مثَّلت أزمة سحب كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين لسفرائها من الدوحة، وهو الحدث الأول من نوعه على مرِّ تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، علامة فارقة في طبيعة الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي الست.
ويعدُّ هذا الخلاف من أهمِّ الخلافات التي عصفت بالمنطقة في السنوات الأخيرة، وكاد يُهدِّد العمل الخليجي المشترك، ويُؤثِّر سلبيًّا على منظومة دول مجلس التعاون؛ بما أثاره من تساؤلات طرحها في أروقة البيت الخليجي، وتحولات في الأجندة السياسية، وتغيُّرات في موازين القوى في المنطقة.
تناقش هذه الورقة أسباب هذه الأزمة الخليجية التي نشبت في مارس/آذار 2014، وتستعرض قضاياها، وتطوراتها، وصولاً إلى تجاوزها بعودة السفراء إلى الدوحة، بعد أن وقَّعت دولة قطر اتفاق الرياض التكميلي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
ويصل الباحث إلى نتيجة مفادها أن الآثار المستقبلية لهذه الأزمة على مسيرة التعاون الخليجي تظل باقية، منوهًا إلى أنه ربما تكون أزمة سحب السفراء قد انتهت، ولكن ستبقى هناك أزمة ثقة بين دول مجلس التعاون.
وتنوه الورقة أيضًا إلى أنه رغم ذلك، فإنَّ قرارات القمَّة الخليجية المختصرة التي عُقدت في الدوحة في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2014 تشير إلى حدوث بعض التقارب والتفاهم في عدد من الملفات الإقليمية بين دول المجلس، تحت ضغوطات المرحلة، وخاصة التحديات الراهنة المتمثِّلة في المخاوف الأمنية من الإرهاب والنووي الإيراني.
وتبين أنه يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار النضج الواضح للسياسة الخليجية في الآونة الأخيرة، والذي يتجلَّى في مواقفها الخارجية، ومساعيها وراء مصالحها المحلية، مؤكدة أن هذا النضج سيعزِّز عاجلاً أو آجلاً مفهوم الاندماج، ويُوحِّد من المصالح والمواقف الخليجية الخارجية