس‬ ‫٥١١‬ ‫العنصر الول : مقدمة، وعرض مختصر‬ ‫لموضوعات السورة‬‫84‬
  • 49. ‫٨٣١‬ ‫العنصر الثاني : إعراب اليات، وبيان‬ ‫معاني الكلمات، والمعنى‬ ‫الجمالي‬ ‫٦٩١‬ ‫العنصر الثالث : ذكر بعض أوصاف أهل‬ ‫اليمان، وأوصاف‬ ‫الكافرين والمنافقين‬‫11‬ ‫94‬
  • 50. 50
  • 51. ‫مقدمة، وعرض مختصر لموضوعات السورة‬ ‫أ و ّ ل: فضائل سورة " البقرة " :‬ ‫ً‬ ‫تنقسم فضائل سورة "البقرة"، إلى أقسام ثلثة:‬ ‫1.فضائل خاصّة تنفرد بها.‬ ‫2.فضائل مشتركة مع سورة "آل عمران".‬ ‫3.فضائل مشتركة مع السّبْع الطّوال الُوَل.‬ ‫١ . فضائل خا ص ّة تنفرد بها:‬ ‫أخرج مسلم، في )صحيحه(، عن أبي هريرة: أن رسول‬‫ا ا قال: ))ل تجعلوا بيوتكم قبورًا! فإنّ البيت الذي يُقرأ‬ ‫فيه سورة البقرة ل يدخله الشيطان((، قال الترمذي:حسن‬ ‫صحيح.‬‫وروى أبو عبيد القاسم بن سلم، عن أنس بن مالك، قال:‬ ‫قال رسول ا : ))إنّ الشيطان يخرج مِن البيت إذا‬ ‫سمع سورة البقرة تُقرأ فيه((، إسناده صحيح.‬ ‫وروى أبو عبيد أيضًا، عن عبد ا -يعني: ابن مسعود-‬ ‫قال: "إنّ الشيطان يفرّ مِن البيت يسمع فيه سورة‬ ‫ِ‬
  • 52. ‫)البقرة("، روي هكذا موقوفًا، وروي مرفوعًا؛ والرجح فيه‬ ‫الوقف.‬ ‫: ))إنّ لكل‬ ‫وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول ا‬‫شيء سنامًا، وإنّ سَنام القرآن: البقرة؛ مَن قرأها في بيته‬ ‫ليلة، لمْ يدخله شيطان ثلث ليال، ومَن قرأها في بيته‬ ‫نهارًا، لم يَدخله شيطان ثلثة أيام((، رواه الطبراني، وابن‬ ‫حبّان، وإسناده حسن لشواهده؛ وتحديد اليام الثلثة ل‬ ‫شاهد له، وقد صحّحه ابن حبّان.‬ ‫وقد روى الترمذي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول ا‬ ‫: ))لكلّ شيء سنام، وإنّ سنام القرآن: البقرة. وفيها‬ ‫آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي((.‬ ‫قلت: رواه أيضًا الحاكم، وقال: صحيح السناد، ولم‬ ‫يخرجاه، لتشيّع حكيم بن جبير، وسكت الذهبي؛ وهو‬ ‫حديث صحيح، له شواهد.‬‫٢ . فضائل تشترك فيها سورة " البقرة" ، مع سورة‬ ‫" آل عمران " :‬ ‫روى مسلم، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول ا ى‬ ‫يقول: ))اقرءوا القرآن! فإنه شافع لصحابه يوم القيامة،‬ ‫اقرءوا الزهراويْن: "البقرة"، و"آل عمران"؛ فإنهما يأتيان‬ ‫يوم القيامة كأنهما غمامتان -أو كأنهما غيايتان- أو كأنهما‬ ‫88‬‫25‬
  • 53. ‫فِرقان مِن طير صوافّ، يُحاجّان عن أهلهما، ثم قال:‬ ‫اقرءوا البقرة؛ فإن أخْذها بركة، وترْكها حسْرة، ول‬ ‫تستطيعها البطَلة((.‬ ‫الزهراوا ن: المنيرتان.‬ ‫والغ ي اية: ما أظلّك مِن فوقك.‬ ‫وال ف ِ ر ْق: القطعة من الشيء.‬ ‫وال ص ّوا ف ّ: المصطفّة المتضامّة.‬ ‫وال ب َ ط َلة: السّحَرة.‬ ‫ومعنى ))ل تستطيعها(( أي: ل يُمكنهم حفظها.‬ ‫و م ِن ذلك: حديث النواس بن سمعان، قال: سمعت‬ ‫رسول ا ل يقول: ))يُؤتَى بالقرآن يوم القيامة، وأهله‬ ‫الذين كانوا يعملون به، تقدمهم سورة "البقرة"، و"آل‬ ‫ثلثة أمثال ما نسيتهنّ‬ ‫عمران"، وضرب لهما رسول ا‬ ‫بَعْد، قال: كأنهما غمامتان، أو ظلّتان سوداوان بينهما‬ ‫شَرَق، أو كأنهما فِرقان مِن طير صوافّ، يُحاجّان عن‬ ‫صاحبهما((.‬ ‫٣ . فضائل تشترك فيها سورة " البقرة "، مع‬ ‫ال س ّ ب ْع ال ط ّول، منها:‬‫78‬ ‫35‬
  • 54. ‫عن واثلة بن السقع، عن النبي ن قال: ))أُعطيتُ السّبع‬ ‫الطّول مكان التوراة، وأعطيتُ المِئين مكان النجيل،‬ ‫وأعطيتُ المثاني مكان الزبور، وفضّلتُ بالمفصّل((،‬ ‫ُ‬ ‫أخرجه أحمد وغيره، بإسناد حسن، وقد صحّحه اللباني.‬ ‫وعن عائشة، عن النبي ن قال: ))مَن أخذ السّبع الوَل‬ ‫مِن القرآن فهو حَبْر((، أخرجه أحمد، والحاكم، وقال:‬‫صحيح السناد، ولم يخرجاه، وسكت الذهبي؛ وهو حديث‬ ‫حسن.‬ ‫والحَبر -بكسر الحاء المهملة، وفتحها، وسكون الباء‬ ‫الموحّدة-: العالِم، ذميًا كان أو مسلمًا.‬‫ثان ي ً ا: عدد آيات سورة البقرة، ووجه مناسبتها لما‬ ‫قبلها، وفضلها، وتوجيه قراءاته ا:‬ ‫1 . الية ) ١ (: قال تعالى: }ﭑ{ :‬ ‫ع د ّ الية:‬‫أخرج وكيع، وعبد بن حميد، عن أبي عبد الرحمن السلمي:‬ ‫أنه كان يعدّ }ﭑ{ آية، و}ﭤ{ آية.‬ ‫وهي معدودة آية عند الكوفيّين، قال الناظم:‬ ‫ل الوتر مع طاسين مع‬ ‫*‬ ‫مـا بدؤه حرف التّهجـي‬ ‫مناسبة الية لما قبلها:‬ ‫88‬‫45‬
  • 55. ‫قيل في مناسبتها: أنّ هذه الحروف مِن المتشابه، وهو‬ ‫مِن الغيب الواجب اليمان به؛ فناسب أن يكون الفتتاح به؛‬ ‫ليكون العبْد أتمّ انقيادًا لِما دونه.‬ ‫وذكر البقاعي بعض الروابط بين ذلك وبين ما سبقه من‬ ‫)الفاتحة(، كما هو مناسب لما بعده مِن ذكْر صفة‬ ‫المؤمنين وإيمانهم بالغيب.‬ ‫فضائل الي ة:‬ ‫أخرج البخاري، في تاريخه، والترمذي وصحّحه، والحاكم،‬ ‫وصحّحه، وابن مردويه، والبيهقي، في )شُعب اليمان(،‬ ‫: ))من قرأ حرفًا‬ ‫عن ابن مسعود، قال: قال رسول ا‬ ‫مِن كتاب ا، فله به حسَنة، والحسَنة بعشرة أمثالها، ل‬ ‫تقول: }ﭑ{ حرف، ولكن ألِفٌ حرف، ولمٌ حرْف، وميمٌ‬ ‫حرْف((.‬ ‫وأخرج محمد بن نصر، وأبو جعفر النحاس، في كتاب:‬ ‫)الوقف والبتداء(، والخطيب في تاريخه، عن ابن مسعود،‬ ‫: ))اقرءوا القرآن! فإنكم تُؤجَرون‬ ‫قال: قال رسول ا‬ ‫عليه، أمَا إني ل أقول: }ﭑ{ حرف، ولكن "ألِف"، عشْر،‬ ‫و"لمٌ"، عشْر، و"ميمٌ"، عشر؛ فتلك ثلثون((.‬ ‫قراءات الية ، وتوجيهها:‬‫78‬ ‫55‬
  • 56. ‫قرأ }ﭑ{ بالسكْت على كلّ حرف من حروفها الثلثة: أبو‬ ‫جعفر مِن العشَرة؛ ووجْه ذلك: أنها ليست حروف‬ ‫المعاني؛ بل هي مفصولة وإنِ اتّصلت رسمًا، وكلّ حرف‬‫منها كناية عن اسم لله تعالى، كما يأتي في تفسيرها؛ فهو‬ ‫يجري مجرى كلم مستقلّ، وحذف واو العطف؛ لشدّة‬ ‫الرتباط والعلْم به.‬ ‫قال تعالى: }ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{، هذه الية: هي أوّل‬ ‫آيات وصْف المؤمنين، كما روى غير واحد بإسناد صحيح،‬ ‫عن مجاهد، قال: مِن أوّل "البقرة"، أربع آيات في نعْت‬‫المؤمنين، وآيتان في نعْت الكافرين، وثلث عشرة آية في‬ ‫نعْت المنافقين، ومِن أربعين آية، إلى عشرين ومائة في‬ ‫بني إسرائيل.‬ ‫وأخرج سعيد بن منصور، والدارمي، والبيهقي في )شُعب‬ ‫اليمان(، عن المغيرة بن سميع -وكان من أصحاب عبد‬ ‫ا- قال: "مَن قرأ عشر آيات من "البقرة"، عند منامه، لم‬ ‫ينسَ القرآن: أربع آيات من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان‬ ‫بعدها، وثلث من آخِرها"؛ وهو ضعيف.‬ ‫٢ . الية ) ٢ (: قال تعالى: }ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{ :‬ ‫قراءات الية ، وتوجيهها:‬ ‫88‬‫65‬
  • 57. ‫قرأ عبد ا: }ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ {، وقرأ أبو الشعثاء، وزيد‬ ‫بن علي: "ل رَيْبٌ فِيهِ" بالتنوين مرفوعًا والمراد: استغراق‬ ‫النّفي أيضًا، كما في قراءة الجمهور، وذلك من جهة دللة‬ ‫المعنى، ل مِن جهة اللفظ؛ لن اللفظ يحتمل العموم،‬ ‫ويحتمل نفْي الوحدة.‬ ‫وقرأ الحسن: "ل رَيْبًا فِيهِ"، على تقدير فعْل، أي: ل أجِد‬ ‫ريبًا.‬ ‫وجاء مدّ التبرئة، في قوله: }ﭕ ﭖ{ عن حمزة، بالتّوسّط في‬ ‫المدّ، ل الشباع.‬ ‫وأدغم أبو عمرو الهاء، من قوله: }ﭗ{ في هاء }ﭚ{.‬ ‫ووصل ابن كثير، هاء }ﭗ{ بياء لفظيّة.‬ ‫والوقف على }ﭗ{ هو المشهور، وعن نافع وعاصم أنهما‬ ‫وقفا على }ﭕ ﭖ{، ول بدّ للواقف من أنْ ينوي خبرًا، ونظيره‬ ‫قوله تعالى: }ﮭ ﮮ ﮯ{ ]الشعراء:05[، وقول العرب: ل‬ ‫بأس؛ وهي كثيرة في لسان أهل الحجاز، والتقدير: ل ريب‬ ‫فيه.‬ ‫ومِن القرّاء مَن يقف على قوله تعالى: }ﭕ ﭖ ﭗ{، ويبتدئ‬ ‫بقوله تعالى: }ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ{، والوقف على قوله تعالى: }ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ﭘ ﭙ{ أوْلى؛ لنه يصير قوله تعالى: }ﭚ{ صِفة للقرآن، وذلك‬ ‫أبلغ من كون فيه هدًى.‬ ‫مناسبة الية لما قبله ا:‬‫78‬ ‫75‬
  • 58. ‫أمّا مناسبة هذه الية، باعتبارها مِن صدر سورة "البقرة"،‬ ‫لِمَا سبقها من سورة "الفاتحة"، فقد ذكر أبو جعفر بن‬‫الزبير: أنّ قوله: }ﭓ{ إشارة إلى الصراط الذي في قوله: }ﭨ‬ ‫ﭩ{ كأنهم لمّا سألوا الهداية إليه، كأنه قيل لهم: ذلك الصراط‬ ‫الذي سألتم الهداية إليه، هو: الكتاب.‬ ‫وقال أبو حيّان: هو أولى، يعني: في معنى الشارة، في‬ ‫قوله: }ﭓ{.‬ ‫قلت: ل يستقيم هذا؛ لن سورة "البقرة"، لم تنزل بعد‬ ‫"الفاتحة"، مباشرة، وإنما بعدها بسنوات طوال، ولكنه‬ ‫يبقى وجهًا للربط بين السورتيْن في الترتيب.‬ ‫وأما وجْه ارتباطها بالية قبْلها، فقال الزمخشري: فإن‬ ‫قلت: لِمَ صحّت الشارة بـ }ﭓ{ إلى ما ليس ببعيد؟ قلت:‬ ‫وقعت الشارة إلى }ﭑ{، بعد ما سبق التّكلّم به وتقضى،‬ ‫والمقضِي في حُكم المتباعد، وهذا في كل كلم يحدث‬ ‫الرجل بحديث، ثم يقول: وذلك ما ل شك فيه، ويحسب‬ ‫الحاسب، ثم يقول: فذلك كذا وكذا.‬ ‫٣. الية ) ٣ (: قال تعالى: }ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ{ :‬ ‫الية الثانية، في وصْف المؤمنين، كما جاء في رواية‬ ‫مجاهد وغيره.‬ ‫ف ض ْلها:‬ ‫88‬‫85‬
  • 59. ‫ما روي في فضْلها، هو ما روي في فضْل اليات الربع،‬ ‫حسب ما سبق الحديث عنه.‬ ‫القراءات وتوجيهه ا:‬ ‫فيها أوجه أدائية: ومِن ذلك: إبدال الهمزة في }ﭞ{ واوًا:‬ ‫لورش عن نافع، ولحمزة عند الوقف، وتفخيم لم }ﭡ{:‬ ‫لِورش، ووصل ميم الجمع في: }ﭣ{: لبن كثير، ولِقالون‬ ‫عن نافع بخلف عنه.‬ ‫مناسبتها:‬ ‫أما مناسبة هذه الية؛ فهي في بيان أوصاف المؤمنين.‬ ‫٤. اليتان ) ٤ ، ٥ (: قال تعالى: }ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ{ :‬ ‫اليتان هما بقيّة ما جاء في وصْف المؤمنين، كما جاء في‬ ‫رواية مجاهد وغيره.‬ ‫ف ض ْلها:‬ ‫هو نفسه ما روي في فضْل اليات الربع.‬ ‫القراءات وتوجيهها:‬‫78‬ ‫95‬